هدر الطاقات بسبب فجوة اللغة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
محمد بن درويش البلوشي
mdbalushi@outlook.com
يُعاني الطلبة في المرحلة الجامعية من إشكالية الانتقال من دراسة المُقررات باللغة العربية إلى دراستها باللغة الإنجليزية، وكان الحل لهذه الإشكالية سطحيًا؛ وذلك من خلال سنة تأسيسية باللغة الإنجليزية وكأنَّ سنة كفيلة بردم الفجوة والتكيف مع اللغة الأكاديمية الجديدة وفهم دهاليزها واستيعاب مصطلحاتها، إلّا أنَّ المشكلة تتجاوز السنة التأسيسية الجامعية إلى أزمة حقيقية في مسار تعليم واختيار اللغة في مختلف المراحل الدراسية والوظيفية للتسع الفجوة وحجم الهدر خاصة مع تطور المؤسسات ونموها.
وتبدأ مُشكلة تحديد اللغة منذ المرحلة الأولى للتعليم حيث يعيش أولياء الأمور في قلق اختيار أي اللغات أهم في تعليم الأبناء؟ وأي المدارس أفضل؟ هل يتعلم ابنهم في مدرسة خاصة تركز على اللغة الإنجليزية؟ أم مدرسة حكومية تُركز على اللغة العربية؟، وفي منتصف مسار التعليم المدرسي قد يُغير ولي الأمر تفكيره خوفاً من فقدان اللغة العربية أو رغبة في اكتساب اللغة الإنجليزية، تنتهي هذه المرحلة بتحديات لغوية جمَّة لينتقل الطالب إلى مرحلة جامعية يكون لكل مسار إنساني أو علمي في الجامعة أو الكلية لغته الخاصة والتي تتقاطع غالباً مع اللغة الأكاديمية التي اكتسبها في المدرسة، ليبدأ رحلة جديدة من مضاعفة الجهد وعدم الثقة في النفس لفهم واستيعاب المادة التعليمية، وبعد الحصول على شهادة التخرج الجامعية يبدأ فصل آخر من المُعاناة فالمؤسسات الحكومية والمجتمع تستخدم غالباً اللغة العربية، والشركات تتعامل باللغة الإنجليزية ليدخل مسار جديد من التناقض، وبلا شك أن التعليم لا يتوقف وقد يضطر الموظف إلى تطوير معارفه والدراسة مجددًا ويبقى الإشكال متواصلا فلغة العمل تختلف عن لغة الدراسة.
إنَّ هذه الإشكالية تسببت في هدر حقيقي متعدد الأبعاد ويُمكن سردها في الآتي:
1. البعد المالي: تباين لغة الدراسة عبر المسارات التعليمية يضطر الطالب أو الموظف إلى الالتحاق بسنة تأسيسية أو برنامج تأهيلي في اللغة، أضف إلى ذلك احتياج المؤسسات إلى الترجمة للمهام اليومية كالمستندات القانونية وليست الترجمة العلمية المفيدة، وأيضًا عدم قدرة الطالب على الربط بين المصطلحات الأكاديمية في المدرسة وقرائنها في الجامعة.
2. البعد الزمني: يمضي الطالب اثنتي عشرة سنة في المدرسة وهو لا يتقن اللغة العربية بشكل جيِّد لاعتقاده أنها لغة غير مُهمة للعمل ويمضي بعدها خمس سنوات في تخصص جامعي يدرس باللغة الإنجليزية ويجد صعوبة في اسيتعاب مصطلحاتها ولا يستخدمها بعد التخرج، فتمضي كل هذه السنوات مليئة بالتخبط والتحول بين اللغات دون اكتساب معرفة تراكمية صلبة.
3. البعد المعرفي: يُواجه الطلبة صعوبة في التفكير النقدي والتعبير عن رأيهم في المواضيع بلغة سليمة، وعدم قدرتهم على استيعاب مصطلحات اللغة الجديدة، مما يُؤثر على قدراتهم الإبداعية.
4. فقدان الكفاءات: يُؤدي تغيير اللغة إلى انسحاب بعض الطلبة من الجامعات أو العمل في مؤسسات تتعامل مع لغتهم الأم أو اللغة التي يجيدونها.
5. انقسام مجتمعي: يؤدي التركيز على إحدى اللغتين إلى وجود انشطار في رؤية الأسر للتعليم فهناك فئات تجيد اللغة العربية وأخرى الإنجليزية وأخرى بين هذا وذاك.
وختامًا.. إنَّ إشكالية الانتقال في التعليم بين اللغتين العربية والإنجليزية لا يقتصر على تحديات مرحلية أو زمنية قصيرة الأمد، بل هي مسألة مُعقدة تمتد عبر مراحل التعليم المختلفة، لذلك يجب أن تكون هناك وقفة من الجميع لوقف الهدر الكبير للطاقات على المستوى المالي، والزمني، والمعرفي، والذي يؤدي إلى فقدان الكفاءات وضبابية الخيارات لدى الوالدين والطلاب، لذا من الأهمية بمكان على صناع القرار إعادة النظر ودراسة السياسات التعليمية المتبعة بهدف تحديد اللغة المستخدمة وتقليل الفجوات التي يواجهها كل من الطلبة والمؤسسات والمجتمع، خاصة وأن اللغة هي ضمير الأمة وهو ما يعكس حرص مُعظم دول العالم على التوظيف المتكامل في كل شؤون الحياة للغة الرسمية المتعمدة فيها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صندوق عطاء يمول أول دبلوم متخصص في الإعاقة البصرية باللغة العربية بمصر
وقع صندوق الاستثمار الخيري لدعم ذوي الإعاقة “عطاء” اتفاقاً مع جامعة النيل الأهلية ومؤسسة بصيرة لذوي الاحتياجات البصرية لتقديم أول دبلوم دراسات عليا متخصص في الإعاقة البصرية في مصر باللغة العربية. وتستهدف المناهج الدراسية المعدة بجامعة وسترن مشيجان الأمريكية إعداد وتأهيل مقدمى الخدمات للأشخاص من ذوى الإعاقة البصرية.
وفى فعالية استضافتها جامعة النيل، وقع الاتفاق شريف سامي رئيس مجلس إدارة صندوق "عطاء" والدكتور وائل عقل رئيس جامعة النيل والأستاذة دعاء مبروك المدير التنفيذي لمؤسسة بصيرة، لتقديم دبلوم اخصائي ضعف بصر ودبلوم اخصائي التوجه والحركة. وذلك بحضور المهندس ايمن عبدالوهاب عضو مجلس إدارة الصندوق والأستاذة اميرة الرفاعي المدير التنفيذي إضافة إلى لفيف من القائمين على إدارة الجمعيات والمؤسسات الاهلية العاملة في المجال و عدد من المهتمين بالدبلوم المقرر تقديمه.
وأكد شريف سامي في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، على مدى إهتمام صندوق "عطاء" بتمويل أنشطة تعليمية تحقق رعاية وتعامل أفضل مع الأشخاص ذوى الإعاقة من مختلف الشرائح العمرية ولاسيما الإعاقة البصرية، بما ييسر من دمجهم في المجتمع ويساعد على تقدمهم في مراحل التعليم ويزيد من فرص العمل المتاحة لهم. وأعرب عن إعتزاز مجلس إدارة الصندوق بهذا التعاون مع جامعة النيل ومؤسسة بصيرة ذات الباع الطويل في التخصص، وذلك لتقديم محتوى أكاديمى رفيع يعتمد على مناهج دولية تم تكييفها لتناسب البيئة المصرية.
ومن جانبها أشارت أميرة الرفاعى المدير التنفيذي لصندوق عطاء إلى أن الدبلومات المستهدف أن تبدأ الدراسة بها في شهر فبراير القادم – والتي يوفر الصندوق أيضاً منحاً دراسية لعدد من الملتحقين بها - تتيح تخريج كوادر ذات قدرة مهنية متخصصة في تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على المستويين التعليمي والاجتماعي، ومساعدتهم علي الاعتماد علي أنفسهم بطرق علمية حديثة تؤدي إلي دمجهم في المجتمع والحصول علي حقوقهم في الاستقلالية.
وأضافت أن اجتياز كل دبلوم يتضمن تدريب ميداني مكثف. وهو ما يؤهل من يرغب من الحاصلين على أيي من الدبلومين للتقدم لاختبار أكاديمية الاعتماد الدولي بالولايات المتحدة الامريكية للحصول علي اعتماد دولي. ومن الجدير بالذكر أن تلك الأكاديمية هي الجهة الدولية الوحيدة المتخصصة في منح شهادة تأهل مهنى معتمدة لأخصائي الإعاقة البصرية.
وأعقب التوقيع، استعراض شرح تفصيلي للدبلومات وكيفية تسجيل طلبات الإلتحاق من خلال الموقع الالكتروني للجامعة أو من خلال البريد الالكترونى [email protected] .
كما شهد المشاركون عرض فيلم تسجيلي عن بداية نشأة فكرة الدبلومات وصولا إلى مرحلة التنفيذ الفعلي.
ومن جانبه أشار شريف سامي ان "عطاء" هو أول صندوق استثمار خيري ينشأ في مصر، وقد حرص مؤسسوه على أن يكون تركيزه في مجال دعم ذوي الإعاقة.
وشدد على أنه من أهم مزايا آلية صناديق الاستثمار الخيرية هي ضمان استدامة التمويل حيث لا يتم الصرف من أصل الاموال، ولكن من عوائد استثمارها.
كذلك نجد أن هناك فصل بين توجيه الأموال وتنفيذ المشروعات الخيرية والاجتماعية إضافة إلى تولى شركة متخصصة مرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية إدارة محفظة الصندوق الاستثمارية، وكل ذلك يحقق رقابة أفضل ويعزز من أداء الصندوق.
ولفت إلى أن الاستثمار في الخير بشراء وثائق صندوق الاستثمار الخيري لدعم ذوى الإعاقة عطاء، متاح للأفراد والشركات وغيرها من الأشخاص الاعتبارية من خلال فروع عدد من البنوك التجارية المصرية إضافة إلى بنك ناصر الاجتماعي.