#تحت_الضوء
د. #هاشم_غرايبه
لا شك أن الأمة فجعت بحجم اختراق العدو الاستخباري لحزب الله، والذي وظفه هذا العدو إضافة الى التفوق الهائل في القوة التدميرية التي حرص الغرب على تزويده بها، وظفها في تنفيذ سلسلة اغتيالات بحق الصف الأول من قيادات هذا الحزب وقيادات أخرى منتمية الى المقاومة الفلسطينية، كانت تعيش في كنفه.
لفهم كيفية نجاح ذلك الاختراق، يجب أن نقر أولا بالحقيقة الساطعة التي تحاول الأنظمة العربية المنقادة لأمريكا تغطيتها بغربالها المتفسخ، هذه الحقيقة هي أنه لا فرق في حالة العداء السافر للأمة بين الغرب الذي تقوده أمريكا وبين الكيان اللقيط، بل إن ذلك الكيان هو المخلب الذي وظفه الغرب لتنفيذ عدوانه بين الفينة والأخرى، وبناء على ذلك، فكل تقدم تسليحي يحققه الغرب أو قدرات تجسسية طورها، جميعها تحت يد ذلك الكيان، لذلك فمن السخف أبراء ذمة الغرب أو عدم رضاه عن جرائك الكيان اللقيط.
وأمريكا من جانبها لا تخفي ذلك، بل وتستعرض قواتها البحرية في المنطقة كلما جد الجد وشعرت بمخاطر تهدد هذا المخلب ، لكنها عند كل عدوان أو اغتيال تنأى بنفسها، لحفظ ماء وجه الأنظمة العربية العميلة لها، وتنسبه الى المخلب القذر، وكأنه مستقل عن جسد الوحش الضاري (الغرب)، بل وتدعو (الطرفين) الى ضبط النفس وعدم التصعيد، مع أن هنالك طرف واحد هو المهاجم دائما، والطرف الآخر هو المتلقي للصفعات على الدوام.
لذلك، فلا شك أن ما حققته أمريكا من هيمنة معلوماتية كاملة، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي تغطي كل أقطار العالم، فأصبح تتبع أي شخص والتنصت عليه ومعرفة كل حركاته وسكناته، متاح للمخابرات المركزية، وبالتالي متاح للموساد حكما.
لقد كان واضحا منذ أن جرى أغراء كل فرد في الكرة الأرضية باستخدام هاتف خليوي، وربط هاتفه بشبكة الانترنت بكلفة زهيدة، واشتراكه بخدمات التواصل المختلفة مجانا، رغم معرفة الجميع أن قاموس الغرب لا يعرف مصطلحات العمل لوجه الله ولا حتى لخدمة الإنسانية، فالمردود من هذه المجانية هو رهن البشر للسيطرة الكاملة للمخابرات الأمريكية.
على الرغم من إدراك قادة حزب الله لذلك، وحرصهم على عدم كشف أخبارهم ومواقعهم، والذي كان في جزء منه استخدام أجهزة (البيجر) بديلا لأجهزة الهاتف، فقد وقعوا في كمين محكم، رتبته الـ (CIA)، لعلمها بنقطة ضعف العربان أمام الشقراوات الحسان.
في هذه المرة كانت إيطالية الجنسية، ووكيلة لشركة تايوانية مصنعة لأجهزة البيجر (ابوللو)، قدمت عام 2022 عرضا لجهاز من طراز (AR924) أعجب مسؤولي حزب الله، أن شحنه يدوم شهورا، ولم يعلموا أن بطاريته الضخمة كانت تحوي شحنة متفجرات قوية، يمكن تفجيرها برسالة مشفرة.
يقال أن هذه المرأة لم تكن تعلم بأن الشركة التايوانية قد أوكلت الى شركة هنغارية تصنيع هذه الأجهزة، والتي لم تكن في حقيقتها الا تابعة للموساد، والذي بداية فخخ هذه الأجهزة لمنع اكتشاف جهاز ارسال مزروع معتمد على تقنيات الأيفون الذي بامكانه التجسس على حامله وبث الصوت والصورة الى اجهزة استقبال في الأقمار الصناعية الأمريكية، وكان كبر حجم البطارية لتشغيل الجهاز لفترات طويلة حتى لو كان مغلقا.
بالطبع تمكنت أجهزة التنصت من رصد كل تحركات وخطط الحزب، ومنها نية اطلاقه آلاف الصواريخ عند الساعة الرابعة والنصف صباحا، فقامت مائة طائرة بمهاجمة هذه الصواريخ قبل نصف ساعة وهو الوقت اللازم لإظهارها من مخابئها.
كانت عملية تفجير كل تلك الأجهزة مرة واحدة في شهر أيلول الماضي لمنع اكتشاف تلك الثغرة التجسسية، والتي لا شك أنها ليست الوحيدة في صفقات شراء الأنظمة العربية للمعدات والأسلحة الغربية، فقامت أمريكا بتشغيل خاصية التدمير الذاتي، واحتياطا من اكتشاف الثغرة نفسها قامت في اليوم التالي بتفجير كل الأجهزة اللاسلكية، ونشرت معلومات مضللة للتمويه، تقول أنه لدى الكيان تقنيات متطورة تمكنه من تفجير أي جهاز يحتوي على بطارية عن بعد بارسال أمر برفع درجة حرارة تلك البطارية فتنفجر، لكن خبراء يؤكدون عدم امكانية ذلك، قد يمكن ذلك بفيروسات تخربها وليس تفجرها.
المؤمن فقط هو من لا يلدغ من جحر واحد مرتين، لكن غير المؤمن سيلدغ مرات عديدة.
مصيبتنا أن أغلب قياداتنا علمانيون لا يؤمنون بالله واليوم الآخر. مقالات ذات صلة مهمتك ألا تبكي 2024/10/08
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تحت الضوء هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
الوضع السورى.. ومستقبل ليبيا
من السابق الحكم على مستقبل سوريا فى ظل تعدد اللاعبين الدوليين على الأراضى السورية، وسعى كل القوى الدولية والإقليمية لتقديم نفسها فى المشهد السورى وفرض نفوذها خلال المرحلة الانتقالية التى تؤسس لشكل الدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد الذى أسس للطائفية والعرقية فى سوريا، ولم يستطع تجاوز المرحلة الأولى من الربيع العربى منذ عام 2011 وكانت سببًا فى هجرة وتشريد ما يقارب نصف الشعب السورى، وسقوط كثير من المحافظات والمدن السورية فى أيدى الجماعات الإرهابية وتيار الإسلام السياسى والمعارضة السورية، حتى جاءت لحظة التفاهمات الدولية الجديدة لمسرح الأحداث فى أوكرانيا والشرق الأوسط، لتتخلى روسيا عن النظام السورى مقابل مصالحها المباشرة فى أوكرانيا وحماية أمنها القومى فى مواجهة الغرب، وفى ذات اللحظة انسحبت إيران من المشهد السورى مقابل تأمين منشآتها النووية باعتبارها أهم أهدافها الاستراتيجية، لتتصدر تركيا المشهد السورى وتصبح اللاعب الرئيسى فى سوريا نتيجة دعمها لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع فى دخول دمشق وإعلان سقوط النظام السابق.
التحركات الدبلوماسية الأخيرة، تكشف عن بعض من جوانب الغموض للحالة السورية، خاصة بعد زيارة الوفد الأمريكى ولقائه مع أحمد الشرع وعدد من أعضاء هيئة تحرير الشام التى تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية كجماعة إرهابية، فى تغير دراماتيكى يكشف عن تلون وازدواجية السياسية الأمريكية طبقًا للمصالح الأمريكية الإسرائيلية وتحقيق أهدافهما الاستراتيجية فى الشرق الأوسط.. أما زيارة وزير الخارجية التركى هاكان فيدان قبل أيام كانت كاشفة بجلاء عن أن الرابح الأكبر من أزمة سوريا هى تركيا كما جاء فى المؤتمر الصحفى مع أحمد الشرع عندما أكد أن التنسيق كامل على محاور عدة وأتى على رأسها العمل مع القيادة الجديدة على تحرير كامل الأراضى السورية من الجماعات الإرهابية والمسلحة إلى خارج سوريا، كاشفًا عن التعاون فى شتى المجالات ودعم تركى سياسى وفنى خلال المرحلة الانتقالية لإعادة بناء المؤسسات السورية وأيضًا عمليات الإعمار وبناء البنية الأساسية للدولة السورية، مشيرًا إلى البدء فى ترتيب زيارة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى سوريا فى تأكيد على الهيمنة التركية على سوريا، وفى ظل تشتت وغياب موقف عربى موحد لما يحدث فى سوريا نتيجة أيديولوجيات طائفية وعرقية تحدد مواقف بعض الأنظمة العربية، وعمل البعض الآخر كوكلاء لقوى كبرى، أو بعض الأنظمة التى ترفض التعامل مع تيار الإسلام السياسى والجماعات الإرهابية.
خطورة الوضع السورى لا يقف عند حد الوضع المجهول لمنطقة الشام وتأثيرها على الأمن القومى العربى والنزعة العروبية لهذه المنطقة بالغة الأهمية، وإنما يمتد تأثيرها لما هو أبعد وأخطر وتحديدًا على الأمن القومى المصرى، فى ظل ما تشهده المنطقة من إنتاج موجة من تيارات الإسلام السياسى ودعمها للسيطرة على الدول، كهدف استراتيجى أمريكى لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.. ومع تلاقى المصالح والأهداف التركية الأمريكية فى سوريا والهيمنة التركية على الوضع السورى، يجب التوقف أمام تصريحات وزير الخارجية التركى حول مستقبل جبهة النصرة ونقلها خارج سوريا، خاصة أن الكل يعلم أن تركيا لها مصالح فى الغرب الليبى وتدعم حكومة الغرب وتيار الإسلام السياسى، الذى بات ينتظر الدعم ويتحين الفرصة لتكرار التجربة السورية فى ليبيا، الأمر الذى يدعو الشعب الليبى الآن، وأكثر من أى وقت مضى إلى التحرك واتخاذ خطوات جادة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لحماية دولته ومقدراته من المخططات الخارجية وغزو تيارات الإسلام السياسى إلى الغرب لفرض واقع جديد على ليبيا، وهو نفس الأمر الذى يدعو الدولة المصرية إلى تحركات فاعلة ومسبقة تشكل خطوطا حمراء جديدة أمام محالات العبث بمستقبل ليبيا باعتبارها حدود الأمن القومى المصرى المباشر.
حفظ الله مصر