استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفدا من لجنة صياغة بيان الأزهر برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة الذي قال بعد اللقاء: "ربما قدر لبنان كوطن أن يتعرض لمحن كثيرة وأزمات وكوارث عديدة. وها هو لبنان اليوم يتعرض لمجموعة من أخطر تلك المحن والكوارث التي واجهها في تاريخه الحديث. لبنان اليوم يحترق، إنسانه يقتل، شعبه يتهجر، بنيانه يدمر، واقتصاده يخرب، والعدو الإسرائيلي يمعن في إجرامه ويجتاح أرض لبنان من البر والجو والبحر ويقتل الآمنين والعالم يتفرج غير مكترث لما يحصل او يتذرع بأنه لا يستطيع ان يضع حداً لهذا الاجرام المتمادي.
اضاف: "لقد جئنا اليوم إلى هذا الصرح البطريركي التاريخي العريق لنؤكد ولندعو إلى لم الشمل لإنقاذ لبنان، ولإطلاق صرخة مدوية في أرجاء لبنان كله ومع اشقائنا العرب وفي العالم أجمع، لنقول كفى، لبنان كان وسيبقى وطن الحق والحرية والحضارة والتسامح والاعتدال والانفتاح والأخوة الإنسانية. كما ولنقول للبنانيين جميعاً بأنّه قد آن الأوان ليقول الشعب اللبناني كلمته الواضحة والصريحة والمباشرة، ولينتفض على واقعه المؤلم الذي يعيشه منذ سنوات، وليفرض إرادته من أجل تحقيق هذا الإنقاذ الوطني عبر استعادة قراره الحر وعبر تعزيز دور دولته القادرة والعادلة".
وتابع: "لقد كان اجتماعا جيدا مع غبطة البطريرك. وإني، ومن هذا المنبر مع زملائي من أعضاء لجنة متابعة إعلانات الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية، نتوجّه بالتعزية القلبية الحارة الى كل عائلات الشهداء، وإلى كل المصابين والجرحى جراء العدوان الاسرائيلي الهمجي الغاشم الذي يستهدف لبنان بأسره، ويستهدف كل اللبنانيين، والذي يصر على تدمير لبنان، والنيل من صيغته الفريدة ودولته ومؤسساته واقتصاده وتشريد سكانه".
واشار السنيورة الى انه تم خلال اللقاء تأكيد أن الأولوية على أي شيء آخر هو العمل على إنقاذ لبنان الوطن والتطبيق الفوري لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى رفض اعتبار لبنان ساحة من ساحات القتال وتصفية الحسابات، ولذلك يجب الشروع فوراً بتطبيق القرار الدولي 1701 بجميع مندرجاته. فما عاد ممكناً أن يكون قرار لبنان مربوطاً بقرارات يتخذها آخرون من خارج لبنان وتنفيذاً لمصالحهم. ولذلك، وفي ظلّ استمرار عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنّه ينبغي على الحكومة اللبنانية، بوصفها المؤتمنة على السلطة التنفيذيّة الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة في هذا المجال، بالتشاور والتضامن مع المجلس النيابي، ومع كل القوى الحيّة في لبنان، من أجل تعبئة جهود وطاقات الأشقاء العرب والأصدقاء الكثر في العالم، للإسهام في إنقاذ لبنان.
كما تم التشديد بحسب السنيورة، على ضرورة الشروع فوراً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية تقيّداً بأحكام الدستور، وبدون التذرع بعراقيل أو أعذار أو شروط، ودون الاعتداد بأي رهانات على أية متغيرات محلية أو إقليمية أو دولية ظرفية.
وجرى تأكيد وحدة اللبنانيين، وضرورة احتضان بعضهم لبعضهم الآخر، ولاسيما في هذه المرحلة التي يسود فيها القلق عند اللبنانيين جميعاً، ولذا ينبغي التأكيد على عودة جميع اللبنانيين وكفريق واحد متضامن إلى ما تقتضيه مصلحتهم الواحدة ومصلحة لبنان، وذلك بشروط لبنان، وبشروط الدولة اللبنانية، وليس بشروط أي طرف آخر، وهذا يعني أن تعود الدولة لتمسك بالقرار الوطني، ولتكون صاحبة السلطة الواحدة والوحيدة على كامل التراب اللبناني.
وأكد المجتمعوت ضرورة احتضان النازحين اللبنانيين وإلى أن يعودوا إلى بلداتهم وقراهم ومساكنهم، والعمل على تقديم العناية الصحية والرعائية لهم، مع التأكيد والحرص على احترام الملكية الفردية، وبالتالي رفض أي نوع من أنواع التعديات.
كما أشار السنيورة إلى أنه في خضم العدوان الإسرائيلي على لبنان، فقد تمنينا على غبطة البطريرك أن يُبادر مشكوراً بالتعاون والتنسيق مع جميع المرجعيات الروحية، بالدعوة إلى قمة روحية على نسق ما دعا إليه غبطة البطريرك صفير في العام 2006 خلال العدوان الغاشم الذي شنّه العدو الإسرائيلي آنذاك، وذلك للتأكيد على الوحدة الوطنية للبنانيين وتماسكهم، وعلى استقلال لبنان وسيادته، وحتمية استعادة سلطة الدولة اللبنانية الواحدة الموحدة على كل ربوع ومرافق لبنان".
وقال: "ننتهز هذه المناسبة للتوجه بالشكر على المبادرات الطيبة التي عبّر عنها اللبنانيون في جميع المناطق اللبنانية، وفي احتضان بعضهم بعضاً وفي إغاثة النازحين، وكذلك للمبادرات الطيبة التي أبدتها العديد من الدول العربية من خلال البدء بتقديم الدعم السياسي والعون المادي والعيني. وأخصّ بالذكر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ودولة الكويت والمملكة الأردنية الهاشمية ومصر والعراق والجزائر، وكذلك الدولة الفرنسية وغيرها من الدول الصديقة كأول الغيث، متمناً على هذه الدول والكثير غيرها لتزخيم جهودها في نصرة لبنان من أجل وقف العدوان الإسرائيلي وتعزيز صمود لبنان، الذي أصبح بلداً منكوباً يستحق أن يقف أشقاؤه وأصدقائه معه ويهبّوا لمساعدته".
وعن عنوان القمة الروحية، قال: "بداية وقف إطلاق النار وعودة التأكيد على وحدة اللبنانيين والإصرار على القيام بانتخاب رئيس جديد للجمهورية".
وبالنسبة لقبول الفريق الآخر تطبيق القرارات الدولية، قال: "اعتقد ان القضية اللبنانية ولانقاذ لبنان يستحق منا المحاولة مرة وتكرارا من أجل أن يتحقق هذا الإجماع الوطني من أجل إنقاذ البلد".
كما استقبل البطريرك الراعي النائبين مروان حمادة وراجي السعد موفدين من رئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط.
بعد اللقاء قال السعد: "أتينا اليوم كلقاء ديموقراطي لاستكمال جولتنا والمشاروات والاتصالات، وهذا الصرح هو حجر الأساس في لبنان، لذا تحدثنا مع غبطته ووضعناه في صورة المشاروات الحاصلة واستمعنا الى رأيه. نحن كلقاء ديموقراطي نشدد على ضرورة وقف الحرب وفصل جبهة غزة عن جبهة لبنان، ونقول أيضا أن هناك ضرورة ملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية وممارسة ضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف الحرب في لبنان، ومن هذا المنطلق نعتبر أن لدينا واجب وطني كلبنانيين وهو انتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق القرارين 1559 و 1701".
وعن سؤاله عن أي رئيس يبحثون، قال السعد: "ما يهم هو انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا سبب اتصالاتنا ومشاوراتنا، ونعد اللبنانيين أن نستمر في هذه الجهود من أجل الوصول الى انتخاب الرئيس".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: انتخاب رئیس من أجل
إقرأ أيضاً:
البطريرك الراعي من بكركي: القيامة رجاؤنا والمصالحة طريق خلاص لبنان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقى البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي عظة عيد القيامة المجيد من صرح بكركي، بحضور رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، واللبنانية الأولى، إلى جانب عدد من الوزراء والنواب والمسؤولين والفعاليات الروحية والمدنية.
تهنئة رئاسية بعيد القيامة
افتتح البطريرك كلمته بالترحيب بالرئيس والوفد المرافق له، متمنيًا أن يحمل عيد القيامة “نعمة وسلامًا على لبنان وشعبه”، مؤكّدًا دعمه لأمنيات الرئيس التي أعلنها مؤخرًا بمناسبة مرور خمسين عامًا على اندلاع الحرب اللبنانية، وفي مقدّمتها: المساواه بين جميع المواطنين وحصريه السلاح بيد الدولة وتعزيز دور الجيش والقوى الأمنية وتوحيد الصف الوطني
المسيح سلامنا… عظة القيامة دعوة للمصالحة والرجاء
وتناول الراعي في عظته المعاني العميقة للقيامة، معتبرًا إياها “الحدث الأهم في تاريخ البشرية”، لأنّها تؤسّس للسلام والمصالحة الحقيقيّة بين الإنسان والله، وبين الإنسان وأخيه الإنسان.
وأشار إلى أن قيامة المسيح زرعت السلام في القلوب، وجعلتنا “صانعي سلام وسفراء مصالحة”، داعيًا إلى مواجهة العنف، والإرهاب، وعسكرة السياسة، من خلال سلام نابع من الغفران والوحدة الحقيقية.
مصالحة تبدأ من الذات وتمتد إلى الوطن
شدّد الراعي على أن المصالحة الحقيقية تبدأ من داخل الإنسان، بترميم العلاقة مع الله، ثم مع الآخر، ومع المجتمع، مشيرًا إلى أنّ المصالحة يجب أن تمتد أيضًا إلى الساحة السياسية، من خلال إعادة بناء الثقة، وتعزيز الشراكة العادلة في إدارة الدولة.
وقال: “بالمصالحة تخمد الخلافات، وتزول العداوات، وتتبدّل الذهنيات، وتُبنى الوحدة الوطنية.”
القيامة: قلب الإيمان المسيحي
ذكّر البطريرك بأن القيامة هي جوهر الإيمان المسيحي، قائلاً: “لو لم يقم المسيح، لكان إيماننا باطلًا، ولكنّا شهود زور، ولا وجود لكنيستنا.”
كما أشار إلى أن قبر المسيح الفارغ هو حجر الزاوية في الديانة المسيحية، إذ يعبّر عن الانتصار على الموت واليأس، ويمنح الرجاء بقيامة كل إنسان.
من المشاهدة إلى الشهادة
ختم الراعي عظته بالتذكير بدور النساء اللواتي زرن القبر فجر القيامة، وتحولن من مشاهدات إلى شاهدات ومبشّرات بقيامة المسيح، داعيًا الحاضرين إلى حمل رسالة القيامة إلى كل لبنان.
واختتم قائلاً:
“المسيح قام! حقًّا قام!”