شمسان بوست:
2025-11-20@08:59:03 GMT

ثبتت دثينة حين ارتدت العرب

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

كتب / أبو زين ناصر الوليدي:

كان معظم العرب قبل الإسلام يعبدون الأصنام ويسجدون للأحجار والأوثان إلا أن بعضهم كانوا أهل كتاب وبالأخص كانوا مسيحيين، فقد فشت المسيحية في أجزاء من بلاد العرب، وكانت المسيحية كثيرة في اليمن حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: إنك تأتي قوما أهل كتاب.

.)


متفق عليه من حديث ابن عباس
ولا يعني هذا أن أكثر اليمن مسيحية بل على العكس فقد كانت لهم أصنامهم الكثيرة ومنها ذو الخلصة الذي كانت تعبده قبيلة دوس وغيرها.
أما منطقة دثينة فقد كانت بلاد مسيحية كما أكد ذلك أهلها لعكرمة ابن أبي جهل ومن معه.. 
تاريخ ابن جرير(٣/ ٣٢٧) .
والقول بأن دثينة كانت على المسيحية يؤكده المؤرخ المصري عمر بن زين العابدين وكذلك الأب المسيحي المصري (سهيل قاشا)


انظر كتاب( صفحات من تاريخ المسيحيين العرب قبل الإسلام) ص١٢٨ .

*إسلام دثينة*

عندما فشا ذكر الإسلام في الجزيرة العربية سارع رجالات من دثينة بالسفر إلى المدينة المنورة ولقاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك قبل فتح مكة فأسلموا وشاركوا في فتح مكة، وكان حامل راية دثينة يوم فتح مكة هو الصحابي أرطأة بن كعب النخعي رضي الله عنه.
( طبقات ابن سعد : ١/ ٣٤٦) .
وفي السنة التاسعة للهجرة هبط معاذ بن جبل دثينة قادما من الشحر،
فقد أخبر جابر النخعي عن خالته أم جهيش قالت : ( بينما نحن بدثينة… إذ قيل هذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافينا القرية….. ) إلخ
سير الذهبي(١/ ٤٤٤) .
وقد ذكرت التابعية الجليلة أنيسة النخعية قدوم معاذ بن جبل ثم ذكرت خطبته فيهم فقالت: قال لنا معاذ: أنا رسول رسول الله إليكم.. صلوا خمسا وصوموا شهرا وحجوا البيت.. وكان عمره ٢٨ سنة.
أسد الغابة(٧/ ٣٢) جامع المراسيل للعلائي ص٣١٨ .
ثم أخذ معاذ يعلم أهل دثينة الصلاة، كما روى ذلك الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه حديث رقم ( ١٧٥٨)؛
قال ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع قال حدثنا محمد بن قيس عن علي بن مبارك أن معاذا… كان يعلم النخع فقال لهم: إذا رأيتموني صنعت شيئا في الصلاة فاصنعوا مثله، فلما سجد أضر بعينه غصن شجرة فكسره في الصلاة، فعمد كل رجل منهم إلى غصن في الصلاة فكسره، فلما صلى قال: إني إنما كسرته لأنه أضر بعيني حين سجدت، وقد أحسنتم فيما أطعتم.
المصنف(٢/ ١١٧) .
وبعد هذا وفي السنة الحادية عشر للهجرة خرجت دثينة في وفد كبير يضم مائتي رجل من خيارها، حتى وصلوا المدينة فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يعجب بهم ويدعو ويثني عليهم وعقد لهم رايات حضروا بها فتوح العراق والشام .

*الردة*
مات النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله به الدين وأتم به النعمة وتولى أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخلافة من بعده، وفي لحظة صعبة من التاريخ أرتدت معظم القبائل العربية وظهر فيهم مدعو النبوة ولم يثبت على الإسلام إلا مكة والمدينة والطائف وجواثا وعدد قليل من قبائل العرب.
فدعا أبوبكر الصديق العرب إلى الثبات ومواصلة المسيرة النبوية فكان من أول من لبى النداء عدد من أهل اليمن، فوصل إلى المدينة:  ألفان من النخع، وخمسة ألف من كندة وبجيلة، وثلاثة ألف من سائر الناس.
ونهض الأسود العنسي الكذاب فارتد عن الإسلام وادعى النبؤة فنهضت معه قبائل من مذحج وغيرها فسيطر على قصر غمدان واتجه إلى السيطرة على بقية اليمن فدعا القبائل لمناصرته فاستجاب له من استجاب فرفضت دثينة دعوته في عدد من القبائل وتمسكوا بالإسلام واعتصموا به وصبروا وصابروا.
الاكتفاء للكلاعي(٣/ ٦١)
ويؤكد تمسك دثينة بالإسلام ورفضها الردة كل من:
المؤرخ أحمد بن عبد الله الرازي المتوفي سنة ٤٦٠ هج في كتابة تاريخ مدينة صنعاء ص١٨١ .
والثعالبي في الكشف والبيان( ٤/ ٧٨)
والبغوي في تفسيره(٢/ ٤٦) .
وقد وصل إلى دثينة عدد من الصحابة أثناء حروب الردة قادمين من المهرة وحضرموت يقودهم عكرمة ابن أبي جهل رضي الله عنه في جمع كبير وهناك التقوا بأهل دثينة وأكد لهم أهل دثينة أنهم مستمسكون بالإسلام معتصمون بحبل الله تعالى فقالوا له : كنا في الجاهلية أصحاب دين لا نتعاطى ما يتعاطاه العرب، فكيف بنا وقد صرنا إلى دين عرفنا فضله ودخلنا حبة.
ابن جرير(٣/ ٣٢٧) .
عادت العرب إلى الإسلام بعد عام كامل من الحروب واستقرت الأمور فدفع ابوبكر الصديق الناس لنشر الإسلام والزحف على إمبراطوريتي فارس والروم، فخرجت العرب تحت راياتها تغزو العراق والشام رافعين كلمة التوحيد وكان لأهل دثينة الحضور في كل معركة سواء كانت القادسية او اليرموك او نهاوند أو تستر وغيرها وانساح أبناء دثينة في الأرض ولا تزال قبور شهدائهم شاهدة عليهم في مشارق الأرض ومغاربها ولا تزال الكتب تسطر أخبار فاتحيهم وفرسانهم وقادتهم وولاتهم وعلمائهم وقضاتهم ومحدثيهم بسطور من نور.

وإلى الله تصير الأمور
ولله الأمر من قبل ومن بعد
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم ابن أبی

إقرأ أيضاً:

عُمان خلال فترة صدر الإســـلام والعصر الأموي والعباسي

الدكتور سليّم بن محمد الهنائي -

إن الحديث عن دور عُمان في التاريخ الإسلامي يأخذنا للحديث عن قصة من قصص الحضارة والإنجاز والمساهمة في البناء الإنساني المعرفي والفكري. هذه القصة غفلت عنها بعض المدونات التاريخية التقليدية، لكنها كتبت بأحرف ناصعة في مدونات أخرى كثيرة. إن عُمان، ومنذ قبل الإسلام وبعده، ليست إقليمًا هامشيًا، بل إقليم مهم على خارطة العالم القديم والحديث، ومركزًا حضاريًا أسهم بقوة في مجالات التجارة والعلم ونشر الإسلام عبر مناطق الحضارات وربوع الدنيا. إن الموقع الجغرافي الفريد المطل على المحيط الهندي جعلها مركز تواصل حضاري مع العديد من الحضارات وملتقى للطرق التجارية التي تربط مناطق آسيا وأفريقيا بالعالم الإسلامي.

العهد الإسلامي المبكر:

البدايات المشرقة والإسلام الطوعي

منذ ظهور الإسلام كانت عمان حاضرة بقوة في مشهد الدعوة الإسلامية وفي مسيرة الإسلام المبكرة، إذ أسلم أهل عُمان طوعًا عندما جاءتهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، دون أي حرب أو إكراه، فكان دخولهم في الإسلام نموذجًا فريدًا يتميز بسرعة الدخول ودون أي تردد، على الرغم من المكانة السياسية التي كانت عليها عمان في تلك الفترة. وقد بعثوا الوفود إلى يثرب لتعلم أحكام الدين ولقاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام على يديه. ولم يقتصر الأمر على دخول أهل عُمان في الإسلام، بل كانوا عناصر فاعلة في نشره، فقد ساهموا بدور بارز في نشر الإسلام نحو آسيا وأفريقيا جنبًا إلى جنب مع التجارة، فلا غرابة أن نجد الإسلام وصل إلى الصين عن طريق العمانيين قبل الفتوحات الإسلامية بأكثر من نصف قرن.

لقد سافر التجار العمانيون إلى شتى الأصقاع قبل الإسلام، وبعد دخولهم في الإسلام أصبحوا حاملين لنور الهداية. كما أن الأخلاق الحميدة، مثل الأمانة والصدق، التي كان عليها هؤلاء التجار العمانيون، أسهمت بشكل كبير في تقبل تلك الجماعات للإسلام ورغبتهم في معرفة المزيد عن هذا الدين، فساهم السلوك الطيب والسمعة الحسنة في ذلك الانتشار.

الازدهار الاقتصادي والتجاري:

عبور الطرق والبضائع

عرفت عمان منذ فترات مبكرة بازدهار اقتصادي فريد وملحوظ، هذا التفرد يعد فريدا في التاريخ وهو أن تجمع بين ازدهار اقتصادي واستقرار سياسي مع وجود موقع جغرافي متميز، ذلك جعلها نقطة عبور مهمة للتجارة، فلا يمكن أن للحركة التجارية التي تعبر بين الشرق والغرب وبين آسيا وأفريقيا أن تتجنب عُمان، فكانت موانئ عمان مثل مسقط وصحار وصور ودبا من الموانئ العمانية التي تشهد حركة تجارية نشطة طوال العام، فكانت البضائع الثمينة تمر عبرها متجهة أو قادمة من الصين والحجاز والشام وغيرها الكثير من المناطق.

عبر السنين اكتسب التجار العمانيين خبرة طويلة وكبيرة، فكان دورهم كوسطاء تجاريين بين الشرق والغرب، أضف إلى ذلك السمعة الطيبة التي يتحلون بها، والأمانة في التعامل، فكانوا ثقة في كل المناطق التي تاجروا معها، كما عرفوا بين تجار تلك المناطق بأمانتهم وثقتهم؛ كانت السفن العمانية تحمل بضائع مختلفة ذات قيمة كبيرة ونادرة في بعض الأحيان مثل العطور والتوابل واللؤلؤ والأحجار الكريمة والأقمشة الفاخرة مثل الحرير، كل ذلك الدور أسهم في أن تكون عمان غنية ومزدهرة، وأسهم في تطورها الثقافي والعمراني.

الدور الإداري والسياسي:

مركز إداري مهم

إن التطور السياسي الذي حدث في المدينة المنورة ومع توسع الفتوحات أسهم في أن تحظى عمان بمكانة خاصة من قبل الخلفاء الراشدين والقادة المسلمين، فكانت إدارة عمان في تلك الفترة تخضع لما يشبه الإدارة المستقلة مع وجود والي من قبل السلطة المركزية، يعين الوالي من طرف الخليفة للإشراف على الشؤون المتعلقة بالجوانب العسكرية والإدارية والقضائية.

دور عمان في العصر الأموي:

القوة والتوسع والاستقرار

امتد العصر الأموي في الفترة بين 41 و132هـ، وخلال هذه الفترة ازدادت أهمية عُمان الحضارية والاستراتيجية بشكل كبير، لقد كانت الدولة الأموية تدرك أهمية موانئ عمان للتحكم في طرق التجارة المهمة والحيوية التي تربط موانئ شرق آسيا بالبحر المتوسط مرورا بالخليج العربي والبحر الأحمر، كما أدركت أن تلك الموانئ تمثل درع حماية ومصدر للنفوذ والثروة.

في هذه الفترة أيضا شهدت عمان تطورا في الجوانب العمرانية، إذ بدأ تشييد عدد من القلاع والحصون والأسوار المنيعة التي تتناسب وأهمية عمان وموقعها الجغرافي، وذلك تحصين المناطق الساحلية ضد الهجمات التي تأتي من ناحية البحر، وكذلك العمل على تجهيز السفن لتكون قادرة على مواجهة القراصنة في البحر، فالأمر لم يكن مجرد تهديد للسفن بل يتعدى ذلك بشكل أكبر ويتمثل في إيقاف أو إضعاف الحركة التجارية في موانئ عمان عندما تتعرض السفن العابرة لهجمات القراصنة.

ولا غرابة أن نجد الأسطول العماني في فترة الدولة الأموية من أقوى الأساطيل خاصة وأن صناعة السفن كان في عُمان وبعضها يصنع في خارج عمان مثل الهند ثم تحضر إلى عمان، وهذا العدد من السفن أسهم في تأسيس أسطول عماني قوي يحمي التجارة وكذلك يسهم في زيادة وازدهار النشاط التجاري خلال تلك الفترة، ومن جانب اشتهر الملاحون العمانيون بالمهارة العالية في صناعة وقيادة السفن، وامتلك عمان أشهر المهرة في التعامل مع أخطار البحر والتيارات البحرية، فكان العمانيون ذو خبرة طويلة في ارتياد البحر وممرات المائية.

الحياة الفكرية والعلمية والثقافية في العصر الأموي: مركز إشعاع حضاري

بدأت خلال هذه العصر تزدهر في عمان الحركة الفكرية والثقافية، فأسست عدد من المدارس، وازدهرت العلوم النقلية مثل علوم القرآن الكريم والحديث والتفسير، فأشتهر عدد من العمانيين بتفسيرات فريدة للقرآن الكريم وبدراساتهم الفقهية.

فإذا كانت الأمصار الإسلامية مثل مكة والمدينة والبصرة والكوفة قد شهدت تطور العلوم النقلية، فإن عمان أسهمت في ذلك من خلال جانبين، الجانب الأول من خلال تطوير تلك العلوم في عُمان، والثاني من خلال العمانيين الذين كانوا في تلك الأمصار مثل البصرة والذين هاجروا رغبة في تلقي العلم فأسهموا في تلك النهضة أيضا من طبقة المفسرين والأدباء والشعراء، فكان لهم إسهام واضح في مجال الأدب والخطابة والبلاغة.

عمان في العصر العباسي:

الذروة والازدهار المستمر

بُعيد تأسيس الدولة العباسية عام 132 هـ وترسيخ دعائمها واتساع نفوذها نحو مناطق في الجزيرة العربية وبلاد الشام وشمال أفريقيا، حافظت عُمان على مكانتها البارزة والحيوية ضمن الخارطة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية للعالم الإسلامي. بل إن دورها تعاظم في بعض المجالات بشكل لافت، إذ غدت موانئها من أبرز مراكز الربط والتبادل بين أطراف العالم الإسلامي والشرق الأقصى، لاسيما في ظل ازدهار التجارة البحرية وتنامي النشاط التجاري العالمي إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، وكذلك في ظل اهتمام الخلفاء العباسيين بموانئ الخليج والجزيرة العربية، والتي تعد نقاط مهمة للتجارة نحو بلاد الرافدين.

لقد شهدت عُمان في العصر العباسي ازدهاراً متنوعاً شمل مجالات مختلفة، فقد كان الازدهار ثقافياً واقتصادياً وعمرانياً بشكل بارز، وأصبحت مركزاً فاعلاً لتبادل المعارف بين الشرق والغرب، كما أسهم علماؤها بفعالية في الحركة العلمية العباسية إذ هاجر عدد من العمانيين إلى الحواضر العلمية في العالم الإسلامي مثل بغداد ودمشق والقاهرة لنشر العلم والمشاركة في المناظرات والندوات الفكرية.

كما شهد العصر العباسي حركة ترجمة نشطة، وكان للعُمانيين دور بارز في نقل المعارف بين اللغات، حيث أسهموا في ترجمة مؤلفات يونانية وفارسية وهندية وصينية إلى العربية، مما أغنى الفكر الإسلامي بمصادر إنسانية متنوعة.

استقلالية الفكر والتسامح

شهدت عُمان خلال هذه الفترة تطوراً دينياً وفقهياً بارزاً، إذ جذبت الحركات الفكرية والعقدية، وبرزت فيها مدارس فقهية متعددة، وهذا من جانب يعكس حالة التميز العملي التي كانت عليها في تلك الفترة، ومن جانب آخر تميز العُمانيون بفهمهم الراسخ للشريعة، واتسموا غالباً بمواقف وسطية وعقلانية بعيداً عن الصراعات الفكرية والسياسية التي عصفت بالدولة العباسية، وكذلك بعيدين عن المشادات والمشاحنات الكلامية التي حدثت بين عدد من الفرق التي ظهرت في تلك الفترة وبعدها.

كما تمكّن العُمانيون في فترات كثيرة من الاستقلال السياسي، مما أتاح لهم حرية فكرية لتطوير اجتهاداتهم الأصيلة، وسعوا إلى تحقيق توازن حكيم بين الالتزام بالأصول والانفتاح على التجديد، فغدت عُمان ملاذاً آمناً للعلماء والمفكرين بعيداً عن الضغوط السياسية والفكرية.

الحضارة والعمران:

شاهد على التطور والرقي

لقد تميزت عمان منذ القدم بالنواحي العمرانية على جميع الأصعدة، سواء في المجال المتعلق بشق الأفلاج أو بناء القلاع والحصون، كما شهدت هذه الفترة تطورا في النواحي الحضارية والعمرانية، فكانت عُمان خلال تلك الفترات تشهد ازدهاراً حضارياً ومعمارياً لافتاً، وتميزت مدنها بتخطيط متقن وعمارة راقية، شُيّدت فيها أسواق واسعة، ومساجد جميلة، وحصون مزخرفة، واشتهرت مدن كصحار ومسقط ونزوى وبهلا وغيرها من المدن العمانية بجمالها العمراني وتنظيمها الحضري المتناسق.

كانت المدن العُمانية نابضة بالحياة، تعج بالتجار والعلماء والحرفيين سواء من العمانيين أو ممن يفد إليها طلباً للتجارة والزرق وللتعلم، كما امتلأت أسواقها بالبضائع النادرة والفاخرة، كالتوابل الهندية، والحرير الصيني، والعطور العربية، والفراء الشامية، والأقمشة المصرية، مما جعلها مركزاً تجارياً مميزاً في ذلك العصر.

لقد امتزجت العمارة العُمانية بين التقاليد المحلية والتأثيرات الإسلامية، ويمكن ملاحظة ذلك التأثير من خلال الطابع العمراني الذي يشاهد في عُمان وفي كل من فارس وتركيا، كما تميزت تلك العمارة بأنها تعكس تصاميم ذكية تلائم المناخ الحار، كالفناءات المظللة وفتحات التهوية، كما زُينت المباني بالزخارف الهندسية والأبواب المحصنة والمشربيات الجميلة.

المساهمة في نشر

الإسلام والعلم

اضطلع العُمانيون بدور بارز في نشر الإسلام والعلم في جنوب وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا، حيث انتشر علماؤهم ودعاتهم في السواحل الهندية والملاوية، ناشرين الدين بأساليب سلمية ومؤسسين للمساجد والمدارس، كما نشروا الإسلام على طول الساحل الشرقي لأفريقيا، وبفضل العمانيين وصل الإسلام إلى أدغال أفريقيا، وإلى بعض القبائل في تلك الأدغال التي تعيش حالة من التخلف يصل بها الأمر بتقريب قرابين إلى الالهة، فوصل العمانيين إلى تلك المناطق تجار حاملين معهم الإسلام، ومتحدين كل الظروف الطبيعية والبشرية من أجل نشر نور الإسلام، وما يزال أثر العمانيين في نشر الإسلام في شرق أسيا وأفريقيا باقياً أثره إلى اليوم.

الإرث الحضاري:

شهادة على العظمة والريادة

لم تكن عُمان في صدر الإسلام والعصور الأموية والعباسية مجرد إقليم كغيره من الأقاليم، بل كانت حضارة نابضة أسهمت بفعالية في البناء الفكري، فقد شارك العُمانيون بعلمهم وتجارتهم وإيمانهم العميق في نشر الإسلام وتطوير الفكر والحياة الاقتصادية والثقافية في أرجاء العالم الإسلامي.

وهذا يؤكد على دور عُمان الحضاري العريق في مسيرة الإنسانية، فهي تذكير بأن الأمم العظيمة تحيا بذاكرتها وتستلهم من تراثها دروساً للأجيال والمستقبل، وفي يومنا الوطني، نحتفي بفخر بهذا الإرث العظيم، ونتطلع إلى مستقبل يليق بعراقة الماضي وأصالة الحاضر وإشراقة المستقبل.

الدكتور سليّم بن محمد الهنائي باحث وأكاديمي بجامعة نزوى

مقالات مشابهة

  • عُمان خلال فترة صدر الإســـلام والعصر الأموي والعباسي
  • أحمد حسن: عبد الله السعيد وافق على الانضمام للمنتخب في البطولة العربية فقط
  • أستاذ بالأزهر: خدمة الناس وقضاء حوائجهم من أعظم القربات وأهم مقاصد الإسلام
  • دعاء فك الكرب وتسهيل الأمور.. احرص عليه تُفتح لك الأبواب المغلقة
  • صلاة الضحى.. اعرف توقيتها وفضلها وكيفيتها
  • هل يجب إعادة الوضوء بعد تناول لحوم الإبل؟.. اعرف حكم الشرع
  • أكرم توفيق: قميص منتخب مصر شرف لا يعلو عليه شيء
  • دينا أبو الخير توضح الحكمة النبوية من سُنِّة لعق الأصابع.. فيديو
  • ندوة البحوث الإسلامية تسلِّط الضوء على مفهوم الحُريَّة المسئولة ودورها في بناء الحضارة
  • كيف نرسخ عبودية الله في قلوب الأبناء؟.. الأزهر يوضح