قال الأستاذ الدكتور حسن الشافعي إن العبد مكلف بالمعرفة العامة الإجمالية وبالدليل ليس بالشكل المصطلحي ولكن بالمفهوم العام الذي يفهمه كل ذي فطرة، فالفكر السليم مغروس في الفطرة، مشيرًا إلى أن الانسان مستخلَف وكل عبد مكلَّف وله أهلية قانونية وعليه مسئولية وليس هملًا، فعلى المسلم ألا يقدم على عمل إلا بعد أن يعرف حكم الله فيه، وعليه أن يستفتي أهل الاختصاص؛ فالإفتاء له شروط وكذلك الاستفتاء له شروط، وعليه قبل أن يقدم على أي عمل أن يعرف حكم الله فيه.

وكيل الأزهر: أمتنا ما زالت قادرة على النصر المفتي: نسعى للوصول إلى رؤية تكاملية بين المدارس الفكرية وخارطة عمل لبناء الإنسان

وأضاف أن الأزهر ذلك المسجد العريق هو العمارة والبناء نفسه؛ فالأزهري عمود المجتمع هو المعلم والمفتي وهو الخطيب وهو بناء المجتمع وهو ما ورثناه؛ فالفتوى هي بناء الإنسان والمجتمع ليس نظريًّا بل واقع عملي على مر التاريخ.

جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمها المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية وترأسها الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-  على هامش انعقاد ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" التي نظمتها دار الإفتاء يوم 8 أكتوبر 2024، تفاعلاً مع مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري" الهادفة إلى تنمية الإنسان والارتقاء به، والاستثمار في رأس المال البشري من خلال برنامج عمل يركز على تنمية الإنسان وتعزيز الهُوية المصرية، وذلك بحضور كوكبة من قيادات الأزهر الشريف وإعلاميين ومتخصصين من تخصصات شتى.

النقد صعب فاستعينوا عليه بحسن البيان مع ضرورة الاعتدال وعدم التشدد

وقال الأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر: من الصعب مواجهة الإنسان بخطئه، ونحتاج إلى ضرورة حسن البيان، وكما قيل: النقد صعب فاستعينوا عليه بحسن البيان، مشيرًا إلى ضرورة الاعتدال وعدم التشدد حيث الجهل داء ودواؤه العلم. 

وقال الإعلامي والكاتب الصحفي حمدي رزق: إن المؤشر العالمي للفتوى هو منتج مهم جدًّا خرج من مصنع الفتوى في مصر، ويلبي الحاجات الاستهلاكية الإفتائية باستمرار، مشيرًا إلى أن المؤسسة الإفتائية والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف تشكل معًا علامة ثقة وجودة تستقطب راغبي الفتوى.

وأضاف: أذهب إلى نقطة خاصة بموضوع الجلسة، وهي فقه الكراهية وفقه المحبة في المواجهة، مشيرًا إلى أن نهر الكراهية تم حفره منذ عقود، ومن ثم مهمة حاملي مشاعل المحبة صعبة، وبحاجة إلى جهد مستمر، لكن ما يُطمئننا أن المحبة متجذرة في أعماق الشعب المصري، والطيبون في مصر يضربون نموذجًا ومثالًا حيًّا للوقوف عند حسن الظن دائمًا.

وتابع: من الهبات التي أكرمنا بها الله أنَّ نهر المحبة تسير فيه الكثير من السفن، مثل سفينة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما تسير المراجع مثل شيخ الأزهر الذي يعيد ترسيخ فقه المواطنة على درب الليث بن سعد، وكذلك فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور "نظير عياد" الذي يؤسس لفقه المحبة، ووزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري عبر الخطبة الموحدة يؤذن بالمحبة.

وفي ختام مداخلته أكد على ضرورة تشبيك المراجع السياسية العليا، والمراجع الدينية السمحة، والمرجعيات المدنية المعتبرة، لكونه أمرًا يبشر بفجر المواطنة في الجمهورية الجديدة، قائلًا: ما هو مطلوب عاجلًا "هش" الغربان والحدآن الناعقة بالطائفية من على شجر الوطن، وكبح شرورهم أقوالًا وأفعالًا .. بالحكمة والموعظة الحسنة .. وبالقانون.

 

الفتوى الصحيحة هي التي تساهم في تحمل الأفراد

وتوجه الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ بالشكر لفضيلة المفتي على تنظيم هذه الندوة الهامة، التي تمثل بداية لسلسلة من الفعاليات التي تسعى إلى تعزيز قوتنا كأفراد وكأمة جمعاء، قائلًا: لقد اقتبسنا كثيرًا من كلمات الأستاذ الدكتور، التي تحمل معاني عظيمة تلخص دور الفتوى في بناء الأفراد والمجتمعات، فهي ليست مجرد رأي بل نتيجة لفهم عميق للقرآن الكريم والسنة النبوية. 

وأضاف أن الفتوى الصحيحة هي التي تساهم في تحمل الأفراد والمجتمعات لمسؤولياتهم وتوجيههم نحو عمارة الأرض في كل زمان ومكان. أما إذا كان الفهم خاطئًا، فإنه ينتج عنه فتاوى تؤدي إما إلى التطرف أو إلى الانحلال، حيث إن الإرهاب لا يُمارس بالسلاح فقط، بل قد يظهر في أشكال أخرى، كالفكر المتطرف أو الانحلال الأخلاقي.

وقد أشار إلى تأكيد الإمام الشافعي على أهمية التوازن، محذرًا من الإفراط والتفريط، وهما نتيجتان لفهم غير متزن للنصوص الشرعية. فكبار علماء الأزهر عبر الأجيال درسوا الأحوال المختلفة والأزمان المتعددة، وأسهموا في حفظ العلوم ونقلها للطلاب، مما جعل الأزهر حصنًا للعلم الشرعي المنضبط.
واليوم نتساءل: هل سنوات الدراسة في كليات العلوم الشرعية كافية لتأهيل الخريج للإفتاء؟ فمع تحديات العصر وتغير الأجيال، قد نحتاج إلى التفكير في زيادة عدد سنوات الدراسة أو تأسيس معهد متخصص لتأهيل المفتي يمتد لعدة سنوات، على غرار كليات الطب والصيدلة التي تتطلب خمس سنوات من الدراسة.

فالتحديات التي تواجهها الأجيال الحالية تختلف كثيرًا عن الأجيال السابقة، مما يجعلنا ندعو إلى مراجعة المناهج والتأكد من أنها تتناسب مع متطلبات العصر.

واختتم كلمته بالفخر بدار الإفتاء المصرية، مؤكدًا أن الدراسة التي قدَّمها المؤشر خلال هذه الورشة استغرقت شهورًا من العمل، فهي تمثل مؤشرًا هامًّا للأجيال القادمة، تلك التي ستحمل المسئولية بعد مائة عام.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور حسن الشافعي الأزهر الإفتاء المصرية الفتوى وبناء الإنسان الأستاذ الدکتور بناء الإنسان مشیر ا إلى

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: نسعى إلى رؤية تكاملية بين المدارس الفكرية وخارطة عمل لبناء الإنسان

شهدت دار الإفتاء ، صباح اليوم الثلاثاء، انعقاد جلسة نقاشية للمؤشر العالمي للفتوى بعنوان: "دور الفتوى في بناء الإنسان وتحقيق التنمية المجتمعية والتعايش السلمي"، والتي جاءت ضمن أعمال ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" التي عُقدت تحت رعاية  رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي. 
 

وفي مستهلِّ الجلسة رحَّب فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-، بالحضور والمشاركين، مؤكدًا أن هذا الجلسة بمنزلة لقاء للعصف الذهني، تأتي بعد تلاقح فكري للوقوف على جملة من المقترحات التي يمكن أن نخرج بها من هذه الندوة لنصل إلى خارطة عمل لبناء الإنسان.


وأكَّد فضيلته حرصه على أن يكون الحضور من أصحاب كافة الاتجاهات والمدارس الفكرية المختلفة حتى تحقق الندوة الأهداف المرجوة والنتائج التي نبحث عنها، ولا سيما أن هذا اللقاء هو الأول لفضيلته في دار الإفتاء المصرية، معربًا عن أمنياته في أن تكون هذه الورشة مقدمة لترجمة فعلية لجملة من المقترحات بهدف الوصول لوضع رؤية تكاملية بين المداس الفكرية والأطروحات المختلفة، والوصول إلى خريطة شاملة لما ينبغي عمله لبناء إنسان عصري يعرف ما عليه من حقوق وما له من واجبات، ويستطيع أن  يميز بين الطيب والخبيث، ولديه الوعي ليميز بين الفتاوى الرشيدة التي يعوَّل عليها في بناء رؤية واقعية تُسهم في حماية الأوطان، وغيرها من الفتاوى الشاذة التي لها تأثير سلبي على جهود التنمية، ومن ثَم فهذه الجلسة تدور حول تأثير الفتوى على جهود بناء الإنسان بين الدعم والتقويض.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: نسعى إلى رؤية تكاملية بين المدارس الفكرية وخارطة عمل لبناء الإنسان
  • سلامة داود: النقد صعب فاستعينوا عليه بحسن البيان مع ضرورة الاعتدال وعدم التشدد
  • المفتي: يحق لنا أن نفخر ونثمن جهود الدولة المصرية المبذولة في بناء الإنسان
  • علي جمعة: ندوة الإفتاء مباركة لأنها تتحدث عن تأثير الفتوى في بناء الإنسان
  • تكريم الدكتور شوقي علام خلال أعمال ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" بدار الإفتاء
  • اليوم.. الإفتاء تعقد ندوة "الفتوى وبناء الإنسان"
  • الإفتاء تعقد ندوة «الفتوى وبناء الإنسان».. تجمع نخبة من العلماء والمفكرين
  • «الفتوى وبناء الإنسان» ندوة بدار الإفتاء اليوم
  • تحت رعاية رئيس الوزراء.. الإفتاء تعقد مؤتمر الفتوى وبناء الإنسان غدا