لبنانيون نازحون يروون مآسي البحث عن مأوى وسط الحرب
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
نزح 1.2 مليون، أي حوالي 20% من السكان، في مختلف أنحاء لبنان، بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة والغزو البري المستمر.
وبصفتها مديرة أحد أفضل النوادي الليلية في بيروت، عادة ما تكون غاييل إيراني مشغولة بحجز تذاكر الدي جي وتسجيلها. أما الآن فأصبحت مسؤولة عن رعاية 400 نازح، وتحويل مكان الاحتفال إلى مكان للجوء.ويسلط تقرير لمحمد الشمعة في "واشنطن بوست" الضوء على أوضاع النازحين في لبنان، الذين يحاولون البحث عن ملاذ آمن في أي مكان في البلاد، بعد أن اضطرتهم الحرب للفرار من بيوتهم. وقالت إيراني على عجل وهي تتعامل مع المانحين الراغبين في المساعدة: "لقد تغيرت المهمة بمقدار 180 درجة".
وبالنسبة لها وللمئات من الآلاف في مختلف أنحاء لبنان، تغيرت الحياة بين عشية وضحاها في الشهر الماضي عندما انفجر صراع حدودي طويل الأمد بين حزب الله وإسرائيل في حرب شاملة. نزوح مستمر نزح حوالي 1.2 مليون، حوالي 20% من السكان، بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة والغزو البري من الجنوب اللبناني.
في المدن والقرى في الجنوب وأجزاء من الشرق، هجر كثيرون منازلهم دون خطط مسبقة، وعلقوا في حركة المرور لساعات بحثاً عن الأمان.
Israeli strikes on Lebanon Monday killed more than 490 people, including more than 90 women and children, Lebanese authorities said, in the deadliest barrage since the 2006 Israel-Hezbollah war. pic.twitter.com/CkA3duIhjs
— The Associated Press (@AP) September 23, 2024 وفي الضاحية الجنوبية المهجورة لبيروت، حيث حافظ حزب الله على وجود كبير، فرت الأسر من الشقق بكل ما أمكنها حمله.ومع نزوح الكثيرين بهذه السرعة، تكافح هذه الدولة الهشة للتكيف، وفق التقرير.
وأنشأت الحكومة 973 ملجأ في مختلف أنحاء البلاد، تؤوي نحو 180 ألفاً، ولكن أغلبها امتلأ بالفعل.وإذا تمكنت بعض الأسر من تحمل تكاليف استئجار غرف في الفنادق أو شقق سكنية، فإن العديد من الأسر الأخرى اضطر إلى الإقامة في المباني الشاغرة أو النوم في السيارات والمتنزهات العامة.
لم يكن يفترض أن يكون "سكاي بار" في منطقة الواجهة البحرية الفخمة في بيروت ملجأ على الإطلاق، ولكن عندما بدأ الناس في ركن سياراتهم قربه والتخييم على الرصيف، شعر أصحاب المكان بأنهم ملزمون بالمساعدة. "بدأنا بـ 70 شخصاً، والآن أصبحنا حوالي 400"، وفق إيراني.
Breaking news: Israel’s military said on Saturday morning that it had killed Hizbollah’s leader Hassan Nasrallah in a massive strike on Beirut https://t.co/j0GjOVvUKV pic.twitter.com/KRvEnELuBB
— Financial Times (@FT) September 28, 2024 استخدمت الطاولات لتقسيم حلبة الرقص ذات الشكل البيضاوي، ما يمنح كل عائلة مساحة خاصة. تنام النساء والأطفال وكبار السن في الداخل ليلاً، بينما يبقى الشباب في الخارج، وتقدم لهم ثلاث وجبات يومياً. نريد العيش يحاول النازحون إعادة ما يشبه الحياة العادية، رغم الظروف الصعبة. "دعونا نلعب الغميضة"، هكذا حثت إحدى الفتيات الأطفال الآخرين، بينما كان الآباء يدخنون النرجيلة لقضاء الوقت.وفي محل حلاقة مؤقت أقيم في مكان قريب، كان حامد عسيلي، 71 عاماً، يحلق شعره، فر من الجنوب في 23 سبتمبر (أيلول) عندما بدأت إسرائيل توسع قصفها.
وقال العسيلي: "تعرضت مدينتنا للقصف، ولم يبق فيها أحد". وبعد ست ساعات من السير على الطريق، وصل إلى منزل ابنه في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكنه اضطر إلى الفرار مرة أخرى في 27 سبتمبر (أيلول) بعد أوامر الإخلاء التي أصدرتها القوات الإسرائيلية. وانتهى به الأمر مع عائلته، في موقف سيارات سكاي بار.
وقال عسيلي: "لم نتمكن من العثور على شقة، لا توجد أي شقة".
Skybar a nightclub in Lebanon opened its door to more than 300 displaced individuals. pic.twitter.com/szCGOUWLzJ
— ????????ضوميط القزي دريبي | Doumit Azzi Draiby (@Doumit_Azzi) October 2, 2024 أما ابنته زينب، 45 عاماً، التي كانت تعيش في جزء آخر من الضاحية الجنوبية، ففرت إلى هناك مع أطفالها الأربعة في الليلة نفسها، وهي لا تعرف إذا كان منزلها لا يزال قائماً.وفي بيروت والقرى الجبلية المحيطة بها، اختفت قوائم الشقق المعروضة للإيجار، وارتفعت الأسعار بشكل كبير. أسعار جنونية وطلب بعض أصحاب العقارات دفع إيجار 6 وحتى 12 شهراً مقدماً، في حين طالب آخرون بفحوصات لخلفيات المستأجرين المحتملين للتأكد من أنهم ليسوا من حزب الله.
تركز المتطوعات مثل نجوى زيدان، 60 عاماً، على مساعدة أسرة واحدة في كل مرة. وسبق لها فعل ذلك أثناء الحرب الأخيرة في 2006، ومع تصاعد القتال، بدأت على الفور إعادة بناء شبكتها، وقالت "دخلت إلى واتس آب وبدأت أسأل هل يعرف أحد شقة فارغة؟". وبمساعدة الأصدقاء، وجدت نجوى منازل لـ 32 عائلة حتى الآن، إما مجاناً أو بإيجارت معقولة.ويقيم بعض النازحين في شقق فاخرة فارغة، ويقتحمون المباني بمساعدة الجماعات السياسية المحلية التي وضعت حراساً خارجها في أواخر الأسبوع الماضي، ومنعت الصحافيين من دخولها.
ولم تكن أغلب هذه المباني مأهولة بالسكان قط، بين أكثر من 31% من الوحدات الفاخرة الشاغرة في العاصمة، وفق باحثين في الجامعة الأمريكية في بيروت.
Fleeing Hezbollah stronghold, Beirut’s displaced met with suspicion and paranoia https://t.co/YBad3W3Kml
— The Times of Israel (@TimesofIsrael) October 8, 2024 وكانت هذه المباني رمزاً للانهيار المالي في البلاد، لكنها الآن تمثل أزمة النزوح المتنامية:،فالملابس المغسولة معلقة على درابزين زجاجي، والأطفال يلعبون على شرفات تطل على أفق المدينة. أوضاع صعبة وفي مبنى قديم ينتظر الهدم في منطقة الحمرا، قال السكان للصحيفة إن نحو 40 كانوا يعيشون في كل شقة. والآن أصبح لديهم الكهرباء، بعد وصلهم بشبكة الكهرباء المحلية، وتأتي شاحنة مياه في الصباح، لكن الإمدادات "بالكاد تكفي طوال اليوم"، كما قالت إحدى النساء، التي تساءلت، مناشدة المجتمع الدولي: "كيف يمكنهم أن يقبلوا ما يحدث لنا؟ كيف يمكنهم أن يبشروا بحقوق الإنسان لكنهم يغضون الطرف عن هذا؟".وتحدثت هي، وآخرون في المبنى بشرط حجب هوياتهم خوفاً من العواقب القانونية.
وقال المحامي فؤاد دبس إن الاستيلاء على المبنى من شأنه أن يؤدي عادة إلى عقوبات مدنية أو جنائية، لكن على السلطات اللبنانية أن تأخذ "المصلحة العليا" في الاعتبار، وتضع رفاهة النازحين فوق حقوق الملكية.
وقال متحدث باسم الشرطة اللبنانية لصحيفة "واشنطن بوست" إنهم سيخلون المباني فقط، عند العثور على بدائل مناسبة: "إنه وضع حساس، لكننا نحاول حله".
ولكن هناك عدد قليل من الحلول السكنية القابلة للتطبيق على المدى الطويل. فمعظم الملاجئ عبارة عن مدارس عامة، حولت على عجل من قبل الحكومة، حيث أزيلت أجهزة العرض، وأحضرا المراتب، وحولت الفصول الدراسية إلى أماكن إقامة مشتركة. وفي مدرسة في صيدا، على بعد 25 ميلاً جنوب بيروت، كانت أربع عائلات تقيم في غرفة واحدة.
كان المعلمون والطلاب يستعدون للعام الجديد، وألصقت قوائم الواجبات المدرسية على كل باب، لكن وزارة التربية والتعليم أعلنت، يوم الأحد أن المدارس في المناطق المتضررة ستنتقل إلى التعلم عن بعد.
“Everyone is psychologically drained.”
Umm Hassan, displaced from Nabatieh, Lebanon, now shelters in a Beirut school with her daughter and grandchildren.
Although their journey was difficult, she hopes for peace and stability so they can return home.https://t.co/j5i3kwDaZk
إذ لفتت إلى أنه لا وجود لقدر كبير من الخصوصية في الملاجئ، واشتكت من امتناعها عن خلع حجابها بسبب الرجال في الغرفة.
ورفض العديد من الملاجئ استقبال غير لبنانيين، خاصة السوريين، الذين فر عدد منهم إلى هنا بسبب الحرب الوحشية في بلادهم.
قال السوري أحمد عبد الله، 37 عاماً، إنه وعائلته فروا من منزلهم في الضاحية الجنوبية في 26 سبتمبر (أيلول) "وليس في جيوبنا أي شيء".وبعد أن رفضهم ملجأ، اضطروا إلى النوم على ممشى ساحل بيروت، وبعد يومين، انتقلوا إلى حديقة في وسط المدينة.
وقال عبد الله: "حصلنا على مرتبتين للنوم عليهما هناك، لكننا عائلة من خمسة أفراد". وأضاف أن حراس الأمن من المباني الفاخرة القريبة طردوهم من الحديقة يوم الأحد، ما أثار خوف أطفاله. فانتقلوا إلى موقف للسيارات مع عائلات نازحة أخرى، وفي إحدى الليالي الأخيرة، كان بعضهم في خيام مؤقتة بينما تجمع آخرون تحت شجرة عيد الميلاد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان إسرائيل وحزب الله لبنان الضاحیة الجنوبیة فی بیروت
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
تفاقم الأزمات في لبنان بعد اتساع الهجمات بين حزب الله وإسرائيلالاحتلال يستهدف معظم قادة الجماعة اللبنانية بقوةالانتهاكات تستمر رغم دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ في 26 نوفمبر
مع بداية عام 2024، تلقت جماعة حزب الله اللبنانية إنذارًا إسرائيليًا يهددها بأنها إذا لم تنسحب على الفور من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتوقف هجماتها الصاروخية، فإن حربًا شاملة باتت وشيكة. وكان هذا التهديد هو الذي سبق العاصفة.
وفي اليوم التالي، تحولت النيران الإسرائيلية، التي كانت تقتصر في السابق على تبادل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 أكتوبر 2023، إلى الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة.
ومن هنا بدأ الاحتلال هجماته، فاستهدفت طائرة بدون طيار إسرائيلية مكتبًا لحماس في حارة حريك، مما أسفر عن استشهاد الرجل الثالث بحزب الله، صالح العاروري. وفي الوقت نفسه، زادت عمليات قتل قادة حزب الله في جنوب لبنان بشكل كبير.
تفاقم الأزمات في لبنانوحسب موقع "أراب نيوز"، أدت هذه الحرب إلى تفاقم الأزمات القائمة في لبنان، إذ دخل عام 2024 وهو يعاني من تفاقم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن عانى بالفعل من الانهيار المالي في عام 2019، خاصة مع فشل تعيين رئيس للبلاد بسبب الانقسامات الدائرة، ما أدى إلى شلل الحكومة منذ أكتوبر 2022.
ومع اندلاع الاشتباكات على الحدود في البداية، أدى الأمر إلى نزوح 80 ألف شخص من قراهم، مما زاد من الضغط على اقتصاد البلاد وزاد من الفقر.
وفي منتصف ديسمبر 2023، أبلغت الدول المانحة لبنان بخطط لتقليص المساعدات للحماية الاجتماعية في بداية عام 2024.
لكن تصاعدت المواجهات العسكرية بسرعة، وحافظ حزب الله على استراتيجية "الجبهات المرتبطة"، وأصر على أنه سيواصل هجماته حتى انسحاب الاحتلال من غزة، بينما أصرت إسرائيل على امتثال حزب الله للقرار 1701 وسحب قواته شمال نهر الليطاني.
وبين 8 أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، شن حزب الله 1900 هجوم عسكري عبر الحدود، بينما ردت إسرائيل بـ 8300 هجوم على جنوب لبنان، وقد تسببت هذه الضربات في مقتل المئات ونزوح مجتمعات بأكملها في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.
ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة ــ وخاصة من جانب فرنسا والولايات المتحدة ــ لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال هذه الفترة.
وتصاعدت حدة المواجهات، حيث وسع الاحتلال نطاق غاراته وأهدافه إلى منطقة بعلبك، في حين كثف حزب الله نطاق ضرباته لتتسع إلى مواقع عسكرية إسرائيلية عميقة.
ولم تسلم قوات اليونيفيل الدولية في المواقع الأمامية من إطلاق النار المتبادل، حيث تصاعدت الهجمات بعد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مناطق عمليات القوة الأممية.
وبحلول منتصف يوليو الماضي، كانت السفارات الغربية في لبنان تحث رعاياها على مغادرة البلاد فورًا، مدركة تهديد إسرائيل بتوسيع الصراع إلى حرب شاملة على لبنان.
استهداف قادة حماسوتكثفت الضربات الإسرائيلية على قيادة حزب الله، وبلغت ذروتها بقتل قائد فرقة الرضوان فؤاد شكر بجنوب بيروت في يوليو.
وفي اليوم التالي، تم استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وإيران.
وتعمقت الضربات الجوية الإسرائيلية عبر جنوب لبنان ووادي البقاع، في حين وسع حزب الله هجماته إلى مستوطنات كريات شمونة وميرون وضواحي حيفا وصفد.
وفي17 و18 سبتمبر، شن الاحتلال الإسرائيلي هجومًا منسقًا على آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لحزب الله، مما تسبب في انفجارات أسفرت عن مقتل 42 شخصًا وإصابة أكثر من 3500 آخرين، ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها، فإن الهجوم كان بمثابة تصعيد كبير.
وبحلول 27 سبتمبر، كان استشهاد زعيم حزب الله حسن نصر الله وغيره من كبار قادة الجماعة اللبنانية في حارة حريك إيذانًا ببدء حرب أوسع نطاقًا، خاصة مع استخدام قوات الاحتلال صواريخ دقيقة التوجيه لضرب المباني والمخابئ، مما أسفر عن مقتل قادة حزب الله وإجبار الضاحية الجنوبية لبيروت على إخلاء أعداد كبيرة من سكانها.
ورداً على ذلك، أكد حزب الله التزامه بربط أي وقف لإطلاق النار في لبنان بوقف النار في قطاع غزة، ومع ذلك، بحلول الأول من أكتوبر، كثفت الاحتلال الإسرائيلي غاراته، فدمرت المباني السكنية وحتى المواقع الأثرية في صور وبعلبك.
كما بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا بريًا في جنوب لبنان، ودمر قرى حدودية وقطع المعابر البرية مع سوريا لتعطيل خطوط إمداد حزب الله.
التوصل لاتفاق وقف النارفي 26 نوفمبر الماضي، توصل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوساطة أمريكية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، سبق الاتفاق تصعيد إسرائيلي هائل في بيروت.
ودخل القرار حيز التنفيذ، لكن على الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت الانتهاكات. وفي الوقت نفسه، أصبحت الخسائر الاقتصادية للحرب واضحة.
وقدر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، الخسائر الأولية بنحو 15 إلى 20 مليار دولار، مع فقدان 500 ألف وظيفة، وإغلاق الشركات على نطاق واسع، فيما أثر الدمار الزراعي على 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية.
ورغم أن قيادة حزب الله وترسانته القوية قد تقلصت بشكل كبير مع استمرار الحرب في غزة، فإن حقيقة نجاة الجماعة من الصراع منذ العام الماضي تُظهِرها باعتبارها انتصاراً في حد ذاتها.