الحرب عبء جديد يثقل كاهل اللبنانيين
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
بيروت (لبنان) «أ.ف.ب»: بعدما أنهكتهم أزمات متلاحقة على مدى سنوات، يجد اللبنانيون أنفسهم راهنا تحت رحمة حرب تلقي بظلالها على صحتهم النفسية، إلى درجة بات كثر منهم «غير قادرين على التحمل»، وفق ما يحذّر مختصون.
فـي رسم كاريكاتوري بعنوان «حلوى لبنانية»، يصوّر اللبناني برنار حاج تراكمات اختبرها اللبنانيون فـي السنوات الأخيرة على أنها قالب حلوى من طبقات عدة، تمثل كل واحدة منها محنة: الانهيار الاقتصادي، وباء كوفـيد، انفجار مرفأ بيروت، الأزمة السياسية، اكتئاب جماعي.
ويلخّص الرسم أزمات يعيشها اللبنانيون منذ الأزمة الاقتصادية التي بدأت فـي خريف 2019، مرورًا بوباء كوفـيد وانفجار مدمر فـي مرفأ بيروت فـي صيف 2020. وتصف المعالجة النفسية كارين نخلة تلك التراكمات بأنها «صدمات جماعية متلاحقة لم تتوقف أبدا».
ونخلة مسؤولة فـي منظّمة «إمبرايس»، التي تعنى بالصحة النفسية وأنشئت عام 2017 للحدّ من الانتحار. ويتلقّى العاملون فـي المنظمة «المدربون والمؤهلون بشكل كبير» اتصالات على مدى 24 ساعة فـي اليوم وسبعة أيام فـي الأسبوع.
ومنذ 23 سبتمبر، تاريخ تحوّل التصعيد بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب، ازدادت الاتصالات الواردة إلى مركز المنظمة.
وتقول نخلة إنهم يتلقون حوالي خمسين اتصالًا يوميًا من «أشخاص تحت الصدمة، يعانون من الهلع، كثر منهم يتصلون من مناطق تتعرض للقصف، يتساءلون فقط ما الذي ينبغي عليهم فعله». وأدّى القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان وشرقه وعلى ضاحية بيروت الجنوبية، معاقل حزب الله، إلى مقتل أكثر من 1100 شخص خلال 15 يومًا، ونزوح أكثر من مليون شخص فـي أنحاء مختلفة فـي لبنان، وفق السلطات اللبنانية.
فـي بيروت التي تستقبل عشرات الآلاف من العائلات النازحة، تبدّل المشهد سريعًا فـي غضون أيام، فأصبحت ملجأ لعائلات توجّهت إلى مراكز إيواء موقتة أو لدى أقارب أو شقق مستأجرة، إضافة إلى زحمة سير خانقة كبّلت شوارعها.
وخلال ساعات الليل، تجبر سلسلة من الغارات التي تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية عائلات على الفرار، على وقع دوي انفجارات ضخمة، تهتزّ بسببها النوافذ، وتندلع منها روائح البلاستيك ومواد محترقة.
توقظ هذه التجربة مجددًا فـي نفوس اللبنانيين صدمات قديمة وجديدة، بينها انفجار المرفأ وحرب يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل، والحرب الأهلية اللبنانية الدامية (1975-1990).
ويتخطّى القلق المناطق التي تحوّلت إلى ساحة حرب، ليدفع الثمن مدنيون خائفون بعيدًا عن خطوط النار.
تقطن ريتا باروتا (45 عامًا) قرب مدينة جونيه «الهادئة» ذات الغالبية المسيحية شمال بيروت. هناك، لا تسمع أصوات الغارات. لكنها رغم ذلك تقول إنها «لا تجد كلمات لوصف ما يجري الآن».
وتضيف باروتا، وهي أستاذة جامعية «لا أعرف الشخص الذي كنته قبل 15 يومًا، الأكل والنوم والاعتناء بنباتاتي، كلّ ذلك لم يعد موجودا».
وتكمل «لقد أصبحت شخصًا آخر، كلّ ما يهمني الآن هو كيف يمكنني أن أقدّم يد العون».
عبر هاتفها، تنهمك باروتا ليلًا نهارًا فـي البحث عن مأوى لأشخاص باتوا على الطرقات، ولترشدهم نحو مراكز إيواء يحتمون فـيها، أو لتوفـير أدوية تنقصهم.
وتروي «حين أتوقّف عن العمل لخمس دقائق، يراودني شعور بالفراغ التام»، معتبرة أن مساعدة الآخرين هو السبيل الوحيد لتجنّب الشعور بأنها «منهكة ومذعورة».
وترى باروتا التي كادت تفقد والدتها فـي انفجار المرفأ وتحتفظ بذكريات حية عن حرب 2006، أنّ «ما يحدث اليوم ليس مجرد إيقاظ لصدمة قديمة، بل شعور هائل بالظلم». وتسأل «لماذا نعيش هذا كله؟ لا أعرف ما إن كان ذلك الضربة القاضية».
و تفـيد دراسة أعدّتها منظمة «إدراك» غير الحكومية عام 2022، ونشرتها فـي سبتمبر، أن ثلثي اللبنانيين على الأقلّ يعانون من اضطراب نفسي.
ويوصف رئيس قسم الطبّ النفسي فـي مستشفى أوتيل ديو فـي بيروت رامي بو خليل الوضع الحالي بالقول «لسنا بخير جميعا، بشكل أو بآخر»، من اكتئاب وقلق واضطراب ما بعد الصدمة.
ويقول بو خليل «لدى اللبنانيين قدرة خارقة على الصمود»، لافتًا خصوصًا إلى الدور الذي يلعبه الدعم العائلي والمجتمعي والديني.
ويشرح «لكننا نتعامل مع ظاهرة تراكم التوتر، الذي يجعل الكأس يفـيض» مضيفًا: «لسنوات ونحن نحشد مواردنا الجسدية والنفسية والمالية. الآن، لم يعد الناس قادرين على التحمل».
ويعرب بو خليل عن قلقه لرؤية مرضى «يتطلّب وضعهم الدخول إلى المستشفى» لكنهم عاجزون عن ذلك لأسباب مادية، وآخرين يتدهور وضعهم لأنهم «غير قادرين على تحمّل مزيد من الصدمات».
يلحظ الطبيب أيضا زيادة فـي تناول الحبوب المنومة. ويقول «يريد الناس أن يناموا»، ومن الأسهل تناول الأدوية عندما لا يتوفر لديهم المال أو الوقت لاستشارة الطبيب.
وتشير كارين نخلة أيضًا إلى أن «كثرًا لا يستطيعون الوصول إلى خدمات الصحة النفسية»، مع وصول كلفة الاستشارات النفسية الخاصة إلى قرابة مائة دولار، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى شريحة واسعة من اللبنانيين. وتراوح فترة الانتظار للحصول على استشارة مجانية فـي جمعية «إمبرايس» بين أربعة إلى خمسة أشهر. وتقول نخلة «الحاجة الآن» للخدمات النفسية «هي أكبر من أي وقت مضى».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
دقت ساعة الصفر.. معلومات تكشف الخطة الأمريكية السعودية للتصعيد ضد اليمن وتاريخ بداية الهجوم والقوات التي أستلمت خطة الحرب
مقالات مشابهة تابع الآن.. مباراة مانشستر يونايتد وباوك اليوناني في الدوري الأوروبي 2024-2025 والقنوات الناقلة تعليق حفيظ دراجي
دقيقتين مضت
ur.gov.iq رابط التسجيل في استمارة المعين المتفرغ العراق 2024 عبر منصة اور والشروط والاوراق المطلوبة للتسجيل5 دقائق مضت
لهذا السبب .. إغلاق طريق الملك فهد بن عبد العزيز الرئيسي بالاتجاهين في هذا اليوم9 دقائق مضت
سعر ومواصفات كيا سبورتاج 2025 الجديدة في مصر12 دقيقة مضت
تردد قناة الفجر الجزائرية 2024 لمتابعة مسلسل قيامة عثمان وكيفية تنزيل القناة16 دقيقة مضت
بعد تسريب غرفة الفار قرار صارم من اتحاد الكرة المصري ضد لجنة الحكام24 دقيقة مضت
كشفت معلومات جديدة عن تاريخ بداية الهجوم ضد اليمن، وتفاصيل الخطة العسكرية، والقوات التي تم تكليفها بالتنفيذ وشروطها التي وضعتها قبل البدء في خوض المعركة.
وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف والمكونات اليمنية الموالية للتحالف، بوتيرة متصاعدة على تحشيد قواتها، تمهيداً لتصعيد عسكري ضد قوات صنعاء .
وحسب الكثير من المؤشرات والمعطيات، تهدف هذه التحشيدات إلى الهجوم على الحديدة، وهي ضغوط عسكرية واقتصادية نظراً لعجز الولايات المتحدة تماماً عن وقف عمليات قوات صنعاء البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، رغم الغارات التي يشنها الطيران الأمريكي والبريطاني على مناطق حكومة صنعاء، وهو ما وضع أمريكا في موقف محرج أمام العالم، ولأجل ذلك لجأت إلى تحريك المكونات اليمنية وفي مُقَدَّمِها حكومة عدن والتشكيلات العسكرية التي تتبعها.
وفي هذا السياق كشفت وسائل إعلام، نقلاً عن مصادر عسكرية مطلعة تتبع ألوية العمالقة، أن قائد هذه القوات أبو زرعة المحرمي، وهو أيضاً عضو المجلس الرئاسي، التقى خلال الأيام الماضية، في الرياض، ضباطاً في الاستخبارات السعودية، وكان هدف اللقاء تسليمه خطة الهجوم المزمع على الحديدة، كما أطلعوه أيضاً على موعد بدء الهجوم.
يعزز ذلك ما قاله أحد قيادات صنعاء، في منشور على مواقع التواصل، بأن عدداً كبيراً من الآليات العسكرية شوهدت قبل أيام قليلة وهي تعبر منفذ الوديعة الحدودي قادمةً من السعودية باتجاه اليمن.
المصادر ذكرت أن موعد الهجوم سيكون في 25 من شهر نوفمبر الجاري، موضحةً أن الخطة تتضمن تحرُّك قوات العمالقة بقيادة حمدي شكري- الذي يعد أحد القيادات السلفية التي تدعمها وتمولها الرياض- باتجاه مواقع قوات صنعاء في الحديدة، على أن تؤَمِّن السعودية غطاء جوياً كثيفاً.
وأضافت المصادر أن شكري اشترط مقابل موافقته على قيادة الهجوم أن يتم استبعاد قوات طارق صالح، التي تمولها الإمارات، من المشاركة، مؤكدةً أن هذا الشرط قوبل بموافقة السعودية، مرجحةً أن يكون الحادث الذي تعرض له طارق صالح- المتواجد حالياً في الإمارات- جزءاً من مسرحية الإبعاد عن المشاركة، نزولاً عند شرط المحرمي.
وخلال الأيام الماضية، أبلغت قيادة العمالقة أفرادها الغائبين في إجازات رسمية بأنها ألغت كل الإجازات واستدعت الجميع، كما أصدرت تعليمات ببقاء الأفراد والضباط داخل معسكراتهم وحظرت عليهم المغادرة، ضمن الاستعدادات للهجوم على الحديدة، وفقاً للمصادر العسكرية.
يؤكد ما سبق، التحذير الذي وجهه أحد أبرز قيادات المقاومة الجنوبية، الثلاثاء الماضي، لمشائخ وأعيان المحافظات الجنوبية، من الزج بأبنائهم إلى محارق الموت التي تشعلها دول التحالف، حيث دعا الشيخ سالم الخليفي، في منشور على صفحته بمنصة إكس، جميع مشائخ شبوة وبقية المحافظات إلى الحفاظ على أبنائهم والامتناع عن الزج بهم إلى معارك عبثية في الشمال، معتبراً هذه النصيحة إبراءً للذمة، حسب وصفه.
الشيخ الخليفي أكد أن المعركة عبثية لا ناقة لأبناء المحافظات الجنوبية فيها ولا جمل، مضيفاً: “يكفي ما قدمه أبناء الجنوب من تضحيات مع التحالف في الساحل الغربي وغيره، ثم استلمها طارق عفاش ليتم التنكيل بأبناء الجنوب في الوازعية والصبيحة ولا يزال ينكل بهم”، في إشارة إلى المواجهات التي حدثت خلال الشهر الماضي بين قوات طارق صالح وبعض التشكيلات الجنوبية في المناطق المذكورة، وأكد الخليفي تحذيره بالقول: “حافظوا على أبنائكم، دماء أبناء الجنوب غالية علينا”.
وكان المعهد الديمقراطي الأمريكي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أشرفا على إشهار ما أطلق عليه “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية”، الثلاثاء الماضي في عدن، بهدف التصعيد ضد قوات صنعاء، وتم الإشهار بعد اجتماعات عدة عقدت خلال الفترة السابقة، في إطار المساعي الأمريكية التي بدأت منذ أواخر العام الماضي، لحشد الأطراف المحلية من أجل التصعيد العسكري ضد قوات صنعاء، لإجبارها على وقف عملياتها العسكرية ضد الملاحة الإسرائيلية والسفن الأمريكية والبريطانية.
ذات صلة