المحامون يشلون المحاكم لأسبوع.. مصدر مسؤول لـRue20: لن نقبل بتقزيم المحاماة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
زنقة 20 ا الرباط
أعلنت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، عن الشروع في إضراب شامل عن العمل ابتداءً من يوم الاثنين المقبل 7 أكتوبر 2024.
ويشمل الإضراب مقاطعة جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لمدة أسبوعين، مع استثناءات محدودة تتعلق بآجال قانونية، وذلك حتجاجاً على مشروعي قانون المسطرة المدنية و قانون المسطرة الجنائية.
وفي هذا الصدد، قال يوسف عبد القوي، الكاتب العام لهيئة المحامين بالمغرب ، في تصريح لموقع Rue20، إن الجمعية قررت مقاطعة جلسات الجنايات لمدة أسبوعين ابتداء من يوم الاثنين 7 أكتوبر 2024، وكذا مقاطعة صناديق المحاكم لنفس الفترة باستثناء ما ارتبط بآجال تحت ضغط غليان الساحة المهنية والإطارات المهنية الشبابية التي ضاقت درعا بظروف ممارسة المهنة التي ما فتئت تتدهور سنة بعد أخرى.
ويأتي هذا الإضراب، يضيف عبد القوي، بعد انسداد آفاق الممارسة المهنية والتراجع الكبير عن المكتسبات من خلال مختلف مشاريع القوانين التي يتم العمل على إنزالها رغم أنف الجميع في تجاهل تام المقتضيات الدستورية وبمنطق غير مسبوق وهو منطق الأقلية والأغلبية داخل البرلمان والحال أنها نصوص أكبر من أن يتم التعاطي معها بهذا المنطق لأنها نصوص مهيكلة تهم الجميع وتقتضي منطق التوافق وليس منطق الأمر الواقع.
وأكد المتحدث ذاته أن قرار الجمعية بالتصعيد جاء بعد تدرج وتأن وروية وبعد مسار ترافعي ونضالي واع جاد وهادف انخرط فيه جميع المحامون منذ مدة وذلك نتيجة التجاوزات ومحاولات المس بالمكتسبات وهو ما من شأنه المساس بمستقبل المهنة فضلا عن التجاهل لمطالب المحامين المعقولة والمشروعة والمؤصلة علميا والمسنودة دستوريا.
وشدد على أن قرار المحامين بالتصعيد نتيجة حتمية للحوار المبتور وغير المنتج، لذلك أعلنوا عن تمسكهم بالمسار التصاعدي النضالي دفاعا عن المحاماة وقيم العدالة.
واشار إلى أن هذا التصعيد يأتي احتجاجا على ردود الأفعال غير المسؤولة وغير المتجاوبة مع نهج الترافع الذي سلكته الجمعية، وتجاهل الجهات المعنية للرسائل والمبادرات الموجهة عبر الندوات العلمية المنظمة من طرف الجمعية بشراكة مع مختلف الهيئات وكذا الوقفة الوطنية واللقاء الوطني للمحاماة، التي كانت كلها مستنكرة لمشاريع الردة والعقوق.
وذكر أن مطالب المحامين كل متكامل غير قابل للتجزيء و مرتبطة بمشاريع قوانين المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والتغطية الصحية الإجبارية ومحاولة وأد التعضدية وكل مشاريع القوانين التي تحمل بين موادها تراجعا عن المكتسبات وتقليصا من مجال عمل المحامين واختصاصاتهم الحصرية وخلق لكيانات هجينة ومنحها مشروعية الولوج للمحاكم مما يههد مصالح المواطنين.
وقال عبد القوي إن “ما نشهده اليوم من إصرار رهيب على المس بمكانة المحاماة ومن اختصاصات المحامين ومن تفريخ المؤسسات هجينة تزاحم المحامين اختصاصاتهم أمر غير مسبوق وينم عن رغبة في تحجيم وتقزيم المحاماة لغاية في نفس مهندسي مختلف تلك المشاريع وهو الأمر الذي لا ينسجم مع الشعارات المرفوعة ويمس بمبادئ متعارف عليها كونيا مرتبطة بالحق في التقاضي، ومجانية التقاضي، وحقوق الدفاع، وتقريب القضاء من المتقاضين، وتيسير الولوج إلى العدالة، وخدمة المواطن والتفاصيل على درجات”.
وشدد على أن “كل مشاريع القوانين المطروحة تنص على تراجعات خطيرة غايتها تحجيم دور الدفاع وتقزيم دور المحاماة في منظومة العدالة وهو الشيء الذي لا يمكن أن يقبل به المحامون”.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
رشيد حموني يكتب..مغربُنا القويّ في حاجةٍ إلى فضاء سياسي قوي.. وسائط مجتمعية قوية.. وإلى حكومة قوية
رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب
كَأيِّ مغربيٍّ أصيل أشعرُ بفخرٍ عارم بالانتماء إلى هذا الوطن العظيم، وإلى إشراقِ تاريخه وحضارته وهويته، وإلى طموحه الجماعي نحو الازدهار، ولَوْ في عالَمٍ متقلب، ونحو توطيد الاستقرار، ولوْ في مُحيطٍ مضطرب، وذلك استناداً إلى تراكُمِ المكتسبات الوطنية في جميع الميادين.
اليوم، لا يمكنُ لأحدٍ أن يُنكِرَ أنَّ بلدَنا المغرب، بفضل التوجُّهات الوجيهة لجلالة الملك، باتَ قوةً صاعدةً لا تُخطــــــئُـــــها العين، وصارَتْ مكانتُهُ العالمية يُضربُ لها ألفُ حسابٍ وحِساب، على كل الأصعدة.
ويكفي هنا التمعُّنُ في دلالاتِ ثِقة المجتمع الدولي في المغرب وفي مصداقيته، وفي النجاحات الديبلوماسية الفارقة، وفيما أصبح المغربُ، بأجهزته المختلفة، يُجسِّدهُ كنموذجٍ ناجعٍ يُحتذى به في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظَّمة والهجرة غير النظامية.
إنَّ هذه المكانة المتميزة والصورة الرائعة لبلادنا تحتاجُ إلى مواصلةِ واستكمال بناء المسار التنموي-الديموقراطي، بِنَفَسٍ أقوى، دون كَلَلٍ أو مَلَلٍ أو تراخي. كما تحتاجُ إلى اليقظة الضرورية لِصَوْنِ المكتسبات من أيِّ تآكُل ومن أيّ تراجع.
وتحتاجُ كذلك هذه المكانةُ إلى الارتقاء بها وحمايتها من حِقدِ الخُصوم القلائل لبلادنا المسعورين إزاءَ نجاحاتنا، ومن أيِّ تأثُّـــــــرٍ داخلي مهما كان صغيراً بتلك الأصوات النشاز، الجبانة والمعزولة، التي تَــــــــنْـــــعَـــــقُ خارج السرب، وخارج السياق، وخارج الوطن، وخارج التاريخ.
هذه اليقظة مطلوبة أولاً لكيْ نحقق طموحاتنا الوطنية ونُــــــلَــــــبـــّيَ انتظاراتِ مواطناتِنَا ومُواطنينا. فَقَدَرُنا، الذي لا خيار سواه هُوَ بثُّ ديناميةٍ لا تتوقف في المجتمع وفي المؤسسات، على أساسِ تقوية جبهتنا الداخلية ديموقراطيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، ومن خلال جعل الإصلاح ورشاً دائماً ومفتوحاً وشاملاً في كل المستويات والمجالات.
وكما يحتاج هذا التحدِّي إلى معارضةٍ وطنية مسؤولة ونقدية، بنَّاءة واقتراحية ومُنَـــــــبِّـــــهة، تُرَكِّزُ على السياسات والبدائل، وليس على أيِّ شيء آخر، فإنه يحتاجُ أيضاً إلى إعلامٍ حرٍّ ومستقل، بيداغوجي ومسؤول، مُدَعَّمٍ بتكافُــــؤٍ وشفافية، ويشكِّلُ فعلاً “سلطةً رابعة” وضميراً جمْعياًّ جدِّياًّ وتعبيراً راقياًّ عن الرأي العام.
وبالأساس، يحتاجُ تحدّيُّ الارتقاءِ ببلادنا، نحو مراتب الريادة، إلى فضاءٍ سياسي قوي، وحياة ديموقراطية سليمة، وإلى أحزابٍ سياسية ونقاباتٍ قوية ومُجدِّدَة وذات جدوى ومصداقية، تحظى بثقة الناس، ولها القدرة المتطورة على تقديم الإضافة بشكلٍ مسترسل …. وإلى مجتمعٍ مدني حيّ وفاعل يخدم فعلاً مبدأ الديموقراطية التشاركية وليس تابعاً للأجندة والحسابات السياسية ومزاجها المتقلب.
ولأن البناء الدستوري لسنة 2011 أوْكَلَ للمؤسسة التنفيذية اختصاصاتٍ محورية وأساسية، ومَتَّعها بما يلزم ويكفي من إمكانيات ووسائل، فإنه عليها أن تتحمل القسطَ الأكبر من الأعباء والمسؤوليات بنفس قدر وحجم ما تطرحه تحدياتُ حماية المكتسبات والارتقاء بها نحو الأفضل تنمويا وديموقراطيا وحقوقيا.
وعليه، فإن مغرباً أقوى مما هو عليه اليوم يحتاج إلى حكومةٍ قوية بمصداقيتها، تعرفُ كيف تترافعُ عن الإيجابيات، وكيف تُواجِهُ السلبيات، وكيف تستثمر المكتسبات المتراكِمة منذ عقود لتحَوِّلَها إلى فرص للتقدم… حكومة تعرفُ كيف تُدَبِّرُ الأزمات، وكيف تستبقُ الاحتقان لتمنعه.. حكومة تُقنعُ الناس وتتواصلُ معهم، وتعرف كيفُ تُنصتُ إلى المجتمع بمختلف تلاوينه ومشاربه، حكومة تستطيعُ زرع مناخ الثقة، ولها القدرة على تحرير طاقات المجتمع، وخلق التعبئة والحماس والروح الإيجابية، حكومة تُصالِحُ الشباب مع الشأن العام………. حكومة تُقَوّي فعلياًّّ مشاعر الارتباط والانتماء إلى هذا الوطن الجميل والعظيم…..
فمغربُنا القوي، إذن، يحتاجُ إلى حكومةٍ تنجحُ في تحريك الملفات المجتمعية الأساسية، وفي إثراء النقاش العمومي، ولا تتركُ الفضاء السياسي العام أمام انسدادٍ يُخيف ويُقلِق، وأمامَ فراغٍ قاتل تَملؤُهُ الضبابية، ويَملؤُهُ أحياناً، للأسف، مدوِّنون ومأجورون ومؤثرون وأشباهُ مثقفين وأشباهُ سياسيين وأنصافُ مناضلين ومنتحلي صفة “الخبير”…
مغربُنا القوي محتاج إلى حكومةٍ يراها الشعبُ قادرةً على حَمْلِ آلامه وآماله، بحُرقةٍ وتواضُع، وبلا غرورٍ أو استعلاء.. حكومة بكفاءة سياسية وتنموية وتدبيرية وتواصلية وحقوقية حقيقية.. كفاءةٍ يستشعرها الناسُ ويَـــشهدون بها حتى وإِنِ اختلفوا مع بعض القرارات والتوجُّهات.
نحتاج إلى كل ذلك.. من أجل مغربٍ أقوى يفتحُ الآفاق، بعنوان الثقة، مغربٍ تتحقق فيه التطلعات والطموحات لجميع بناته وأبنائه.. على قدم المساواة التامة في كافة المجالات الترابية.