حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

صدرت عن منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة 2024 الذي نظمته جريدة "الرؤية" مؤخرًا عدة توصيات مهمة لتعزيز الجهود المبذولة لتنمية اقتصادات المحافظات العُمانية، والاستفادة من المزايا النسبية التنافسية لكل محافظة، وضرورة العمل على إسناد المشاريع والمشتريات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالاضافة إلى تحفيز نمو القطاعات الواعدة في البلاد.

ويُمكن تعريف القيمة المحلية المُضافة على أنها الجهود المبذولة من أجل إبقاء الموارد المحلية داخل المنظومة الاقتصادية، وتشغيلها في نطاقها المحلي، دون خروجها إلى أي منظومة اقتصادية أخرى خارج الدولة، أي ضرورة التوسُّع في المشتريات المحلية وتوطين المشروعات ودعم المنتج المحلي، وزيادة إسهامات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عملية الإنتاج، وخاصة تلك التي تقوم بها المصانع العُمانية.

ولكن ذلك لا يتحقق في بعض المجمعات التجارية العاملة في البلاد بسبب إعراضها عن الإقبال على المنتج العُماني، إلّا إذا صدرت تشريعات وقوانين تُطالب تلك المُؤسسات بالعمل بها مثلما هو معمول في كثير من دول المنطقة. فعلى سبيل المثال، هناك قوانين تُلزم المجمعات الاستهلاكية والغذائية مثل المولات والمجمعات التجارية الضخمة، بضرورة شراء المنتجات الصناعية المحلية ولو بسعر تفضيلي قليلًا عمّا يُدفع للمنتج المماثل المستورد من الخارج من أجل تحفيز المنتجات الصناعية الوطينة، وتوسيع قاعدة الصناعة المحلية وإعطاء فرص التسويق والترويج للمنتج المحلي، بجانب تمكين المورد البشري من العمل في تلك المؤسسات.

ما نراه اليوم في المراكز التجارية الضخمة- وللأسف الشديد- أنها لا تقبل الترويج والتسويق للمنتجات الصناعية الوطنية إلا بقيام المؤسسات الصناعية بدفع مبالغ كبيرة ليتم تخصيص أرفف لها للعرض والتسويق، ومقابل دفع مبالغ سنوية لهذه الاتفاقيات؛ الأمر الذي يقلل من القيمة المضافة المحلية لهذه المراكز في الاقتصاد العُماني. وهذا لا نراه في عدة دول بالمنطقة، حيث هناك إلزام على المراكز التجارية بالشراء من السوق المحلي أولًا وخاصة من المنتجات الصناعية المحلية، وثم ذلك التوجه للسوق الخارجي لاستيراد المنتج المماثل.  

هنا يجب التركيز على إسناد بعض الأعمال للمؤسسات الصناعية في سلطنة عُمان أولًا، وضرورة شراء جزء من احتياجاتها من المنتجات من الأسواق المحلية ثانيًا، وبعد ذلك التوجه للأسواق الخارجية. وقد لاحظ الكثير أن هناك مناقصات تتوجه من قبل المجمعات التجارية إلى دول معينة من حيث يأتي أصحابها من الوافدين، بهدف طباعة كل ما يهم مؤسساتهم التجارية  من الدفاتر والاوراق الرسمية والفواتير وأوراق الدعاية والتصميم وغيرها، في الوقت الذي نجد فيه هناك عشرات من شركات الطباعة والتصميم التي تعمل في مثل هذه الاعمال في البلاد، والتي تنتظر الحصول على مثل هذه المناقصات. كما يتم توجيه الطلبات باستيراد منتجات وسلع معينة يتم تصنيعها في مختلف المناطق الصناعية العُمانية من الخارج، وبذلك تتضاءل فرص القيمة المضافة المحلية من قبل هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني.

ويقترح البعض ضرورة إلزام هذه المؤسسات بطرح 25% من أسهمها في البورصة، وتحويلها من مؤسسات وشركات مقفلة إلى شركات مساهمة عامة بعد مرور خمس سنوات من تأسيسها؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز القيمة المضافة المحلية لهذه المؤسسات في الاقتصاد العُماني في المستقبل. هذه المؤسسات التجارية تحقق ارباحا طائلة من السوق العُماني سنويًا، وعليها أن تتعامل مع المؤسسات العُمانية بكل فخر دون أن تتوجه إلى الخارج في استيراد كل صغيرة وكبيرة، في الوقت الذي يتواجد فيه بعض ما تحتاج إليها من السلع والمنتجات في السوق العُماني، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إصدار تشريع بهذا الأمر.

في كثير من الأحيان تتعامل المؤسسات والمشاريع المرتبطة بالاستثمار الأجنبي مع المؤسسات خارج سلطنة عُمان وتسعى إلى جلب احتياجاتها من الخارج، للاستفادة من فوارق الأسعار، الأمر الذي تتضرر منه المنتجات الصناعية المحلية، وبذلك تقل فرص تعزيز القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني. هذه المجمعات التجارية الضخمة تسيطر على الأعمال في بعض القطاعات الاقتصادية في غياب التشريعات التي تلزمها بشراء المنتجات الصناعية المحلية، خاصة وأنها ملزمة بتشغيل الكوادر العُمانية في مختلف الوظائف المتاحة لديها.

عُمان تحتاج في هذه المرحلة إلى تحقيق منافع وفوائد اقتصادية من القيمة المحلية المُضافة، والحصول على المعارف والتقنيات التي يمكن أن تحقق المزيد من الإنتاج والابتكار في الاقتصاد الوطني وفق رؤية "عُمان 2040".

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

10 أسباب رفعت من تركيز الإمارات على الاستثمارات الصناعية

ارتفع تركيز دولة الإمارات على استقطاب الاستثمارات الصناعية وفق رؤى استراتيجية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني واستدامته عبر بناء قطاع صناعي قوي متطور ولتقليل الاعتماد على النفط، وزيادة الصادرات واستقطاب الشركات العالمية، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا، ما يجعلها وجهة استثمارية رئيسية في القطاع الصناعي خلال السنوات القادمة.
وتجاوز حجم مساهمة القطاع الصناعي في ناتج دولة الإجمالي 210 مليارات درهم خلال 2024، بزيادة 57% مقارنة بالعام 2020 كما تتطلع إلى تعزيز هذا النمو من خلال “مشروع 300 مليار”، الذي يهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031.
مركز صناعي إقليمي
ورصد مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي، أهم 10 أسباب رفعت من تركيز دولة الإمارات على الاستثمارات الصناعية أسهمت في نمو مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي وتحول الدولة على مركز صناعي إقليمي وعالمي متقدم ومن أبرز هذه الأسباب:
1. تعزيز التنويع الاقتصادي
تعتمد دولة الإمارات على استراتيجية تنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على النفط، مما يجعل القطاع الصناعي أحد الركائز الأساسية في الاقتصاد الوطني، ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية “الإمارات 2071” التي تهدف إلى بناء اقتصاد مستدام يعتمد على المعرفة والابتكار.
2. دعم الناتج المحلي الإجمالي
تسعى الإمارات إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي.
3. توفير فرص عمل جديدة
تعمل الدولة على تعزيز القطاع الصناعي لتوفير وظائف نوعية وزيادة الفرص للكوادر الوطنية، مما يدعم سياسة التوطين ويقلل الاعتماد على العمالة الوافدة.
4. تطوير الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا
تستثمر الإمارات بكثافة في الصناعات المستقبلية، مثل التصنيع الذكي، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطاقة المتجددة، مما يعزز مكانتها كوجهة عالمية للابتكار الصناعي.

5. دعم سلاسل التوريد والأمن الصناعي
أدركت الإمارات أهمية تعزيز الاكتفاء الذاتي في المنتجات الاستراتيجية مثل الأدوية والمعدات الطبية والغذاء مما زاد من الاستثمارات في هذه المجالات.
6. الاستفادة من الموقع الاستراتيجي
تتمتع الإمارات بموقع جغرافي مميز يربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يجعلها مركزًا صناعيًا ولوجستيًا مثاليًا للاستثمارات، خاصة في مجالات التصدير وإعادة التصدير.
7. تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
قدمت الإمارات العديد من التسهيلات الاستثمارية، مثل منح المستثمرين الأجانب ملكية كاملة للمشاريع الصناعية في المناطق الحرة، وتبسيط الإجراءات الحكومية، وإطلاق مبادرات مثل “اصنع في الإمارات”، التي تهدف إلى جذب الشركات العالمية والمحلية للاستثمار الصناعي.
8. التوجه نحو الاستدامة والطاقة النظيفة
تسعى الإمارات إلى أن تكون رائدة في الصناعات الخضراء والطاقة المتجددة، حيث تستثمر بشكل كبير في مشاريع مثل مصدر، والطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، مما يعزز فرص الاستثمار الصناعي المستدام.
9. دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة
أطلقت الإمارات مبادرات لدعم رواد الأعمال والمصنعين المحليين عبر منحهم حوافز استثمارية وقروضًا ميسرة، مما يساعد على تنمية الصناعات الوطنية وتعزيز الابتكار.
10. تعزيز مكانة الإمارات كوجهة صناعية عالمية
تسعى الإمارات لأن تصبح مركزًا صناعيًا عالميًا، وتنافس الدول الكبرى من خلال تقديم بيئة أعمال مثالية، وبنية تحتية متقدمة، واتفاقيات تجارية تسهل تصدير المنتجات المصنعة محليًا إلى الأسواق العالمية.
فرص استثمارية
وأشار مركز “إنترريجونال” إلى الفرص الاستثمارية الصناعية المتاحة وذات العوائد المالية الكبيرة المتوفرة خلال 2025 وأبرزها: التكنولوجيا المتقدمة: مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات حيث تُقدم الحكومة حوافز لجذب الاستثمارات في هذه المجالات، كما يوفر قطاع الطاقة المتجددة “الشمسية والرياح والصناعات الكيميائية والمعادن والموارد الطبيعية فرصًا استثمارية كبيرة ذات عوائد مرتفعة.
بيئة استثمارية جاذبة
وأكد “إنترريجونال” أن الإمارات تعد بيئة استثمارية جاذبة، مع حوافز متعددة مثل الملكية الكاملة للمشاريع في المناطق الحرة، ونظام تأشيرات مرن، وبنية تحتية متطورة تتمثل أبرزها في: المنطقة الحرة بجبل علي، الأكبر أوسطياً والتي تستقطب أكثر من 9500 شركة من 130 دولة، وتساهم بـ 23.9% من إجمالي الناتج المحلي لدبي ومدينة خليفة الصناعية (كيزاد)، والمنطقة الحرة بمطار الشارقة الدولي والتي تضم أكثر من 8000 شركة بالإضافة إلى “مدينة دبي الصناعية” و”مجمع دبي الصناعي” على مساحة 55 مليون قدم مربع.
وتوفر المناطق الصناعية الحرة إعفاءات ضريبية وملكية أجنبية بنسبة 100% وتتمتع بموقع استراتيجي يسهل الوصول إلى الأسواق العالمية وتقدم بنية تحتية متطورة وخدمات لوجستية متكاملة جعلت الإمارات واحدة من أهم الوجهات الصناعية والاستثمارية عالميًا، حيث توفر بيئة مثالية لتأسيس الأعمال وتوسيع الأنشطة الصناعية.


مقالات مشابهة

  • تعظيم القيمة المضافة.. المصرية للتعدين: ننتج ألواح الكوارتز .. والمجمع به 6 مصانع
  • 10 أسباب رفعت من تركيز الإمارات على الاستثمارات الصناعية
  • أهم المحاصيل التصديرية.. الفلاحين: تجفيف الثوم لتصديره بودرة يعظم القيمة المضافة
  • ارتفاع كبير للأسعار في إسرائيل وقفزات متوالية لتكاليف المنتجات الغذائية
  • ارتفاع أسعار الوقود في إسرائيل 
  • “الاختيار الأمثل” من هيونداي.. خطوة على الطريق لتعزيز القيمة والتميز في ملكية السيارات
  • بدء توزيع الكتب على المؤسسات المشاركة في تحدي القراءة العربي
  • مدبولي: لن ننجز أي صفقة تتعلق بالطرح إذا لم تتوافق مع القيمة الحقيقية للأصول
  • آبل تتيح دعم شبكات الأقمار الصناعية T-Mobile وStarlink على iPhone
  • ممثل التموين بقـنا: أسعار السلع الاستهلاكية ترتفع بالشائعات