ثبات المقاومة والعلاقة مع بري ورسائل أخرى في خطاب قاسم
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
بيروت- أطلّ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله بكلمة مسجلة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعث فيها مجموعة رسائل إلى جهات متعددة، مشددا على أن الحزب يتمتع بوضع قوي على الصعيدين السياسي والعسكري.
وبهذه الكلمة يكون قاسم قد ظهر مرة ثانية خلال 8 أيام فقط، إذ كانت الأولى بعد اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول الماضي بغارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث أكد في خطابه الأول استمرار مسيرة الحزب بقوة أكبر، في حين ركز في خطابه الثاني على تجاوز الضربات المؤلمة وتأمين بدائل في جميع المواقع دون استثناء.
كما تناول قاسم في خطابه عدة قضايا تتعلق بعملية "طوفان الأقصى" وفتح جبهة جنوب لبنان دعما لغزة، مرورا بالتشكيك في دور إيران، وما يعانيه النازحون من الجنوب والبقاع والضاحية، وتحدث عن العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ودوره السياسي.
وأفاد قاسم بأن هذه الحرب لم تؤثر على إرادتهم وتصميمهم على المقاومة، موضحا أنه تم تأمين بدائل في جميع المواقع، وأشار إلى أن بعض البدائل والنواب للقادة الشهداء هم من الرعيل الأول المؤسس لحزب الله عام 1982، وبعضهم الآخر قريب منهم، وأكد أن كل ما كان لدى القائد الشهيد موجود لدى نائبه ومساعده.
في ختام كلمته، أشار قاسم إلى أنهم سيعملون على انتخاب الأمين العام وفق الآليات التنظيمية، مؤكدا أن إسرائيل لن تحقق أهدافها وأنهم سيلحقون بها الهزيمة. واعتبر أن الحل الوحيد بالنسبة لهم هو المقاومة والصمود، مع أهمية التفاف أهلهم حولهم، وخلص إلى القول إن خيارهم للنصر هو المقاومة، مبينا أنهم سيسببون للعدو الإسرائيلي خسائر كبيرة قد تكون مقدمة لإنهاء الحرب.
ثبات المقاومةيعتبر المحلل السياسي توفيق شومان أن تصريحات قاسم لها أهمية كبيرة، إذ تعكس ثبات المقاومة وقوة إمكانياتها العسكرية والسياسية، وأوضح أن هذه التصريحات تشير أيضا إلى قدرة المقاومة على القيادة والسيطرة، مستشهدا بما يحدث في الجنوب من تصدٍ لمحاولات التوغل البري الإسرائيلي، بالتزامن مع قصف المدن الإسرائيلية.
في هذا السياق، أكد شومان أن قاسم كان حاسما في تأكيده أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان سيؤدي إلى زيادة عدد المهجرين من مستعمرات الشمال، وليس العكس"، وهذا التصريح يعكس بوضوح قوة البنية العسكرية للمقاومة في ظل هذه الظروف الحساسة.
علاوة على ذلك، تطرق شومان إلى الجدل الدائر حول دعم إيران للمقاومة اللبنانية، حيث أشار إلى تأكيد قاسم القاطع على أن إيران لم تكتفِ بدعم المقاومة بالكلام فحسب، بل قامت أيضا بقصف إسرائيل بنفسها.
كما طرح قاسم تساؤلا بشأن موقف المشككين في هذا الدعم، مشجعا إياهم على اتخاذ خطوات مشابهة لما فعلته إيران، وهنا أوضح شومان أن العلاقة بين إيران وحركات المقاومة هي علاقة ثابتة لا تقبل الشك.
أما فيما يتعلق بالعلاقات الداخلية، فقد أشار شومان إلى تأكيد قاسم على متانة العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وتثمينه الدور السياسي الذي يقوم به، كما أكد أن العلاقة مع حركة أمل قوية جدا، موضحا أنه يمكن مناقشة جميع القضايا، ولكن يجب أن تتم هذه المناقشات بعد وقف إطلاق النار، الذي يعتبر أولوية قبل البحث في أي قضايا أخرى ضمن إطار وطني شامل.
رسائل متعددةويرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية في حديثه للجزيرة نت أن الرسالة السياسية الأبرز في خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، كانت موجهة إلى الداخل، وتحديدا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد وصفه بـ"الأخ الأكبر" للحزب وقيادته، مما يوحي بأن بري مفوض من قبل الحزب في الشؤون السياسية والدبلوماسية، خاصة إذا ظهرت إمكانية لحل دبلوماسي للأزمة.
ويضيف قمورية أن هذا الموقف يعارض ما كان يشاع سابقا عن قرار بري التنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، بشأن الموافقة على البيان الأميركي البريطاني الفرنسي الأوروبي العربي حول وقف إطلاق النار.
ويوضح أن كل ما أشيع عن هذا الموضوع من اختلافات في وجهات النظر يعد أمرا قائما، في حين يظل السؤال الأهم هو التوقيت، إذ نص البيان على أن وقف إطلاق النار في لبنان سيستمر لمدة 21 يوما، على أن يتم بحث الوضع في غزة لاحقا.
ويضيف قمورية أن حزب الله يبدو موافقا على مواقف نبيه بري، مما يشير إلى عدم وجود خلافات بين الطرفين، كما يُستشف من هذا الموقف أن الحزب لا يمانع وقف إطلاق النار إذا توفرت الظروف المناسبة، ومع ذلك، يشير قمورية، من خلال تحليل خطاب قاسم، إلى أن سلوك إسرائيل في الوقت الراهن لا يوحي بوجود نية حقيقية لوقف التصعيد أو السعي للتوصل إلى هدنة.
وفيما يتعلق بالرسائل الأخرى التي أرسلها نعيم قاسم، يشير قمورية إلى أن الحزب أعاد ترتيب صفوفه واستعاد السيطرة، مما يعكس تصميمه على مواصلة القتال حتى آخر لحظة، كما بعث برسالة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مفادها أن محاولته إعادة المستوطنين إلى المناطق الشمالية باءت بالفشل، وأن استمرار الحرب سيؤدي إلى زيادة أعداد المستوطنين الذين سيغادرون تلك المناطق.
وعن حديث قاسم عن استحالة الوصول إلى حل طالما أن الحرب لا تزال مشتعلة، يشير قمورية إلى أن ذلك يعني أن الخيار الوحيد المتاح أمام حزب الله هو الصمود والدفاع عن الأرض، ورغم أن الجيش الإسرائيلي قد يحرز تقدما في بعض المناطق، فإن ذلك لا يعني حدوث تغيير في الخرائط أو تراجعا في قوة المقاومة، بل إن ذلك سيزيد من ثبات المقاومة في وجه أي محاولة لإعادة احتلال أو التقدم في الأراضي اللبنانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات وقف إطلاق النار ثبات المقاومة الأمین العام العلاقة مع لحزب الله نبیه بری على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن تنقذ لبنان بالقوة
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": في الحقيقة، فوَّت اللبنانيون، خلال 20 عاماً، فرصتين كبيرتين للإنقاذ:
1- خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 ، من دون "ضربة كف"بدعم أميركي. وقد تمّ إحباط هذه الفرصة النادرة، ولم تنجح القوى اللبنانية في تأسيس حياة سياسية طبيعية
وسلطة مستقلة بعد خروج السوريين، إذ نجح "حزب الله" في تعويض الخسارة السورية والإمساك بالقرار مباشرة في السنوات التالية، فيما ضعفت منظومة خصومه وتفككت.
2- انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 التي تمكّن "الحزب" أيضاً من إحباطها، معتبراً أنّها أساساً من تدبير الأميركيين وحلفائهم بهدف إضعافه وانتزاع حضوره من داخل السلطة.
على مدى عقدين، تبادل الأميركيون وحلفاؤهم رمي المسؤوليات عن الفشل في مواجهة "حزب الله" في لبنان. بل إنّ قوى 14 آذار و "التغيير " استاءت من أنّواشنطن أبرمت في العام 2022 صفقة ترسيم الحدود بحراً بالتفاهم مع "حزب الله" دون سواه، وكانت تحاول إبرام صفقة مماثلة معه في البرّ لولا انفجار الحرب في غزة، خريف 2023 . وأما موفدها عاموس هوكشتاين فبقي يتوسط بين "الحزب" وإسرائيل أشهراً ويغريه بالتسهيلات لوقف "حرب المساندة"، ولكن عبثاً. في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أنّها كأي دولة أخرى مضطرة إلى التعاطي مع الأمر الواقع لإنجاز التوافقات الإقليمية، وأنّ مفاوضة "الحزب" لا بدّ منها لأنّه هو صاحب القرار الحقيقي في بيروت، ومن دون رضاه لا تجرؤالحكومة على اتخاذ أي قرار. هذه الحلقة المفرغة التي بقيت تدور فيها واشنطنوحلفاؤها الغربيون والعرب ومعهم خصوم "حزب الله" انكسرت في الأسابيع الأخيرة نتيجة الحرب الطاحنة في لبنان والتطورات الانقلابية في سوريا. وللمرّة الأولى منذ تأسيسه في العام 1982، يبدو "حزب الله" معزولاً عن أي دعم خارجي ومحاصراً، فيما قدراته العسكرية الباقية موضوعة تحت المراقبة، في جنوب الليطاني كما في شماله.
عملياً، تبدّلت اليوم طبيعة "حزب الله". فهو لم يعد نفسه الذي كان في 2005 و 2019، وباتت قدرته على استخدام السلاح محدودة جداً، فيما المحور الذي يدعمه من دمشق إلى طهران تلاشى تقريباً. وهذا الواقع سيسمح بإحداث تغيير لم يكن ممكناً، لا قبل 20 عاماً ولا قبلها ب 20 عاماً. وهو ما سيستغله الأميركيون في الأسابيع والأشهر المقبلة، لتكون "الثالثة ثابتة"، فينجحون في 2025 بعدما فشلوا في 2005 و 2019 .