مصانع الصلب ترفع لافتة "الشكك ممنوع لعدم الإحراج"!
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
تكاد تنفرد صناعة الصلب فى مصر دون غيرها من الصناعات الأخرى بما يسمى بالمرونه السعرية، حيث تصعد وتنخفض أسعار المنتجات بالسوق المحلى وفقاً لأسعار الخامات بالبورصات العالمية وكلها خامات يتم إستيرادها بالنقد الأجنبى وتقدر قيمة الواردات منها بمليارات الجنيهات سنويا.
** تدفق فى واردات البليت
لو نظرنا إلى الخامات المستورده لمصانع الصلب ونبدأ بالخرده ونقول، أن الخرده تمثل عصب صناعة الصلب، الكميات الموجودة من الخردة بالسوق المحلى لا تتخطى نسبتها 10% مما تحتاجه المصانع ، وبالتالى تضطر المصانع خاصة المتكامله وشبه المتكامله إلى إستيراد كميات هائلة من الخرده والتى إرتفعت أسعارها هذا الأسبوع بأكثر من 17 دولار فى الطن ليصل سعر الطن عالميا إلى 385 دولار ، وفى السوق المحلى وصل سعر الطن لأكثر من 22 ألف جنيه .
لا تتوانى الدول الأوربية المنتجه للصلب فى إستخدام كافة القواعد والإجراءات المعمول بها فى منظمة التجارة العالمية لحماية صناعات الصلب لديها من الممارسات الضارة بالمنافسه ومنها تدفق الواردات المغرقه أو ما يسمى بإلإغراق ، والدليل على ذلك تعرض صناعة الصلب المحلية مؤخرا لإجراءات مجحفه من جانب بعض البلدان الأوربية بدعوى حماية صناعاتها المحليه فى اوروبا، وعلى النقيض من ذلك تماما تتدفق ورادات البليت الأوربية والآسيوية بكميات مغرقه إلى أسواقنا المحلية وهو ما يسبب ضررا بالغا بصناعة الصلب المحلية خاصة بالمصانع المتكامله التى يعمل بها عشرات الآلاف من العمال والموظفين ويتقاضون مرتبات باهظه دون إتخاذ اية إجراءات للحد من هذه الممارسات الضارة بالصناعه المحلية . وكان من نتائج تدفق الواردات من البليت من جانب تجار محليون ، وأصحاب مصانع درفله بأسعار رخيصة أن إضطرت المصانع المتكامله إلى خفض أسعارها فى حديد التسليح خلال اليومين الماضيين ، وهى أسعار غير حقيقية لا تعبر عن التكلفه الحقيقية للتشغيل والإنتاج ، وحقيقة الأمر أن المصانع المتكاملة تبيع حاليا بأسعار التكلفه وربما تحت التكلفه ، وهو الأمر الذى سيلحق أضرار بالغه بها خلال الفتره القادمه، و سيتضح هذا بشكل كبير خلال رصد نتائج أعمال الشركات مع إنتهاء العام المالى الحالى ، وقد تتضح الخسائر خلال عدة ايام قليله قادمه من خلال التدفقات النقدية العائدة من التشغيل أو ما يسمى بالكاش فلو " cash flow.
ظاهره لا تحدث الا فى السوق المصرى
قامت المصانع المتكامله وشبه المتكامله بتخفيض أسعار حديد التسليح بحد أقصى 2500 جنيها وكانت فى حديد عز، وهو أكبر تخفيض فى سعر حديد التسليح.. قامت المصانع بتخفيض أسعار الحديد بالتزامن مع الزيادات الكبيرة فى اسعار الخرده حيث سجل سعر الطن إلى 385 دولار بزياده قيمتها 17 دولار عن أسعار الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضى ، وزادت أسعار البليت إلى 495 دولار ، وخام الحديد إلى 111 دولار ، وهذه الزيادات الكبيره فى اسعار الخامات العالمية أدت إلى زيادة أسعار اللفائف عالميا إلى 630 دولار ، والمسطحات الساخنه إلى 520 دولار ، كما زادت أسعار حديد التسليح نفسه فى دوله مثل تركيا إلى 630 دولار .. ورغم هذه الإرتفاعات الضخمه فى أسعار الخامات بالبورصات العالمية قامت المصانع المتكامله وشبه المتكامله بتخفيض أسعار حديد التسليح كما قلنا فى ظاهرغريبه ، ومفارقه عجيبه ربما لاتحدث إلا فى السوق المصرى ، لأن بديهيات المنطق تقول ، إذا زادت أسعار الخامات عالميا زادت اسعار المنتجات محليا ، وبالبحث والتحرى عن أسباب حدوث هذا الإنخفاض السعرى اللا منطقى من جانب المصانع المتكامله وشبه المتكامله المتخمه بالأعباء وجدنا أن السبب الرئيسى فى ذلك هو قيام تجار وأصحاب مصانع درفله بإستيراد كميات كبيره من البليت بدون رسوم جمركية ، وهذه الكميات من البليت الرخيص مكنتهم من القيام بتخفيض أسعار حديد التسليح بمصانعهم مع الأخذ فى الإعتبار أن مصانع الدرفله لا تتحمل تكاليف كبيره فى الإنتاج والتشغيل ، حيث تكتفى بدرفلة عروق البليت وتحويلها إلى حديد تسليح فيما يشبه عمل عصارات القصب ، عكس المصانع المتكاملة التى تتكبد تكاليف رهيبة ويكفى أن نقول مثلا ، أن عدد العاملين والموظفين فى مجموعة مثل حديد عز ، أو مجموعة السويس ، أو بشاى يعادل عدد الموظفين فى نحو أربعة ، أو خمسه مصانع درفله . ومع تخفيض أسعار حديد التسليح فى ظل إنكماش حجم الطلب رفعت المصانع لافتة " ممنوع الشكك منعا للاحراج " خاصة أن العديد من المصانع جعلت الأسعار قطعية بدون تأمين ، ومنحت المصانع الأفضلية للدفع كاش لأنها فى أمس الحاجه إلى السيوله لتدوير عجلة الإنتاج .
بقى ان نشير الى ان هذه الظروف المعاكسه التى تعمل فيها مصانع الصلب ستحد من قدراتها الإنتاجية والتنافسية محلياً وأجنبياً ، وتشير كل التكهنات إلى أن الحكومه ممثلة فى رئيس مجلس الوزراء ربما تجرى حوارا مع أصحاب الشأن من الصناع قبل إتخاذ قرارات وإجراءات حمائية وجمركية بهدف حماية واحده من أهم الصناعات الوطنية العتيقة وهى صناعة الصلب .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصانع الصلب الصناعات الأخرى البورصات العالمية الخامات
إقرأ أيضاً:
كيف أصبح واقع المصانع في العراق؟
بغداد- يعاني العراق من تراجع حاد في قطاع الصناعة، وذلك بعد أن كانت البلاد تتمتع بصناعات ثقيلة متطورة قبل 3 عقود، ويرجع السبب في ذلك إلى الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها، بالإضافة إلى الفساد والإهمال الذي أصاب القطاع في ظل الحكومات المتعاقبة.
وبحسب إحصائيات، فإن المعامل الصغيرة تشكل قرابة 90% من إجمالي المصانع والمعامل، وهي نسبة تعكس مدى ضعف الصناعة العراقية وهيمنة الصناعات التحويلية بدلا من الإستراتيجية والثقيلة.
كما يبلغ العدد الكلي للمصانع التابعة لشركات القطاع العام في العراق نحو 227 مصنعا، في حين يبلغ عدد المصانع النشطة منها 140 فقط بحسب بيانات وزارة الصناعة والمعادن للعام 2022.
ووفقا لتلك البيانات، فإن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقفة عن العمل لأسباب مختلفة.
ويقول عضو اتحاد الصناعات العراقية المهندس عبد الحسن الزيادي إن "العراق كان يتمتع بصناعات ثقيلة وجيدة جدا، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة في تطويرها، لكن بعد سقوط النظام السابق في عام 2003 تركت هذه الصناعة وأهملت المعامل، مما أدى إلى تدهورها بشكل كبير".
ويضيف الزيادي خلال حديثه للجزيرة نت أن "الحصار الذي فرض على النظام السابق أتعب الصناعة العراقية، وبعد عام 2003 جاءت الحكومات الجديدة التي لم تكن تملك خبرة أو معرفة بالصناعة والزراعة، إذ كان أغلب هؤلاء يعيشون خارج البلد وليست لديهم أي معرفة بما يصنع أو ينتج العراق".
ويشير الزيادي إلى أن "هؤلاء الحكام لم يكونوا يعلمون أهمية هذه القطاعات، بل كان اهتمامهم ينصب على الفساد الذي نجحوا من خلاله في تعطيل البلد لمدة 20 سنة دون صناعة".
وأكد أن "هناك بوادر للتغيير في الحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني، إذ تبنت مشاريع بسيطة".
القطاع الصناعي كان يشكل 23% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعراق في منتصف ستينيات القرن الماضي (الجزيرة) قبل وبعد 2003بدوره، سلط الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي الضوء على التحديات التي تواجهها هذه الصناعة والفرص المتاحة للنهوض بها، مشيرا إلى أنه في الفترة ما قبل عام 2003 كانت المصانع العراقية تنقسم إلى قطاعين رئيسيين: العام والخاص.
وأوضح التميمي خلال حديثه للجزيرة نت أن مصانع القطاع العام كانت تعاني من تدهور ملحوظ في خطوط الإنتاج، إذ بدأت تنهار وتصبح قديمة، ولم تكن الدولة قادرة على تحديثها وإعادة تشغيلها بجودة عالية.
18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقفة عن العمل في العراق
من ناحية أخرى، كانت مصانع القطاع الخاص تشهد تفاوتا في الأداء، إذ ازدهر بعضها، في حين واجه الكثير منها مصاعب كبيرة.
وأضاف "بعد عام 2003 شهدت المصانع في كلا القطاعين تدهورا حادا، فقد تعرضت مصانع القطاع العام للنهب ثم الإهمال وعدم وجود مخصصات مالية كافية في الموازنة لضمان نجاحها، أما مصانع القطاع الخاص فقد واجهت تحديات كبيرة متعلقة بالمنافسة في السوق، إذ لم تكن صناعاتها قادرة على المنافسة مع المنتجات المستوردة، سواء من حيث الجودة أو النوعية أو التصاميم".
وتابع "هذه الظروف أدت إلى تضاؤل النشاط الصناعي في كلا القطاعين إلى أدنى مستوياته، إذ لم تسهم هذه الصناعات سوى بنسبة لا تزيد على 1-2% من الناتج المحلي الإجمالي".
ويضيف التميمي أنه في السنوات الأخيرة بدأ ينبثق نوع من الاهتمام بالقطاع الصناعي في العراق، إذ تم تفعيل بعض القوانين المهمة، مثل قانون حماية المنتج المحلي وقانون حماية المستهلك، وتم فرض ضرائب على البضائع المستوردة، بالإضافة إلى منع استيراد بعض المنتجات، مثل حديد التسليح والإسمنت ومواد أخرى تنتج محليا.
مصانع القطاع العام كانت تعاني من تدهور ملحوظ فأخذت تنهار ولم تكن الدولة قادرة على تحديثها (الجزيرة)وبالإضافة إلى ذلك، بدأت الحكومة العراقية في تشجيع الاستثمار في بعض القطاعات الصناعية الحيوية، مثل الصناعات الدوائية، إذ توفرت فرص حقيقية للمستثمرين -برعاية الحكومة- لإنتاج مجموعة واسعة من الأدوية، كما بدأت هيئة الصناعات الحربية في الانفتاح على عقد شراكات مع القطاع الخاص وفتح عشرات المعامل والمصانع.
ووفقا للتميمي، فإن ما نشهده الآن هي خطوات أولى نتمنى أن تستمر بالوتيرة نفسها، مؤكدا على أهمية اهتمام الحكومة بقطاع الصناعات النفطية والبتروكيميائية، على اعتبار أن العراق يتمتع بموارد نفطية وفيرة، ومن الضروري تطوير هذه الصناعات وجعلها محركا رئيسيا للاقتصاد العراقي.