جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-08@18:29:36 GMT

أيُ كفة تُرجِّح؟!

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

أيُ كفة تُرجِّح؟!

 

مدرين المكتومية

عندما تتعمد بعض المؤسسات الحكومية أو الخاصة، تهميش الصحفيين، وفي المُقابل "تلميع" آخرين يدَّعون مُمارسة العمل الصحفي والإعلامي، فكيف تستقيم الأمور، وكيف يُؤدي الصحفي صاحب الدراسة والخبرة عمله، في بيئة عمل بات يُسيطر عليها المُتطفلون على المهنة، ومندوبو المبيعات الذين تحولوا إلى "مشاهير"!

الصحفي الذي تعلَّم ودرس وتدرب بمؤسسات إعلامية حتى حصل على مُسمى "صحفي" يجد نفسه أمام آخر تسلل بكل سهولة إلى المشهد، وأخذ يُمارس عملَ الصحفي، تارة تحت اسم "ناشط اجتماعي" وأخرى بمسمى "مشهور" أو حتى "إعلامي"، وهذه الأخيرة كلمة مائعة لا معنى لها، فإمَّا أن تكون صحفيًا أو مُذيعًا أو مُحررًا أو مُراسلًا أو مُعد برامج أو مُخرجاً أو مُنتج أخبار، أو لا شيء آخر، إنما وصف "إعلامي" لا يعدو كونه وصفًا يُمنح لمن لا صفة له!

بالطبع لا أُعمِّم هنا، وإنما أخص فئة من هؤلاء الذين- وللأسف الشديد- يُمارسون عملًا ليس عملهم، لكنهم في المُقابل يجدون الرعاية والدعم من مختلف المؤسسات؛ سواء حكومية أو خاصة.

عندما يتساءل البعض عن غياب الإعلام في كثيرٍ من الأحيان، وأسباب وجود بعض الناس من فئة "الآخر" في أماكنهم، ألا يستدعي الأمر أن تقف المؤسسات التي تشكو غياب الصحافة عن تغطية أعمالها وتتذمر من عدم الاهتمام بنشر أخبارها، وتستنكر غياب الصحفي عن التحقيقات المختلفة... ألا يجب عليها أن تقوم بمُراجعة نفسها والأسباب التي تدفع الصحفي للعزوف عن المشاركة في مثل هذه المحافل التي تُقيمها تلك المؤسسات وغيرها؟ ألا يجب علينا أن نقف قليلًا وقفة حقيقية تجاه الصحفي الذي بدأ منذ زمن يُمارس الصحافة وما يزال يعمل تحت كل الضغوط والظروف التي تعيشها المؤسسات الصحفية المُرخّصة في الوقت الراهن؟ ألا يستحق أن يجد الصحفي التقدير والاهتمام؟ إنني أشعرُ بأسى شديد عندما يشارك صحفيون في تغطية حدث ما ويُطلب منهم الجلوس في آخر الصفوف، في تجاهل تام لأدوار هذا الصحفي، وأنه يمثل المجتمع الذي يكتب الأخبار من أجله.

لماذا الذي يعمل بكل جد واجتهاد وتفانٍ في تقديم مادة خبرية مُهمة للمجتمع يجد نفسه في الصفوف الأخيرة، بينما من يلتقط مقاطع السيلفي يحتل صدارة المشهد؛ بل إن بعضهم يحظى باستقبال "كبار الشخصيات"، رغم أنَّه ربما يكون قد انتهى للتو من إعداد فيديو دعائي لمستحضرات تجميل أو صالون حلاقة أو خاض تجربة تذوق طعام في مطعم جديد!!!

مع كل الاحترام للعاملين الجادين في مجال صناعة المحتوى، لكن هناك شباب وشابات درسوا الصحافة في أرقى الجامعات، ويعملون في مؤسسات صحفية دورها- حسب القانون- القيام بمسؤولياتها الإعلامية والصحفية، فلماذا هذه الهرولة وهذا اللهث وراء أشخاص يدعون أنهم "إعلاميون" أو "صحفيون"؟! هل لأن لديهم "مئات الآلاف" من المُتابعين، الذين لا نعلم حقيقتهم جميعًا وربما كثير منهم عبارة عن حسابات وهمية؟ أم لأنَّ "الوجاهة الاجتماعية" تتطلب حضور "الإنفلوِنسَر" لحصد المزيد من "اللايكات" و"الشير"؟!

بالتأكيد لن نُمارس أي أسلوب لمنع أحدهم من حضور مناسبات، ولسنا ضد صُنّاع المحتوى، فكثير منهم لهم أدوار مجتمعية إيجابية للغاية، لكننا نُطالب بعدم منحهم صفة "إعلامي" أو "صحفي"، بينما هو في الأساس درجة متقدمة من "مندوب المبيعات" و"المروِّج" للبضائع المختلفة، والحقيقة أن كثيراً منهم يملكون مهارات التسويق والمبيعات بكفاءة عالية، لذلك عليهم بالتخصص والبقاء في هذا الجانب؛ ألا وهو التسويق والمبيعات.

إنَّ تطفُّل أمثال هؤلاء على العمل الصحفي، دفع عددًا من المؤسسات الحكومية والخاصة لاعتبارهم "إعلاميين"؛ بل وتكريمهم على "أدوارهم الإعلامية"، في حين أنها أدوار تسويقية مرتبطة بجوانب المبيعات والترويج للسلع والخدمات وغيرها!

من الظلم بمكان مُقارنة صحفي يجتهد لتغطية مؤتمر أو منتدى أو لقاء، ثم يعود لمقر عمله لكتابة النص وتدقيقه وصياغته، مع شخص آخر يفتح كاميرا هاتفه النقال ليظل يُثرثر ويُثرثر ومن ثم يضغط "نشر"! والعجيب في الأمر أنَّ هؤلاء لا يتحركون من غرفهم المُكيفة دون مُقابل، بينما الصحفي يؤدي عمله من منطلق واجبه المهني ومن باب المسؤولية والأمانة. والعجيب أن تكلفة واحد منهم لحضور ساعة في حدث ما قد تعادل راتب صحفي في شهر كامل!

إنَّنِي لأطالب الجهات المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي، بوضع حد لهذا التشويه المُتعمَّد للعمل الصحفي، خاصة فيما يتعلق بمنح صفة "إعلامي" للمروِّجين المشهورين، فضلًا عن بعض الصفحات "التويترية" التي تسرق الأخبار من المؤسسات الصحفية وتتربح من ورائها، تحت زعم أنها "صفحات إخبارية"، بينما هي في حقيقتها كيانات تسعى للتربح السريع دون أي مجهود يُذكر، فقط "قص ولصق" ثم "نشر"! فهل نظل صامتين حتى نجد أن كل من هبَّ ودبَّ يحمل صفة "إعلامي"؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تسجيل مرعب عن مخيم جباليا.. ماذا ترك الصحفي حسن حمد قبل استشهاده؟

في تصعيد خطير ضد حرية الصحافة، استهدف الاحتلال الإسرائيلي منزل الصحفي الفلسطيني حسن حمد في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاده، حسبما ذكرت وكالة «وفا» الفلسطينية.

استشهاد الصحفي حسن حمد

وصل جثمان الشهيد الصحفي حسن حمد أشلاء إلى مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة.

وفي لحظات محزنة، كان الصحفي حسن حمد قبل استشهاده يوثق في رسالة أخيرة لزملائه، ما يحدث في مخيم جباليا من استهداف للمسجد رياض الصالحين، مع تقدم أصوات آليات الاحتلال وتزايد نزوح الفلسطينيين.

وفي تسجيل مُرعب نُشر قبل ساعاتٍ من استشهاده، وثق الصحفي حسن حمد في مقطع فيديو صور الأوضاع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، قبل أن تُزهق حياته بِقصف مدفعي على المخيم فجر اليوم.

أعلى مستويات العنف ضد الصحفيين منذ 30 عامًا

وفي وقت سابق، ذكر المركز الدولي للصحفيين في فبراير الماضي، أن الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة وخاصة الصحفيين وصلت أعلى مستويات العنف منذ 30 عامًا.

وفي وقت سابق، أعلنت وسائل الإعلام الرسمية الفلسطينية أنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسفر عن استشهاد 174 صحفيا.

 

مقالات مشابهة

  • بين الصحفي ومندوب المبيعات.. أيُ كفة تُرجِّح؟!
  • إعلامي: قلق في الزمالك من وجود المصري البورسعيدي بمجموعته بالكونفدرالية
  • إعلامي: تغييرات جذرية في شركة الكرة بالأهلي ورحيل عدلي القيعي
  • معاناة مروان الصحفي من إصابة عضلية
  • الكشف عن حقيقة وفاة الصحفي اليمني محمد المياحي
  • مستشار إعلامي الأونروا : المساعدات التي تدخل غزة لا تلبي 10% من احتياجاته
  • إعلامي يزف خبرا سارا لجماهير الزمالك
  • إعلامي يتغزل بنجم الزمالك: الأفضل
  • تسجيل مرعب عن مخيم جباليا.. ماذا ترك الصحفي حسن حمد قبل استشهاده؟