إيديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا).
رسالتي للطرفين هي: أوقفوا الحرب، ودعوا الناس يعودون إلى منازلهم
إيديم وسورنو , مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية
UN News إيديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا).



13 آب/أغسطس 2023المساعدات الإنسانية
دعت مسؤولة أممية رفيعة طرفي النزاع في السودان إلى وقف القتال وتغليب المصلحة العليا للشعب السوداني المتجذرة في السلام والاستقرار، مشيرة إلى أن النازحين واللاجئين يرغبون في العودة إلى منازلهم لممارسة حياتهم الطبيعية.

إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تحدثت في حوار مطول مع أخبار الأمم المتحدة عن الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لمساعدة ملايين السودانيين الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 نيسان/أبريل.

وتسبب الصراع حتى الآن في فرار نحو أربعة ملايين شخص من ديارهم، فيما يواجه أكثر من 20 مليون شخص في البلاد خطر الجوع الشديد.

زارت السيدة إيديم وسورنو السودان وتشاد مؤخرا، حيث التقت بالنازحين واللاجئين في البلدين ووقفت بنفسها على المعاناة الكبيرة التي يعيشونها. طلبنا منها في بداية الحوار أن ترسم لنا صورة عن الوضع على الأرض، فقالت:

إيديم وسورنو: أنا عملت في السودان من قبل- أي قبل هذه الحرب. كنت في السودان في الفترة من 2004 إلى 2005 مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وقبل ذلك مع مفوضية شؤون اللاجئين في مناطق مختلفة. السودان هو بمثابة وطن بالنسبة لي. السودان بلد أهله طيبون ويتحلون بثقافة الدفء والمشاركة. عندما كنت في السودان منذ ما يقرب من 20 عاما، كان الصراع في أماكن محددة. كان الصراع محتدما في دارفور. وكنت أول مسؤولة حماية في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يتم إرسالها للتعامل مع قضايا الحماية القانونية، والتفاوض بشأن الوصول إلى مواقع في جنوب دارفور، في مدينة نيالا على سبيل المثال.

في ذلك الوقت، كان أحدنا يأتي إلى الخرطوم كنوع من الاستجمام. بعد 20 عاما، ذهبت إلى بورتسودان. طبعا، لم أتمكن من الوصول إلى الخرطوم لأنها منطقة حرب. لا يمكن للأمم المتحدة الوصول الآن. نحاول العودة، ولكن لا يمكننا بسبب الوضع الأمني. وبقيت في مدينة بورتسودان التي زرتها آخر مرة عام 2003 عندما ذهبت للغوص في البحر الأحمر.

بعد 20 عاما، أصبحت مدينة بورتسودان مكانا يستضيف المئات من النازحين داخليا، وتصل درجة الحرارة في المدينة إلى 48 درجة مئوية خلال فترة الذروة في اليوم مع الكثير من الرطوبة. يوجد في مواقع التجمع المختلفة مئات الأشخاص الذين فروا من أجزاء مختلفة من السودان للنجاة بحياتهم، بما في ذلك العاصمة، التي كانت مكانا للاستجمام والراحة في آخر مرة كنت فيها في السودان.

الصورة ليست منصفة بالنسبة للحياة اليومية لشعب السودان بشكل عام. لكن دعني أرسم صورة لامرأة تحدثت إليها اسمها حواء، وهي أم وجدة وتاجرة كانت تعيش حياتها اليومية في ضواحي الخرطوم في أم درمان. وهربت مع بداية الحرب. كانت قادرة على الحصول على راتبها الشهري المعتاد لتشتري به حقن الأنسولين، لأنها مصابة بداء السكري. أما اليوم فإن حواء لا تستطيع شراء حقن الأنسولين.

فايزة، أم لأربعة أطفال، نزحت من الخرطوم في بورتسودان.

كانت تلك هي الصورة التي رأيتها عندما كنت في بورتسودان لمدة خمسة أيام، أتحدث إلى الشخص العادي الذي لا يريد أن يطلب المساعدة الإنسانية. كانت الخرطوم مكانا للراحة نذهب إليه للاستجمام فيه. ولكن مع ذلك، يطلب الناس من الخرطوم الآن المساعدة. تحدثت أيضا إلى المستجيبين للطوارئ، الأشخاص الذين يتعاملون مع المياه والصرف الصحي والمرافق الصحية والغذاء في الخرطوم. وسألتهم كيف يبدو يوم في حياة إنسان في الخرطوم؟ فقالوا إنه بمثابة كابوس مستمر، لأنك لا تعرف ما إذا كنت ستحتجز بواسطة أي من الجانبين. أنت لا تعرف ما إذا كنت ستختفي. لكنهم يواصلون المضي قدما لأنهم مصممون أكثر من أي وقت مضى- في مواجهة كل ذلك- على تقديم المساعدة الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الوضع الصحي في السودان قد وصل إلى مستويات خطيرة للغاية. لا يزال أكثر من ثلثي المستشفيات خارج الخدمة وسط تقارير متزايدة عن الهجمات على المرافق الصحية. أخبرينا عن جهود الأمم المتحدة لمعالجة هذه المشكلة؟

إيديم وسورنو: الأمم المتحدة، حسب فهمي، من منظور إنساني، لا يمكنها إصلاح مشكلة قصف المدن على سبيل المثال. ما يمكننا القيام به، وقد ظللنا نفعله، هو حث الأطراف المتحاربة في السودان على تجنب استهداف الأصول المدنية وفقا لاتفاقيات جنيف.

حسبما فهمته من منظمة الصحة العالمية عندما كنت على الأرض هو أن معظم المنشآت الصحية بالخرطوم لا تعمل.

ومرة أخرى- رجاء سامحني- لأنني أستمر في التركيز على الخرطوم لأن الخرطوم كانت المكان الذي يلجأ إليه الناس عندما يكون هناك صراع في أجزاء أخرى من البلاد.

الخرطوم هي المركز الحضري وهي عاصمة هذا البلد وقد كانت الأمور فيها تسير بخير. الخرطوم كانت المكان الذي لا يحتاج فيه 6 ملايين نسمة إلى مساعدة منا. وفجأة أصبحت تحت الحصار.

مثلا، عندما تكون في ود مدني وترغب في السفر إلى العلاج، فإنك تذهب إلى الخرطوم، أو عندما تكون في دارفور، تذهب إلى الخرطوم، وكذلك من بورتسودان وكذلك الأماكن الأخرى. لذلك، فإن المرافق التي دمرت بالكامل بسبب الحرب كانت لها أهمية كبيرة.

تقدم الأمم المتحدة مع شركائها في منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر الخدمات الأساسية بالحد الأدنى الذي يمكنهم القيام به على أساس يومي.

يخاطر المستجيبون للطوارئ من السودانيين بحياتهم أيضا كل يوم لضمان مساعدة المحتاجين وهم يتمتعون بالكثير من الإبداع. السودانيون لديهم قدرة عالية على الصمود. العائلات في الشتات ترسل الأموال لمساعدة أهاليهم الفارين داخل البلاد لضمان حصول الأمهات والبنات والأبناء والأطفال على بعض المساعدة المطلوبة.

نريد السلام في بلدنا. نريد أن يتوقف القتال. نريد أن نعود إلى منازلنا

اسمح لي أن أتوقف عند قصة واحدة محزنة سمعتها. فقدت آمنة خالتها لأنها كانت تخضع لغسيل الكلى في المستشفى بالخرطوم عندما بدأت الحرب. لقد فقدت حياتها لأنه لم يكن بوسعها تلقي هذه الخدمة. لذلك، فإن هذه الحرب تؤثر على الحياة اليومية للناس. أنا لا أقول إن النازحين داخليا في جميع أنحاء البلاد لا يحتاجون إلى مرافق صحية، ولكننا هنا نتحدث عن الخرطوم عاصمة البلاد.

أما فيما يتعلق بالمرافق الصحية في بورتسودان حاليا، ذهبت إلى مدينة سنكات وهي ليست في حالة حرب حاليا. ولم تشهد أي حالة من حيث النزوح الحاد. لكن سنكات ستشهد قدوم السكان الذين ينتقلون من بورتسودان.

سنكات لديها الحد الأدنى من الخدمات الصحية. ستتأثر هذه الخدمات الصحية بشكل أكبر بحركة الناس مع استمرار الحرب. سنرى المزيد والمزيد من الوفيات بناءً على حقيقة أن الناس لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الأساسية. عندما أسأل السودانيين فإن الإجابة التي أسمعها من معظمهم- المعلمون الذين نزحوا، والمزارعون الذين نزحوا، والعاملون الصحيون الذين نزحوا- فإنهم يقولون: نريد السلام في بلدنا. نريد أن يتوقف القتال. نريد أن نعود إلى منازلنا ونعيش حياتنا الطبيعية.

أخبار الأمم المتحدة: شارك مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في إعلان جدة، الذي يهدف، من بين أمور أخرى، إلى تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بأمان إلى المحتاجين. ومع ذلك، فمن الواضح أن الأطراف المعنية لم تف بالتزاماتها. كيف تقدم الأمم المتحدة حاليا المساعدة للسكان المتضررين في خضم هذه الحرب المستمرة؟ هل هناك تنسيق مع الأطراف المتحاربة على الأرض؟

إيديم وسورنو: حسنا أنك ميّزت بين المحادثات السياسية في جدة وما كان يفعله مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جدة. كنا نجلس في طاولة المفاوضات للتحدث فقط عما نسميه بفض الاشتباك.

قبل 24 أيار/مايو لم نكن نتمكن من توفير الخدمات التي كانت قد توقفت بين 15 نيسان/أبريل وأيار/مايو.

بسبب وجودنا على طاولة المفاوضات، ومن خلال التحدث مع الطرفين خلال محادثات جدة، تمكنا من ضمان ما نسميه بفض الاشتباك، والاتصال بالأطراف للسماح بحركة الشاحنات. بناء على ذلك، تمكنا من التنقل داخل البلاد من بورتسودان إلى دارفور ومواقع أخرى. وقد أوصلنا 780 شاحنة محملة بأنواع مختلفة من المساعدات- من المساعدات الصحية إلى الغذاء إلى البذور.

البذور هذه مهمة لأن المزارعين في دارفور وأماكن أخرى يحتاجون إلى الزراعة. وإذا لم يتمكنوا من الزراعة، فإن الناس سيعانون من انعدام الأمن الغذائي. الناس يريدون زراعة المحاصيل، يريدون زراعة مزارعهم. إنهم لا يريدون تلقي المساعدة الغذائية.

بصفتنا عاملين في المجال الإنساني، فإننا نطبق المبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التحيز والإنسانية

لذلك سمحت لنا هذه المفاوضات بالعمل مع الأطراف المختلفة لضمان نقل المساعدات وهذه عملية تتسم بمخاطر عالية جدا. كل يوم نخرج فيه - مثلما نفعل في مناطق الحروب المختلفة - هناك احتمال أن يفقد شخص ما حياته.

حدثت الكثير من الخسائر في أرواح المدنيين العاديين في السودان، بالإضافة إلى ذلك، فقد 18 من عمال الإغاثة حياتهم منذ بدء هذا الصراع. 18 عامل إغاثة، جميعهم سودانيون، كانوا يؤدون واجبهم ويحاولون مساعدة الناس.

الأمر الثاني الذي أود أن أقوله حول موضوع محادثات جدة والحوارات مع أطراف النزاع هو بصفتنا عاملين في المجال الإنساني، فإننا نطبق ونلتزم باتفاقيات جنيف والمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التحيز، وكذلك الإنسانية.

لذلك نذهب إلى أي مكان نستطيع لمساعدة من نستطيع. نحن نلتزم أيضا بإرشادات التنسيق المدني العسكري حيث نتفاوض مع أي طرف لنتمكن من العبور إلى مناطق معينة. نحن نفعل الشيء نفسه مع الحركة عبر الحدود بين السودان وتشاد. نتواصل مع السلطات التشادية والسلطات السودانية على كلا الجانبين لطلب للعبور إلى دارفور من تشاد.

لذلك، فداخل البلاد، نحن نتفاوض مع الجماعات المسلحة، خارج البلاد، يجري التفاوض عبر الحدود مع وجود مخاطر عالية للغاية تواجه موظفي الأمم المتحدة السودانيين والدوليين.

أخبار الأمم المتحدة: هل هناك محاولات لإحياء محادثات جدة أم أن هناك مبادرات مماثلة أخرى؟

إيديم وسورنو: هناك العديد من المبادرات التي تحدث في المنطقة. هناك ومحادثات برعاية الاتحاد الأفريقي وأخرى برعاية الهيئة الحكومية للتنمية الدولية (إيقاد). كانت هناك مذكرة انبثقت من اجتماع اللجنة الرباعية وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس حاضرا وتمكن من وضع شروط معينة على الطاولة حتى نتمكن من القيام بعملنا كعاملين في المجال الإنساني.

هناك أيضا طلب من بضرورة حضور الطرفين على الطاولة - مثلما حدث خلال محادثات جدة- كي نتمكن من التفاوض بشأن الوصول بسرعة وعلى نطاق واسع.

24.7 مليون شخص- أي ما يقرب من نصف سكان السودان- بحاجة إلى مساعدة إنسانية أو بعض الخدمات الأساسية. 18.1 مليون شخص مستهدفون من قبل الأمم المتحدة وشركائها. ومن جملة ذلك، وصلنا بالكاد إلى 3 ملايين شخص بشكل من أشكال المساعدة. وأنا أتحدث عن المساعدة كل يوم، كل دقيقة.

نحن مفاوضون إنسانيون نتفاوض بشأن وصول الأشخاص الذين نحاول الوصول إليهم. إذا لم يتوقف القتال، فلن تكون قادرا على زيادة المساعدة بالسرعة والنطاق المطلوبين.

أخبار الأمم المتحدة: وفقا لبعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس)، فإن القتال في دارفور أثّر بشكل خطير على المدنيين. ما الذي تفعله الأمم المتحدة لمساعدة الناس هناك؟

إيديم وسورنو: اسمح لي أن أتحدث من منظور إنساني، لأن الأمم المتحدة لديها كيانات مختلفة. هناك ذراع سياسي للأمم المتحدة، وهناك قسم إنساني وآخر تنموي وحقوقي وأمني...إلخ. أنا أتحدث عن المساعدة الإنسانية. تمكن العاملون في المجال الإنساني من خلال المبادرات التي تحدثنا عنها من الوصول إلى الناس. وكيل الأمين العام مارتن غريفيثس منخرط بصورة شخصية في محاولة لدفع أجندة المساعدة الإنسانية الأمر الذي نتج عنه إرسال 780 شاحنة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

الناس يموتون. الناس يعانون. ونحن بحاجة إلى تقديم المساعدة لهم

هناك كيانات مختلفة في الأمم المتحدة، لذلك نحاول بالطبع التركيز على الولاية المحايدة التي يتمتع بها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فالأمم المتحدة لها عناصر تكاملية. نحن نحافظ على دورنا مع وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها في الجانب الإنساني على هذا الحياد. لأننا يجب أن نتحدث إلى كلا الطرفين. علينا التأكد من أن تقديم المساعدة لا يحمل أي دلالات سياسية.

أخبار الأمم المتحدة: هل لديكِ أي رسالة لأطراف النزاع؟

إيديم وسورنو: الناس يموتون. الناس يعانون. رأيت المعاناة التي في بورتسودان، المكان الذي يذهب إليه الناس للغطس في البحر الأحمر والتمتع بجمال البحر الأحمر. سكان بورتسودان هم موظفون مدنيون يحتاجون إلى رواتبهم ليتمكنوا من مساعدة الأطفال والأمهات والنازحين.

إنهم ينشدون فقط السلام. رسالتي للطرفين هي ذاتها الرسالة التي قالها لي السودانيون عندما كنت في السودان: أوقفو الحرب. أوقفوا القتال ودعونا نعود إلى بيوتنا ونعيش حياتنا. الشعب السوداني يريد السلام. من الجانب الإنساني، نحن بحاجة إلى تقديم المساعدة. الأطفال يموتون. الأمهات يمتن. الأمهات يمتن أثناء العبور. الأطفال يموتون أثناء العبور.

رأيت أمهات وصلن عبر الحدود إلى أدري في تشاد. رأيت أماً كان طفلها على كتفها يميل إلى الخلف يعاني من العطش بسبب الرحلة الشاقة التي قطعاها للمرور من نقطة تفتيش إلى أخرى، من قريتها في دارفور. الناس في السودان يريدون فقط العودة إلى حياتهم اليومية. هذه هي رسالتي للأطراف.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أخبار الأمم المتحدة تقدیم المساعدة فی بورتسودان إلى الخرطوم محادثات جدة فی السودان الوصول إلى فی دارفور عندما کنت نرید أن کنت فی

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة قلقة لتفشي المجاعة وتدهور الأمن بالسودان

أعلن تقرير لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن تفشي المجاعة في خمس مناطق على الأقل في السودان..

التغيير: وكالات: الخرطوم

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن القلق إزاء تدهور حالة الأمن الغذائي بسرعة في السودان، حيث يستمر تدهور القدرة على الوصول إلى الغذاء والتغذية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وأعلن تقرير لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن تفشي المجاعة في خمس مناطق على الأقل في السودان، متوقعا أن تواجه خمس مناطق إضافية المجاعة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025.

وكشف التقرير كذلك الذي صدر اليوم الثلاثاء أن خطر المجاعة يهدد 17 منطقة إضافية.

وفي بيان منسوب للمتحدثة المساعدة باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال غوتيريش إنه بعد أكثر من 20 شهرا من الصراع، يواجه أكثر من 24.6 مليون شخص في السودان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاؤها يعملون على توسيع نطاق تقديم المساعدات الغذائية وغيرها من أشكال الدعم الأساسي للفئات الأكثر ضعفا، لكن القتال المستمر والقيود المفروضة على حركة إمدادات الإغاثة والموظفين لا تزال تعرض عمليات الإغاثة للخطر.

وجدد الأمين العام دعوته للأطراف لتسهيل الوصول السريع والآمن وغير المقيد والمستدام حتى تتمكن المساعدات الإنسانية والعاملون من الوصول إلى المحتاجين أينما كانوا.

وأكد أيضا على الحاجة إلى وقف فوري للأعمال العدائية لإنقاذ الأرواح ومنع الأزمة في السودان وتأثيرها على الدول المجاورة من التصعيد بشكل أكبر في عام 2025.

وناشد تقديم الدعم والتعاون الدوليين العاجلين لتقريب الأطراف من التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال وقف إطلاق نار دائم وزيادة التمويل للعمل الإنساني.

تفاقم واتساع غير مسبوقين

وقال تقرير لجنة مراجعة المجاعة إن ما كشف عنه التقرير يمثل تفاقما واتساعا غير مسبوقين لأزمة الغذاء والتغذية، مدفوعة بالصراع المدمر الذي تسبب في نزوح جماعي غير مسبوق، وانهيار الاقتصاد، وانهيار الخدمات الاجتماعية الأساسية، والاضطرابات المجتمعية الشديدة، وضعف الوصول الإنساني.

يذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو مبادرة عالمية تضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة. ويصنف انعدام الأمن الغذائي إلى خمس مراحل. والمجاعة هي المرحلة الخامسة من التصنيف وتعني أن واحدا على الأقل من بين كل خمسة أشخاص أو عائلة يعانون من نقص حاد في الغذاء ويواجهون خطر المجاعة.

مجاعة مستمرة

وفقا لتقرير لجنة مراجعة المجاعة، فإن المجاعة التي تم الإعلان عنها في آب/أغسطس 2024 في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور، استمرت وامتدت إلى مخيمي السلام وأبو شوك وجبال النوبة الغربية في الفترة من أكتوبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

وأضاف أنه من المتوقع أن تتوسع المجاعة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025 في مناطق شمال دارفور بما في ذلك أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت.

وحذر من أن خطر المجاعة يلوح في جبال النوبة الوسطى، وفي المناطق التي من المرجح أن تشهد تدفقات كبيرة من النازحين داخليا في شمال وجنوب دارفور.

انعدام حاد للأمن الغذائي

وأظهر التقرير أن انعدام الأمن الغذائي عند مستويات أسوأ مما كان متوقعا، حيث من المتوقع في الفترة ما بين ديسمبر 2024 ومايو 2025 أن يواجه 24.6 مليون شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى من ذلك.

وأشار إلى أن هذه النتائج تمثل زيادة حادة قدرها 3.5 مليون شخص مقارنة بالعدد المتوقع في الأصل، وتعادل أكثر من نصف سكان السودان.

ويقدم التقرير تحديثا للتوقعات السابقة المنشورة في يونيو 2024 للفترة من أكتوبر 2024 إلى فبراير 2025.

تحسن طفيف

وأشار التقرير إلى أنه رغم تلك الأرقام، فإن هناك تحسنا طفيفا من حيث حجم انعدام الأمن الغذائي الحاد مقارنة بموسم العجاف (يونيو – سبتمبر 2024).

وأوضح أن هطول الأمطار فوق المتوسط ​أدى ​إلى دعم الأنشطة الزراعية حيث سمحت الظروف الأمنية للمزارعين بالوصول إلى الحقول والمدخلات الزراعية، وبالتالي تخفيف انعدام الأمن الغذائي. ونتيجة لذلك، انخفض عدد الأشخاص في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى خلال موسم العجاف.

لكنه لفت إلى أن جميع السكان لم يستفيدوا من هذا على قدم المساواة. ففي المناطق ذات الكثافة العالية من الصراع، أدت الأعمال العدائية إلى تعطيل الأنشطة الزراعية بشدة، مما أدى إلى تخلي المزارعين عن محاصيلهم ونهبها وتدمير الماشية.

وقال إنه من غير المرجح أن تستفيد الأسر النازحة، وخاصة تلك التي تعيش في المستوطنات والمباني العامة، بشكل كبير من الحصاد.

دعم اللاجئين السودانيين 

وفي تطور آخر، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تعزيز الدعم المالي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين السودانيين الذين يصلون إلى ليبيا مع زيادة الأعداد وانخفاض درجات الحرارة.

وقالت المفوضية في بيان أصدرته الثلاثاء إنه منذ بداية العام، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين الباحثين عن الأمان في ليبيا، مع وصول ما يقدر بنحو 400 لاجئ إلى البلاد يوميا.

وأفادت المفوضية بأنها موجودة في الكفرة، وهي نقطة الدخول الرئيسية من السودان، وتقدم المساعدة المنقذة للحياة للاجئين لدعم السلطات المحلية والمجتمعات المضيفة. ويشمل ذلك تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحسين الظروف المعيشية من خلال توزيع إمدادات الإغاثة، وتعزيز الوصول إلى الوثائق التي تقدمها السلطات المحلية لتحسين حرية التنقل والحماية.

ونبهت إلى أن اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المناطق النائية مثل الكفرة يواجهون ظروفا قاسية بشكل خاص، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية في الكفرة التي تعد أعلى بنسبة 19 في المائة من المتوسط الوطني بسبب انقطاع سلاسل التوريد، وارتفاع الطلب ونقص الوقود.

وقالت عسير المضاعين، رئيسة بعثة المفوضية في ليبيا إنه إلى جانب التزام السلطات والمجتمعات الليبية بدعم السودانيين الفارين من الصراع، “هناك حاجة إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي لتعزيز الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والصحة والتعليم”.

وأضافت: “لقد تحمل اللاجئون في ليبيا صعوبات هائلة في رحلتهم إلى هنا. ومع دخولنا عاما جديدا، يجب أن نتحرك بسرعة لمنع المزيد من المعاناة وحماية الأرواح”.

يذكر أن المفوضية تقود الاستجابة المشتركة بين الوكالات للأزمة السودانية في ليبيا. وكجزء من هذه الاستجابة، تسعى المفوضية إلى جمع 22 مليون دولار أمريكي للاستجابة للاحتياجات المقدرة لـ 449 ألف لاجئ ومجتمع مضيف بحلول نهاية عام 2025.

أعلنت حكومة الأمر الواقع في السودان التي يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان، عن تعليق مشاركتها في نظام عالمي مخصص لرصد الجوع.

وأقدمت الحكومة السودانية على الخطوة قبيل صدور تقرير  من لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي توقع أن يكشف عن تفشي المجاعة في مختلف أنحاء البلاد.

والثلاثاء، أعلن وزير الزراعة السوداني أبوبكر البشرى عن قرار توقف مشاركة السودان في نظام التصنيف متهما اللجنة القائمة على النظام بإصدار تقارير غير موثوقة تقوّض سيادة السودان وكرامته.

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من “5% من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة” في الوقت الراهن.

فيما عانى 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وصار خمسة ملايين منهم على شفا المجاعة، في حين كابد العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، من صعوبات في التنقل ونقص كبير في التمويل.

ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 تصاعدًا كبيرًا في أعمال العنف، حيث اندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

هذا الصراع الذي بدأ في الخرطوم امتد إلى العديد من الولايات السودانية مثل دارفور وكردفان والجزيرة، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى تهجير الملايين داخل البلاد وخارجها، في أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد.

الوسومالأمم المتحدة الجوع في السودان حرب الجيش والدعم السريع حكومة الأمر الواقع

مقالات مشابهة

  • منسق الأمم المتحدة باليمن: تعطيل مطار صنعاء يشل العمليات الإنسانية الدولية
  • الأمم المتحدة تعلّق رحلاتها الجوية الإنسانية عبر مطار صنعاء بعد غارات إسرائيلية
  • الحرب في السودان: مسار السلام، التعقيدات والتحديات
  • الأمم المتحدة:  الهجمات الإسرائيلية على صنعاء تشكل مخاطر على العمليات الإنسانية
  • مع اقتراب 2025.. أمنيات السلام ووقف الحرب في السودان تراود المبدعين والرياضيين 
  • عام آخر والناس في متاهة الحرب أين الطريق ؟
  • بيانات أممية: انخفاض نسبة سكان غزة الذين نستطيع تقديم مساعدات لهم إلى 29%
  • تحذير أممي من خطر المجاعة في السودان
  • دعوة أممية لتقديم مساعدات عاجلة للمنشآت الطبية في غزة
  • الأمم المتحدة قلقة لتفشي المجاعة وتدهور الأمن بالسودان