هل يستطيع نتنياهو خلق شرق أوسط جديد؟.. باحث يوضح تفاصيل مثيرة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
شدد الباحث ليون هادار، في مقال نشره في مجلة "ناشونال إنتريست"، على أنه لن يكون "هناك شرق أوسط جديد" على الرغم من "الانتصارات" التي حققتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على حزب الله في لبنان.
وأشار هادار، وهو باحث زميل في دراسات السياسة الخارجية سابقا في معهد "كاتو" الأمريكي، إلى أنه جرى الحديث عن شرق أوسط جديد يلوح في الأفق مرات كثيرة من قبل.
وقال إنه "في عام 1982، تصور وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون نظاما جديدا في الشرق الأوسط، مع لبنان حر تحت حكومة مارونية موالية للغرب ودولة فلسطينية في الأردن. وكان الغزو الإسرائيلي للبنان من شأنه أن يدمر منظمة التحرير الفلسطينية ويضمن أمن إسرائيل".
وأضاف أن "شمعون بيريز، وعد الصحفي توم فريدمان بشرق أوسط جديد في أعقاب اتفاق أوسلو في عام 1993. وبدلاً من القتال، سيطلق الشباب الفلسطينيون والإسرائيليون شركات ناشئة عالية التقنية. وستحطم سيارة ليكسوس شجرة الزيتون وتبشر بـ "نهاية التاريخ".
ثم كان من المفترض، حسب مقال هادار، أن "ينشأ شرق أوسط ديمقراطي ومؤيد لأميركا، بدءاً من العراق، بعد تمارين الرئيس جورج دبليو بوش في تغيير الأنظمة وتعزيز الديمقراطية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".
في أعقاب ذلك، بدأ الربيع العربي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والذي كان من المتوقع أن "يطلق موجة من الثورات الليبرالية الديمقراطية في الشرق الأوسط بقيادة جميع مستخدمي الفيسبوك الشباب المجتمعين في ميدان التحرير"، وفقا للكتاب.
وأوضح الكاتب أنه "كان هناك أيضا، حديث عن شرق أوسط جديد ومحسن بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم عام 2020، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وتشكيل كتلة استراتيجية عربية إسرائيلية لاحتواء إيران".
وعاد الكاتب إلى التطورات في لبنان، مشيرا إلى أن "نجاح إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية لإيران ووكلائها في الشرق الأوسط يثير الآمال في نظام جديد في المنطقة. سيخرج لبنان حر من بين أنقاض حرب حزب الله وإسرائيل".
وقال إن "تقليص حجم إيران قد يجعل من الممكن تحقيق انفراجة بين إسرائيل والسعودية في هيئة تحالف إبراهيم على غرار حلف شمال الأطلسي".
وفي رسالة أخيرة إلى الشعب الإيراني، تصور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تغييرا للنظام في الشرق الأوسط، وتخيل اليوم الذي يعيش فيه الفرس واليهود في سلام"، وفقا للكاتب.
وبطبيعة الحال، يرى الباحث أنه "ليس هناك ما يمنع من الحلم المستحيل أو على الأقل التطلع إلى أيام أفضل في المستقبل. ولكن المشكلة هي أن الزعماء السياسيين يأخذون خيالاتهم على محمل الجد في بعض الأحيان ويستخدمونها لحشد الدعم لسياسات مكلفة. وكما يقول المثل: الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة".
ومن هنا، قال هادار إن "أحلام شارون الخيالية، أدت إلى حرب طويلة وكارثية في لبنان انتهت بجر إسرائيل إلى مستنقع. واغتيل الزعيم الماروني بشير الجميل. ونجت منظمة التحرير الفلسطينية. ثم جاءت الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987. وأشعلت اتفاقية أوسلو في عام 1993 توقعات السلام التي فشلت في التحقق. وفي وقت لاحق، أعقبت المحاولة الفاشلة للرئيس بيل كلينتون لعملية سلام أخرى في كامب ديفيد في عام 1999 الانتفاضة الثانية على الفور. وترأس شارون انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005".
وأضاف أن "حرب العراق، أثبتت أنها كارثة استراتيجية ذات أبعاد تاريخية، في حين تحول التدخل العسكري في أفغانستان إلى أطول حرب خاضتها أميركا. وقد أدت الحروب إلى انهيار توازن القوى في الشرق الأوسط، ما سمح لإيران بالظهور في نهاية المطاف كقوة مهيمنة إقليمية، تقود مجموعة من الوكلاء".
في نظرة إلى الوراء، أشار الباحث إلى أن "محاولة نتنياهو تهميش المشكلة الفلسطينية من خلال اتفاقيات إبراهيم، أثبتت أنها خطأ انفجر في وجه إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وبدا أن إيران وحلفائها خرجوا كفائزين استراتيجيين - على الأقل لفترة من الوقت".
واستدرك الباحث بالقول "لكن من الخطأ أن نصور التمرين الإسرائيلي الناجح في عكس الانتصارات التي حققتها إيران ووكلاؤها على أنه فرصة أخرى لتدشين شرق أوسط جديد. ومن المؤسف أننا لم نبق إلا على نفس الحال القديم. وسوف يظل حزب الله لاعبا سياسيا وعسكريا مهما في لبنان، ومن غير المرجح أن تؤدي انتكاساته الأخيرة إلى تغيير ميزان القوى في ذلك البلد".
وشدد هادار، على أن "إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بهزيمة إيران"، مؤكدا أن "أي تحرك انتقامي من جانب إسرائيل ضد إيران، وخاصة الهجوم على مواقعها النووية ومواقعها النفطية، من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى اندلاع حرب عسكرية إقليمية من شأنها أن تجر الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى التدخل".
وأوضح أن "التدخل العسكري الأميركي الذي من المؤكد أنه سيؤدي إلى شن إيران هجمات على المواقع العسكرية الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لن يؤدي إلا إلى الإضرار بمصالح إسرائيل في الأمد البعيد".
وأشار إلى أن "انغماس الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، هذه المرة كجزء من الجهود الرامية إلى حماية إسرائيل، من شأنه أن يشعل شرارة رد فعل سياسي معاد لإسرائيل في أميركا، وخاصة إذا كان من شأنه أن يؤثر على الانتخابات الرئاسية".
ولفت إلى أن "التدخل العسكري الأميركي الجديد في حرب الشرق الأوسط من شأنه أن يعجل على الأرجح بانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وهو الهدف الأساسي لإيران".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الشرق الأوسط إيران نتنياهو الولايات المتحدة إيران الشرق الأوسط الولايات المتحدة نتنياهو صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط شرق أوسط جدید إسرائیل فی من شأنه أن فی لبنان إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
أيّ معادلة تريد “إسرائيل” فرضها لبناء شرق أوسط جديد؟
تصاعدُ وتيرة التغوّل الإسرائيلي في دول المنطقة سواء في غزة أو لبنان وصولاً إلى سوريا مؤخّراً، وتركيز القصف الإسرائيلي لكلّ مقدّرات سوريا العسكرية، ومن غير المستبعد أن ينتقل هذا التغوّل أكثر بالتدريج لاستباحة دول أخرى، لم يكن كلّ ذلك عبثاً بل تطبيقاً لخطة إسرائيلية مدعومة توراتياً بغطاء يميني متطرّف كرّرها نتنياهو مراراً وتكراراً في خطاباته الأخيرة، مستغلّاً ظروف المنطقة بشكل عام ومجريات الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
تقوم المعادلات الإسرائيلية هذه المرة على مرتكزات مكشوفة لتحقيق حلم نتنياهو تزامناً مع وصول الرئيس الأميركي الجديد ترامب إلى سدّة الحكم مرة أخرى، أملاً في تحقيق أكبر قدر من أحلام نتنياهو من ولاية ترامب المقبلة.
المخطط الذي تعمل “إسرائيل” عليه في المنطقة حالياً يرتكز إلى هدف أساسي هو إنهاء المشروع الإيراني فكرة ومقاومة، والذي يتعارض مع أهداف وأحلام المشروع الصهيوني بالدرجة الأولى، وتوظيف ذلك في تطبيق رغبة إسرائيلية في التوسّع في دول المنطقة لتفتيتها وتهجير سكانها بما يضمن لها السيطرة الكاملة عليها بسهولة، وهذه السيطرة بالدرجة الأولى ستكون وجهتها منطقة ودول بلاد الشام تحديداً كما نرى على مدار عام وأكثر في استهداف لبنان وسوريا وفلسطين وربما مستقبلاً وقريباً الأردن.
تقوم الاستراتيجية الإسرائيلية في هذا السياق على مرتكزين أساسيين وعليها تعمل بهدف فرض معادلات جديدة ضمن مفهوم مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشّرت به وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايز قبل سنوات وتعثّر مراراً، لتعود حالياً وتسعى لفرضه في المنطقة من جديد، وقد صرّح بذلك نتنياهو مؤخّراً في اتصاله الأخير مع الرئيس ترامب وفي حواره مع إيلون ماسك، والذي أشار فيه إلى أنّ نّما تقوم به “إسرائيل” في المنطقة يهدف إلى تغيير وجه الشرق الأوسط الجديد كي يتناسب مع حلم “إسرائيل الكبرى”.
المعادلة الأولى/الاستباحة والتدمير: وهي معادلة قائمة على الضرب والاستهداف في كلّ مكان ومن دون توقّف سواء في غزة أو لبنان وسوريا، وشهدنا مدى التغوّل العسكري الإسرائيلي في الأراضي السورية وقبلها في الأراضي اللبنانية، إذ إن هذا التغوّل في أراضٍ عربية سيمكّنها من عزل الدول العربية عن بعضها مما يسهّل تحقيق هدف “إسرائيل” الكبرى وفرض حدود جديدة لها، وهو ما ينسجم مع تصريحات ترامب التي قال فيها بوضوح إنه سيعمل على توسيع خريطة “إسرائيل” مستقبلاً.
المعادلة الثانية/التفوّق: وتهدف لفرض واقع جديد في دول المنطقة بما يعزّز استمرار تفوّق “إسرائيل” عسكرياً وبما يضمن تحجيم قدرات الدول المحيطة وحركات المقاومة ومنع التفوّق العسكري الذي يؤثّر في موازين القوى في أيّ مواجهة، كما شهدنا التفوّق العسكري لحزب الله أثناء معركة أولي البأس مؤخّراً.
ترنو “إسرائيل” مستغلّة قدوم إدارة ترامب الجديدة إلى تشكيل شرق أوسط جديد وتعلن ذلك بصراحة وقد بدأت خطوات عملية في هذا الاتجاه، شرق أوسط يتشكّل أولاً من سيطرة على جغرافيا جديدة وتشكيل تحالفات جيوش من دول المنطقة التي طبّعت معها بقيادة أميركا بما يضمن ويحقّق لها ثلاثة أهداف، على رأسها حماية الأنظمة العربية الحاكمة المطبّعة بالدرجة الأولى، وحماية المصالح الأميركية في المنطقة تحديداً، وصولاً إلى تشكيل جبهة كبيرة موحّدة تكون مهمتها الأساسية مواجهة التمدّد الصيني في المنطقة والذي يعدّ المنافس الأكبر للمشروع الأميركي.
ثمّة تساؤلات مهمة تطرح نفسها أمام انكشاف المخطّط الذي تعمل “إسرائيل” على فرضه في المنطقة: متى ستلتفت الدول العربية لما يحاك ويخطّط له للتخلّص من الاحتلال الإسرائيلي؟ وكيف يمكن أن تنهض سوريا بجيش ومقدّرات كما كانت وتكون قادرة على ردّ العدوان الإسرائيلي والتصدّي وإفشال مخطّطات “إسرائيل الكبرى”؟
تدلّل كلّ المؤشرات إلى نوايا إسرائيلية على استباحة وقضم واحتلال أجزاء كبيرة من سوريا، بمعنى أدقّ “إسرائيل” باتت تستبيح سوريا براً وجواً وبحراً وتعمّدت تدمير كل أسلحتها التي تشكّل ذخراً استراتيجياً لها، فبعد التغوّل بدأت بتصفية واغتيال العلماء والنخب السورية، ثم دمّرت البنية العلمية في سوريا وهو نموذج مكرّر لما جرى في العراق، وهذا مؤشّر على أن سيناريو احتلال سوريا مقبل لا محالة، وأنها لن تعود كما كانت تشكّل محور ارتكاز وخطّ إمدار لدول محور المقاومة في المستقبل القريب.
التغوّل الإسرائيلي في سوريا له ما بعده وتنظر “إسرائيل” إليه على أنه فرصة لا تعوّض لتحقيق إنجازات استراتيجية وتحقيق النبوءات الموجودة في الأسفار اليهودية التي ذكرها نتنياهو في خطاباته أكثر من مرة.
على الزاوية الأخرى من الصورة ، بات واضحاً أن ترامب له أجندته المختلفة عن نتنياهو ويريد وقف الحرب في غزة كي يدخل البيت الأبيض في أجواء غير ساخنة أو متوترة عن تلك التي كانت في عهد بايدن، أما نتنياهو فيريد الاستمرار في مغامراته لإرهاب المنطقة ويريد صفقة محدودة مع حماس لا إنهاء الحرب ويعمل علناً لشرق أوسط جديد، كلّ ذلك حفاظاً على مستقبله السياسي أولاً ثم تجنّباً لسقوط ائتلافه مع سيموتريتش وبن غفير، وهذا ما يطرح تساؤلات، من يسحب الآخر إلى مربّعه؟
الواقع يقول، إن الرئيس ترامب يريد إنهاء حرب غزة وأزمة الأسرى لدى حماس وعبّر عن ذلك بوضوح، ويريد فرض اتفاقيات تطبيع مع السعودية ودول أخرى، وربما يشمل ذلك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبالتالي إذا استطاع ترامب الضغط على “إسرائيل” ستتراجع أحلام نتنياهو، واذا استجاب ترامب للمسار الذي يسلكه نتنياهو ويعمل على تصاعده، فهذا يعني أنه سيتورّط في مستنقع المنطقة مرة أخرى كما فعل بايدن لكن بشكل مختلف إلى حد ما.
المؤكد هنا أنّ أحلام نتنياهو ستتبدّد كما انتهت أحلامه من قبل مع الفلسطينيين وفي لبنان، والأحلام الأولى التي رسمها نتنياهو لنفسه هي أحلام الهيمنة السياسية، لكنه الآن وبعد حال التغوّل على دول بعينها في المنطقة يريد توسّعاً جغرافياً بنكهة توراتية متطرّفة.
سؤال مهم يطرح نفسه هنا: هل يمكن الجزم أنّ أحلام نتنياهو ستتحقّق في ولاية ترامب؟ لن يتحقّق منها الكثير في جوهر الصراع في ظلّ وجود المقاومات الفلسطينية واللبنانية والعراقية واليمنية، وربما تظهر للمشهد مقاومات أخرى، فكلّ أحلام نتنياهو هي أحلام يرافقها الغرور والغطرسة، فيما يوجد شعب لديه من الصمود الأسطوري والإرادة والتحدّي ما سيحطّم أحلام نتنياهو.
وعوداً على ذي بدء، تقع على إيران مسؤولية كبيرة وبالغة الأهمية تجاه ما يحاك ويخطط للمنطقة، وفي ظل استهدافها العمل على إنقاذ فكرة المقاومة كوسيلة ومشروع في ظل دعوات بعض الأطراف السياسية للتعايش والتطبيع مع “إسرائيل”، إذ إنّ ما تقوم به “إسرائيل” في غزة ولبنان وسوريا يستهدف بشكل واضح تهديد فكرة المقاومة وكي الوعي وتدفيع جمهور وشعوب هذه الدول ثمناً باهظاً إزاء التمسّك بالمقاومة فكراً وعملاً والتفافاً، إذ تبيّن بالفعل أنّ كل ما جرى هو عبارة عن مقدّمات وأنّ المشروع الاستراتيجي لـ “إسرائيل” هو قتل روح المقاومة فكراً وعملاً في دول تتبنّى المقاومة نهجاً وترفض التطبيع سلوكاً وصولاً إلى القضاء التامّ عليها، والعين على إيران.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني