تتجاوز خسائر الحروب والكوارث الطبيعية أعداد الأرواح من القتلى الذين فقدوا حياتهم جراء تلك الأحداث المؤسفة، فالمصابون بدورهم يواجهون تحديات ضخمة من أجل النجاة والتعافي والمضي قدما بشكل طبيعي قدر الممكن.

وعلاوة على المعاناة من الإصابات التي تستلزم تلقي الرعاية الطبية والنفسية على حد سواء قد تمثل خسارة طرف من أطراف الجسم جراء البتر امتحانا قاسيا للشخص المصاب، مما قد يعيد رسم حياته بالكامل، الأمر الذي يجعل من الضروري على المحيطين به أن يعملوا على دعمه بالصورة الصحيحة والمطلوبة.

تأثير بتر الأطراف على حياة المصاب

إن فقدان أحد الأطراف قد يكون مدمرا، ومن المرجح أن يسبب اضطرابا كبيرا في العديد من جوانب حياة الشخص، فضلا عن التأثير المتوقع على قدرته البدنية على الحركة والاستقلالية والمشاركة في الأنشطة اليومية المعتادة فإنه قد يكون له أيضا تأثير كبير على مهنة الشخص وعلاقاته ومجتمعه.

وعلاوة على ذلك، بالنسبة لبعض الأشخاص قد يؤدي البتر إلى تعطيل الخطط المستقبلية والتأثير على نظرتهم إلى أنفسهم والعالم، مما قد يسفر عن آثار نفسية وعقلية عميقة قد تصل إلى الاكتئاب الحاد.

وكثيرا ما يُطلب من مبتوري الأطراف التعامل مع مشاكل صحية مستمرة مثل الألم، وتعلم مهارات جديدة، بل وحتى تعديل توقعاتهم في بعض الأحيان فيما يتعلق بقدراتهم، لذلك يتطلب فقدان أحد الأطراف تعديلا كبيرا، سواء بالنسبة للشخص أو لعائلته وأصدقائه المقربين.

إستراتيجيات دعم المصاب بالبتر

هناك عدد من الأشياء التي يمكن للأشخاص وأسرهم القيام بها، والتي قد تساعد في تسهيل عملية التأقلم بالنسبة للمصاب ببتر أحد الأطراف، ويعد فهم التأثيرات العاطفية والجسدية للبتر هو الخطوة الأولى لمساعدة شخص ما على التعامل مع فقدان أحد الأطراف، وبعد ذلك يمكنك تقديم ما يلي:

1- إدارة الألم

بعد الإزالة الجراحية لأحد الأطراف يمكن أن يستمر الألم في الجرح لمدة تتجاوز أسبوعا في أقل التقديرات، ويمكن أن يكون سؤال الفرد عن آلامه وطلب المشورة من اختصاصي طبي لإنشاء إستراتيجية مناسبة لإدارة الألم طريقة عملية لدعم شخص محتاج.

وإضافة إلى ذلك، فإن "ألم الطرف الوهمي" هو أيضا تجربة شائعة بعد فقدان أحد الأطراف، وفيها قد يعاني المصاب بعض الألم في الطرف المبتور، ومركزها عقلي وليس عضويا، مما قد يفاقم المعاناة ويستلزم المشورة النفسية المتخصصة.

2- الاستماع الجيد

إن فقدان أحد الأطراف قد يكون تجربة مؤلمة، ومن الطبيعي أن يشعر الشخص المبتور بمجموعة من المشاعر، مثل الحزن والأسى والغضب والإحباط.

وبصفتك صديقا أو فردا من العائلة فإن من الضروري أن تكون مستمعا جيدا وتقدم الدعم، دعهم يعبرون عن مشاعرهم من خلال الاعتراف بتجاربهم والتعاطف معهم.

3- الصبر والدعم غير المشروط

التعافي ليس خطا مستقيما، لذا تدرب على الصبر أثناء دعمك أحد أحبائك الذي قد يتعلم كيفية إعادة التكيف مع الأنشطة الأساسية لحياته والاعتماد على نفسه ومواجهة مشاعره المعقدة.

قد يبدو كل جزء من حياة الفرد بعد البتر مختلفا تماما وستكون هناك حاجة إلى تعديلات على الروتين اليومي (بيكسلز) 4- استوعب التأثيرات العاطفية

إن فقدان أحد الأطراف هو خسارة مدمرة للعديد من الأشخاص، ويمكن أن يؤدي إلى إثارة مشاعر الحزن بنفس الطريقة التي يؤدي بها فقدان أحد الأحباء.

ويمكن أن يكون الحزن صعبا ومؤلما، وهناك مراحل محددة له يجب عليك استيعابها لمعرفة كيف تدعمه خلالها.

5- الروتين اليومي الجديد

قد يبدو كل جزء من حياة الفرد بعد البتر مختلفا تماما، وستكون هناك حاجة إلى تعديلات على الروتين اليومي لمراعاة التغييرات في الحركة وأماكن العمل والمعيشة والتفاصيل الأخرى.

كما قد تكون هناك حاجة إلى تعديلات جديدة في مكان السكن، مثل شراء كرسي متحرك أو طرف صناعي أو تركيب درابزين لمصعد الكرسي المتحرك، للمساعدة في إمكانية الوصول بشكل مستقل.

كذلك، يمكن أن تكون هناك تغييرات عدة جديدة في البيئة التي تحتاج مجهودا في ترتيبها وتدريب الشخص المصاب عليها.

6- انتبه مما لا يجب قوله

قد يكون العثور على الكلمات المناسبة لقولها لشخص فقد أحد أطرافه أمرا صعبا، خاصة في البداية، لذلك يمكنك تجنب العقبات العاطفية والنفسية المحتملة من خلال معرفة ما لا يجب قوله، وهذا يشمل عبارات مثل:

"أنت مصدر إلهام كبير"، إذ يمكن اعتبار هذا استعلاء، لأنهم لا يشعرون بأنهم مصدر إلهام كبير أو قد يشعرون أنه ليس من وظيفتهم إلهامك.

"لا يمكنك فعل ذلك"، أولا: في كثير من الأحيان يمكنهم القيام بأي نشاط كان، وإذا لم يتمكنوا من ذلك فقد يعملون بجد للعمل على بناء هذه المهارة والقدرة، ليس الأمر متروكا لك لتقرر ما يمكنهم فعله وما لا يمكنهم فعله.

"أعرف شخصا فقد ذراعا/ ساقا، أنا أفهم ما تمر به " لا، لا، أنت لا تفهم، إذا فقدت أحد أطرافك بنفسك فلديك فكرة جيدة جدا، لكنك لا تعرف أبدا المدى الكامل لكفاح شخص ما وأفكاره وعواطفه".

"دعني أفعل ذلك من أجلك"، مع تكيف الشخص مع فقدان طرفه و/ أو طرق التعامل بالطرف الصناعي الجديد قد تكون هناك مهام يجد صعوبة في القيام بها.

في البداية، حاول ألا تتدخل في كل مرة يكافح فيها للتعامل، لأن هذا جزء من التعافي، فضلا عن كونه جزءا مهما من إعادة تعلم كيفية إتمام مهام معينة وبناء ثقته بنفسه.

7- ساعده في خلق حياة ثرية

إحدى أهم النقاط لتسهيل تأقلم الشخص بعد البتر هي ضمان قدرته على المشاركة مرة أخرى في أنشطة الحياة ذات المغزى، وإعادة شعوره بالحياة الطبيعية واحترام الذات.

ويشمل ذلك إيجاد دور مهم في الحياة، مثل رعاية نفسه، وكونه فردا من الأسرة والعودة إلى العمل، وممارسة النشاطات والهوايات.

ويمكن أن يساعد وجود طرف صناعي أو كرسي متحرك في دمج الشخص مرة أخرى في مثل هذه الأنشطة.

وعلاوة على ذلك، تؤكد أبحاث الصحة العقلية أن المشاركة في الأنشطة الممتعة والمجتمعية والاجتماعية جنبا إلى جنب مع وجود هدف عام في الحياة مفيدة لسلامة الشخص الجسدية والعاطفية، لذلك من الضروري مساعدته في الوصول إلى هذه المرحلة مهما تطلبت من وقت.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تکون هناک ویمکن أن یمکن أن قد یکون

إقرأ أيضاً:

كيف تحمي نفسك من الصدمات المالية؟

تشير الصدمة المالية إلى «الضيق العاطفي العميق الناتج عن تحديات مالية شديدة، مثل فقدان الوظيفة بشكل مفاجئ أو قلة الفرص الوظيفية، التي يعتبرها الشخص فشلًا شخصيًّا يؤدي به إلى شعور متزايد بالخوف وفقدان الأمان، فضلًا عن ضعف في تقدير الذات».

ينعكس ذلك في سلوك مالي غير عقلاني، مثل تجنب التخطيط المالي أو الإسراف في الإنفاق كوسيلة للتعامل مع هذا القلق، أو البخل الشديد بهدف الادخار لدرجة حرمان الشخص نفسه من الاحتياجات الأساسية، ويصل الأمر عند البعض إلى حد رفض الحديث عن المال أو متابعة حركة الرصيد المصرفي، مما يؤدي بهم إلى اتخاذ قرارات مالية متهورة.

كما يمتد تأثير الصدمات المالية ليشمل العلاقات الإنسانية مع الأسرة والأصدقاء، فيصبح المرء عدوانيًّا أو منعزلًا، لا لشيء سوى شعوره بالعجز، خاصة إذا كان رجلًا والمعيل الأساسي للأسرة، في زمن تعصف فيه الأوضاع الاقتصادية والأزمات المالية.

لكن، ورغم سوداوية الصورة التي قد يراها الشخص الذي تعرض لصدمة مالية، فإن التعافي منها ممكن، ويتطلب التخطيط والصبر، فإذا كنت ممن مرّ بوضع مالي سيئ، فاعلم أنك لست الوحيد، وأن وضعك، مهما كان سيئًا، هو وضع مؤقت، يتطلب قليلًا من المسؤولية وقرارًا صادقًا باستلام زمام الأمور في حياتك، قد تطول العملية قليلًا، لكن لا بأس، فكما يقال دائمًا: «في آخر النفق دائمًا بصيص من النور». ألقِ نظرة بداية على وضعك المالي بصدق لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، بعدها ضع ميزانية واقعية تراعي فيها وضعك المالي وأسلوب حياتك؛ لأن الإدارة المالية لا تعتمد على مقاس واحد للجميع، قسّم دخلك إلى مصروفات ضرورية، ورفاهية، وادخار، وعندما تضع ميزانية، التزم بها؛ لأن لا جدوى من خطة لن تلتزم بها، إذا كنت مثقلًا بالديون، ضع خطة لتسديدها بشكل تدريجي.

بمجرد أن تبدأ في استعادة استقرارك المالي، احرص على تخصيص جزء من دخلك لبناء صندوق للطوارئ، سيساعد هذا الصندوق في تغطية النفقات غير المتوقعة، وسيسهم في تخفيف الضغط المالي عند حدوث أزمات مستقبلية.

كما يُقال: «العلم نور»، فالتثقيف المالي يمكن أن يعزز صحتك النفسية ويمنحك الثقة والطمأنينة، فالإنسان عدو ما يجهل، هناك العديد من المستشارين المختصين في هذا المجال الذين يمكنهم مساعدتك، فلا تتردد في طلب المساعدة.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • رؤية أسترالية: عقدة الدرس العراقي أثر سلباً بسياسات الغرب إزاء الحروب
  • السودان بين حربين، حروب الأطراف تاريخيا وحرب المركز راهنيا
  • تفسير حلم ركوب الطائرة في المنام.. خير أم شر؟
  • أحمد موسى: أمريكا تدعم الكيان الصهيوني في الحرب لهذا السبب
  • السياسي والعسكري في ظل الحروب الدائرة…تساؤلات للتفكر؟.
  • كيف تحمي نفسك من الصدمات المالية؟
  • 7 عناصر تعطي الأفضلية لـحزب اللهعند الحدود
  • ريال مدريد مُتهم بـ «طردين» في لقاء ليس طرفاً فيه!
  • فوائد الألعاب المضادة للتوتر