اتضح العام الماضي أنَّ االصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لن يتزحزج قيد أنملة، كما أن ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون بين "النهر والبحر" لن يبارحوا أماكنهم.

هناك حاجة إلى دَفعة دبلوماسية من القادة الأقوياء

فضلاً عن ذلك، تتشابك هذه القضية تشابكاً معقداً مع بؤر الاضطرابات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يتجلى في المواجهة الراهنة بين إسرائيل وحزب الله.

حل أكثر استدامة

ومنذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، عكفَ قادة العالم على التفكير في كيفية إعادة الهدوء إلى الشرق الأوسط ومنع وقوع تصعيد جديد. وفي حين انصبَّ تركيز الجهود الأولية على تجنب المزيد من المعاناة الإنسانية، تدرك الأطراف كلها أنه يجب إيجاد حل طويل الأمد وأكثر استدامة لمرحلة "اليوم التالي".
وفي هذا الإطار، قال د. ألكسندر لوينغاروف الذي أدار برنامج منح الاتحاد الأوروبي للتنقل الأكاديمي مع شركاء إسرائيليين وفلسطينيين في سنواته الثلاث الأولى: من الواضح أن الإسرائيليين والفلسطينيين والأطراف الدولية الأخرى لا يتفقون على شكل هذا الحل مستقبلاً.

ويبدو أن خطاب "واقع الدولة الواحدة" الذي بدا أنه اكتسبَ زخماً قبل بضع سنوات قد تلاشى تقريباً، في حين أن الأصوات الداعية إلى إقامة نوع من الكونفدرالية الإسرائيلية الفلسطينية تردد صداها مؤخراً. 

One year on, pro-peace Israelis are as far from the political mainstream as ever before with far-right and secular nationalist leaders dominating the landscape - making engagement with Palestinians almost impossiblehttps://t.co/Wp8ajgbzaf

— The New Arab (@The_NewArab) October 7, 2024

وما تزال المواقف الرسمية في الولايات المتحدة وأوروبا وأجزاء من العالم العربي تنطلق من حل الدولتين الذي خضعت جدواه للتدقيق الشديد قبل أسابيع قليلة من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقيات أوسلو.
وتنصب ركيزة المحاولات الحالية لاستعادة الهدوء في منطقة الشرق الأوسط، بقيادة الولايات المتحدة في المقام الأول، على نوع من الحكم الذاتي الفلسطيني، بما في ذلك في قطاع غزة، في سياق محاولة لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
ولكن مهما حدثَ بعد ذلك، يقول الكاتب، لن تكون أي نتيجة مُستدامة إذا لم تتعاط الجهود الدبلوماسية مع الترسيخ الهيكلي للروايات الإسرائيلية والفلسطينية في المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، مؤكداً ضرورة أن تشمل الجهود الدبلوماسية العليا خطةً للتعامل مع تأثير الصراع على الجوانب المجتمعية التي تؤثر بشكلٍ مباشر في الحياة اليومية.
وأوضح الكاتب، وهو مسؤول سابق في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، وباحث أول منتسب إلى قسم القانون الدولي في جامعة لوفين (بلجيكا)، في مقاله بموقع "ذا هيل" التابع للكونغرس الأمريكي أنه حتى لو توصل الطرفان إلى اتفاق سياسي وصادقاً عليه، فإنه لن يصمد إذا استمرت النظم التعليمية والتغطية الإعلامية ومراسم إحياء ذكريات الأحداث الأليمة في إثارة العداء بين معظم الإسرائيليين والفلسطينيين، كما يحدث الآن. 

Opinion - Diplomacy isn’t enough: Ordinary Israelis and Palestinians must embrace peace https://t.co/eU573BgUig

— Friedrich List (@simulator8) October 5, 2024

وأسفرَ النزاع الذي استمر قرناً من الزمن وتعددت فيه المسؤوليات المتشابكة عن إنتاج العديد من الروايات التي ليست بالضرورة غير صحيحة، لكنها غالباً ما تكون جزئية جداً وبالتالي متناقضة فيما بينها.
والأهم من ذلك، حسب الكاتب، أن هذه الروايات تضرب بجذورها بعمقٍ في الحياة اليومية لملايين الناس من كلا الجانبين الذين يرونها تتأكد مراراً وتكراراً وهم يقعون فريسةً للخوف الشديد وانعدام الثقة.

ضرورة الحياد لذلك، يرى الكاتب أنه يتعين على الجهات الدولية الفاعلة، فضلاً عن المحادثات رفيعة المستوى التي تهدف إلى التوسط للتوصل إلى اتفاق سياسي، أن تدفع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى إعادة النظر بجديةٍ في مجالات الحكم المتأثرة بالصراع ويمكن للأطراف الخارجية وحدها وحسب أن تنجز ذلك من مسافة محسوبة وأن تتحرى الحياد عند الإشارة إلى أوجه القصور.
على سبيل المثال، أُقرَّ بالتحريض على العنف والكراهية في الكتب المدرسية الفلسطينية بوصفه عاملاً حاسماً قد يطغى على أي مبادرة منسقة دولياً تهدف إلى ترسيخ الحكم الذاتي الفلسطيني السلمي في غزة.
ومع ذلك، رغم أن مراجعة المنظومة التعليمية الفلسطينية توصية بديهية، سيكون من المناسب أن يخضع الجانب الإسرائيلي - بمشهده التعليمي الفصائلي - لعملية تقييم أيضاً، إذ يمكن للشباب الإسرائيلي بالتأكيد أن يتعلم درساً أو درسين عن الفلسطينيين الذين يعرفونهم أعداءً، لكنهم عادةً لم يلتقوا بهم في الواقع ولم يروهم بأم العين. رسم خريطة مجتمعية ومن ثم، فإن رسم خريطة مجتمعية لترسيخ الروايات الإسرائيلية والفلسطينية أمر بالغ الأهمية، برأي الكاتب. ومع ذلك، لا يحتاج الأمر إلى البدء من الصفر، إذ توفر مناطق النزاع الأخرى في العالم التي تتعافى من الصراعات الأخيرة - مثل أيرلندا الشمالية وجنوب إفريقيا - أمثلةً يمكن التعلم من نجاحاتها وإخفاقاتها على حدٍ سواء.
إضافةً إلى ذلك، ستستفيد الأعمال الهيكلية التي تُنجز عن طريق الحكومة من جهود العديد من المبادرات الشعبية التي ألّفَت بين الإسرائيليين والفلسطينيين عبر الموسيقى والرياضة والطبيعة (على سبيل المثال لا الحصر)، وما زالت تنجز ذلك اليوم إذ تتكيف مع الوضع الراهن العصيب.
وأي عملية مجتمعية بطبيعتها عملية طويلة الأمد، والتصدي لانعدام الثقة المتأصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد يستغرق جيلاً أو جيلين، ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان تجنب ظهور "مُخربين"، كما حدث خلال عملية أوسلو.
وأضاف الكاتب: "يضمن هذا النهج ميزتين مترابطتين تتصلان بشكلٍ خاص باللحظة الراهنة". فمقارنةً بالجهود الدبلوماسية رفيعة المستوى "البحتة"، يتسم هذا الأسلوب بقدرٍ أكبر من التدرج، لأنه يُوجِّه الجهود إلى المجالات التي تكون في أمس الحاجة إليها ويمكن أن تُشكِّل "انتصارات تدريجية"، بدلاً من الأهداف النهائية التي تبدو بعيدة المنال في الوقت الحاضر.
علاوةً على ذلك، في حين أن العمل على ترسيخ السرديات المجتمعية أمر بالغ الأهمية لتنفيذ أي اتفاق سياسي، فهو لا يملي أي نتيجة سياسية بحد ذاته. ولذلك، فهو الخطوة الصحيحة - وربما الوحيدة – برأي الكاتب، التي يجب أن نخطوها في سياقٍ يتسم بالتوتر وعدم الاستقرار المتصاعد، فضلاً عن المناقشات غير الحاسمة بخصوص الحلول السياسية. الأطراف الرئيسة وحل الصراع ولفت الكاتب النظر إلى أن الوضع الحالي للقضية الإسرائيلية الفلسطينية هو ثمرة عمليات معقدة ومتشابكة. ويُناط بالأطراف الرئيسة التي شهدت تشابكها – ألا وهي الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي - الشروع في تفكيكها.
وفي حين أن هناك حاجة إلى دَفعة دبلوماسية من القادة الأقوياء، فاتباع نهج دقيق في التعامل مع تأثير الصراع على المجتمع، حسب الكاتب، أمر ضروري بالقدر نفسه. وحتى لو استغرق فك التعقيد والتشابك 100 عام أخرى، فإن الأمر يستحق العناء، لأن المستقبل الأفضل لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين يعتمد على بعضهم بعضاً وسيستمر في ذلك.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإسرائیلیین والفلسطینیین فی حین

إقرأ أيضاً:

وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب

توفي الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في ليما عاصمة البيرو حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي.
وتمثل وفاته نهاية حقبة الجيل الذهبي للأدب في أميركا اللاتينية، والذي كان فارغاس يوسا آخر ممثليه الكبار.
ولد فارغاس يوسا في عائلة بيروفية من الطبقة المتوسطة وكان أحد أبرز الأسماء في "الفورة" الأدبية الأميركية اللاتينية في الستينات والسبعينات مع الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز والأرجنتيني خوليو كورتازار.
جاء في رسالة، كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا "بحزن عميق، نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا اليوم في ليما بهدوء محاطا بعائلته".
وأعلنت الحكومة البيروفية 14 أبريل يوم "حداد وطني"، مشيرة إلى تنكيس الأعلام على المباني العامة، بحسب مرسوم.
ولم تتطرق العائلة إلى سبب وفاة الكاتب، لكنّ صحته كانت ضعيفة منذ عودته إلى العاصمة البيروفية في العام 2024، بعد مغادرته العاصمة الإسبانية مدريد.
وأضاف أولاده "إن رحيله يبث الحزن في نفوس عائلته وأصدقائه وقرّائه في مختلف أنحاء العالم، لكننا نأمل أن يجدوا العزاء، كما نجده نحن، في حقيقة أنه تمتع بحياة طويلة ومتنوعة ومثمرة".
أمام منزل الكاتب المطل على المحيط الهادئ في حي "بارانكو"، تجمعت مجموعة صغيرة من الأشخاص في صمت عند تلقي خبر وفاته، حاملين نسخا من أعماله.
وقال أحد هؤلاء الأشخاص ويُدعى غوستافو رويس، في حديث إلى إذاعة "آر بي بي": "كان مرجعا مهما جدا بالنسبة لي. كان يقول إن الأدب أنقذ حياته".
وقالت عائلة الكاتب "لن تقام أي مراسم جنازة عامة"، موضحة أن الجثة ستُحرَق. وأضافت "سنتصرّف خلال الساعات والأيام المقبلة بحسب ما أوصى".
"عبقرية فكرية"
في رسالة عبر منصة "إكس"، أعربت الرئيسة البيروفية دينا بولوارتي عن أسفها لوفاة فارغاس يوسا. وكتبت "إن عبقريته الفكرية وأعماله الكثيرة ستبقى إرثا دائما للأجيال المقبلة".
ووصف رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو الكاتب بأنه "مؤرخ عظيم لأميركا اللاتينية ومترجم فطن لمساراتها ومصائرها".
وكتب الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي، عبر منصة "إكس" أيضا "رحل ماريو فارغاس يوسا، أحد استاذة الأدب الكبار. ترك لنا أعماله، وروعته، ومثاله. ترك لنا مسارا لنتّبعه في المستقبل". بينما أكّد كريستوفر لاندو نائب وزير الخارجية الأميركي أنّ "مواضيعه واهتماماته خالدة وعالمية".
وقال الكاتب البيروفي ألفريدو بريس إيتشينيكي، مؤلف كتاب "عالم ليوليوس" وصديق ماريو فارغاس يوسا، عبر إذاعة "آر بي بي"، إن وفاة فارغاس يوسا تشكل "حدادا للبيرو لأن أحدا لم يمثلنا في العالم بقدر ما مثلنا هو، بعمله عموما، ومثابرته، ونقائه، وعظمته".
"عبقري الآداب" 
تُرجمت أعمال ماريو فارغاس يوسا، وهو كاتب محب للثقافة الفرنسية عاش لسنوات في باريس، إلى نحو ثلاثين لغة، وكان أول كاتب أجنبي يدخل مجموعة "بلياد" الأدبية المرموقة خلال حياته في عام 2016. كما انتُخب لعضوية الأكاديمية الفرنسية في عام 2021.
وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر منصة "إكس"، بالكاتب الراحل، ووصفه بأنه "عبقري الآداب" الذي كان له "وطن" في فرنسا وكان عمله "يعارض التعصب بالحرية، والجزمية بالسخرية، واستشرس في دفاعه عن المُثُل في مواجهة عواصف القرن".
ولد ماريو فارغاس يوسا في مدينة أريكيبا في 28 مارس 1936، وأمضى الأشهر الأخيرة من حياته محاطا بعائلته، بعيدا عن المناسبات العامة.
قبل أيام قليلة من عيد ميلاده التاسع والثمانين، ظهر في سلسلة من ثلاث صور التقطت في الأماكن التي كتب فيها رواياته "خمس زوايا" (بالإسبانية "سينكو إسكيناس") عام 2016 و"أهدي لك صمتي" ("لي ديديكو مي سيلينسيو") عام 2023.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينشر فيها نجله صورا له في أماكن من العاصمة ألهمته لكتابة بعض أعماله الشهيرة.
تدهورت صحة فارغاس يوسا بشكل كبير منذ العام 2023، بعدما نُقل إلى المستشفى في يونيو بسبب إصابته بفيروس كوفيد-19 خلال إقامته في إسبانيا، البلد الذي حصل على جنسيته في العام 1993.
وكان الكاتب صاحب روائع أدبية مثل "المدينة والكلاب" ("لا سيوداد إي لوس بيروس") و"محادثة في الكاتدرائية" ("كونفرساسيونين إن لا كاتيدرال) يحظى بالإعجاب لوصفه الوقائع الاجتماعية.

أخبار ذات صلة وفاة الرئيس التنفيذي لشركة سامسونج شرطة الفجيرة تعلن وفاة مواطن في حادث دراجة نارية المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية المصري: الرئيسان أكدا على بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة
  • عضو البرلمان الأوروبي: الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة أساسية لتحقيق السلام
  • الرئيس المصري: إقامة الدولة الفلسطينية السبيل لتحقيق السلام في المنطقة  
  • اعتراف بالدولة الفلسطينية ورفض التهجير.. سلوفينيا تدعم الموقف المصري لتحقيق السلام بالشرق الأوسط
  • السيسي: إقامة الدولة الفلسطينية الضمان الوحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في المنطقة
  • توحيد الجهود للتصدي للاجتياح الكبير لـ«الجراد الصحراوي» الذي طال معظم مدن الجنوب
  • ضياء رشوان: عدد كبير من الإسرائيليين رافض لسياسة نتنياهو في العدوان على غزة
  • «التعاون الخليجي»: دعم الجهود لتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية
  • السيسي وولي عهد الكويت يرفضان تهجير الفلسطينيين من أرضهم
  • وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب