رصاصة الرحمة على هيئة الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
بعد أن فشلت عصبة الأمم، التي أنشئت في ١٠ يناير ١٩٢٠م بعد الحرب العالمية الأولى، في تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، والمتمثل في قيامها بمنع الحروب والحد من انتشار الأسلحة في العالم. لذا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اجتمع في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ ٢٥ إبريل ١٩٤٥م ممثلي ٥٠ دولة، حيث عقدوا مؤتمراً لصياغة ميثاق الأمم المتحدة، والذي اعتمد في ٢٦ يونيو ١٩٤٥م ودخل حيز التنفيذ في ٢٤ أكتوبر ١٩٤٥م.
ومع إنضمام جنوب السودان عام ٢٠١١م أصبح عدد الدول الاعضاء في المنظمة ١٩٣ دولة، يمثلون تقريباً جميع الدول ذات السيادة في العالم. وتتكون هيئة الأمم المتحدة من ٦ أجهزة رئيسية يأتي على رأسها، الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، و١٥ وكالة متخصصة، منها على سبيل المثال لا الحصر: منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ومنظمة الطيران المدني الدولي وصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للملكية الفكرية والبنك الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الفرعية.
وتعد الولايات المتحدة أكبر المساهمين في الموازنة الطوعية للدول الأعضاء في المنظمة بنسبة ٢٢٪ من هذه الموازنة. ومع مرور السنوات والأحداث، وبسبب نظام المنظمة، الذي أعطى الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية فقط الحق في الإعتراض على أي قرار يصدره مجلس الأمن (الفيتو)، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين (دول الحلفاء)، انحرفت الأمم المتحدة وتحديداً مجلس الأمن عن أبرز مقاصد إنشائها. وأصبحت تتعامل مع أخطر القضايا الدولية وفق مصالحها الضيقة وبسياسة الكيل بمكيالين. حيث تم إستخدام حق النقض "الفيتو" أكثر من ٣٠٠ مرة، أغلبها ضد الإرادة الدولية ولنصرة حلفائها، ولو كان على حساب إحقاق الحق وحفظ الأمن والسلم الدوليين، وخير مثال على ذلك قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإستخدام حق النقض "الفيتو" ضد عدة مشروعات قرارات بمجلس الأمن تطالب بوقف "فوري" لإطلاق النار في غزة، مما شجع الكيان الصهيوني على إرتكاب مجازره في غزة بقتل أكثر من ٤١ الف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء، وإصابة ما يقارب ١٠٠ الف فلسطيني، أغلبهم يعانون من جراحات خطرة، إضافة إلى تدمير البنية التحتية، وكل ما له علاقة بالحياة تقريباً، بخرق متعمد للقانون الدولي الإنساني والأعراف والشرائع الدولية وكل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية. فلم تتعرض هيئة الأمم المتحدة لإهانات في تاريخها الذي يقارب الثمانون عام، كما تعرضت له في الأشهر الأخيرة من قبل قيادات ومسؤولين الكيان الصهيوني المارق. فمن قيام مندوب الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، في مايو الماضي، بكيل الشتائم وتمزيق ميثاق الأمم المتحدة، والذي يعد بمثابة دستور المنظمة، أمام الجمعية العامة، وعلى مرأى العالم أجمع، على أثر قرار الجمعية الذي حظى بموافقة ١٤٣ عضواً، بدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة مع توصية لمجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب وتحديد طرقاً لإعمال حقوق وامتيازات إضافية تتعلق بمشاركة فلسطين بالأمم المتحدة، إلى قيام رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي بإلقاء كلمة، حملت الكثير من التهديدات والاستفزازات، مروراً بازدراء مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، ونهايةً، بإهانة الأمم المتحدة نفسها من على منبرها، إلى إعلان وزير خارجية الكيان، يسرائيل كاتس قبل عدة أيام، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -رئيس الدبلوماسية الدولية- شخص غير مرغوب فيه بإسرائيل، مما يعني فعلياً منعه من دخول البلاد، في سابقة تاريخية، تدلل على أخلاق مسؤولي "الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة".
بعد هذه المشاهد المقززة، ووقوف الولايات المتحدة ومشرعيها وصانعي القرار في العواصم الغربية الفاعلة مع كل مايقوم به الكيان الصهيوني من مجازر وجرائم، والتبرير الدائم لأفعاله واعتباره فوق القانون. أعتقد أن الكيان الصهيوني باستخفافه العلني، وبأفعاله هذه وبدعم هذه الدول اللامتناهي لهذا الكيان، أطلقت رصاصة الرحمة على الأمم المتحدة وعلى ما يسمى الشرعية الدولية، وارجعت العالم إلى ما يعرف بشريعة الغاب، بنسفها لكل الجهود التي قامت بها دول العالم أجمع على مدار عقود من العمل المضني على الساحة الدولية، بهدف إقامة العدل وتطبيق القانون الدولي، والسعي لتحقيق مقاصد الأمم المتحدة، التي نص عليها نظامها -دستورها-، وأصبح إصلاح الأمم المتحدة وتحديداً مجلس الأمن هدفاً لا مناص عنه، إذا أردنا لهذا العالم الأمن والسلام والعدل والمساواة.
• خالد بن عمر المرهون متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکیان الصهیونی الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: قلق إزاء تدهور الأمن الغذائي في السودان بعد الإعلان عن تفشي المجاعة في خمس مناطق
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن القلق إزاء تدهور حالة الأمن الغذائي بسرعة في السودان، حيث يستمر تدهور القدرة على الوصول إلى الغذاء والتغذية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
وأعلن تقرير لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن تفشي المجاعة في خمس مناطق على الأقل في السودان، متوقعا أن تواجه خمس مناطق إضافية المجاعة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025.
وكشف التقرير كذلك الذي صدر اليوم الثلاثاء أن خطر المجاعة يهدد 17 منطقة إضافية.
وفي بيان منسوب للمتحدثة المساعدة باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال غوتيريش إنه بعد أكثر من 20 شهرا من الصراع، يواجه أكثر من 24.6 مليون شخص في السودان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاؤها يعملون على توسيع نطاق تقديم المساعدات الغذائية وغيرها من أشكال الدعم الأساسي للفئات الأكثر ضعفا، لكن القتال المستمر والقيود المفروضة على حركة إمدادات الإغاثة والموظفين لا تزال تعرض عمليات الإغاثة للخطر.
وجدد الأمين العام دعوته للأطراف لتسهيل الوصول السريع والآمن وغير المقيد والمستدام حتى تتمكن المساعدات الإنسانية والعاملون من الوصول إلى المحتاجين أينما كانوا.
وأكد أيضا على الحاجة إلى وقف فوري للأعمال العدائية لإنقاذ الأرواح ومنع الأزمة في السودان وتأثيرها على الدول المجاورة من التصعيد بشكل أكبر في عام 2025.
وناشد تقديم الدعم والتعاون الدوليين العاجلين لتقريب الأطراف من التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال وقف إطلاق نار دائم وزيادة التمويل للعمل الإنساني.
تفاقم واتساع غير مسبوقين
وقال تقرير لجنة مراجعة المجاعة إن ما كشف عنه التقرير يمثل تفاقما واتساعا غير مسبوقين لأزمة الغذاء والتغذية، مدفوعة بالصراع المدمر الذي تسبب في نزوح جماعي غير مسبوق، وانهيار الاقتصاد، وانهيار الخدمات الاجتماعية الأساسية، والاضطرابات المجتمعية الشديدة، وضعف الوصول الإنساني.
يذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو مبادرة عالمية تضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة. ويصنف انعدام الأمن الغذائي إلى خمس مراحل. والمجاعة هي المرحلة الخامسة من التصنيف وتعني أن واحدا على الأقل من بين كل خمسة أشخاص أو عائلة يعانون من نقص حاد في الغذاء ويواجهون خطر المجاعة.
مجاعة مستمرة
وفقا لتقرير لجنة مراجعة المجاعة، فإن المجاعة التي تم الإعلان عنها في آب/أغسطس 2024 في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور، استمرت وامتدت إلى مخيمي السلام وأبو شوك وجبال النوبة الغربية في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
وأضاف أنه من المتوقع أن تتوسع المجاعة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025 في مناطق شمال دارفور بما في ذلك أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت.
وحذر من أن خطر المجاعة يلوح في جبال النوبة الوسطى، وفي المناطق التي من المرجح أن تشهد تدفقات كبيرة من النازحين داخليا في شمال وجنوب دارفور.
انعدام حاد للأمن الغذائي
وأظهر التقرير أن انعدام الأمن الغذائي عند مستويات أسوأ مما كان متوقعا، حيث من المتوقع في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025 أن يواجه 24.6 مليون شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى من ذلك.
وأشار إلى أن هذه النتائج تمثل زيادة حادة قدرها 3.5 مليون شخص مقارنة بالعدد المتوقع في الأصل، وتعادل أكثر من نصف سكان السودان.
ويقدم التقرير تحديثا للتوقعات السابقة المنشورة في حزيران/يونيو 2024 للفترة من تشرين الأول/أكتوبر 2024 إلى شباط/فبراير 2025.
تحسن طفيف
وأشار التقرير إلى أنه رغم تلك الأرقام، فإن هناك تحسنا طفيفا من حيث حجم انعدام الأمن الغذائي الحاد مقارنة بموسم العجاف (حزيران/يونيو – أيلول/سبتمبر 2024).
وأوضح أن هطول الأمطار فوق المتوسط أدى إلى دعم الأنشطة الزراعية حيث سمحت الظروف الأمنية للمزارعين بالوصول إلى الحقول والمدخلات الزراعية، وبالتالي تخفيف انعدام الأمن الغذائي. ونتيجة لذلك، انخفض عدد الأشخاص في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى خلال موسم العجاف.
لكنه لفت إلى أن جميع السكان لم يستفيدوا من هذا على قدم المساواة. ففي المناطق ذات الكثافة العالية من الصراع، أدت الأعمال العدائية إلى تعطيل الأنشطة الزراعية بشدة، مما أدى إلى تخلي المزارعين عن محاصيلهم ونهبها وتدمير الماشية.
وقال إنه من غير المرجح أن تستفيد الأسر النازحة، وخاصة تلك التي تعيش في المستوطنات والمباني العامة، بشكل كبير من الحصاد.
دعوة لمزيد من الدعم للاجئين السودانيين في ليبيا
وفي تطور آخر، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تعزيز الدعم المالي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين السودانيين الذين يصلون إلى ليبيا مع زيادة الأعداد وانخفاض درجات الحرارة.
وقالت المفوضية في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء إنه منذ بداية العام، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين الباحثين عن الأمان في ليبيا، مع وصول ما يقدر بنحو 400 لاجئ إلى البلاد يوميا.
وأفادت المفوضية بأنها موجودة في الكفرة، وهي نقطة الدخول الرئيسية من السودان، وتقدم المساعدة المنقذة للحياة للاجئين لدعم السلطات المحلية والمجتمعات المضيفة. ويشمل ذلك تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحسين الظروف المعيشية من خلال توزيع إمدادات الإغاثة، وتعزيز الوصول إلى الوثائق التي تقدمها السلطات المحلية لتحسين حرية التنقل والحماية.
ونبهت إلى أن اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المناطق النائية مثل الكفرة يواجهون ظروفا قاسية بشكل خاص، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية في الكفرة التي تعد أعلى بنسبة 19 في المائة من المتوسط الوطني بسبب انقطاع سلاسل التوريد، وارتفاع الطلب ونقص الوقود.
وقالت عسير المضاعين، رئيسة بعثة المفوضية في ليبيا إنه إلى جانب التزام السلطات والمجتمعات الليبية بدعم السودانيين الفارين من الصراع، "هناك حاجة إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي لتعزيز الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والصحة والتعليم".
وأضافت: "لقد تحمل اللاجئون في ليبيا صعوبات هائلة في رحلتهم إلى هنا. ومع دخولنا عاما جديدا، يجب أن نتحرك بسرعة لمنع المزيد من المعاناة وحماية الأرواح".
يذكر أن المفوضية تقود الاستجابة المشتركة بين الوكالات للأزمة السودانية في ليبيا. وكجزء من هذه الاستجابة، تسعى المفوضية إلى جمع 22 مليون دولار أمريكي للاستجابة للاحتياجات المقدرة لـ 449 ألف لاجئ ومجتمع مضيف بحلول نهاية عام 2025.
الأمم المتحدة: