(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
الصحفي التاج عثمان لـ(الكرامة):
رايت المساجين يهربون وتتم تصفيتهم بواسطة الميليشيا
هذه قصة اختفائي(……..)
..و( ديل ما بشر)
خرجت من سنجة للدندر سيرًا على الأقدام ب(جلابية وسفنجة)
في سنجة نهبوا البنوك ونقلوا المغالق بـ(الدفارات) ودمروا المحال
(….

) هذا حدث عند وصولنا إلى كبري الدندر
استيقظت على صوت القذائف وتوجهت للجريدة
هذا ما كان يفعلنه بناتي عند اشتداد الضرب (….)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الصحفي التاج عثمان، الذي عاد لمسقط رأسه سنجة وعاش وكان شاهدًا على فظائع الميليشيا، فماذا قال:
أين كنت في اليوم الأول للحرب؟
كنت في منزلي بالخرطوم بحري حي المزاد جنوب.
كيف تلقيت نبأ الحرب؟
كنت متوقعًا خاصةً بعد التراشقات التي سبقت الحرب وإرهاصاتها. وصباح الحرب استيقظت على صوت قذائف، ولكنني خرجت من المنزل وتوجهت للصحيفة، وكنت اعتقد بأنّ تلك الأصوات عبارة عن انقلاب.
وصلت الجريدة؟
نعم، ما لقيت أي زول وعدت للمنزل.
كم مكثت في بحري؟
حوالي ثلاثة أيام مع أُسرتي، ومن ثمّ اشتد الضرب والقصف المتبادل لدرجة أنّ بناتي كن يحتمين بالأرض وقررت مغادرة المكان.
أين كانت الوجهة؟
العيلفون شرق النيل.
كم مكثت فيها؟
مكثت فيها حتى بعد عيد الفطر، ومن ثمّ ذهبت لمسقط رأسي مدينة سنجة.
وبعد ذلك؟
ظللت في سنجة لزمن طويل، ثم اتصلت بي إدارة إعلام ولاية سنار وطلبوا مني العمل معهم وتعاملت معاهم.
ثمّ كان سقوط سنجة؟
كنت شاهد عيان على تلك الأيام ولم يكن لدي اهتمام بأن أخرج بقدر ما اهتممت بإخراج عدد من النازحين، حيث أنّ عربتي الصغيرة كانت تحمل في تلك اللحظات 9 بنات ساعدت على إخراجهم حتى ناحية الترس.
في تلك الأيام كانت هنالك أخبار بأنّك مختفي؟
بعد أن أوصلت البنات عدت لسنجة، وأساسًا أنا في الحي الشمالي، وعند عودتي لسنجة كان الضرب قد اشتد بالحي الشرقي وتحديدًا من ناس (المواتر)، واختبأت ضمن مجموعة قوامها 10 أشخاص في إحدى المنازل لمدة ساعتين.
ثم ماذا؟
طلبت من الذين معي بأن نغادر المنطقة للبساتين وهي (جنائن المانجو)، ووصلناها المغرب، ومكثنا تلك الليلة في الجنائن رغم علمنا بوجود العقارب والثعابين، ولكننا آثرنا البقاء نسبة لاشتداد الضرب المتبادل حول المنطقة، وثاني يوم صباحًا تحركنا سيرًا على الاقدام ووصلنا النيل الأزرق، وكنا حوالي 12 شخصًا غير 6 أطفال بأمهاتهم، وعبرنا بالمراكب للضفة الشرقية مشروع مينا، ومن هناك اخترت أن أذهب للدندر، ووصلت حتى كبري سنجة من الناحية الشرقية، ولم تكن هنالك أية طريقة لنستقل عربة، حيث أنّ النزوح كان كبيرًا وجميع العربات مليئة حتى (الكاروهات)، ومن ثمّ قررت أن أذهب راجلًا للدندر، وكنت بجلابية فقط و(سنفجة)، ولم يكن لدي أي شيءٍ لا تلفون ولا مال ولا زاد، وتحركنا حوالي العاشرة صباحًا يوم الأحد وصلنا الدندر وصلنا قرابة المغرب، حيث قطعنا المسافة راجلين ومعي شخص فى 7 ساعات.
وصلت الدندر؟
نعم، ووجدنا كبري الدندر مغلقًا، وزحاما كبيرا نتيجة الإغلاق، هنالك وجدت صديقًا لي وقابلنا مجموعةً من شباب الدندر وأصروا أن نقضي معهم الليلة ، ومكثنا معهم أمسية الأحد وحتى صباح الاثنين، حيث ذهبنا للكبري مجددًا على أمل أن نقطعه، ولكن في تلك اللحظات دخل التمرد مدينة سنجة.
وضع صعب؟
جدًا، حيث بدأ الضرب وقد كان الناس مذعورين، وبسبب الخلعة أصررت على أن أعود لسنجة، وقلت لصديقي أنا صحفي ويجب ألا أهرب، وعدت لسنجة لأنقل للعالم مآسي هؤلاء البشر، وعدت راجلًا ومكثت في الليلة بمنطقة ود الريس، وثاني يوم الثلاثاء عدت لسنجة ولم أستطيع الوصول للحي الشمالي، وكان العزاء الوحيد أنّ أُسرتي لم تشهد هذه المآسي لأنهم قبيل الحرب غادروا منذ سقوط مدني لخارج البلاد.
عدت لسنجة، كيف كانت الأوضاع؟
السوق (مفتح كلو والبنوك اتنهبت والمحال سلبت ودمرت والمغالق تم نقلها بالدفارات)، يعني كان مشهدًا صعبًا.
في تلك اللحظة، ما هي الخطوات التي تنوي التحرك بها؟
أصبحت أمام الأمر الواقع وأصور الإحداث بعيوني ومكثت بمنزل في المسجد الكبير.
كم مكثت؟
الشبكة قطعت وكذلك الكهرباء والمياه، وانقطع تواصلي مع أُسرتي وما عارفين أنا حي ولا ميت، (وطلعوا بوسترات وقالوا أنا مختفي) .
ثم ماذا؟
قرابة الشهرين وفي الأيام الأخيرة حدث جوعٌ شديد واشتد المطر.
كيف خرجت من سنجة، وأين كانت الوجهة؟
أجرنا جرارًا بمليون و200 ألف جنيه كمجموعة من المواطنين، حيث دفع كل شخص ٦٥ ألفًا، وتحركنا حوالي العاشرة صباحًا، عبر الطريق الطيني ووصلنا منطقة (ود النور) التي يستغرق مشوارها فى الاحوال العادية ساعتين، ولكن فى تلك الظروف وصلناها في 7 ساعات، ومكثنا الليل فيها، واليوم الثاني هطلت امطار شديدة ومكثنا لليوم الثاني، وفي اليوم التالي خرجنا راجلين حتى نهر الدندر معنا أطفال ونساء ، وركبنا المراكب وبرضو بعدها ركبنا (تراكتور) ووصلنا منطقة (الحواتة)، ومنها لسوء الحظ شارع (الحواتة – القضارف) مقطوع للمطر، اضطررنا أجرنا (تراكتور) ووصلنا الحواتة ليلا، ومنها أجرنا تراكتور وقطعنا حوالى 3 كيلومترات، ومن هنالك وجدنا حافلات للقضارف وتفرقنا كمجموعة هنالك.
مأساة عايشتها أيام الحرب في سنجة؟
رؤية المساجين بسنار يهربون تم تصفيتهم من الميليشيا في الحي الشمالي، وظلت جثثهم حتى أصحبت عظامًا، ونحن فقط حينما تم ضربهم سترناها بملايات.
كم كان عددهم؟
ثلاثة أشخاص 2 من المساجين وعسكري شرطة.
هذه حرب مختلفة؟
نعم مختلفة (ديل ما بشر).
عادة فقدتها مع الحرب؟
الروتين اليومي قبلها.
كلمة أخيرة؟
التحايا للشعب القوي الصابر، وللقوات المسلحة وهي تخوض حرب الكرامة، ونستبشر بأن يتم التحرير قريبًا.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی تلک صباح ا

إقرأ أيضاً:

مسيرات حاشدة في الجوف استمرارا في اسناد الشعب الفلسطيني مهما كانت النتائج

الثورة نت/سبأ شهدت محافظة الجوف اليوم، مسيرات جماهيرية بكافة المديريات تحت شعار نصرة لغزة.. مسيراتنا مستمرة وعملياتنا متصاعدة”. وأكد أبناء الجوف خلال في المسيرات التي أقيمت بمديريات الحزم وخب الشعب والسيل ورجوزة والغيل والخلق والمصلوب والمطمة والزاهر والحميدات، والمراشي والمتون والعنان ثبات الموقف والاستمرار في نصرة الشعب الفلسطيني مهما كانت التحديات والتضحيات انطلاقا من الثقة بالله ووعده بالنصر لعباده المظلومين. وعبروا عن الاستعداد لمواصلة التحرك ضد قوى الطغيان والإجرام الصهيوني إسناد الشعب الفلسطيني استشعارا للمسؤولية الدينية والإنسانية في نصرة المظلومين في قطاع غزة.. مباركين التصعيد العسكري لقواتنا المسلحة ضد العدو الصهيوني والسفن المتعاملة معه. وأكدوا الثبات في ميادين الجهاد والتضحية بلا وهن ولا فتور مهما كانت النتائج والتهديدات حتى ينصاع العدو ويوقف عدوانه وحصاره عن الأشقاء في غزة. وأوضح بيان صادر عن مسيرات الجوف “أنه واستجابة لله تعالى، وجهاداً في سبيله وابتغاء لمرضاته خرجنا اليوم في مسيراتنا المليونية نصرة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، ولمواجهة الطغيان والإجرام اليهودي الصهيوني الأمريكي الذي يرتكب أبشع جريمة إبادة جماعية في غزة على مدى واحد وعشرين شهراً”. وعبر عن الحمد لله سبحانه وتعالى على عونه وتأييده لمجاهدي المقاومة الفلسطينية ومجاهدي قواتنا المسلحة.. مباركا تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية وتصاعد عمليات قواتنا المسلحة على عمق العدو الصهيوني، والعمليات البحرية الأخيرة الفعالة التي أجهزت على ما تبقى من أحلام العدو في اختراق قرار الحظر البحري اليمني الناجح وكسر الحصار المفروض على موانئه وفي الوقت الذي يبيد فيه أبناء غزة بجرائمه تقتيلا وحصاراً وتجويعاً وتعطيشاً. وأشار البيان إلى أن العدو قد تلقّى بعون الله صفعات قوية ومدوية ورادعة شاهدها العالم كله بالصوت والصورة.. مباركا التصدي القوي والفعال وغير المسبوق لقواتنا المسلحة في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير على بلادنا، سائلا الله سبحانه وتعالى لها مزيداً من البصيرة والتوفيق والتسديد والثبات. وأضاف “إننا ونحن نتابع العمليات القوية للمجاهدين في غزة خلال الأيام الأخيرة والتي أرهقت العدو قتلاً ذريعاً، وكمائن نوعية فتاكة ونتذكر في نفس الوقت معاناة مجاهدي المقاومة ومعهم كل أبناء غزة من شدة المجازر والتجويع والتعطيش والحصار الشديد نزداد عزيمة وثباتاً وثقة ويقيناً بأن هزيمة العدو ممكنة مهما كانت إمكاناته، ومهما كانت المعاناة، وبأن العدو كما أخبرنا الله عنه ضعيف وجبان مهما أظهر من إجرام ووحشية، وأن ثمار الصبر والعمل والثقة بالله حتماً هو النصر للمؤمنين الصابرين، وهزيمة العدو المجرم”. وجدد التأكيد للقيادة الحكيمة ولمجاهدي القوات المسلحة والمجاهدين في غزة بأن الشعب اليمني المسلم المجاهد وبكل إيمان وبصيرة ووعي وقناعة لن يتراجع، ولن يكل ولن يمل، ولن يتخلى عن موقفه هذا، مهما كانت المعاناة والصعوبات، وأنه سيصبر في سبيل الله، ليقينه بأن الصبر والثبات مع الثقة بالله هو الطريق الأوحد للفتح الموعود والفرج القريب وأن كل الخيارات الأخرى قطعاً فيها من المعاناة ما هو أكبر ولكن بدون أي ثمرة ولا نتيجة إلا الخزي والعار والخسارة في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • مسيرات حاشدة في الجوف استمرارا في اسناد الشعب الفلسطيني مهما كانت النتائج
  • ترامب: الولايات المتحدة كانت ميتة وأصبحنا الاقتصاد الأفضل في العالم
  • مالي تبدأ في بيع الذهب من منجم كانت تديره شركة كندية
  • الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرتين مسيرتين
  • المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرتين مسيّرتين
  • الصرامي: مشاركة الهلال في كأس العالم للأندية كانت فاخرة
  • حرب خفية داخل إيران: مسؤولون كبار يهربون من بيوتهم ويتنكرون للنجاة
  • أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات
  • شاهد | استهداف وإغراق السفينة (ETERNITY C) التي كانت متجهة إلى ميناء أم الرشراش في فلسطين المحتلة
  • نهب وتدمير وإحراق 24 مستودعاً تتبع لحكومة ولاية الجزيرة بواسطة مليشيا أسرة دقلو الارهابية