نشرت مجلة "فورين أفيرز" تقريرًا يسلط الضوء على الأزمة الحالية في النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي ساعد على استقرار الاقتصاد العالمي لعقود، واعتبرت أن انتهاك الولايات المتحدة والصين لقواعد منظمة التجارة العالمية قد أدى إلى أزمة حادة في منظومة التعاون التجاري العالمي، كما أن دولا مثل الهند وإندونيسيا تعيق جهود الحفاظ على هذا النظام مما ينذر بفوضى تجارية عالمية.



وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النظام التجاري متعدد الأطراف ساعد على ضمان استقرار الاقتصاد العالمي خلال أكثر من 75 سنة، فقد جمعت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة وخليفتها، منظمة التجارة العالمية، الدول معًا للتعاون في خفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية، وتعزيز التكامل الاقتصادي العالمي ووضع قواعد لتنظيم التجارة، وقد أثبت هذا النظام فعاليته غير العادية وعزز حقبة من الازدهار العالمي غير المسبوق.

وترى المجلة أن هذا النظام التجاري الليبرالي يمر الآن بأزمة؛ فقد انهار التعاون الدولي في مجال التجارة إلى حد كبير، وتخلت الولايات المتحدة عن التزامها بالتجارة الحرة والتعاون متعدد الأطراف واحترام سيادة القانون، وانتهكت واشنطن علنًا قواعد منظمة التجارة العالمية ومبادئها من خلال فرض التعريفات الجمركية وتقديم الدعم الهائل في قطاعات صناعية متعددة. وبالمثل، أفسدت الصين هذه المنظومة واستخدمتها كسلاح من خلال الإعانات والضغوط الاقتصادية.



وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها العديد من الدول للإبقاء على التعددية والحفاظ على النظام التجاري القائم، إلا أن دولاً أخرى - بما في ذلك العديد من الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الهند وإندونيسيا - قوضت تلك الجهود من خلال عرقلة المفاوضات التجارية وإعاقة إنفاذ قواعد التجارة العالمية، مما قد يؤدي إلى دخول النظام التجاري في حالة من الفوضى، وفقا للمجلة.

جهود غير مكتملة

أوضحت المجلة أن الغرض الرئيسي لمنظمة التجارة العالمية هو وضع وتطبيق القواعد التي تحكم التجارة الدولية، وذلك من خلال تسهيل المفاوضات بين أعضائها، ولكن على مدى السنوات الـ 15 الماضية، وصلت جهود منظمة التجارة العالمية في كثير من الأحيان إلى طرق مسدودة.

وحسب المجلة، يظهر ذلك بوضوح في جولة المحادثات الفاشلة في الدوحة، والتي بدأت سنة 2001 لخفض الحواجز التجارية حول العالم، والتي انهارت بسبب الصراع بين الصين والولايات المتحدة؛ حيث رفضت بكين تخفيض تعريفاتها الجمركية في مجالات مثل الزراعة والمواد الكيميائية والآلات الصناعية دون تخفيضات أكبر في الدعم الحكومي الزراعي في الولايات المتحدة.



لكن إنعاش مفاوضات منظمة التجارة العالمية أمر ضروري للحفاظ على التعاون الدولي في مجال التجارة وضمان مواكبة القواعد العالمية للتجارة للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وستكون مفاوضات منظمة التجارة العالمية الحالية بشأن إعانات صيد الأسماك اختبارًا حاسمًا لعزم المجتمع الدولي على استعادة قواعد التجارة العالمية. 

لقد أدت الإعانات التي تقدمها الحكومات لمصايد الأسماك إلى أزمة الإفراط في الصيد؛ حيث أصبحت 90 بالمائة من الأرصدة السمكية العالمية مستغلة بشكل مفرط أو مستنفدة، وبما أن العديد من البلدان النامية تعتمد بشكل كبير على صيد الأسماك من أجل الأمن الغذائي والتصدير، فهي معرضة بشدة لتراجع الأرصدة السمكية، وبالتالي فإن اتفاق منظمة التجارة العالمية لتقييد هذه الإعانات الضارة سيمثل مكسبًا للتجارة العالمية والتنمية والبيئة.

وقد توصلت منظمة التجارة العالمية سنة 2022 إلى اتفاق مبدئي لحظر الإعانات المقدمة للصيد غير القانوني وغير المنظم، وصيد الأرصدة السمكية المستنفدة، والصيد غير المنظم في أعالي البحار، لكن هذه البنود تغطي جزءًا ضئيلًا من جميع الإعانات الضارة لمصايد الأسماك، أما العمل الحقيقي المتمثل في معالجة الإعانات التي تشجع الصيد المفرط، فقد تُرك للاجتماع رفيع المستوى لمنظمة التجارة العالمية في شباط/ فبراير 2024.

وكاد هذا الاجتماع أن يسفر عن اتفاق تاريخي لتقييد مثل هذه الإعانات، لكن الهند عرقلت الاتفاق بإصرارها على إعفاءات شاملة كانت ستجعل الاتفاق بلا معنى، ورغم أن الهند كانت هي الدولة الوحيدة التي عارضت الاتفاق، إلا أن المفاوضات انهارت لأن قواعد منظمة التجارة العالمية تتطلب توافقًا في الآراء. 

ونظرًا لهذا التحدي المتمثل في تأمين توافق في الآراء، لجأت عدة دول إلى الاتفاقات محدودة الأطراف، وهي اتفاقات اختيارية ولا تنطبق إلا على المجموعات الفرعية من أعضاء المنظمة الذين يختارون التوقيع عليها، بدلاً من الاتفاقات التقليدية متعددة الأطراف التي تلزم جميع الأعضاء، وتهدف إحدى هذه الاتفاقيات، التي وقعتها 128 دولة سنة 2024، إلى تسهيل الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل أفضل من خلال تبسيط إجراءات منح التراخيص للمستثمرين.

تضيف المجلة أنه من المتوقع أن تحقق الاتفاقية مكاسب اقتصادية عالمية كبيرة، سيعود معظمها إلى البلدان محدودة ومتوسطة الدخل، ويرى مؤيدو الاتفاقية أنها وسيلة مهمة للبلدان النامية للمطالبة بحصة أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر ومعالجة الفجوات الاستثمارية الكبيرة في تلك البلدان. ولكن لكي تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، يجب أن يتم اعتمادها في الهيكل القانوني لمنظمة التجارة العالمية، وهو إنجاز يتطلب موافقة جميع الأعضاء، وقد تم عرقلة هذا الجزء من العملية من قبل ثلاث دول - الهند وجنوب أفريقيا وتركيا - التي تعترض من حيث المبدأ على فكرة الاتفاقات محدودة الأطراف داخل منظمة التجارة العالمية.



وقد أدت عرقلة هذه الجهود التفاوضية إلى خلافات بين الدول الأعضاء -وفقا للمجلة-، فعلى النقيض من الخلاف المعتاد بين الشمال والجنوب، والذي غالبًا ما كان يميز سياسات التجارة العالمية في الماضي، أصبحت الدول النامية في مواجهة بعضها البعض في كل من قضيتي إعانات مصايد الأسماك والاتفاق المتعلق بالاستثمارات الأجنبية. 

الاستئناف في الفراغ

اعتبرت المجلة أن التهديد الأكبر للنظام التجاري العالمي يأتي من إضعاف آلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية، حيث أن قانون المنظمة للفصل في المنازعات التجارية ضروري لإنفاذ قواعد التجارة العالمية، وقد حقق معدلات امتثال عالية جداً.

لكن الولايات المتحدة اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات متعمدة لتعطيل هذه الآلية -كما تقول المجلة-، حتى تتمكن من اتباع سياسات تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية مع الإفلات من العقاب. فقد منعت الولايات المتحدة خلال رئاسة دونالد ترامب جميع التعيينات القضائية في هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، وهي مجموعة من سبعة قضاة تنظر في الطعون المتعلقة بالأحكام الصادرة عن منظمة التجارة العالمية بشأن النزاعات. 

ومع عدم وجود قضاة للنظر في الطعون، توقفت الهيئة عن العمل، وقد أدى ذلك إلى تقدم أي دولة يصدر ضدها حكم عقابي من منظمة التجارة العالمية، باستئناف على الحكم الصادر من المنظمة وتأخير تنفيذه إلى أجل غير مسمى، وأصبح هذا يُعرف باسم الاستئناف "في الفراغ".

وتعد الولايات المتحدة أكبر مصدر منفرد للاستئنافات في الفراغ، حيث تمثل 38 بالمائة من إجمالي الاستئنافات، وقد واصلت إدارة بايدن انتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية بشكل صارخ مع رفضها إعادة هيئة الاستئناف، مما يمكّن واشنطن من عرقلة الأحكام الصادرة ضد تعريفاتها الجمركية غير القانونية في منظمة التجارة العالمية.

وأضافت المجلة أن العديد من البلدان الأخرى تتبع السياسة ذاتها، مستغلة غياب هيئة الاستئناف لتتحدى علانية قواعد منظمة التجارة العالمية. فقد فرضت إندونيسيا، على سبيل المثال، حظرًا على تصدير النيكل الخام، وهو مكون رئيسي في الفولاذ المقاوم للصدأ وبطاريات السيارات الكهربائية.

وتسيطر إندونيسيا على أكثر من نصف إمدادات العالم من النيكل، وتهدف من خلال حظر صادرات النيكل إلى إجبار الشركات التي تعالج النيكل على الاستثمار داخل البلاد. وقد نجح الاتحاد الأوروبي في سنة 2022 في الطعن على الحظر الإندونيسي في منظمة التجارة العالمية، وأمرت لجنة المنازعات في منظمة التجارة العالمية إندونيسيا بإزالة قيود التصدير، لكن إندونيسيا استأنفت الحكم في الفراغ لمنع تنفيذ الحكم، وبدلاً من إلغاء حظر التصدير، تقوم إندونيسيا الآن بتوسيع نطاقه ليشمل المعادن الأخرى غير المصنعة.

واتخذت الهند أيضًا خطوات مماثلة؛ حيث وضعت نظامًا واسع النطاق من الإعانات المرتبطة بـ "المناطق الاقتصادية الخاصة" لتعزيز صادراتها، مما أدى إلى إغراق صناعات الصلب والأدوية بالواردات الرخيصة المدعومة من الهند. وقد رفعت الولايات المتحدة قضية في منظمة التجارة العالمية للطعن في الإعانات وكسبت القضية، وقضت اللجنة بأن دعم الحكومة الهندية ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية ويجب إلغاؤه، واحتفلت واشنطن في البداية بالحكم، لكن الهند جردت الحكم من أي قوة قانونية بعد فترة وجيزة من خلال الاستئناف في الفراغ.

وتذكر المجلة أن ثلثي الأحكام الصادرة عن منظمة التجارة العالمية يتم استئنافها الآن في الفراغ، كما انخفض عدد النزاعات في منظمة التجارة العالمية إلى حوالي ثلث ما كان عليه قبل انهيار هيئة الاستئناف، ويأتي هذا الانخفاض الحاد في الوقت الذي تتبنى فيه المزيد من الدول تدابير تجارية حمائية تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية؛ حيث لم تعد الدول ترى في منظمة التجارة العالمية وسيلة فعالة لضمان مصالحها في النظام التجاري الدولي.

وفي محاولة للحفاظ على آلية فعالة لتسوية المنازعات وضمان أن تظل قواعد منظمة التجارة العالمية قابلة للتنفيذ، أطلقت مجموعة من الدول بقيادة الاتحاد الأوروبي ترتيبات التحكيم الاستئنافية المؤقتة متعددة الأطراف، والتي بدأت النظر في القضايا سنة 2022، والتي تحاكي دور هيئة الاستئناف، لكنها تشمل فقط الدول الموقّعة عليها، ولم توافق عليها حتى الآن سوى 53 دولة فقط، بينما بقى غالبية أعضاء منظمة التجارة العالمية خارج الآلية الجديدة. 

انهيار النظام

ترى المجلة أن الأزمة في النظام التجاري العالمي تتجاوز الآن حدود المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، فقد أدى تجاهل الدولتين للمعايير والمؤسسات الراسخة إلى إضعاف الحوافز التي تدفع الدول الأخرى إلى الالتزام بهذا النظام والحفاظ عليه. ورغم أن العديد من الدول تسعى إلى إنقاذ النظام والدفاع عنه، إلا أن دولا أخرى تقوضه من خلال إفساد مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وانتهاك قواعد التجارة العالمية مع الإفلات من العقاب، وعرقلة الجهود المبذولة لاستعادة هيئة تسوية المنازعات.

وحسب المجلة، فإن هجوم الولايات المتحدة على هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية وضع النظام التجاري العالمي على مسار جديد وخطير، فمن دون الآليات التي تفرضها منظمة التجارة العالمية، لم يعد هناك الكثير من الوسائل التي تكبح السياسات الحمائية للدول، وقد أصبحت عواقب هذا المسار واضحة في ظل حمى المساعدات الحكومية والحروب الجمركية وغيرها من السياسات التي سترفع التكاليف وتغذي التضخم وتؤدي إلى زيادة العجز الحكومي، ما سيؤدي إلى مشاكل عميقة في الاقتصادي العالمي.

وتحذر المجلة من أن العالم قد يواجه خطر العودة إلى بيئة التجارة التي كانت سائدة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، عندما أدى التحول واسع النطاق نحو السياسات الحمائية إلى انكماش في التجارة العالمية وتفاقم الكساد الأعظم، وساعد على اندلاع الحرب العالمية الثانية، وهذا بالأساس هو ما تم تصميم النظام التجاري العالمي لتفادي حصوله.

وقد يصل العدد المتزايد من البلدان التي تتحدى قواعد منظمة التجارة العالمية إلى نقطة تحول ينهار فيها النظام التجاري المتعدد الأطراف بالكامل، وقد يؤدي هدم التكامل الاقتصادي إلى تزايد الصراع والفوضى في الاقتصاد العالمي والنظام الدولي ككل، وإذا حدث ذلك، فإن النظام الناشئ بعده لن يكون سلميًا.





المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاقتصاد التجارة الهند الصين اقتصاد امريكا تجارة الصين الهند صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قواعد منظمة التجارة العالمیة فی منظمة التجارة العالمیة لمنظمة التجارة العالمیة قواعد التجارة العالمیة الولایات المتحدة الاقتصاد العالمی التجاری العالمی النظام التجاری هیئة الاستئناف هذا النظام العدید من المجلة أن فی الفراغ من الدول من خلال

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب:-“التغيير القادم في العراق” بداية تشكيل العالم الجديد!

بقلم : د. سمير عبيد ..

أولا:
أن أكبر النكبات التي أصابت العراق والمنطقة هي نكبة النظام السياسي الهجين والغريب والفاشل والتبعي الذي ولد في العراق مابعد عام ٢٠٠٣ ( اي بعد رحيل نظام صدام حسين) والذي قهقر العراق كدولة ومجتمع ومؤسسات وتأثير في المنطقة . لأن هذا النظام السياسي الذي ولد في بغداد عام ٢٠٠٣ لا مثيل له في المنطقة والعالم” وبالفعل نظام هجين ” واجهته ثنائية استبدادية ” دينية وسياسية” ولد من رحمها الإقطاع السياسي والوصفات الطائفية ونشر الجهل والخرافة وعبادة الأصنام وسرقة ثروات البلاد واصول الدولة بقيادة ( مجموعة جهلة وفاشلين وعملاء، ومجاميع مرضى بالأحقاد وكراهية العراق والعراقيين وكراهية العروبة، ويكرهون البناء والسلام، وعشاق الفساد والدونية وثقافة العنف والترهيب ) … ولهذا يكرهه الرئيس الاميركي دونالد ترامب ويعتبره أحد جرائم بوش الابن وبايدن والرئيس اوباما .وقال عنه ترامب ( العراق اصبح مصنع ل الأرهاب بظل هذا النظام السياسي في العراق ). ولهذا لم يتعامل مع قيادات هذا النظام في ولايته الاولى ( بحيث زار قاعدة الاسد في العراق واحتقر الجميع ولم يرسل عليهم ) اما اوباما فلم يزر العراق أصلا .ولا يحبذ التعامل مع هذا النظام بولايته الثانية بل باتَ من الداعمين للتغيير في العراق ودعم ولادة نظام عراقي وطني قوي !
ثانيا :
لذا فإن التغيير السياسي في العراق أصبح حتمياً وبدعم المجتمع الدولي هذه المرة. وتقرر كل شيء للقيام بذلك . لانهم يعتبرونه عار على المنطقة و النظام العالمي والمجتمع الدولي. وعار على الولايات المتحدة لأنها أسست ودعمت ولازالت تدعم هكذا نظام سياسي ( فاشل وفاسد وفاشي ويدعم الأرهاب من وجهة نظر المجتمع الدولي ) .والقرار بالتغيير في العراق تقرر قبل وصول الرئيس ترامب لولاية ثانية . ولو كان الفوز من نصيب المرشحة “كمالا هاريس ” ايضا كان التغيير في العراق مقرر ومنتهي. ولكن الرئيس ترامب وعند استلامه طلب التريث ( قليلا ) لانه يريد التغيير في العراق مفتاحاً للتغيير الأكبر والأشمل في المنطقة والعالم . ولهذا تأخر التغيير في العراق لبعض الوقت .ولكن الزلزال قادم بنسبة ٩٩٪؜ !
ثالثا:-
ان التغيير السياسي في العراق مسالة وقت ومثلما اكدنا أعلاه . ولكن الرئيس ترامب يريده مفتاح التغيير في ايران والمنطقة والعالم . ولهذا وضع استراتيجية محكمة تتكون من مرحلتين :
١-مرحلة” الاستراتيجية الآنية “
٢- ومرحلة ” الاستراتيجية متوسطة المدى “
ومن خلال هاتين الاستراتيجيتين يطمح الرئيس ترامب لتحقيق هدفين و هما:-
١-الهدف الاول:-الحصول على جائزة نوبل للسلام
٢-الهدف الثاني:- كتابة تاريخ جديد للولايات المتحدة
والهدف الاول :-قد يكون بعيد الان “ولكن هناك ادوات ناعمة تعمل على ذلك ” وقد تاخذ منحى اخر وفجأه تكون قريبه جداً وتكون من نصيب الرئيس دونالد ترامب .
اما الهدف الثاني :- فكتابة التاريخ راسخة في ذهن وعقل الرئيس ترامب و لديه خطط علنيه وخطط خفيه نوه عنها بصوره غير مباشرة ،ومنها زلات لسان ترامب السابقة في مقابلات تلفزيونية قبل دخوله عالم السياسة الحقيقي واستلامه السلطة التنفيذية.
وبالفعل أخذ ترامب يتكلم عن كندا و جرينلاند وقناة بنما وهذه جميعها واضحه للعيان.و لكن لم يتكلم عن خططه الاستراتيجية الخفيه!!!
رابعا:-
ولكن ماهي خططه الخفية او الاستراتيجية متوسطة المدى ؟
الجواب:-
١-أن احد اهم الخطط التي ينوي الرئيس ترامب تنفيدها هي الاستيلاء على مضيق هرمز ومضيق باب المندب. وهي الخطط المدعومة بقوة من بريطانيا وإسرائيل ودول اخرى .ونحم نعرف ان مضيق هرمز تحت السيطره الإيرانية الفارسية، وباب المندب تحت سيطرة المليشيات اليمنية التي تتحكم بها إيران .
٢-ومن هنا أمام إيران اختيارين لاثالث لهما:-
أ:-اما الاستغناء عن برنامجها الصاروخي والنووي وحل الحرس والاستغناء عن المليشيات والاحزاب في العراق واليمن والتنازل عن مضيق هرمز بموجب اتفاق!
ب:-او الضربة المدمرة والتي ستنهي البرنامج النووي والصاروخي والاستيلاء على هرمز، بالاضافه الى تقسيم دولة فارس الى دويلات حسب القوميات (البلوشيه والعربيه والكرديه والاذريه والفارسيه) وعلى اساس الاديان والمذاهب ايضاً .وستكون نهاية دولة ما يسمى ايران!
نقطة نظام !
اما في العراق فسيكون تحصيل حاصل القضاء على المليشيات وقادتها والاحزاب الاسلامية الموالية لإيران بضربات انتقائيه وانزالات للقبض عليهم وانهاء وجودهم وقوتهم. لا سيما بعد القضاء على الحرس الثوري الايراني !
خامساً:-
لماذا هرمز وباب المندب؟

الجواب:-

١-فحين الهيمنة على مضيق هرمز سوف يتحكم ترامب ب 60% من صادرات البترول العالمية. وحينها لن تستطيع الصين استيراد برميل واحد بدون موافقة الولايات المتحده. بالإضافة الى انه ستكون هنالك جباية ورسوم على مرور السفن والناقلات تحت بند حماية المضيق وتسهيل مرورها!
٢-اما الهيمنة على ” باب المندب” فسوف تعطي الرئيس ترامب امكانية التحكم بقناة السويس ويكون شريك مع مصر. ويستطيع خنقها بالاضافة لقطع الطريق على خطوط الملاحة والتجارة الصينيه مع اوربا وبالاضافة ايضاً ستكون هناك جباية الرسوم العالية باشراف أميركي !
سادساً :-
١-وبهذا يستطيع ترامب التحكم ب 80% من الخطوط الملاحية والطاقة والتجارة العالمية.ولهذا سعى ترامب قبل تنفيذ هذه الخطط بالذهاب إلى التقارب مع القيادة الروسية والعمل على ايقاف الحرب مع أوكرانيا مقابل احتفاظ روسيا بالاراضي التي استولت عليها، والنأي بنفسها عن الصين ليتم خنقها اقتصادياً.واعطاء ظهرها لإيران . ووافقت القيادة الروسية لا بل صرح الرئيس الروسي بانه ستعقد اتفاقية مع واشنطن بوجود ترامب بالسماح لواشنطن بالحصول على المعادن النادرة التي تحتاج اليها امريكا في الأراضي الروسية ( ويبدو هي مكافأة من الرئيس بوتين إلى الرئيس ترامب )
٢-اما المفاجأة الكبرى فهي اقناع كوريا الشمالية بضغط روسي بالنأي بنفسها عن الصين ودخولها في معسكر روسيا الذي هو يتماشى مع سياسة واستراتيجية ترامب !
٣-اما الصين:- فنعتقد إذا شعرت بانها ستكون وحيدة ومعزولة فانها قد تتهور وتحتل جزيرة تايوان لتحريك المياه الراكدة ومحاولة آشعال حرب عالمية ثالثة وبشعار عليَّ وعلى اعدائي . وان حدثت هذه الحرب العالمية الثالثة فالرئيس ترامب جمّد اقوى حلفاء الصين وكسبهم استباقيا . وبالتالي ستكون حرب خاطفة وخسائرها قليلة. او ربما تخرج امريكا من الجزيرة أصلا !
الخلاصة :
هذا هو الذي جعل الرئيس الاوكراني وبدعم أوربي ليرفض خطة سلام ترامب في أوكرانيا ” وحدث على اثرها التلاسن بين ترامب وزيلينسكي ” فهي ورطة وقع بها زلينسكي بتخطيط أوربي .والسبب لان هناك خوف أوربي من استراتيجيات ترامب التي وردت بسياق هذا المقال وخوفا ان تكون خانعة لأملاءات واشنطن وترامب وعليها دفع الرسوم مقابل ماتحتاج اليه عبر مضيق هرمز وباب المندب ومنطقة الشرق الأوسط … الخ !
همسة :
هل عرفتم الآن اهمية وقيمة وموقع العراق ؟ فهو قطب الرحى في منطقة الشرق الأوسط . وفيه عشرات الأوراق الاستراتيجية التي يفترض استخدامها لصالح العراق. ولكن بما ان النظام السياسي وحكوماته المتعاقبة فاشلة وتابعه لإيران فبقيت خانعة وبيضها في السلة الايرانية فكرهها الشعب العراقي والمنطقة والعالم فتقرر تغيير هذا النظام الفاشل والفاسد في العراق !
سمير عبيد
١ آذار ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • مديرة الأبحاث بمستشفى الملك فيصل ضمن قائمة فوربس العالمية
  • منظمة الصحة العالمية: قرارات واشنطن قد تقوض جهود القضاء على شلل الأطفال
  • هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟
  • ​ما هي الألوان التي ترمز إلى يوم المرأة العالمي؟
  • اليوم العالمي للسمع.. «الصحة العالمية»: 78 مليون شخص متعايشٍ مع فقدان السمع
  • الصحة العالمية: تسجيل ثاني حالة وفاة بفيروس «الإيبولا» في أوغندا
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يعلن فتح باب التسجيل في جائزته السنوية العالمية بدورتها الرابعة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع اتفاقية تعاون مشترك مع منظمة الصحة العالمية لدعم مرضى القصور الكلوي السودانيين في مصر
  • خطة ترامب:-“التغيير القادم في العراق” بداية تشكيل العالم الجديد!
  • “نظام التفاهة”: قراءة في ملامح الانحدار الثقافي والسياسي