بلقيس الشريقية
كباحث عن عمل يسير وحيدًا في صحراء الفرص، قد تشعر وكأنك مسافر بدون زاد، تحرقك شمس الفشل وتثقل روحك خيبات الأمل. وفي تلك اللحظات، تجد نفسك وحيدًا، تصارع ليالي اليأس الطويلة، بحثًا عن طوق نجاة.
تفر من وحوش الشك والخوف التي تلاحقك بلا هوادة. كما أنَّ الآمال التي عقدتها على مقابلة عملٍ أو وظيفة كنت تظن أنها الفرج، تتحول فجأة إلى سراب، لتتركك في حيرة ومرارة.
علاوة على ذلك، ليست خيبة الأمل في البحث عن عمل مجرد لحظة عابرة من الحزن، بل هي جرح عميق في قلب الطموح؛ إذ تسير في طريق طويل، تطرق أبوابًا كثيرة، وتحاول مرارًا وتكرارًا، لكن تجد نفسك أمام حائط مسدود. وفي كل مرة، تشعر وكأنَّ آمالك تُلقى في بحر عميق، لتعود إليك مشوهة ومكسورة. هذه اللحظات من الفشل تُؤلم الروح، تضعف العزيمة، وتثقل خطواتك. والأسوأ من ذلك، أن تصل إلى نهاية الطريق وتكتشف أنه لم يكن طريقك من البداية، وهذه هي أصعب لحظات يواجهها الباحث عن عمل. ومع ذلك، كل هذه المشاعر والخيبات تحمل في طياتها دروسًا خفية.
لكن ما يجب أن ندركه هنا، أنَّ هذه التجارب القاسية ليست النهاية، بل قد تكون بداية جديدة. فكما أن الطريق لن يكون دائمًا مستقيمًا، كذلك الأحلام لن تتحقق دائمًا بالطريقة التي نتوقعها. إذ إن النجاح لا يأتي من المحاولة الأولى، وربما لا يأتي من الثانية أو الثالثة، ولكنه يأتي لأولئك الذين يصبرون ويتعلمون من كل خطوة، حتى لو كانت مليئة بالمرارة. في الحقيقة، قد تتفاجأ بأنَّ الفشل هو المفتاح الذي يفتح لك أبوابًا لم تكن لتلاحظها من قبل. كل إخفاق يمنحك فرصة لإعادة تقييم مسارك واستكشاف طرق جديدة.
وكذلك، يُمكن القول إنَّ أحد أكبر أعدائنا في رحلة البحث عن العمل هو الوهم... الوهم بأنَّ هناك طريقًا سهلًا للنجاح، أو أن الوظيفة المثالية تنتظرك في نهاية كل مُقابلة. هذا الوهم يعميك عن رؤية الواقع بوضوح. إنه لص محترف يسرق منك الوقت والجهد، ويتركك تتعلق بآمال زائفة. لذا، فإنَّ التخلص من هذا الوهم هو أول خطوة حقيقية نحو النجاح. الأمر ليس سهلًا، ويتطلب مواجهة قاسية مع النفس، ومراجعة صادقة لتوقعاتك وأهدافك. كما أن قبول الحقيقة هو بوابة الوصول إلى النجاح الحقيقي. وعندما تتجاوز هذه المرحلة، تجد نفسك أكثر نضجًا وثقة في قدرتك على مواجهة التحديات.
ومن ناحية أخرى، القدر بقسوته أحيانًا، هو معلم عظيم. قد لا نفهم دروسه في اللحظة التي نعيشها، ولكن مع مرور الوقت، تبدأ الحكمة تتضح وراء كل ضربة وكل خيبة أمل. قد تأتي هذه الصفعات لتنبهنا إلى أننا نسير في الاتجاه الخطأ، أو تعطينا فرصة لإعادة تقييم أنفسنا وأهدافنا. بدلًا من الاستسلام لليأس، يمكننا أن نرى في هذه الخيبات فرصة جديدة، قد تكون هي الباب الذي يفتح أمامنا آفاقًا أوسع مما كنا نتخيل. وعندما ننظر إلى الوراء بعد تجاوز هذه التحديات، سنجد أن كل فشل كان ضرورة للوصول إلى النجاح.
ختامًا.. يجب على الباحثين عن عمل أن يدركوا أن هذه الرحلة، رغم صعوبتها، تحمل في طياتها العديد من الدروس القيّمة. كل خيبة أمل هي فرصة للتعلم والنمو. وما يبدو اليوم كفشل مرير قد يكون غدًا نقطة تحول نحو النجاح. في النهاية، من يصبر ويتعلم من تجاربه، هو من يصل إلى ما يصبو إليه.
إنَّ رحلة البحث عن العمل مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا مليئة بالدروس؛ إذ إن كل خيبة أمل تحمل في طياتها فرصة للتعلم، وكل طريق مسدود قد يكون هو الطريق الذي يوجهك إلى نجاحك الحقيقي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا هانى أبوريدة؟
لم يكن مفاجأة اختيار المهندس هانى أبوريدة قائمته التى خاض بها قيادة اتحاد الكرة لأربع سنوات مقبلة، وهى قائمة يغلب على أعضائها أنها مغمورة ولم يمارسوا لعبة كرة القدم.
وعندما وقعت عيناى على القائمة قبل الانتخابات تفاءلت وتوقعت نجاحها، وتأكد لى أن أبوريدة سيحقق إنجازاً عندما نجح بالتزكية.
ليس لأن نجوم الكرة سبب فشل الكرة المصرية، أو أنهم قليلو الخبرة، أو أن الرجل عنده «عقدة» من النجوم كما يحاول البعض أن يحلل سبب إعطاء أبو ريدة ظهره لكل ما هو تحت مظلة الكرويين.
فالرجل بحكم خبرته الدولية والمحلية يرى أن أولى خطوات النجاح العمل فى بيئة هادئة بعيدة عن الصراعات والتغنى بالنجومية، والتعالى على الآخرين، وكأن من «لعب» كرة قدم دون دراسة أو عمل إدارى والتدرج بسلمه يحق له فعل أى شىء وقيادة أى منظومة كروية، لا سيما أن هناك قرارات مصيرية تحدد ملامح مستقبل وسمعة الكرة المصرية على المستويين الإفريقى والدولي، وهى فى حاجة لأشخاص قادرين إدارياً على العمل فى أجواء صحية، والسرية هى عنوان النجاح وعدم خروجها من الغرف المغلقة.
ونجح أبو ريدة فى رهانين وليس رهاناً واحداً، الأول.. اختياره أدرجية بامتياز، والثانى تهيئة الأجواء القادرة على القذف بالكرة المصرية خطوات كبيرة للأمام.
وأيّا كانت الأسباب وراء انسحاب الجميع من أمام أبو ريدة وتفسير البعض لها بمسميات غريبة، إلا أنها فى النهاية إمكانيات تضع عضو المكتب التنفيذى بالاتحادين الإفريقى والدولى فى المكانة المناسبة لقيادة الكرة المصرية، خاصة أن عمله بالفيفا أكسبه خبرات ومعرفة كبيرة بـدهاليز الساحرة المستديرة.
وعندما يتعرض رجل مرشح ومنافس لضغوط للانسحاب مهما كان اسمه فهو غير جدير بقيادة الكرة المصرية، والبعض فضل الانسحاب لرغبته فى أن يعيش بقية حياته فى هدوء رغم أنه يعشق النجاحات فى العمل الإدارى احترامًا لشخصه وللمكانة التى حققها من قبل فى صمت دون تجريح أو استثارة غضب الآخرين.
أبوريدة عايش عمالقة الإدارة الكروية فى مصر وكان أحد أعضاء مجلس إدارة المرحوم- بإذن الله- سمير زاهر، ومن المقربين له وصديق عمره ويعلم ما عاناه الراحل صباح مساء، يصحو على مشكلة صباحًا وينام على أخرى وتتخذ قرارات سرية وتذاع فى الفضائيات بعد دقائق، ولا يجد الرجل أمامه سوى «لطم الخدود»!
وأحد الأسباب الرئيسية التى تدعو للتفاؤل أن أبو ريدة بين يديه سلبيات السنوات العجاف الماضية التى تسببت فى أوجاع كثيرة للكرة المصرية بسبب أخطاء إدارية ساذجة أصابت العاملين فى المنظومة، وهو قادر على تلافيها ومن معه من أعضاء المجلس.
وعليه اختيار لجنة فنية تضم 5 أو 6 أفراد، كل عضو مميز فى تخصصه «التحكيم والمسابقات وشئون اللاعبين.. إلخ» يتمتعون بالخبرة والثقة والأمانة.
ويبقى الاختبار الأصعب فى كيفية أن يصبح اتحاد الكرة أقوى من الأندية خاصة الأهلى والزمالك وعدم المحاباة وكيفية مساندة المظلوم وهو تحدٍ سقط كثيرون فى بئر نسيانه وخرج ملف بعضهم رغم بعض النجاح به ثقوب سوداء!