في ذكراه السنوية الأولى.. كيف قيّم مثقفون عرب السابع من أكتوبر؟!
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
هل يتفاجأ أحد بانفعال الناس الساخط من الحرب؟
يلتقط بعض المثقفين سخط الناس أداة لإدانة عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لا لمجرد نقدها، أو تقييم حسابات صناعها.
أنت بوصفك فلسطينيّا تقلّبت في غمرة الصراع، وتعلم الثمن المدفوع أو الذي يُمكن أن يُدفع في مواجهة الاحتلال، لا يُقدّم لك المثقف العربي الذي يكتشف وجع الناس وسخطهم أيّ إضافة، حينما يُحاول إبرازه والإلحاح عليه بقصد الإدانة، لأنك تعيش هذا الوجع بين الناس، ولكنك تنزّه هذا الوجع عن الاستخدام، لأنّ القضية حينئذ لا تبدو وجع الناس بقدر ما هي تقصّد إدانة فاعل من بين هؤلاء الناس ويشاركهم وجعهم بالقدر نفسه.
لا يُقدّم لك المثقف العربي الذي يكتشف وجع الناس وسخطهم أيّ إضافة، حينما يُحاول إبرازه والإلحاح عليه بقصد الإدانة، لأنك تعيش هذا الوجع بين الناس، ولكنك تنزّه هذا الوجع عن الاستخدام، لأنّ القضية حينئذ لا تبدو وجع الناس بقدر ما هي تقصّد إدانة فاعل من بين هؤلاء الناس ويشاركهم وجعهم بالقدر نفسه
قد يلزم التمييز بين دوافع الذي انتهجوا هذا الموقف إزاء السابع من أكتوبر، بين من يرى حقّا أن الفجيعة الحاصلة هي المنظار الوحيد لرؤية ما جرى ومن ثمّ تقييمه، وبين من يصفّي حسابه مع ذلك الفاعل (هو حركة حماس في هذه الحالة) باستخدام آلام الناس الفادحة، فليست آلامهم قضيته أساسا، وبين من لديه موقف تأسيسيّ من هذا النمط من المقاومة بقطع النظر عن مستواه.
ومع هذا التفريق في الدوافع على أهمّيته، فإنّ ما يجمع أصحاب هذا النهج لا التقييم من زاوية الدمار والإبادة فحسب، ولكن أيضا خلاصات نهائية، تنحرف عن الجريمة الإسرائيلية إلى إدانة أحد ضحاياها، وهو من قام بعملية السابع من أكتوبر، بنحو يعزله فعليّا عن كونه ضحية الاحتلال وجودا وإبادة، وبما يحرمه من التعاطف كما يقتضي ذلك كونه ضحية الاحتلال، حتى لو استحقّ النقد -جدلا- من جهة قراره وحساباته.
السؤال المطروح والحالة هذه؛ ألا يستحقّ كلّ من وقعت عليه حرب الإبادة التعاطف بالقدر نفسه، وإظهار معاناته بالقدر نفسه، أم أنّه ينبغي أن ينتظر الفلسطينيون إبادة "غير مسبّبة" ليستحقوا جميعا التعاطف بالقدر نفسه؟!
إنّ مراجعة حسابات المسؤول عن عملية السابع من أكتوبر (وهو أمر يفعله الكثيرون من موقع الانحياز لخيار مقاومة الشعب الفلسطيني)، لا تقتضي تحميله المسؤولية عن آلام الناس الحاصلة في حرب الإبادة الإسرائيلية المتسعة من بعد السابع من أكتوبر، فالاحتلال وحده الذي يتحمّل المسؤولية عن جرائمه، وإلا لكان تحميل المسؤول عن السابع من أكتوبر مسؤولية نسبية عن الإبادة؛ مسّا بعدالة مقاومته ومشروعيتها. وهو ما يعود بالسؤال إن كان ينبغي أن ينتظر الفلسطينيون إبادة يعجز عدوّهم عن تسبيبها بمقاومتهم للتعاطف الكامل معهم بلا عزل ولا إدانة لبعضهم! وهو أمر لن يكون، لأنّ لا أحد يضمن سلوك العدوّ الذي يستبطن الإبادة عقيدة ومعنى وجود، ولأنّ الشعب الفلسطيني حيّ فلا بدّ وأن ينهض منه من يقاوم هذا العدوّ!
وقد سبق في مقالات كثيرة وناقشنا الوهم الذي يعتقد أن سياسة الإبادة مسببة بمستوى ما من المقاومة، وبيّنّا أنّ حاجة العدوّ للذريعة بل وحتى للفرصة محض تصوّر خاطئ ينمّ عن جهل بالعدوّ وتاريخ الصراع معه والكيفية التي يتصوّر فيها وجودنا ووجوده في هذه البلاد.
وما ينبغي أن يُضاف إلى ذلك؛ أنّ تحميل من ينهض لمقاومة العدوّ المسؤولية عن جرائم العدوّ التالية على فعل المقاومة خطيئة مؤكّدة، فتقييم الفعل ومراجعة حسابات صاحبه شيء، وجعل المقاوم شريكا للعدوّ في إيقاع الآلام بأبناء الشعب شيء آخر، ولا يقلّ عن ذلك خطيئة توظيف انفعالات المطحونين بجرائم العدوّ لإدانة المقاوم! وهذا بمعزل عمّا يمكن قوله حينما لا يكاد يلتفت المثقف العربي في ذكرى السابع من أكتوبر إلا إلى تقييم حسابات المسؤول عن العملية، ولا يجد شيئا آخر لقوله.
وإذن، فملاحظاتنا على هذا النقد ليس من جهة نقد حسابات المقاوم، ولكن من جهة عزله عن أبناء شعبه الذين يشاركهم الألم نفسه والثمن نفسه، والخلط بين النقد والإدانة، أي إشراك المقاوم مع العدوّ في تحمّل المسؤولية عن الفظائع التي يوقعها العدوّ على الفلسطينيين، والملاحظة الثالثة بناء الموقف كلّه على أساس الجزم بإمكان تجنّب كلّ ما حصل، وهذا الافتراض خطير لأنه ينطوي على تضامن مشروط، إذ من هذا الذي يمكنه أن يضمن أفعال العدوّ أو يتحكّم بها؟! فإن انفلت ردّ العدوّ من كلّ ضابط، هل سوف نظلّ نرجع بالإدانة على ذلك المقاوم ونحمّله المسؤولية عن الأثمان التي يدفعها أبناء شعبه، ونجعله هو وعدوه في دائرة الاتهام نفسها، فقط لأنّه لم يتمكن من ضمان ردّ فعل عدوّه؟! ويمكن أن نضيف إلى هذه الملاحظات اقتصار التقييم على جانب واحد، هو بالغ الأهمية، ولكنه ليس الجانب الوحيد، في حرب لم تزل قائمة ولم تنته. وهو ما يعني أنّ النظر من الجوانب الأخرى لا يعني الاستخفاف بويلات الناس وبالأثمان الفادحة المدفوعة في هذه الحرب.
وأخيرا.. ماذا يعني العزل الضمني للمقاوم عن بقية الضحايا بجعله شريكا للعدوّ الذي يقاومه في إبادتهم؟! أليس هذا إنكارا لمظلوميته وألمه ونزعا لإنسانيته وجعله مستحقا للإبادة جراء أخطائه المتوهمة أو الحقيقية؟!
x.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال المقاومة النقد الفلسطينيون فلسطين غزة الاحتلال المقاومة نقد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السابع من أکتوبر المسؤولیة عن الذی ی
إقرأ أيضاً:
مثقفون اردنيون يعاينون مسيرتهم الإبداعية استضافهم كرسي عرار في جامعة اليرموك.
#سواليف – محمد الأصغر محاسنة/ اربد / جامعة اليرموك .
قدم كتاب و #مثقفون #أردنيون، شهادات إبداعية حول تجاربهم الشخصية في الكتابة الابداعية صباح أمس في #جامعة_اليرموك . الندوة التي رعاها مندوبا عن رئيس الجامعة الدكتور موسى ربابعة المساعد للشؤون الأكاديمية صباح أمس بعنوان : “ندوة أعلام من الشعر الأردني ” : الدكتور راشد العيسى، يوسف عبد العزيز، مهدي نصير، “شهادات إبداعية”، والتي نظمها كرسي عرار للدراسات الثقافية والأدبية في الجامعة .
الحفل الذي ادار مفرداته استاذ اللغة العربية الدكتور الشاعر عمر العامري أكد الربابعة في كلمة له عن دور جامعة اليرموك الثقافية والعلمية وجهود جامعة اليرموك في إقامة نشاطات علمية وإبداعية متنوعة في شتى وسائل المعرفة.
وعن رسالة الجامعة اكد الربابعة بأن اليرموك منذ تاسيسها لازالت وستبقى منارة ثقافية تنهض برسالتها العلمية.
مقالات ذات صلة جلسة ثقافية في الرمثا للتوعية بحقوق المرأة والإنسانية عامة ضمن اتفاقية بكين 30 2024/12/19وأضاف ربابعة منذ تأسيس كرسي عرار ٢٠١٠ يقوم بدور ثقافي كبير استطاع بادارته ان يسلط الضوء على رواد الحركة الادبية منذ تأسيس الدولة الاردنية . مؤكدا على احتفالنا هذا الصباح بشهادات ابداعية لمبدعين اردنيين .
من جانبه تحدثت أستاذة الأدب العربي في جامعة اليرموك شاغل كرسي عرار الدكتورة الاديبة ليندا عبيد قائله” تأتي هذه الندوة برؤية ثاقبة وتستحق لمسيرة قامات ثقافية وطنية ، ودورنا في كرسي عرار نأخذ بعين الجد تسليط الضوء على ابداعات اردنية اثبتت على الساحة الأردنية و العربية دورها الثقافي والتنويري .
واستهلت فعاليات الندوة، على عرض فيلم قصير حول الشعراء ، وافتتحت الندوة التي أدارتها الدكتورة ليندا عبيد بشهادات إبداعية للمشاركين عاينوا فيها تجربتهم الشعرية ” وقدموا في نهاية الندوة قراءات شعرية عاينت ايضا احوال الذات والحياة .
وكرم راعي الحفل الربابعة وعبيد الشعراء المشاركين بحضور جمع كبير من اعضاء هيئة التدريس في الجامعة ومدير ثقافة اربد الدكتور سلطان الزغول، وطلبة الجامعة والمهتمين بالشأن الثقافي والاعلامي.