من الكنيسة إلى النجومية: وفاة أسطورة موسيقى الغوسبل الأمريكية سيسي هيوستن والدة ويتني هيوستن
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
توفيت سيسي هيوستن، أسطورة موسيقى الغوسبل الأمريكية والحائزة على جائزتي غرامي، عن عمر يناهز 91 عاماً، وقد رحلت هيوستن، وهي والدة النجمة الراحلة ويتني هيوستن، صباح الاثنين في منزلها بولاية نيو جيرسي أثناء تلقيها الرعاية الطبية لمرض الزهايمر.
وأعلنت زوجة ابنها، بات هيوستن، الخبر في بيان قالت فيه: "قلوبنا مليئة بالألم والحزن، لقد فقدنا كبيرة عائلتنا".
بدأت سيسي هيوستن ،المولودة باسم إميلي درينكارد، مسيرتها الفنية في سن مبكرة كمؤدية في الكنيسة، قبل أن تحقق اختراقاً في الموسيقى الشعبية في الستينيات كعضو في فرقة "ذا سويت إنسبيريشنز" The Sweet Inspirations الشهيرة. غنت الفرقة كخلفية لعدد من نجوم السول مثل أوتيس ريدينغ ولو رولز، كما شاركت في أداء أغنيات لأريثا فرانكلين وفان موريسون وداستي سبرينغفيلد.
كما تعاونت "ذا سويت إنسبيريشنز" مع إلفيس بريسلي على المسرح، وحققت نجاحاً كبيراً بأغنيتها المنفردة "سويت إنسبيريشن". بعد نجاح الفرقة وإصدار أربعة ألبومات معاً، تركت هيوستن المجموعة لمتابعة مسيرتها الفنية المنفردة.
أصبحت هيوستن مغنية استوديو مطلوبة، وسجلت أكثر من 600 أغنية في أنواع موسيقية متعددة على مدار مسيرتها، يمكن سماع صوتها في أغانٍ إلى جانب مجموعة واسعة من الفنانين بما في ذلك شاكا خان وجيمي هندريكس ولوثر فاندروس وبيونسيه وبول سيمون وروبرتا فلاك وابنتها ويتني هيوستن.
أكملت سيسي هيوستن العديد من الألبومات، بما في ذلك "برزنتنغ سيسي هيوستن" Presenting Cissy Houston وألبوم عصر الديسكو "ثينك إت أوفر" وألبومات الجوسبل الحائزة على جائزة غرامي "فيس تو فيس" و"هي ليديث مي".
على الرغم من محاولات سيسي لتثني ابنتها ويتني عن دخول عالم الفن، إلا أنهما ظلتا تتشاركان في الموسيقى طوال معظم حياة ويتني. بدأ ذلك من الكنيسة وصولًا إلى العروض المسرحية والتلفزيونية والأفلام واستوديوهات التسجيل. شاركت سيسي كفنانة خلفية في الألبوم الأول لويتني، كما أدت معها أغنية "آي نو هيم سو ويل" من ألبوم "ويتني"، الذي حقق نجاحًا هائلًا عام 1987.
Related ثمانية قتلى وعدد من الجرحى في مهرجان للموسيقى في الولايات المتحدة (السلطات)إبنة الفنانة الأمريكية ويتني هيوستن تصارع الموت بغرفة للعناية المركزة في أطلنطاعانت سيسي من فقدان ابنتها ويتني في عام 2012، ثم حفيدتها بوبي كريستينا براون في عام 2015، وكانت متزوجة لفترة وجيزة من فريدي غارلاند في الخمسينيات، ثم من والد ويتني، المدير التنفيذي في مجال الترفيه جون راسل هيوستن، من عام 1959 إلى 1990.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية انسحاب 126 فناناً من مهرجان "غريت اسكايب" البريطاني للموسيقى احتجاجًا على ارتباط الراعي بإسرائيل فنان أمريكي يتفاجأ بتعليق لوحته "النادي الجمهوري" داخل البيت الأبيض وفاة كريستينا براون ابنة ويتني هوستن نعي ويتني هيوستن موسيقىالمصدر: euronews
كلمات دلالية: طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة إسرائيل لبنان روسيا طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة إسرائيل لبنان روسيا نعي ويتني هيوستن موسيقى طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة إسرائيل لبنان روسيا حركة حماس حزب الله قتل دونالد ترامب الصين ثقافة السياسة الأوروبية یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
أسطورة للبيع
تشكل الأسطورة أولى المخيلات الشعبية التي تقوم عليها المنظومة الاجتماعية، حيث إنها تعمل عمل المجيب عن الأسئلة التي لا إجابة منطقية لها عند المجتمع، ولذا فإنها محدد مهم يجب النظر إليه في حال الدراسة السوسيولوجية والتركيز على السلوكيات والمعتقدات الشعبية؛ لأنها تشكل جانبًا مهمًا لا يُمكن إغفاله وتركه دون محاولة فهم أو تقارب معه. وفي ذات الوقت فإن فهم آلية تطور الأسطورة أيضا مهم؛ لأنه يبيّن المقدار الذي يسير فيه المجتمع باتجاه العلمية والمنطقية في التفكير، فكلما ابتعد المجتمع عن الإجابات الأسطورية وتعمق أكثر في الإجابات العلمية والمنطقية أصبح أكثر وعيًا ونقدًا لذاته. لكن هذا لا يعني ترك الأسطورة دون محاولة دراستها والاستفادة منها، ومن صور الاستفادة من الأسطورة استثمارها في مختلف الجوانب للوصول إلى أقصى امتصاص لها، فإن كانت سابقًا تفيد الراحة الذهنية، فإنها الآن تفيد العقلية الأدبية أو الاقتصادية أو السياحية، واستغلالها يشكل خطوة مهمّة للترويج للمجتمع الذي نشأت فيه.
في إطار دراسة الأسطورة وتأثيرها على المجتمع وتأثره بها، أقام النادي الثقافي ندوة مهمة تتعلق بالطبيعة والميثولوجيا في عُمان، ناقش فيها الحضور وجود الأسطورة في المجتمع العماني ومواطن نشوئها سواءً في الجانب الأدبي أو الأثري (الأركيولوجي) أو غيره. ومثل هذه الندوات تساعد على تسريع عملية استغلال الأسطورة واستخدامها في الأعمال، وفي هذا المقال ثلاثة مجالات يُمكن أن تحضر الأسطورة فيها وتعمق من الفكرة الموجودة.
أما المجال الأول فهو استثمار الأسطورة في الأدب، ويُمكن القول إن الأدب قادر على حفظ الأساطير وإعادة تشكيلها بما يخدم النص الأدبي وسياقه، فنجد العمانيين قد استخدموها في شعرهم ونثرهم، فمن الأمثلة الشعرية التي حضرت فيها الأسطورة في الشعر الشعبي سرد لقصة النبي سليمان-عليه السلام- يقول فيها الشاعر سالم بن عبدالله السوطي:
يوم طاح عنه الخاتم من صبعه البهام/ ما قدر يسيّر عصفور بأمارته
نبي وتمنى سار بّه البساط وشام/ والمشتكي آزت قصيرة حيلته
وفي الشعر الفصيح، مما يتعلق بسكّان الوديان من أساطير، بيت للشاعر هلال بن سعيد بني عرابة يقول فيه:
مع أثلة الوادي صحبتُ خرائدًا/ عنقاء مع غثاء مع غيداءِ
وأما في الشعر الحديث فذكر الأساطير كثيرٌ بسبب اهتمام هذا النوع من الشعر بالرمز، فاستعملت الأسطورة رموزًا للمعنى المراد. كما أن كتب التاريخ تزخر كثيرًا بذكر القصص الشعبية الأسطورية، فليس يخفى ما يرد من أخبار عن مالك بن فهم مثلا والتي تبدو فيها الأسطورة -بسبب التناقل الشفهي قبل التدوين- واضحة حيّة.
وفي العصر الحديث، وظفت كثير من الروايات العمانية الأسطورة بين سطورها لخدمة المعنى، وليس الأمر بحاجة لسوق الأمثلة هنا، بل يُمكن الإشارة إلى مجمل عناوين الروايات، فقد استخدمتها -على سبيل المثال- هدى حمد في روايتها «لا يذكرون في مجاز»، والأمر ذاته مع زهران القاسمي في رواياته، وبشرى خلفان، وغيرهم.
إن ثراء المخيلة العمانية يُمكّن من استخدام الأسطورة التي أنتجتها في الأعمال الأدبية بشكل مستمر بما يخدم المعنى الأدبي المستخدم في النص، حيث إن الأساطير كثيرة ومتنوعة، أحيانا متشابهة، لتشابه الطبيعة الجغرافية، فعلى سبيل المثال، أسطورة الأشخاص (وعادة تكون أمًا وبناتها) الذين حولهم الله إلى صخور بسبب كفرهم بالنعمة، فهي متكررة في الداخلية وفي بعض أجزاء شمال الشرقية، وكذلك الأساطير المتعلقة بالبحر، وفي أحيان أخرى مختلفة بسبب خصوصية الجغرافيا والمجتمع والتفكير. وكلها قابلة للاستخدام الأدبي.
أما المجال الثاني، فهو المجال السينمائي، وقد استفادت العديد من الأعمال السينمائية من الأساطير لإقامة قصصها التي تروى على شكل أفلام أو مسلسلات، فاستخدام مصاصي الدماء والوحوش كثير في السينما الغربية، حتى أصبحت أساطير عالمية بسبب كثرة ورودها وتزايد المعجبين بها، بل إن هناك مسلسلات طويلة جدًّا مثل مسلسل (سوبرناتشرال) تم إنتاج القصة فيه على أساس الأسطورة مع الاستفادة من الأساطير المختلفة حول العالم، الغربية منها والشرقية. وفي الجانب العربي كذلك تم استخدام الأسطورة في المجال السينمائي، فعلى سبيل المثال، استخدمت الأساطير الشعبية حول الدجالين والعرافين في فيلم (البيضة والحجر) من بطولة أحمد زكي لبيان هيمنتها في المجتمع، وكذلك الأمر في مسلسل (الكنز)، ومسلسل (ما وراء الطبيعة) المستوحى من قصص أحمد خالد توفيق.
يُمكن أن تشكل الأساطير العمانية ثراءً سينمائيًا وتلفزيونيًا كبيرًا بسبب كثرتها، فإن استخدامها في القصص قادرٌ على تعريف الآخرين بالمخيلة الشعبية العمانية، وقد صدر فيلم قصير مؤخرًا من طلبة جامعة السلطان قابوس في قسم الإعلام بعنوان (عودة) مبني على أسطورة «المغيّب/ المغصوب» في عمان، وعلى الرغم من الأدوات البسيطة التي يمتلكها الطلبة إلا أن استغلال الأسطورة في بناء حبكة الفيلم جعله قادرًا على الفوز بجائزة وعرضه في أمسية سينمائية، كذلك استخدمت أفلام قصيرة أخرى مثل هذه القصص لتعميق حبكاتها، إلا أن الأمر بحاجة لتطوير أكبر بحيث يُمكن أن تنتج أفلام طويلة مبنية على الأساطير، أو مسلسل كامل تكون السيناريوهات فيه منطلقة من وجود هذه الأساطير، فمن خلال المواد المرئية يُمكن أن تصل المخيلة الشعبية العمانية إلى الخارج والترويج لزيارة أماكن خلق هذه الأساطير.
وهذا يقود للجانب الثالث وهو المجال السياحي، فإن خلق الأسطورة يكون عادة مبنيًا على طبيعة المكان الجغرافية والاجتماعية، إذ إن هذا الإنتاج يكون من خلال ما يتناسب مع تلك الطبيعة ويتوافق معها، ولذلك تجد على سبيل المثال أساطير الجن المستخدمة في بعض الفنون الشعبية مثل الزار عادة ما تكون متوافقة مع الطبيعة الجغرافية للمكان الذي وُلدت فيه، ففي المناطق الجبلية تكون القصص متناسقة مع السياق الجبلي من حيث إن الجن يسكنون الجبل أو قيعان الوديان فيهبطون من الأول أو يتجولون في الثاني. وكذلك الأمر في المناطق الساحلية التي لها أساطيرها المختلفة عن المناطق الجبلية.
هذه الطبيعة الجغرافية التي وُلدت فيها الأسطورة تكون عادة محل جذب للزائر من الخارج، ولذا فإن تنوع الأساطير وأماكن الميلاد يُمكن أن تشكل محل جذب للآخرين، خاصة أولئك المهتمين بفهم المخيلة الشعبية وطبيعة تشكُّل السلوك البشري. من ضمن المواقع التي ارتبطت بالأساطير مثلا كهف جرنان في إزكي مع أسطورة العجل الذهبي، وكهف مجلس الجن في قريات، وكهف أبو هبان في دماء والطائيين، وفلج الدن وفلج معول في بهلا، ومسجد القبلتين والمسجد الأحمر في إبراء، وغيرها الكثير، حيث إن في كل ولاية في عمان تقريبا يوجد معلمٌ يرتبط بالأساطير ارتباطًا وثيقًا.
يُمكن استغلال هذه الأساطير للتسويق الثقافي، بحيث تكون محطات للسياح من الداخل أو الخارج، ففي السياحة الداخلية، يودّ كثير من العمانيين الذهاب إلى مثل هذه الأماكن من أجل التعرف عليها ومدى ارتباطها بالسلوكيات البشرية في تلك المجتمعات المختلفة -أحيانا- عن مجتمعاتهم العمانية التي نشأوا فيها، وأما السياح من الخارج فإن الأشخاص القادمين إلى عمان تجذبهم كثيرًا الأماكن التي ترتبط بالأساطير أو بالقصص الشعبية للتعرف على الطبيعة الاجتماعية والفكرية الشعبية العمانية عند زيارتهم لها.
وبسبب أنها حبيسة معرفة أهل المكان بها ولا يوجد ما يعرّف القادمين إلى هذه الأماكن بها، فإن المكان يفقد قدرًا كبيرًا من قصته وتشويقه؛ لأن القصة هي ما تصنع للأماكن معانٍ تكون محفِّزًا لشدّ الرحال إليها، فانظر مثلا إلى التشويق الذي يصنعه كهف جرنان في إزكي بسبب شهرة قصته، أو الخيال الصوري الذي تولّده قصة قبر ابن المقرب العيوني مما يجعل العارف بها متشوّقا لزيارة المكان.
في الخاتمة، يُمكن استغلال الأسطورة لأن تكون محلّا للبيع، حيث إن الأسطورة واحدة من المحددات الهوياتية للمجتمعات البشرية، وقد استحوذت الأساطير على أماكن مركزية في ثقافة كثير من المجتمعات إن لم تكن كلها، حتى وصلت إلى وضعها الحديث، فلا يُمكن عندئذٍ إغفال الأسطورة، بل استغلالها الاستغلال الجيد بحيث تكون مروّجة للمنطقة أو معمّقة لفكرة أدبية أو سينمائية.