بين الصحفي ومندوب المبيعات.. أيُ كفة تُرجِّح؟!
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
مدرين المكتومية
عندما تتعمد بعض المؤسسات الحكومية أو الخاصة، تهميش الصحفيين، وفي المُقابل "تلميع" آخرين يدَّعون مُمارسة العمل الصحفي والإعلامي، فكيف تستقيم الأمور، وكيف يُؤدي الصحفي صاحب الدراسة والخبرة عمله، في بيئة عمل بات يُسيطر عليها المُتطفلون على المهنة، ومندوبو المبيعات الذين تحولوا إلى "مشاهير"!
الصحفي الذي تعلَّم ودرس وتدرب بمؤسسات إعلامية حتى حصل على مُسمى "صحفي" يجد نفسه أمام آخر تسلل بكل سهولة إلى المشهد، وأخذ يُمارس عملَ الصحفي، تارة تحت اسم "ناشط اجتماعي" وأخرى بمسمى "مشهور" أو حتى "إعلامي"، وهذه الأخيرة كلمة مائعة لا معنى لها، فإمَّا أن تكون صحفيًا أو مُذيعًا أو مُحررًا أو مُراسلًا أو مُعد برامج أو مُخرجاً أو مُنتج أخبار، أو لا شيء آخر، إنما وصف "إعلامي" لا يعدو كونه وصفًا يُمنح لمن لا صفة له!
بالطبع لا أُعمِّم هنا، وإنما أخص فئة من هؤلاء الذين- وللأسف الشديد- يُمارسون عملًا ليس عملهم، لكنهم في المُقابل يجدون الرعاية والدعم من مختلف المؤسسات؛ سواء حكومية أو خاصة.
عندما يتساءل البعض عن غياب الإعلام في كثيرٍ من الأحيان، وأسباب وجود بعض الناس من فئة "الآخر" في أماكنهم، ألا يستدعي الأمر أن تقف المؤسسات التي تشكو غياب الصحافة عن تغطية أعمالها وتتذمر من عدم الاهتمام بنشر أخبارها، وتستنكر غياب الصحفي عن التحقيقات المختلفة... ألا يجب عليها أن تقوم بمُراجعة نفسها والأسباب التي تدفع الصحفي للعزوف عن المشاركة في مثل هذه المحافل التي تُقيمها تلك المؤسسات وغيرها؟ ألا يجب علينا أن نقف قليلًا وقفة حقيقية تجاه الصحفي الذي بدأ منذ زمن يُمارس الصحافة وما يزال يعمل تحت كل الضغوط والظروف التي تعيشها المؤسسات الصحفية المُرخّصة في الوقت الراهن؟ ألا يستحق أن يجد الصحفي التقدير والاهتمام؟ إنني أشعرُ بأسى شديد عندما يشارك صحفيون في تغطية حدث ما ويُطلب منهم الجلوس في آخر الصفوف، في تجاهل تام لأدوار هذا الصحفي، وأنه يمثل المجتمع الذي يكتب الأخبار من أجله.
لماذا الذي يعمل بكل جد واجتهاد وتفانٍ في تقديم مادة خبرية مُهمة للمجتمع يجد نفسه في الصفوف الأخيرة، بينما من يلتقط مقاطع السيلفي يحتل صدارة المشهد؛ بل إن بعضهم يحظى باستقبال "كبار الشخصيات"، رغم أنَّه ربما يكون قد انتهى للتو من إعداد فيديو دعائي لمستحضرات تجميل أو صالون حلاقة أو خاض تجربة تذوق طعام في مطعم جديد!!!
مع كل الاحترام للعاملين الجادين في مجال صناعة المحتوى، لكن هناك شباب وشابات درسوا الصحافة في أرقى الجامعات، ويعملون في مؤسسات صحفية دورها- حسب القانون- القيام بمسؤولياتها الإعلامية والصحفية، فلماذا هذه الهرولة وهذا اللهث وراء أشخاص يدعون أنهم "إعلاميون" أو "صحفيون"؟! هل لأن لديهم "مئات الآلاف" من المُتابعين، الذين لا نعلم حقيقتهم جميعًا وربما كثير منهم عبارة عن حسابات وهمية؟ أم لأنَّ "الوجاهة الاجتماعية" تتطلب حضور "الإنفلوِنسَر" لحصد المزيد من "اللايكات" و"الشير"؟!
بالتأكيد لن نُمارس أي أسلوب لمنع أحدهم من حضور مناسبات، ولسنا ضد صُنّاع المحتوى، فكثير منهم لهم أدوار مجتمعية إيجابية للغاية، لكننا نُطالب بعدم منحهم صفة "إعلامي" أو "صحفي"، بينما هو في الأساس درجة متقدمة من "مندوب المبيعات" و"المروِّج" للبضائع المختلفة، والحقيقة أن كثيراً منهم يملكون مهارات التسويق والمبيعات بكفاءة عالية، لذلك عليهم بالتخصص والبقاء في هذا الجانب؛ ألا وهو التسويق والمبيعات.
إنَّ تطفُّل أمثال هؤلاء على العمل الصحفي، دفع عددًا من المؤسسات الحكومية والخاصة لاعتبارهم "إعلاميين"؛ بل وتكريمهم على "أدوارهم الإعلامية"، في حين أنها أدوار تسويقية مرتبطة بجوانب المبيعات والترويج للسلع والخدمات وغيرها!
من الظلم بمكان مُقارنة صحفي يجتهد لتغطية مؤتمر أو منتدى أو لقاء، ثم يعود لمقر عمله لكتابة النص وتدقيقه وصياغته، مع شخص آخر يفتح كاميرا هاتفه النقال ليظل يُثرثر ويُثرثر ومن ثم يضغط "نشر"! والعجيب في الأمر أنَّ هؤلاء لا يتحركون من غرفهم المُكيفة دون مُقابل، بينما الصحفي يؤدي عمله من منطلق واجبه المهني ومن باب المسؤولية والأمانة. والعجيب أن تكلفة واحد منهم لحضور ساعة في حدث ما قد تعادل راتب صحفي في شهر كامل!
إنَّنِي لأطالب الجهات المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي، بوضع حد لهذا التشويه المُتعمَّد للعمل الصحفي، خاصة فيما يتعلق بمنح صفة "إعلامي" للمروِّجين المشهورين، فضلًا عن بعض الصفحات "التويترية" التي تسرق الأخبار من المؤسسات الصحفية وتتربح من ورائها، تحت زعم أنها "صفحات إخبارية"، بينما هي في حقيقتها كيانات تسعى للتربح السريع دون أي مجهود يُذكر، فقط "قص ولصق" ثم "نشر"! فهل نظل صامتين حتى نجد أن كل من هبَّ ودبَّ يحمل صفة "إعلامي"؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مخاوف إسرائيلية من تراجع إجراءات حماية مستوطنات غلاف غزة
في استخلاص متأخر للدروس والعبر من إخفاق الاحتلال في مواجهة عملية السابع من أكتوبر، فقد نشطت في الشهور الأخيرة مجموعات تطوعية من المستوطنين لمساعدة الجيش في حماية مستوطنات غلاف غزة.
ورغم تسليحهم بالأسلحة والسترات الواقية، لكنهم ينتقدون الجيش لأنه لا يأخذهم على محمل الجدّ بما فيه الكفاية، لا يتصل بهم، ولا يتحققون منهم، مما دفعهم للتخوف أنه في "الكارثة القادمةط، سيكون التنسيق والتعاون مع الجيش ضعيفين.
أفنير هوفشتاين مراسل موقع زمان إسرائيل، أكد أنه "في السابع من أكتوبر، قدم أفراد هذه الوحدات التطوعية في مستوطنات النقب الغربي الاستجابة الأكثر أهمية بالدفاع عن الكيبوتسات التي تعرضت للهجوم، وفي بعضها، خاضوا وحدهم، ومعهم حفنة من الأسلحة، معارك مرعبة ضد مئات المسلحين الفلسطينيين حتى وصول الجيش الذي تأخر حتى نهاية اليوم، وقد قُتل وجُرح العشرات منهم، في مستوطنات: كفار غزة، بئيري، ناحال عوز، ميفتاكيم، عين هشلوشا، حوليت، يشع ونير اسحق".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "في الأيام التي تلت الهجوم، كشفت الفرق التطوعية عن عمق الفشل الذي أدى للوضع "المخزي" الذي أُجبروا فيه على القتال بقنابل يدوية وصواريخ آر بي جي وبنادق أو حجارة أو فؤوس في أيديهم، عقب ما مرّوا فيه من "حالة تجويع" من الأسلحة بشكل منهجي، وأخذها منهم، وتقليصها أربع أو حتى خمس مرات في سلسلة تخفيضات بدأها الجيش خوفًا من سرقتها، كما تم وضع الأسلحة القليلة المتبقية ذات الماسورة الطويلة في مستودعات مقفلة، بدلاً من وضعها في منازل المتطوعين".
وكشف أنه "في بعض الحالات، انتظر المسلحون الفلسطينيون مقاتلي الفرق المستعدّة قرب مستودع الأسلحة عند الفجر، بناءً على معلومات استخباراتية تلقوها مسبقًا، ونفذوا هجومهم قبل أن يتوفر لهم الوقت للدفاع عن أنفسهم".
وأكد أنه "بعد أشهر من اندلاع حرب غزة، نفذ الجيش برنامج تعزيز فرق التأهب في مستوطنات غلاف غزة، ورفع مستوى التسلح لكل فرقة إلى 28 بندقية، وتوزيع السترات والخوذات والمعدات اللوجستية، وزاد عدد أفرادها تمهيدا لتعزيز الأمن في المستوطنات بواسطة جنود نظاميين من وحدات عسكرية، وفي الآونة الأخيرة، عقب العودة شبه الكاملة للمستوطنين في الكيبوتسات والقرى التعاونية التي تضررت بشكل أقل، فقد عادت فرق المتطوعين للاستعداد لتصبح الاستجابة الأولى والوحيدة تقريبًا في حالة وقوع هجوم مماثل للسابع من أكتوبر".
وأكد أنه "رغم تعزيز المعدّات العسكرية، فإن أفراد فرق الاستعداد على الجبهة الجنوبية لمحيط غزة يزعمون أنه حتى بعد مرور عام ونصف، فإن الجيش لا يأخذون الدور الحاسم الذي يلعبونه على محمل الجد، ويعتقد البعض أنه ووزارة الحرب لديهما موقف غير مبالٍ ورافض لهذه الفرق، لأنه في نهاية المطاف، يُترك لكل مستوطنة أن تدافع عن نفسها دون عقيدة قتالية منظمة، وسلسلة قيادة فعالة، ومستوى موحد من الاستعداد".
ونقل عن أحد أعضاء هذه الفرق التطوعية أنه "بالنسبة لي فإن الجيش غير موجود، لسنا أبناء أحد، لا أحد يقترب منا، ولا يُفتش عنا، ولا يزورنا، ولا يُكلّمنا، لم يكن هناك تفتيش أثناء الحراسة، ولم يمر أحد قط ليسألنا إن كنا بحاجة لأي شيء، أو يتحقق من أننا نقوم بالحراسة بالفعل، قائدنا ملك المملكة، وكل شيء يعتمد على احترافيته، فهو وحده من يحدد عقيدة القتال، والتواصل بينه وبين الجيش محدود، وفي حالة اندلاع حرب، سيكتشفون أن كل مستوطنة لها إجراءات داخلية مختلفة عن المستوطنة المجاورة لها، وهذا ليس وضعا جيدا".
وأضاف أننا "لسنا على دراية بقائمة مُنظّمة من المتطلبات، ولا أشعر بوجود تسلسل قياديّ، كما لم تكن هناك إجراءات أيضًا، صحيح أنه تم نشر إجراءات عامة، لكنني لا أعتقد أن أحدًا يتحقق من تطبيقها، لا أحد يتحقق من ذلك، أنا وحدي في الصحراء، رغم أن الوضع في المستوطنات الجنوبية على الحدود مع غزة أسوأ من ذلك، صحيح أن هناك تحسنًا ملحوظًا في المعدات، وبرنامج التدريب أيضًا، لكن لا يوجد أي تواصل فعلي لنا مع الجيش، مما يؤدي فعلا إلى انتهاك الأمن، لأن جذور المشكلة تكمن في هيكل التوظيف المشوّه، والنتيجة في الممارسة العملية لا يتحملها أي منهم حقاً، مما يؤدي لضرر أمني بالغ".
وأشار إلى أنه "في كل مستوطنة، توجد فجوة بين منسق الأمن وقيادة المتطوعين، هناك الكثير من الفجوات في جميع المجالات، لأنه عندما يكون هناك قائد لهم أقل مهارة عسكرية، فإنهم يفشلون، وهكذا يُدير كل منهم الدفاع عن مستوطنته كما يراه مناسبًا، بمعزل عن الجيش، مع أنه لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا، إدارة المستوطنة المحلية تقرر في النهاية، ولا تُراعي بالضرورة الاعتبارات الأمنية، وأستطيع القول بشكل قاطع أن بعض القادة الموجودين في الغلاف ليس لهم خلفية عسكرية".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)