كيف تدعم أحد أحبتك بعد فقدانه طرفا جراء الحروب أو الأمراض؟
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
تتجاوز خسائر الحروب والكوارث الطبيعية أعداد الأرواح من القتلى الذين فقدوا حياتهم جراء تلك الأحداث المؤسفة، فالمصابون بدورهم يواجهون تحديات ضخمة من أجل النجاة والتعافي والمضي قدما بشكل طبيعي قدر الممكن.
وعلاوة على المعاناة من الإصابات التي تستلزم تلقي الرعاية الطبية والنفسية على حد سواء قد تمثل خسارة طرف من أطراف الجسم جراء البتر امتحانا قاسيا للشخص المصاب، مما قد يعيد رسم حياته بالكامل، الأمر الذي يجعل من الضروري على المحيطين به أن يعملوا على دعمه بالصورة الصحيحة والمطلوبة.
إن فقدان أحد الأطراف قد يكون مدمرا، ومن المرجح أن يسبب اضطرابا كبيرا في العديد من جوانب حياة الشخص، فضلا عن التأثير المتوقع على قدرته البدنية على الحركة والاستقلالية والمشاركة في الأنشطة اليومية المعتادة فإنه قد يكون له أيضا تأثير كبير على مهنة الشخص وعلاقاته ومجتمعه.
وعلاوة على ذلك، بالنسبة لبعض الأشخاص قد يؤدي البتر إلى تعطيل الخطط المستقبلية والتأثير على نظرتهم إلى أنفسهم والعالم، مما قد يسفر عن آثار نفسية وعقلية عميقة قد تصل إلى الاكتئاب الحاد.
وكثيرا ما يُطلب من مبتوري الأطراف التعامل مع مشاكل صحية مستمرة مثل الألم، وتعلم مهارات جديدة، بل وحتى تعديل توقعاتهم في بعض الأحيان فيما يتعلق بقدراتهم، لذلك يتطلب فقدان أحد الأطراف تعديلا كبيرا، سواء بالنسبة للشخص أو لعائلته وأصدقائه المقربين.
إستراتيجيات دعم المصاب بالبترهناك عدد من الأشياء التي يمكن للأشخاص وأسرهم القيام بها، والتي قد تساعد في تسهيل عملية التأقلم بالنسبة للمصاب ببتر أحد الأطراف، ويعد فهم التأثيرات العاطفية والجسدية للبتر هو الخطوة الأولى لمساعدة شخص ما على التعامل مع فقدان أحد الأطراف، وبعد ذلك يمكنك تقديم ما يلي:
1- إدارة الألمبعد الإزالة الجراحية لأحد الأطراف يمكن أن يستمر الألم في الجرح لمدة تتجاوز أسبوعا في أقل التقديرات، ويمكن أن يكون سؤال الفرد عن آلامه وطلب المشورة من اختصاصي طبي لإنشاء إستراتيجية مناسبة لإدارة الألم طريقة عملية لدعم شخص محتاج.
وإضافة إلى ذلك، فإن "ألم الطرف الوهمي" هو أيضا تجربة شائعة بعد فقدان أحد الأطراف، وفيها قد يعاني المصاب بعض الألم في الطرف المبتور، ومركزها عقلي وليس عضويا، مما قد يفاقم المعاناة ويستلزم المشورة النفسية المتخصصة.
2- الاستماع الجيدإن فقدان أحد الأطراف قد يكون تجربة مؤلمة، ومن الطبيعي أن يشعر الشخص المبتور بمجموعة من المشاعر، مثل الحزن والأسى والغضب والإحباط.
وبصفتك صديقا أو فردا من العائلة فإن من الضروري أن تكون مستمعا جيدا وتقدم الدعم، دعهم يعبرون عن مشاعرهم من خلال الاعتراف بتجاربهم والتعاطف معهم.
3- الصبر والدعم غير المشروطالتعافي ليس خطا مستقيما، لذا تدرب على الصبر أثناء دعمك أحد أحبائك الذي قد يتعلم كيفية إعادة التكيف مع الأنشطة الأساسية لحياته والاعتماد على نفسه ومواجهة مشاعره المعقدة.
قد يبدو كل جزء من حياة الفرد بعد البتر مختلفا تماما وستكون هناك حاجة إلى تعديلات على الروتين اليومي (بيكسلز) 4- استوعب التأثيرات العاطفيةإن فقدان أحد الأطراف هو خسارة مدمرة للعديد من الأشخاص، ويمكن أن يؤدي إلى إثارة مشاعر الحزن بنفس الطريقة التي يؤدي بها فقدان أحد الأحباء.
ويمكن أن يكون الحزن صعبا ومؤلما، وهناك مراحل محددة له يجب عليك استيعابها لمعرفة كيف تدعمه خلالها.
5- الروتين اليومي الجديدقد يبدو كل جزء من حياة الفرد بعد البتر مختلفا تماما، وستكون هناك حاجة إلى تعديلات على الروتين اليومي لمراعاة التغييرات في الحركة وأماكن العمل والمعيشة والتفاصيل الأخرى.
كما قد تكون هناك حاجة إلى تعديلات جديدة في مكان السكن، مثل شراء كرسي متحرك أو طرف صناعي أو تركيب درابزين لمصعد الكرسي المتحرك، للمساعدة في إمكانية الوصول بشكل مستقل.
كذلك، يمكن أن تكون هناك تغييرات عدة جديدة في البيئة التي تحتاج مجهودا في ترتيبها وتدريب الشخص المصاب عليها.
6- انتبه مما لا يجب قولهقد يكون العثور على الكلمات المناسبة لقولها لشخص فقد أحد أطرافه أمرا صعبا، خاصة في البداية، لذلك يمكنك تجنب العقبات العاطفية والنفسية المحتملة من خلال معرفة ما لا يجب قوله، وهذا يشمل عبارات مثل:
"أنت مصدر إلهام كبير"، إذ يمكن اعتبار هذا استعلاء، لأنهم لا يشعرون بأنهم مصدر إلهام كبير أو قد يشعرون أنه ليس من وظيفتهم إلهامك.
"لا يمكنك فعل ذلك"، أولا: في كثير من الأحيان يمكنهم القيام بأي نشاط كان، وإذا لم يتمكنوا من ذلك فقد يعملون بجد للعمل على بناء هذه المهارة والقدرة، ليس الأمر متروكا لك لتقرر ما يمكنهم فعله وما لا يمكنهم فعله.
"أعرف شخصا فقد ذراعا/ ساقا، أنا أفهم ما تمر به " لا، لا، أنت لا تفهم، إذا فقدت أحد أطرافك بنفسك فلديك فكرة جيدة جدا، لكنك لا تعرف أبدا المدى الكامل لكفاح شخص ما وأفكاره وعواطفه".
"دعني أفعل ذلك من أجلك"، مع تكيف الشخص مع فقدان طرفه و/ أو طرق التعامل بالطرف الصناعي الجديد قد تكون هناك مهام يجد صعوبة في القيام بها.
في البداية، حاول ألا تتدخل في كل مرة يكافح فيها للتعامل، لأن هذا جزء من التعافي، فضلا عن كونه جزءا مهما من إعادة تعلم كيفية إتمام مهام معينة وبناء ثقته بنفسه.
7- ساعده في خلق حياة ثريةإحدى أهم النقاط لتسهيل تأقلم الشخص بعد البتر هي ضمان قدرته على المشاركة مرة أخرى في أنشطة الحياة ذات المغزى، وإعادة شعوره بالحياة الطبيعية واحترام الذات.
ويشمل ذلك إيجاد دور مهم في الحياة، مثل رعاية نفسه، وكونه فردا من الأسرة والعودة إلى العمل، وممارسة النشاطات والهوايات.
ويمكن أن يساعد وجود طرف صناعي أو كرسي متحرك في دمج الشخص مرة أخرى في مثل هذه الأنشطة.
وعلاوة على ذلك، تؤكد أبحاث الصحة العقلية أن المشاركة في الأنشطة الممتعة والمجتمعية والاجتماعية جنبا إلى جنب مع وجود هدف عام في الحياة مفيدة لسلامة الشخص الجسدية والعاطفية، لذلك من الضروري مساعدته في الوصول إلى هذه المرحلة مهما تطلبت من وقت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تکون هناک ویمکن أن یمکن أن قد یکون
إقرأ أيضاً:
هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟
#سواليف
النصر كمفهوم يعد إشكاليًا في #الحروب الحديثة والمعارك المسلحة، حيث تبرز تحديات في تعريفه من زوايا مختلفة مثل المستويات التكتيكية والاستراتيجية. يصعب تحديد الأهداف بدقة، وكذلك قياسها بعد تحديدها، مما يجعل الحرب ظاهرة اجتماعية معقدة.
دروس التاريخ تظهر أن مظاهر #السيطرة_العسكرية في #ساحة_المعركة لا تعني بالضرورة النصر في الحرب، وقد تُفضي بعض الحروب إلى نتائج غير مرضية رغم التفوق العسكري.
الحروب الحديثة مثل تلك في العراق وأفغانستان وفلسطين أكدت أن النجاح الاستراتيجي لا يُحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل يتطلب معالجة أسباب الصراع العميقة.
مقالات ذات صلة التربية تعلن نتائج تكميلية التوجيهي لعام 2024 – رابط 2025/01/30تغيرت طبيعة الحروب بعد الحرب الباردة بسبب التقدم التكنولوجي وظهور الجماعات الأيدلوجية التي تدافع عن هويتها. التصورات حول النصر و #الهزيمة قد تختلف عن الواقع. في 1969، خلص ريموند أوكونور في كتابه “النصر في الحروب الحديثة” إلى أن النصر التقليدي أصبح استثناء في الحروب الحديثة. ويقصد بمصطلح “الحرب الحديثة” الحروب التي نشبت بعد نهاية الحرب الباردة، والتي تغيرت فيها مفاهيم النصر والهزيمة.
يرى العديد من الباحثين في الشأنين السياسي والعسكري أن النصر هو تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا، حيث يرتبط النصر بالأهداف التي تم تحديدها في بداية الحرب. في الحروب الحديثة، تتشابك المصالح السياسية والدبلوماسية والعسكرية، ما يجعل تحديد النصر أمرًا صعبًا. اليوم، يعتبر من الصعب خوض حرب دون النظر إلى ما بعد الحرب، حيث ترتبط أهداف الحرب بحلول دائمة ومرحلة ما بعد الحرب، وهي عملية قد تختلف وجهات النظر حولها بين الأطراف المتحاربة. في الوقت الحاضر، يكاد يكون من غير الممكن الخوض في تعريف الانتصار في الحرب دون النظر إلى فترة ما بعد الحرب. من الناحية النظرية، تتحقق أهداف الحرب في المرحلة الزمنية التي تلي وقف العمليات العسكرية، ويرتبط النصر ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم إنهاء المعركة التي تهدف إلى إيجاد حلول دائمة.
يشير وليام مارتل في كتابه “النصر في الحرب، أسس الاستراتيجية الحديثة” الذي صدر عام 2012، إلى أن هزيمة الخصم عسكريًا ليست متطابقة مع تحقيق الهدف من الحرب، أي السبب الذي من أجله كانت الحرب. ولذلك، لفهم النصر، من الضروري وجود تمييز واضح بين الهدف السياسي (نهاية الحرب) والهدف العسكري (أحد الوسائل لتحقيق الهدف). يمكن النظر إلى النصر كنتيجة، أو كتعبير وصفي للوضع بعد الحرب، أو كطموح يعدّ هو المحرك لتحقيق أهداف محددة من خلال استخدام القوة.
النصر في الحروب يمكن تحليله على مستويات متعددة: التكتيكية، الاستراتيجية، والاستراتيجيات الكبرى. يشير التكتيك إلى كيفية توجيه القوات في المعركة، بينما الاستراتيجية تتعلق بكيفية استثمار العمل العسكري لتحقيق أهداف الحرب. أما الاستراتيجية الكبرى، فترتبط بالاستثمار في نهاية الحرب عندما تحقق أهدافها لتحقيق أهداف سياسية تشمل ما بعد الحرب، أو ما يُطلق عليه اليوم التالي. يميز وليام مارتل بين “النصر العسكري” الذي يشير إلى سيطرة عسكرية في ساحة المعركة، و”النصر الاستراتيجي” الذي يتعلق بإخضاع أحد الأطراف سياسيا وفكريا وثقافيا وتغيير قناعته بالمواجهة.
في ذات السياق، يعتبر بون بارثولومييس في دراسته “نظرية النصر” أن الحرب هي معركة إرادات بين خصوم، ولا تعني السيطرة العسكرية أن الطرف الآخر قد خسر. على هذا الأساس يرى بعض الخبراء العسكريين أن النصر والهزيمة ليسا ثنائيين، بل يمكن تقييمها ضمن معايير متغيرة. يتوافق مع هذه الرؤية نسبيا ريموند أوكونور، والذي يعتقد أن تعريف الهدف وغاية الحرب أو النزاع المسلح هو مسألة سياسية. لذلك يجب أن يُنظر إلى النصر في سياق الهدف السياسي، فالنصر لا لا يعني “فقط من هزيمة قوات العدو؛ بل يجب أن يشمل تحقيق الهدف الذي من أجله تم خوض الحرب”.
في الحروب والمعارك مع حركات المقاومة، من الصعب جدا تحديد مفهوم النصر. لكن أغلب الخبراء في الشأن العسكري يرون أن المعايير الهامة وذات الصلة في هذا السياق قائمة على فكرة “الشعور بالأمان” والسؤال عن أي المجتمعين المتصارعين الذين يمكنهم العيش حياتهم في أمان بعيدًا عن الخوف من المستقبل. حتى في هذه الحالة، تكون ملاءمة المعايير محل تساؤل عندما لا تكون أهداف الحرب واضحة أو مفهومة. بينما في الحالة الفلسطينية، وتحديدا في الحرب الأخيرة، فإن معايير “الشعور بالأمان” و”تحقيق أهداف الحرب” يمكنها الاجتماع في ذات الإطار من التقييم على نتائج الحرب.
بالإضافة لما سبق، تتأثر التصورات عن النصر أيضًا بالعوامل النفسية والثقافية والسياسية. يعتقد جونسون وتيرني إلى أن المعتقدات المسبقة والثقافة الوطنية تلعب دورًا في كيفية تفسير الحروب باعتبارها انتصارات أو هزائم. علاوة على ذلك، التغطية الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي تزيد من تعقيد التصورات المتعلقة بالنصر.إضافة إلى ذلك، تغيرت أهداف الحروب التي غالبًا ما تهدف إلى تغييرات اجتماعية وسياسية عميقة.
هذه التغييرات تجعل من الصعب تحديد النصر، لأنه يتطلب تحقيق توازن بين الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية.
في حربها على #غزة.. هل انتصرت ” #إسرائيل “؟
كان الهدف من التقديم النظري السابق لمفهوم النصر هو الحكم على نتائج الحرب الحالية من خلال الأطر النظرية العسكرية وليس من خلال الآراء والمواقف الأيديولوجية أو السياسية. في 16 أكتوبر 2023، حددت حكومة الاحتلال أهداف الحرب: الإطاحة بحكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية والإدارية، إزالة تهديد المقاومة من قطاع غزة، تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية، وإزالة التهديد الأمني من غزة. وفيما يتعلق بإعادة المستوطنين للمستوطنات الشمالية، تم تحديد هذا الهدف وإضافته رسمياً لأهداف الحرب فقط في سبتمبر 2024. في هذا السياق، يعتقد جابي سيبوني، وهو مستشار عسكري لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وكوبي ميخائيل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وأستاذ في المركز الدولي للشرطة والأمن في جامعة جنوب ويلز في المملكة المتحدة، أن عدم تحقيق هذه الأهداف يعني هزيمة على المستوى الاستراتيجي.
يشير دان داييكر، رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية ومدير مشروع الحرب السياسية، والذي شغل في السابق منصب الأمين العام للمؤتمر اليهودي العالمي، والباحث في المعهد الدولي للأمن ومكافحة “الإرهاب” في جامعة رايخمان، إلى أنه على عكس التفكير في جولات القتال السابقة والاعتماد على “شراء الهدوء” أو منطق “الهدوء يقابل الهدوء”، قررت “إسرائيل” تغيير قواعد اللعبة من الأساس والتحول إلى استراتيجية حاسمة. في هذا الإطار، فإن “النصر الكامل” هو تبني نهج هجومي وحازم هدفه تفكيك النظام القائم، أو بلغة استراتيجية؛ التغيير من الدرجة الثانية، الذي يعني تغيير النظام القائم، بخلاف التغيير من الدرجة الأولى الذي يعني تغييراً ضمن النظام القائم. لكنه يؤكد بأنه “بالرغم من 15 شهراً من القتال، لم تُحقق أهداف إسرائيل، إزالة التهديد، هزيمة حماس، وإعادة جميع الأسرى من أيدي العدو بالقوة العسكرية”.
بالنسبة للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، هناك نوعان من الانتصار تم تعريفهما في ورشة لقادة هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال الإسرائيلي نظمها رئيس هيئة الأركان السابق أفيف كوخافي في أبريل 2019: الانتصار الذاتي أو الانتصار الموضوعي. الانتصار الذاتي هو انتصار إدراكي، في حين أن الانتصار الموضوعي هو انتصار واقعي. الانتصار الذاتي يعتمد دائمًا على الحكم الشخصي، بينما الانتصار الموضوعي يعتمد على الواقع، وليس على الحكم الإدراكي. يمكن الإشارة إلى أن “إسرائيل” لم تحقق الانتصار الموضوعي بعد أن فشلت في تحقيق أهداف الحرب الحاسمة التي ذكرت في سياق هذه المقالة، ولم تحقق الانتصار الإدراكي خاصة في ظل كم الانتقادات لطبيعة نهاية الحرب والتقارير التي تكشف عن عدم وجود حافز للمستوطنين للعودة إلى غلاف غزة أو مستوطنات الشمال.