إيديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا).
رسالتي للطرفين هي: أوقفوا الحرب، ودعوا الناس يعودون إلى منازلهم
إيديم وسورنو , مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية
UN News إيديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا).



13 آب/أغسطس 2023المساعدات الإنسانية
دعت مسؤولة أممية رفيعة طرفي النزاع في السودان إلى وقف القتال وتغليب المصلحة العليا للشعب السوداني المتجذرة في السلام والاستقرار، مشيرة إلى أن النازحين واللاجئين يرغبون في العودة إلى منازلهم لممارسة حياتهم الطبيعية.

إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تحدثت في حوار مطول مع أخبار الأمم المتحدة عن الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لمساعدة ملايين السودانيين الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 نيسان/أبريل.

وتسبب الصراع حتى الآن في فرار نحو أربعة ملايين شخص من ديارهم، فيما يواجه أكثر من 20 مليون شخص في البلاد خطر الجوع الشديد.

زارت السيدة إيديم وسورنو السودان وتشاد مؤخرا، حيث التقت بالنازحين واللاجئين في البلدين ووقفت بنفسها على المعاناة الكبيرة التي يعيشونها. طلبنا منها في بداية الحوار أن ترسم لنا صورة عن الوضع على الأرض، فقالت:

إيديم وسورنو: أنا عملت في السودان من قبل- أي قبل هذه الحرب. كنت في السودان في الفترة من 2004 إلى 2005 مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وقبل ذلك مع مفوضية شؤون اللاجئين في مناطق مختلفة. السودان هو بمثابة وطن بالنسبة لي. السودان بلد أهله طيبون ويتحلون بثقافة الدفء والمشاركة. عندما كنت في السودان منذ ما يقرب من 20 عاما، كان الصراع في أماكن محددة. كان الصراع محتدما في دارفور. وكنت أول مسؤولة حماية في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يتم إرسالها للتعامل مع قضايا الحماية القانونية، والتفاوض بشأن الوصول إلى مواقع في جنوب دارفور، في مدينة نيالا على سبيل المثال.

في ذلك الوقت، كان أحدنا يأتي إلى الخرطوم كنوع من الاستجمام. بعد 20 عاما، ذهبت إلى بورتسودان. طبعا، لم أتمكن من الوصول إلى الخرطوم لأنها منطقة حرب. لا يمكن للأمم المتحدة الوصول الآن. نحاول العودة، ولكن لا يمكننا بسبب الوضع الأمني. وبقيت في مدينة بورتسودان التي زرتها آخر مرة عام 2003 عندما ذهبت للغوص في البحر الأحمر.

بعد 20 عاما، أصبحت مدينة بورتسودان مكانا يستضيف المئات من النازحين داخليا، وتصل درجة الحرارة في المدينة إلى 48 درجة مئوية خلال فترة الذروة في اليوم مع الكثير من الرطوبة. يوجد في مواقع التجمع المختلفة مئات الأشخاص الذين فروا من أجزاء مختلفة من السودان للنجاة بحياتهم، بما في ذلك العاصمة، التي كانت مكانا للاستجمام والراحة في آخر مرة كنت فيها في السودان.

الصورة ليست منصفة بالنسبة للحياة اليومية لشعب السودان بشكل عام. لكن دعني أرسم صورة لامرأة تحدثت إليها اسمها حواء، وهي أم وجدة وتاجرة كانت تعيش حياتها اليومية في ضواحي الخرطوم في أم درمان. وهربت مع بداية الحرب. كانت قادرة على الحصول على راتبها الشهري المعتاد لتشتري به حقن الأنسولين، لأنها مصابة بداء السكري. أما اليوم فإن حواء لا تستطيع شراء حقن الأنسولين.

فايزة، أم لأربعة أطفال، نزحت من الخرطوم في بورتسودان.

كانت تلك هي الصورة التي رأيتها عندما كنت في بورتسودان لمدة خمسة أيام، أتحدث إلى الشخص العادي الذي لا يريد أن يطلب المساعدة الإنسانية. كانت الخرطوم مكانا للراحة نذهب إليه للاستجمام فيه. ولكن مع ذلك، يطلب الناس من الخرطوم الآن المساعدة. تحدثت أيضا إلى المستجيبين للطوارئ، الأشخاص الذين يتعاملون مع المياه والصرف الصحي والمرافق الصحية والغذاء في الخرطوم. وسألتهم كيف يبدو يوم في حياة إنسان في الخرطوم؟ فقالوا إنه بمثابة كابوس مستمر، لأنك لا تعرف ما إذا كنت ستحتجز بواسطة أي من الجانبين. أنت لا تعرف ما إذا كنت ستختفي. لكنهم يواصلون المضي قدما لأنهم مصممون أكثر من أي وقت مضى- في مواجهة كل ذلك- على تقديم المساعدة الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الوضع الصحي في السودان قد وصل إلى مستويات خطيرة للغاية. لا يزال أكثر من ثلثي المستشفيات خارج الخدمة وسط تقارير متزايدة عن الهجمات على المرافق الصحية. أخبرينا عن جهود الأمم المتحدة لمعالجة هذه المشكلة؟

إيديم وسورنو: الأمم المتحدة، حسب فهمي، من منظور إنساني، لا يمكنها إصلاح مشكلة قصف المدن على سبيل المثال. ما يمكننا القيام به، وقد ظللنا نفعله، هو حث الأطراف المتحاربة في السودان على تجنب استهداف الأصول المدنية وفقا لاتفاقيات جنيف.

حسبما فهمته من منظمة الصحة العالمية عندما كنت على الأرض هو أن معظم المنشآت الصحية بالخرطوم لا تعمل.

ومرة أخرى- رجاء سامحني- لأنني أستمر في التركيز على الخرطوم لأن الخرطوم كانت المكان الذي يلجأ إليه الناس عندما يكون هناك صراع في أجزاء أخرى من البلاد.

الخرطوم هي المركز الحضري وهي عاصمة هذا البلد وقد كانت الأمور فيها تسير بخير. الخرطوم كانت المكان الذي لا يحتاج فيه 6 ملايين نسمة إلى مساعدة منا. وفجأة أصبحت تحت الحصار.

مثلا، عندما تكون في ود مدني وترغب في السفر إلى العلاج، فإنك تذهب إلى الخرطوم، أو عندما تكون في دارفور، تذهب إلى الخرطوم، وكذلك من بورتسودان وكذلك الأماكن الأخرى. لذلك، فإن المرافق التي دمرت بالكامل بسبب الحرب كانت لها أهمية كبيرة.

تقدم الأمم المتحدة مع شركائها في منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر الخدمات الأساسية بالحد الأدنى الذي يمكنهم القيام به على أساس يومي.

يخاطر المستجيبون للطوارئ من السودانيين بحياتهم أيضا كل يوم لضمان مساعدة المحتاجين وهم يتمتعون بالكثير من الإبداع. السودانيون لديهم قدرة عالية على الصمود. العائلات في الشتات ترسل الأموال لمساعدة أهاليهم الفارين داخل البلاد لضمان حصول الأمهات والبنات والأبناء والأطفال على بعض المساعدة المطلوبة.

نريد السلام في بلدنا. نريد أن يتوقف القتال. نريد أن نعود إلى منازلنا

اسمح لي أن أتوقف عند قصة واحدة محزنة سمعتها. فقدت آمنة خالتها لأنها كانت تخضع لغسيل الكلى في المستشفى بالخرطوم عندما بدأت الحرب. لقد فقدت حياتها لأنه لم يكن بوسعها تلقي هذه الخدمة. لذلك، فإن هذه الحرب تؤثر على الحياة اليومية للناس. أنا لا أقول إن النازحين داخليا في جميع أنحاء البلاد لا يحتاجون إلى مرافق صحية، ولكننا هنا نتحدث عن الخرطوم عاصمة البلاد.

أما فيما يتعلق بالمرافق الصحية في بورتسودان حاليا، ذهبت إلى مدينة سنكات وهي ليست في حالة حرب حاليا. ولم تشهد أي حالة من حيث النزوح الحاد. لكن سنكات ستشهد قدوم السكان الذين ينتقلون من بورتسودان.

سنكات لديها الحد الأدنى من الخدمات الصحية. ستتأثر هذه الخدمات الصحية بشكل أكبر بحركة الناس مع استمرار الحرب. سنرى المزيد والمزيد من الوفيات بناءً على حقيقة أن الناس لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الأساسية. عندما أسأل السودانيين فإن الإجابة التي أسمعها من معظمهم- المعلمون الذين نزحوا، والمزارعون الذين نزحوا، والعاملون الصحيون الذين نزحوا- فإنهم يقولون: نريد السلام في بلدنا. نريد أن يتوقف القتال. نريد أن نعود إلى منازلنا ونعيش حياتنا الطبيعية.

أخبار الأمم المتحدة: شارك مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في إعلان جدة، الذي يهدف، من بين أمور أخرى، إلى تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بأمان إلى المحتاجين. ومع ذلك، فمن الواضح أن الأطراف المعنية لم تف بالتزاماتها. كيف تقدم الأمم المتحدة حاليا المساعدة للسكان المتضررين في خضم هذه الحرب المستمرة؟ هل هناك تنسيق مع الأطراف المتحاربة على الأرض؟

إيديم وسورنو: حسنا أنك ميّزت بين المحادثات السياسية في جدة وما كان يفعله مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جدة. كنا نجلس في طاولة المفاوضات للتحدث فقط عما نسميه بفض الاشتباك.

قبل 24 أيار/مايو لم نكن نتمكن من توفير الخدمات التي كانت قد توقفت بين 15 نيسان/أبريل وأيار/مايو.

بسبب وجودنا على طاولة المفاوضات، ومن خلال التحدث مع الطرفين خلال محادثات جدة، تمكنا من ضمان ما نسميه بفض الاشتباك، والاتصال بالأطراف للسماح بحركة الشاحنات. بناء على ذلك، تمكنا من التنقل داخل البلاد من بورتسودان إلى دارفور ومواقع أخرى. وقد أوصلنا 780 شاحنة محملة بأنواع مختلفة من المساعدات- من المساعدات الصحية إلى الغذاء إلى البذور.

البذور هذه مهمة لأن المزارعين في دارفور وأماكن أخرى يحتاجون إلى الزراعة. وإذا لم يتمكنوا من الزراعة، فإن الناس سيعانون من انعدام الأمن الغذائي. الناس يريدون زراعة المحاصيل، يريدون زراعة مزارعهم. إنهم لا يريدون تلقي المساعدة الغذائية.

بصفتنا عاملين في المجال الإنساني، فإننا نطبق المبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التحيز والإنسانية

لذلك سمحت لنا هذه المفاوضات بالعمل مع الأطراف المختلفة لضمان نقل المساعدات وهذه عملية تتسم بمخاطر عالية جدا. كل يوم نخرج فيه - مثلما نفعل في مناطق الحروب المختلفة - هناك احتمال أن يفقد شخص ما حياته.

حدثت الكثير من الخسائر في أرواح المدنيين العاديين في السودان، بالإضافة إلى ذلك، فقد 18 من عمال الإغاثة حياتهم منذ بدء هذا الصراع. 18 عامل إغاثة، جميعهم سودانيون، كانوا يؤدون واجبهم ويحاولون مساعدة الناس.

الأمر الثاني الذي أود أن أقوله حول موضوع محادثات جدة والحوارات مع أطراف النزاع هو بصفتنا عاملين في المجال الإنساني، فإننا نطبق ونلتزم باتفاقيات جنيف والمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التحيز، وكذلك الإنسانية.

لذلك نذهب إلى أي مكان نستطيع لمساعدة من نستطيع. نحن نلتزم أيضا بإرشادات التنسيق المدني العسكري حيث نتفاوض مع أي طرف لنتمكن من العبور إلى مناطق معينة. نحن نفعل الشيء نفسه مع الحركة عبر الحدود بين السودان وتشاد. نتواصل مع السلطات التشادية والسلطات السودانية على كلا الجانبين لطلب للعبور إلى دارفور من تشاد.

لذلك، فداخل البلاد، نحن نتفاوض مع الجماعات المسلحة، خارج البلاد، يجري التفاوض عبر الحدود مع وجود مخاطر عالية للغاية تواجه موظفي الأمم المتحدة السودانيين والدوليين.

أخبار الأمم المتحدة: هل هناك محاولات لإحياء محادثات جدة أم أن هناك مبادرات مماثلة أخرى؟

إيديم وسورنو: هناك العديد من المبادرات التي تحدث في المنطقة. هناك ومحادثات برعاية الاتحاد الأفريقي وأخرى برعاية الهيئة الحكومية للتنمية الدولية (إيقاد). كانت هناك مذكرة انبثقت من اجتماع اللجنة الرباعية وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس حاضرا وتمكن من وضع شروط معينة على الطاولة حتى نتمكن من القيام بعملنا كعاملين في المجال الإنساني.

هناك أيضا طلب من بضرورة حضور الطرفين على الطاولة - مثلما حدث خلال محادثات جدة- كي نتمكن من التفاوض بشأن الوصول بسرعة وعلى نطاق واسع.

24.7 مليون شخص- أي ما يقرب من نصف سكان السودان- بحاجة إلى مساعدة إنسانية أو بعض الخدمات الأساسية. 18.1 مليون شخص مستهدفون من قبل الأمم المتحدة وشركائها. ومن جملة ذلك، وصلنا بالكاد إلى 3 ملايين شخص بشكل من أشكال المساعدة. وأنا أتحدث عن المساعدة كل يوم، كل دقيقة.

نحن مفاوضون إنسانيون نتفاوض بشأن وصول الأشخاص الذين نحاول الوصول إليهم. إذا لم يتوقف القتال، فلن تكون قادرا على زيادة المساعدة بالسرعة والنطاق المطلوبين.

أخبار الأمم المتحدة: وفقا لبعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس)، فإن القتال في دارفور أثّر بشكل خطير على المدنيين. ما الذي تفعله الأمم المتحدة لمساعدة الناس هناك؟

إيديم وسورنو: اسمح لي أن أتحدث من منظور إنساني، لأن الأمم المتحدة لديها كيانات مختلفة. هناك ذراع سياسي للأمم المتحدة، وهناك قسم إنساني وآخر تنموي وحقوقي وأمني...إلخ. أنا أتحدث عن المساعدة الإنسانية. تمكن العاملون في المجال الإنساني من خلال المبادرات التي تحدثنا عنها من الوصول إلى الناس. وكيل الأمين العام مارتن غريفيثس منخرط بصورة شخصية في محاولة لدفع أجندة المساعدة الإنسانية الأمر الذي نتج عنه إرسال 780 شاحنة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

الناس يموتون. الناس يعانون. ونحن بحاجة إلى تقديم المساعدة لهم

هناك كيانات مختلفة في الأمم المتحدة، لذلك نحاول بالطبع التركيز على الولاية المحايدة التي يتمتع بها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فالأمم المتحدة لها عناصر تكاملية. نحن نحافظ على دورنا مع وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها في الجانب الإنساني على هذا الحياد. لأننا يجب أن نتحدث إلى كلا الطرفين. علينا التأكد من أن تقديم المساعدة لا يحمل أي دلالات سياسية.

أخبار الأمم المتحدة: هل لديكِ أي رسالة لأطراف النزاع؟

إيديم وسورنو: الناس يموتون. الناس يعانون. رأيت المعاناة التي في بورتسودان، المكان الذي يذهب إليه الناس للغطس في البحر الأحمر والتمتع بجمال البحر الأحمر. سكان بورتسودان هم موظفون مدنيون يحتاجون إلى رواتبهم ليتمكنوا من مساعدة الأطفال والأمهات والنازحين.

إنهم ينشدون فقط السلام. رسالتي للطرفين هي ذاتها الرسالة التي قالها لي السودانيون عندما كنت في السودان: أوقفو الحرب. أوقفوا القتال ودعونا نعود إلى بيوتنا ونعيش حياتنا. الشعب السوداني يريد السلام. من الجانب الإنساني، نحن بحاجة إلى تقديم المساعدة. الأطفال يموتون. الأمهات يمتن. الأمهات يمتن أثناء العبور. الأطفال يموتون أثناء العبور.

رأيت أمهات وصلن عبر الحدود إلى أدري في تشاد. رأيت أماً كان طفلها على كتفها يميل إلى الخلف يعاني من العطش بسبب الرحلة الشاقة التي قطعاها للمرور من نقطة تفتيش إلى أخرى، من قريتها في دارفور. الناس في السودان يريدون فقط العودة إلى حياتهم اليومية. هذه هي رسالتي للأطراف.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أخبار الأمم المتحدة تقدیم المساعدة فی بورتسودان إلى الخرطوم محادثات جدة فی السودان الوصول إلى فی دارفور عندما کنت نرید أن کنت فی

إقرأ أيضاً:

في مجلس الأمن، دعوات أممية لاتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء معاناة السودانيين

الأمم المتحدة:
جددت الأمم المتحدة التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان، ودعت الأطراف كافة إلى الالتزام بتعهداتها بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة بعد ظهر الأربعاء، بتوقيت نيويورك لبحث الوضع في السودان، استمع خلالها إلى إحاطتين من مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا مارثا بوبي، والقائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا.

وتستمر الحرب في السودان منذ 17 شهرا، مع تفاقم الوضع الإنساني بشكل مقلق، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لنهاية قريبة. وقالت مارثا بوبي إن الأمين العام للأمم المتحدة ظل يدعو الأطراف باستمرار إلى تهدئة الوضع في الفاشر وتجنيب المدنيين المزيد من المعاناة، وحذر من العواقب الوخيمة لهذا التصعيد.

وأشارت إلى القرار رقم 2736 الذي اعتمده مجلس الأمن في حزيران/يونيو الماضي، والذي دعا قوات الدعم السريع إلى وقف حصار الفاشر ووقف القتال على الفور. "ومع ذلك، فشلت جهود منع المزيد من التصعيد العسكري في الفاشر. ولا يزال مئات الآلاف من المدنيين محاصرين في المدينة ويواجهون خطر العنف الجماعي".

وأضافت أن المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان، السيد رمطان لعمامرة ظل على تواصل مباشر مع الأطراف المتحاربة، بما في ذلك من خلال المحادثات التي جرت في جنيف في تموز/يوليو، ودعم جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسويسرا في آب/أغسطس. كما انخرط السيد لعمامرة مؤخرا مع السلطات السودانية خلال زيارة إلى بورتسودان في أواخر آب/أغسطس برفقة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، السيدة أمينة محمد.

مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.UN Photo/Loey Felipe مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.

التزام أممي بالعمل على إنهاء الصراع
وقالت مارثا بوبي إن رمطان لعمامرة سيواصل تنسيق جهود الوساطة الدولية في السودان لتعزيز الحوار بهدف إنهاء الحرب، مع إحراز تقدم تدريجي في القضايا الرئيسية مثل وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين والوصول إلى المساعدات الإنسانية.

وأكدت مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا التزام الأمم المتحدة بالعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للمساعدة في إنهاء الصراع.

وحثت أعضاء مجلس الأمن على استخدام نفوذهم الجماعي للمساعدة في حماية السكان المحاصرين في مناطق القتال، وقالت إن اجتماعات الجمعية العامة المقبلة تمثل فرصة إضافية للدول الأعضاء والأمم المتحدة على حد سواء لمضاعفة الجهود من أجل حل هذه المأساة.

مواطنو الفاشر تحت القصف والحصار
القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا أفادت بتصاعد حدة القتال على نطاق واسع في الفاشر ومحيطها منذ نهاية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن المنطقة شهدت قصفا مدفعيا وجويا عنيفا ومستمرا مما عرض المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، للخطر. كما تعرضت المواقع المدنية والبنية الأساسية بما فيها المستشفيات ومخيمات النازحين داخليا للقصف.

وأشارت إلى ما وصفتها بـ "التهديدات المتعددة" التي تشكلها المعارك الدائرة في الفاشر على حياة مئات الآلاف من الناس، بمن فيهم أكثر من 700 ألف نازح داخلي في الفاشر والمناطق المجاورة.

وقالت جويس مسويا إن أطراف النزاع لا تبذل أي جهود لحماية المرافق الصحية أو المدنيين الذين تستضيفهم هذه المرافق. كما تتعرض المستشفيات والمرافق الصحية للقصف المتكرر، مما يجعلها غير صالحة للعمل. ومن بين المستشفيات الثلاثة الرئيسية في الفاشر، لا يعمل سوى مستشفى واحد، بصورة جزئية.

وأشارت مسويا إلى إعلان المجاعة في مخيم زمزم، في آب/أغسطس، إضافة إلى 13 منطقة أخرى تم تصنيفها على أنها معرضة لخطر المجاعة. وذكّرت بما أفادت به منظمة أطباء بلا حدود، في شباط/فبراير الماضي، بأن طفلا واحدا يموت في مخيم زمزم كل ساعتين.

وقالت إن أحدث عمليات الفحص التي أجرتها منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة، خلال الفترة بين 1 و5 أيلول/سبتمبر، تشير إلى أن الوضع يزداد سوءا. حيث "يعاني حوالي 34 في المائة من الأطفال من سوء التغذية، 10 في المائة منهم يعانون من سوء التغذية الشديد".

جويس ميسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة بالإنابة، تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.UN Photo/Loey Felipe جويس ميسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة بالإنابة، تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.

عقبات أمام توصيل الإغاثة
وقالت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إن الوضع يزداد تعقيدا بسبب العقبات التي تجعل توصيل الإغاثة الإنسانية أمرا مستحيلا. فمنذ شهر أيار/مايو، أصبحت الطرق المؤدية إلى معسكر زمزم والفاشر غير سالكة بسبب القتال الدائر حول المدينة، ومؤخرا بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة والفيضانات، مشيرة إلى أن محاولات الأمم المتحدة المتكررة للوصول إلى المنطقة لم تكلل بالنجاح.

ومضت قائلة: "لكننا لم نستسلم بعد. نأمل أنه مع انحسار مياه الفيضانات في الأسابيع المقبلة، سنكون قادرين على البدء في نقل الإمدادات إلى الفاشر والمناطق الأخرى المعرضة لخطر المجاعة".

وقالت إن الوضع في الفاشر ينطبق على الوضع في مختلف أنحاء السودان، مشيرة إلى أن مناطق الخرطوم وسنار والجزيرة لا تزال تعاني من الدمار بسبب العنف المستمر. وقد نزح أكثر من ثمانية ملايين شخص من ديارهم الآن، وفر أكثر من مليوني شخص عبر الحدود.

وأعربت المسؤولة الأممية عن قلق عميق إزاء حالة الوصول الإنساني في مختلف أنحاء البلاد. ووصفت إعادة فتح معبر أدري من تشاد بأنها "خطوة مهمة". حتى الآن عبرت أكثر من مائة شاحنة الحدود محملة بالإمدادات لنحو 300 ألف شخص في غرب ووسط وجنوب دارفور.

ثلاثة أمور مطلوبة بشدة
وقالت جويس مسويا إن الكثير من الناس فقدوا حياتهم بالفعل في هذا "الصراع العبثي". وحذرت من أن الكثير من الناس سيموتون ما لم يتخذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل إجراءات حاسمة:

أولا، المطالبة بأن تمتثل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن. يتعين على الأطراف الامتناع عن استهداف المدنيين والأصول المدنية والمرافق الأساسية مثل المستشفيات.

ثانيا، لا ينبغي للعالم أن يتسامح مع الفظائع التي شهدناها في غرب دارفور أو أن تتكرر في الفاشر.

ثالثا، دعوة المانحين إلى توفير الموارد الضرورية لمعالجة هذه الأزمة غير المسبوقة. فحتى 17 أيلول/سبتمبر، بلغ تمويل النداء الإنساني 1.3 مليار دولار – أي أقل من 50 في المائة من المبلغ المطلوب وهو 2.7 مليار دولار.

واختتمت جويس مسويا حديثها بدعوة مجلس الأمن إلى التحرك من أجل معالجة الوضع في السودان، مشيرة إلى أن الاجتماعات المتعددة رفيعة المستوى بشأن السودان، والمزمع عقدها خلال اجتماعات الجمعية العامة ستوفر فرصة لا يمكن تفويتها لإنهاء هذا الصراع، وإظهار تضامننا مع شعب السودان.  

مقالات مشابهة

  • في مجلس الأمن، دعوات أممية لاتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء معاناة السودانيين
  • إلى والي الخرطوم
  • حملة وقف الحرب بالسودان تخاطب غوتيريش ومنظمات أممية بشأن الأزمة الإنسانية
  • مسئولة أممية تدعو إلى ضرورة إنهاء معاناة الفلسطينيين
  • في ختام مهامها بليبيا.. “غانيون”: صمود وشجاعة الناس في ليبيا مصدر إلهام لي
  • “غانيون” في ختام مهامها بليبيا: سيظل عزم وصمود وشجاعة الناس في ليبيا مصدر إلهام لي
  • السودانيون في يوغندا يبتدرون السلام المجتمعي بالمحبة و الكمنجة
  • مسؤولة أممية تشيد أمام مجلس الأمن بدور الإمارات في إجلاء مرضى من غزة لعلاجهم
  • اتفاق لنقل المساعدات الإنسانية إلى السودان.. عبر هذه الولاية
  • الأمم المتحدة: انهيار النظام الصحي في السودان ومعاناة بالغة للحوامل