يشهد قطاع النشر الأدبي على غرار مجالات أخرى كثيرة حالة من الغليان، بعد أن اهتز بفعل الثورة التكنولوجية التي أطلقتها برامج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي". واقتحم الذكاء الاصطناعي خدمات الترجمة، كما يتطور في مجالات النشر العلمي والقانوني، لكنه يظل هامشيا في عالم الإبداع الأدبي.

وفي حوار مع الجزيرة نت قال الدكتور سليمان بن إبراهيم الرياعي، استشاري إدارة المحتوى والنشر الرقمي بالسعودية، إن التقدم الرقمي أحدث تحولا إستراتيجيا سريعا في جميع نواحي قطاع النشر، سواء في الجانب الاقتصادي أو البشري أو قطاع توليد المعارف، وأصبحت صناعة النشر عاملا اقتصاديا للمجتمعات، حيث ارتفع حجم الإنتاج المعرفي بلايين المرات، وزادت سرعة الإنتاج وتنوعت أشكاله ومسارات صناعته.

وأضاف الرياعي أن التحول الرقمي شكل مفرق طرق للكفاءات التقليدية سواء في إدارة النشر أو تطويره أو التعامل معه في السياسات والتشريعات، كما شكل التحول الرقمي فارقا كبيرا في صناعة المحتوى وكفاءته.

والرياعي أستاذ مشارك في قسم إدارة المعلومات بكلية علوم الحاسب والمعلومات في "جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية"، وتخرج من "جامعة مكجيل" في المملكة المتحدة حيث تخصص في مجال المكتبات والمعلومات وحقوق التأليف والنشر، وفيما يلي نص الحوار:

كيف أثر التحول الرقمي على النص والمحتوى؟

التحول الرقمي دائما في عصر النشر هو مرتبط بالنص وطبيعته أو شكله، لذا كان أهم محفز للتحول الرقمي هو طريقة المعالجة السريعة والمتنوعة للنصوص وتوصيفها وفق تقنيات استرجاع متقدمة، إذًا توليد للنص أو المعالجة ثم الوصول إليه تقدم وتنوع بشكل كبير في عصر التحول الرقمي، وأعاد النصوص القديمة للواجهة والاستخدام من جديد بأشكل ووسائل متنوعة.

وفيما يخص صناعة النشر، كيف أثر القطاع الرقمي عليها؟

التحول الرقمي زاد من تفاوت ترتيب قطاعات الإنتاج أو كما نسميها مولدات المعارف المتنوعة، حيث أصبحت تغلق أو تتوسع أو تندمج لتحقق الاستثمار الصحيح لهذا التحول، وعليه كان على القيادات في صناعة النشر وضع الإستراتيجيات السليمة والتي تواكب هذا التحول الرقمي المتخصص في مجال صناعة النشر، حيث إننا نعيش مرحلة تنافس شرس حاليا، ونرى بشكل ملحوظ إغلاق أو اندماج في صناعة النشر، بالمقابل كل هذا التحول الرقمي كانت تقوده القوة الرقمية لدى الجمهور، فعندما يصبح المستخدم للمعرفة متمكنا رقميا تتغير المولدات أو تتلاشى.

كيف يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة في صناعة الكتاب؟

لعل من أهم وسائل الاستفادة من التقدم التقني الحديث لصناعة الكتاب تنمية القدرات البشرية والتفكير في قطاع اقتصاد المعرفة، حيث إن الكتاب جزء رئيس من اقتصاديات المعرفة للشعوب، ونحن نرى اليوم عشرات الشركات الأجنبية تستفيد من المحتوى والنص العربي لصناعة الكتاب، الذي يباع مرة أخرى إلى الشعوب المنتجة له بطرق تقنية حديثة، كما أن الدول العربية الغنية تستطيع اليوم الاستفادة من التقدم التكنولوجي الرقمي في إعادة إنتاج الكتاب التعليمي والأدبي والثقافي واستثماره في دول أجنبية.

ما دور الذكاء الاصطناعي في النشر؟

للنشر دورة طبيعية منذ بداياته يمر من خلالها بمحددات كفاءته و قيمته ومستهدفاته وترسم المخرج النهائي له، لكن اليوم ومع دخول الذكاء الاصطناعي تغير النشر ليصبح له دورة مختلفة تماما لم تحدد معالمها حتى الآن، ولم تعتمد مقومات كفاءته أو قيمته أو مستهدفاته، لذا نستطيع أن نؤكد بأن التغيير الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم النشر سيعتمد بالكلية على كفاءة بناء الذكاء الاصطناعي و مستهدفاته إن كانت تجارية أو سياسية أو علمية، وعليه أصبح النشر في عصر الذكاء الاصطناعي فرصة لتجاوز الضعف واللغة والمعرفة لدى المجتمعات.

التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على صناعة الكتاب وكيف يمكن تفاديها؟

لم تقس حتى الآن أضرار الذكاء الاصطناعي على صناعة الكتاب، ذلك لأن صناعة الكتاب تختلف حسب مستهدفات أو تصنيفات المنتج، حيث إن الكتاب يختلف في عمره الافتراضي وطبيعته، هناك قطاع تأثر بشكل مباشر مع ظهور الذكاء الاصطناعي ومهدد بالاختفاء، مثل قطاع الكتب الموسوعية بينما قطاع الروايات لم يتأثر نهائيا.

ما مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على حقوق المؤلفين، وحقوق النشر، وماهي التحديات التي تواجه هذه الصناعة في الوطن العربي؟

حقوق المؤلف مرتبطة بالعبارة وليس الفكرة، وبالتالي الذكاء الاصطناعي يعبر عن الفكرة بأشكال وعبارات متغيرة يصعب توقعها أو قياسها بشكل ثابت، وعليه أصبحت حماية الإنتاج البشري اليوم صعبة، وأصبح المحترف من صناع الذكاء الاصطناعي قادرا على توليد العبارات من مختلف الأفكار المعرفية المخزنة أو المولدة في البرمجيات.

هل هناك اتفاقيات أو قوانين تحمي دور النشر والكتاب من التداعيات والتأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الكتاب؟

حتى الآن، لم تظهر تشريعات دولية أو محلية في الدول ترسم سياسة حقوق المؤلف، وحقوق النشر لقطاع الذكاء الاصطناعي ومخرجاته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الذکاء الاصطناعی التحول الرقمی صناعة الکتاب صناعة النشر فی صناعة

إقرأ أيضاً:

اتفاقية لإدارة المشروعات الفنية والتحول الرقمي بـ«التعليم العالي»

وقّعت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اتفاقية لإدارة المشروعات الفنية بالوزارة مع شركة الحلول العالمية.

يشمل العقد تكليف الشركة بتصميم هيكلة المشروعات الفنية للوزارة، وتطوير حوكمة عمليات إدارة المشروعات بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية والضوابط الحكومية، كما يتضمن إدارة مشروعات التحول الرقمي للوزارة وفق الخطط الإستراتيجية المعتمدة، ومراقبة وإدارة المخاطر المرتبطة بتنفيذ هذه المشروعات، إلى جانب توفير مراقبة دورية لجميع مشروعات التحول الرقمي وإعداد خارطة طريق لهذا التحول بناءً على الخطة الإستراتيجية.

يهدف المشروع إلى تحسين التنسيق والمتابعة بين الدوائر والأقسام والفرق المختلفة، بالإضافة إلى رفع مستوى الأداء من خلال تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية في إدارة المشروعات، كما يسعى إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للوزارة عبر المتابعة الشاملة للمشروعات وتوثيق تقدمها، وتعزيز حوكمة المشروعات وضمان جودتها، مع تقديم الدعم الاستشاري.

ويتمثل نطاق عمل المشروع في خمسة محاور رئيسة تشمل حوكمة إدارة المشروعات، إدارة أداء المشروعات، ضمان جودة إدارة المشروعات، الدعم الاستشاري، ونشر ثقافة إدارة المشروعات.

وبالتوازي مع هذا المشروع، قامت الوزارة بتشغيل نظامٍ خاصٍ لإدارة المؤشرات والمشروعات، ومن المتوقع أن يساهم هذا التعاون في تعزيز مستوى إدارة المشروعات، وتسريع إنجاز الأعمال.

مقالات مشابهة

  • «دار الوثائق» تستعرض تجربتها في التحول الرقمي
  • المصرف الأهلي العراقي يواصل التحول الرقمي
  • «ابن الكيزاني.. يا من يتيه على الزمان بحسنه».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
  • المنتدى السعودي للإعلام يستعرض قصة نجاح التحول الرقمي في المملكة
  • ندوة تناقش دور التحول الرقمي في استدامة التعليم العالي
  • «ابن الكيزاني.. يا من يتيه على الزمان بحسنه».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
  • مصر وليبيريا تبحثان تعزيز التعاون في الاتصالات والتحول الرقمي
  • حلول تقنية مبتكرة تدعم التحول الرقمي في حكومة دبي
  • المملكة في اجتماع منظمة التعاون الرقمي.. جهود رائدة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • اتفاقية لإدارة المشروعات الفنية والتحول الرقمي بـ«التعليم العالي»