سودانايل:
2025-04-10@08:22:08 GMT

فنانات السودان بين نفخ كير الحرب وبيع مسك السلام

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

معطيات :
السلام عليكم ورحمة الله

طفح الوسط الفني السوداني في العشر سنوات الأخيرة،بكمٍ هائلٍ من زبد ما يسمى بالقونات أو الفنانات وبعض المغنيين المحذلقين ،إحترف أغلبهم إنتحال الفن والتغني بالأعمال الفنية الخالدة لأساطين الفن السوداني التليد، وما كانت محاولات بعضهم إلا مجزرة للفن وكسر لعنق الاغنية السودانية بأدائهم العنيف المخيف،وظل أكثرهم يشوه الأغاني الخالدة تشويهاً بالكاد يتعرّف عليها ذويها إذا ما بعثوا من جديد.

..وقلما قدم هؤلاء غناءً فريداً جديداً يضاف إلى مكتبة ذاكرة الفن السوداني إلا قليلاً...،لقد شغل هؤلاء بأدائهم الغث مساحة مقدرة في القنوات التلفزيونية والاسافير والصالات والجلسات الخاصة، وفي غياب الفن الرصين ،شكل هؤلاء متنفساً لابد منه للعديدين هرباً من ضغوطات الحياة وقسوتها أو مرتعاً للملذات... لقد أطبقت ظاهرة الغناء البهلواني هيمنتها على مزاج المجتمع،وجذبت مظاهر البهرجة والشهرة والثراء السريع،بعض الشباب والشابات فسولت لهم أنفسهم خوض التجربة والدخول إلى عالم الغناء، طالما الكلمات والألحان والازياء والكوافير والفوضى متاحة، والأبواب مفتوحة دون ضوابط ومعايير جودة أو تحكيم لجنة إجازة الاصوات كما كانت في السابق...
يعتبر الفن الشامل ركناً أساسياً في بناء وتشكيل الشخصية الوطنية،وإعتمدت عليه معظم الدول في رسم ذاكرة الأمة وبناء المجتمع الأخلاقي الفاضل من أجل تحقيق النهضة الإقتصادية والعلمية من خلال توظيف أمثل للفن في تبيث القيم والمبادئ المحركة لدوران التطور عبر تمجيد ماضيها المضئ لإستلهام الهمم نحو مستقبل مزدهر لوطن متقدم ،ويعتلي فن الغناء قمة الإنتشار اليومي،فعبره تُبث مفاهيم الوطنية،وتحشد مشاعر الحماس ، خاصة في ظل الحروب الوطنية ضد الدول الأخرى،ولاتقل أغاني الحماس شأواً عن ترسانة السلاح ،وكم كم من معركة خاضها الجنود على أجنة الحماس الجارف، فعادوا منتصرين يرفلون بزهوٍ وسط أهازيج النصر ،ولعل للنساء السودانيات دور في شحذ همم الجنود وخاض جنودنا حروباً ببسالة يذكرها التاريخ.
يعتبر الفنان ينبوعاً للجميع وظل وراف من الإبداع يستظل به وفيه أبناء وبنات الوطن،فهو بمثابة نبض الوجدان الوطني الذي يضخ المشاعر الإيجابية في شرايين المجتمع كافة بلا إنتقائية أو تحيز لفئة تقود إلى تقسيم الوجدان العاطفي للمجتمع والوطن، لقد رنت "أنا سوداني" للعطبراوي داخل وجدان كل سوداني وسودانية،وظلت ملحمة "كرري" لوردي ينبوع فخر وإعتزاز للسودانيين، وعاد الجميع مع "يجو عايدين" للفلاتية وساح الجميع في "جبل مرة" لابي العركي.
لقد وضعت حرب الخرطوم إمتحاناّ سهلاً أمام أهل الإبداع و الفن والثقافة ومنتحلي الغناء،غير أن أغلبهم لم ينجح فيه،بل بيّنت هشاشة وجدانهم الوطني، وسرعان ما جرفتهم العصبية السياسية وربما المغريات والأهواء ،فحادوا عن دورهم الاساسي المناط بهم في توحيد وجدان المجتمع،وتعقيمه ضد جراثيم التشرزم والكراهية،تخلوا عن ودورهم في التبشير بقيم المحبة والتسامح، فبدلا عن بيع الناس مسك السلام، أنخرضت بعضهنّ في نفخ كير الحرب،فتغنت إحداهن: " الجوية يامطر الحصو دقي الداعتة والخونة العصو،، الخرطوم تبقى المقبرة للخشوها بالباب الورا" كلمات تنم عن التحريض على القتل والتدمير الشامل،فالطيران حينما يقصف يسقط الكثير من الابرياء، ولماذا لاتكون الخرطوم جنة غناء للجميع بدلا عن مقبرة للبعض... ومن المؤسف حقاً أن تحمل عبارة "الباب الورا " كناية جغرافية " أي الغرب..! ستنتهي الحرب يوما ما ، ولكن ستبقى الكلمات جرحاً غائراً في وجدان الوطن لا يندمل...
وتغنت أخرى بأغنية "الحرب الضرب" أغنية حملت الكثير من المضامين السلبية وكانت مثار إستهجان وسخرية وسط السودانيين لما حملته من إنكسار وإذلال للإباء الوطني السوداني،وإحتوت كلماتها معاني تزيد من تعميق الجرح الوطني...
جميع هذه المعطيات تعكس مدى رخاوة الوجدان السوداني بالذات في الوسط الفني ، الذي سرعان ما إنهار أمام حرب داخلية سيكون لها أبعادها الإجتماعية والثقافية فيما بعد ،فكان من المنتظر من حملة لواء الفن والثقافة، إنتباذ مكان قصيٍ عن كل مايقود إلى تصديع الوجدان الوطني،كان عليهنّ التغني للسلام ورفض الحرب،بدلاً عن النفخ في نيرانها ،كان عليهن الدعوة إلى المحبة في زخم الكراهية،والحض على الوحدة في زمن الانقسام ،فالفن فضاء يسع الجميع،كلما ضاقت براحات الود في القلوب، الغناء كالنسيم يصدح في كل ربوع بلادنا ويخاطب وجداننا جميعاً،صوت المغني والمغنية يدخل كل بيت بلا حواجز جغرافية،لانه لغة الوحيدة التي يتحدثها قلب ويفهما قلب آخر ، وما كان عليهن الهرولة خلف السياسيين والعصبية،فالسياسة ضل ضحى،فهى كالزبد يذهب جفاء ويبقى الوطن خالداً.

msharafadin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان

إلى أصدقائي
ممنون لكم على هذا التقدير والإحترام والود
مقالي الذي نشرته ، تحت عنوان : ” الشمال النيلي أنشودة معاني قيم التضامن و الإحترام ” ..
ما كنت أظن أن يلقى هذا القدر الكبير من الإهتمام ، والإحتفاء الباهر والتفاعل المدهش في الوسائط المختلفة .
عدد من الرسائل ورددت بريدي الخاص ، ولا تزال الرسائل تترى تقديرا لهذا الإتجاه المنير في كتابة المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان ، ورفض خطابات التنابذ والتباغض .
ممتن لكل الأصدقاء الذين عبروا عن ذلك المعنى ، منحوني من سماحة أرواحهم ما يمنح نفسي العافية …
و استأذنكم لنشر بعض الكتابات عن المقال .
* أولا : الدكتور يحيى مصطفى الصديق ، كتب مقدما المقال لقراء مجموعة ( مثقفون ) قائلا :
( الدكتور فضل الله أحمد عبد الله إبراهيم هو كاتب و أستاذ جامعي سوداني بارز ، يتميز بإسهاماته الفكرية و الأدبية ، خاصة في مجال النقد و الدراما . وُلد عام 1964 في منطقة هبيلا بولاية غرب دارفور، السودان ، و حصل على درجات أكاديمية متقدمة في تخصصات الدراما و النقد الأدبي من جامعة السودان للعلوم و التكنولوجيا و جامعة أفريقيا العالمية .
*مقاله ” الشمال النيلي أنشودة معاني قيم التضامن و الإحترام “* يعكس رؤية عميقة حول الهوية السودانية و مفهوم التضامن الإجتماعي .
في هذا المقال ، يبرز الدكتور فضل الله القيم الإنسانية التي تميز سكان الشمال النيلي ، مثل سماحة النفس و التعامل الحكيم مع تحديات الحياة .
كما يناقش تأثير الخطاب السياسي السوداني على تشكيل الهوية الوطنية ، منتقداً المفردات التي إستخدمتها بعض النخب لتقسيم المجتمع السوداني بناءً على المناطق و الإثنيات .
يستعرض المقال أيضاً دور سكان الشمال النيلي في مواجهة الظروف القاسية بروح صلبة و إرادة قوية، مع التركيز على أهمية التعليم كوسيلة لتحقيق التقدم الإجتماعي .
و يؤكد أن المركزية الحقيقية تُبنى على العطاء الإنساني و قيم الإحترام المتبادل ، بعيداً عن النزاعات و الكراهية .
الدكتور فضل الله أحمد عبد الله يُعد أحد الأصوات الفكرية المهمة في السودان، حيث يسعى من خلال كتاباته إلى تعزيز الحوار الثقافي و تأكيد قيم المحبة و الوئام بين مختلف أطياف المجتمع السوداني .
* ثانيا : الدكتور معتصم التجاني كتب قائلا :
( إلى الأستاذ الدكتور فضل الله أحمد عبدالله لعل مثقفوا الهامش وهامش الهامش كما يدعون أن يتعلموا منك
تحية إجلال وإكبار لقلمك الحر وفكرك النير الذي يسطر الحقائق بماء الذهب، فتضيء كلماتك دروب الحقيقة، وتفتح آفاق الفهم العميق لمعاني الانتماء والتلاحم الوطني. لقد وضعت يدك على الجرح النازف، وأعدت تشكيل الصورة الحقيقية لسوداننا الحبيب، وطن التسامح والتنوع، وطن جمع أبناؤه بكل أطيافهم، لا تفرقهم الجغرافيا ولا القبيلة، وإنما يجمعهم الإيمان العميق بوحدة المصير والهدف المشترك.
إن حديثك عن الشمال النيلي ليس مجرد دفاع عن منطقة، بل هو دفاع عن وطن بأكمله، عن هوية سودانية أصيلة تنبض بحب الخير، وتؤمن بقيم العدل والمساواة والتسامح. لقد أجدت وأبدعت في فضح المفاهيم الزائفة التي يحاول بعض المغرضين زرعها لتمزيق نسيجنا الاجتماعي، وأثبت أن السودان وطن يسع الجميع، وأن الكرامة لا تمنحها الجغرافيا، بل يصنعها العمل الصادق والبذل والعطاء.
إن السودان كان وسيظل بستانًا متنوع الأزهار، يعكس ثراءه في لغاته، ثقافاته، وعاداته، ويصنع مجده بوحدة أبنائه وإرادتهم الصلبة في مواجهة المحن. وما تحدثت عنه من قيم التضامن والتكافل والتراحم في أوقات الأزمات، هو جوهر هويتنا السودانية الحقيقية، التي لا تهزمها المؤامرات ولا تعصف بها العواصف.
فلك التحية والتقدير، دكتور فضل الله، وأنت ترفع راية الوعي وتضيء العتمة بفكرك وقلمك، داعيًا الجميع للعودة إلى جادة الصواب، وإلى ما يجمعنا لا ما يفرقنا.
دمت قامة فكرية وقلمًا صادقًا في مسيرة البناء الوطني وملهما للأمن الثقافى والاجتماعى
وكما قال الاخ عادل البصرى فاوضنى بلازعل
فاوضنى ياخ انا عندى ظن
أخوك ومحبك،
د. معتصم التجانى
باحث فى دراسات السلام والتفاوض )
* ثالثا : عادل البصري ، كتب :
( صديقي وأستاذي وأخي الدكتور فضل أحمد عبدالله يكتب مقال بماء الذهب .
هذا الرجل الانسان واسع الاطلاع والمعرفة الشاملة وعلامة من أبناء السودان عامة ، وابن دارفور المعتز بدارفوريته ، الشامخ شموخ رجال السودان فهو رقم فخيم صاحب قلم حر .
سوداني حتي النخاع حجز لنفسه مقعدا بين صناع الرأي والثقافة والأدب في السودان بل والعالم العربي .
مقاله ليس دفاعا عن إنسان الشمال بل مقاله دفاع عن وطن يسكننا ونسكنه وطن نتعايش فيه كسودانيين لا تفرقنا جهة ولاقبيلة ولاعنصر ..
وطن تتجلي فيه إنسانيتنا ، وحب الخير لبعضنا البعض ، وندين بدين الاسلام الذي جعل مقام التفاضل بين الناس بالتقوي( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) فالنتحسس التقوى والرجوع لله رب العالمين .
والتسامح هو ديدننا في وطن حباه الله بخيراته وطن تجد فيه نفسك . تعيش في اي رقعة من اراضيه شماله شرقه ووسطه وغربه وجنوبه ..
اكرمنا الله بأن عشنا في احياء شعبية فيها كل اطياف السودان وقبايله وكان تعارف وتاخي جميل في الفرح والكره وزادت الحرب من اللحمة ولم تفرقهم واصبح الناس شركاء في كل شي واخرج الناس مافي بيوتم من زاد واقتسموه وكثر عدد الضرا في الاحياء وياكلوا ويشربوا دون حرج وكان تكافلا حقيقيا.. ..
بس نقول لعن الله ساستنا الجهلاء المتاجرين بدماء الابرياء هامش ومركز وغرابة وجلابة وفي حقيقة الامر لأ توجد هذه الادعاءات الباطلة التي تفرق ولاتجمع ..
يا أيها اعتصموا بحبل الله المتين ولاتفرقوا…ابحث عن الايمان في قلوبكم ولاتتبعوا الهوي والشيطان..
شكري وتقديري ومحبتي لابناء وطني بكل الوانهم واشكالهم وقومياتهم والسودان بستان كبيير تتنوع فيه الأشجار والازاهر هو الجمال والجلال…وشكرا جزيلا علي قول الحق د. فضل الله احمد عبدالله . )
* شكرا جزيلا أيها الأصدقاء على هذه المحبة

الدكتور فضل الله احمد عبدالله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يؤكد لـ”المبعوث البريطاني” حاجة الشعب السوداني لوقف الإنتهاكات لا المؤتمرات
  •  الجيش السوداني يتهم الإمارات بأداء "دور محوري" في الحرب
  • نائبة: الحوار الوطني ضرورة وجودية لمواجهة التحديات الإقليمية وحماية الهوية الوطنية
  • عيوب الوساطة الدولية في السودان
  • المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان
  • الإمارات صوت الحكمة دعماً للشعب السوداني
  • مكاسب جديدة للجيش السوداني بأم درمان
  • رئيسا المخابرات العامة المصرية ومجلس السيادة السوداني يبحثان استعادة الاستقرار وإنهاء الحرب في السودان
  • «التنسيقية النسوية» تدعو لوقف الحرب فوراً ومشاركة المرأة في جميع مراحل السلام
  • «الوطني للتأهيل»: تأكيد دور المجتمع في تعزيز الصحة