حسين خوجلي: إلى الفارس الشهيد ود الماحي .. شوقك شوى الضمير
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
حسين خوجلي يكتب:
إلى الفارس الشهيد ود الماحي … شوقك شوى الضمير
كنت عندما أقابل الاخ المجاهد الودود احمد الماحي، حفيد عاشق الإسلام الأكبر وشاعر المصطفى صلى الله عليه وسلم الأشهر حاج الماحي افاجئه مداعباً (ياخي جدك دة ما خلى لينا حورية في الجنة، ٤ مناسبة لغاية عشرة مناسبة، لكن الفين الفين دي بالغ فيها) فينفجر الأخ احمد ضاحكاً، وأنا أردد على مسامعه “المدحة” التي يكمن فيها حسن ظن الرجل بالله وبالجنة.
في الجنة أم قوارير
زوجات على السرير
لابسات الأساوير
وما بعرفن التَرير
الفين جزايا للناظم الحقير
والفين لابنه ابكار من الخُدّير
والفين جدايا للمادح البشير
والفين ندايا للصافي الدخير
والفين قِبالن لمحمد البصير
والفين زهايا لي احمد الفقير
والفين قِبالن للحاج والضكير
والفين ندايا لاحمد الفقير
والفين للطاهر والفين لابو الكبير
والاف ألوفا للزملاء والعشير
وقد هزتني حزناً وفرحاً قصة الشهيد محمد الابن البكر لأحمد الماحي، فقد تزوج قبل عام وأكمل دراساته العليا في الادارة بماليزيا، ووجد عرضاً مغرياً تسيل له لعاب كل الشباب بإحدى دول النفط، وقد حدث والده نفسه بالدولارات بعد طول تربية ورهق، فكانت إجابة ابنه محمد: ( جزاك الله خيراً يا أبي على ما بذلته في تربيتنا من جهدٍ وجهادٍ وحب لهذا الدين ولهذا الشعب، إني أبشرك بأن اسعادنا لك إن شاء الله سيكون في الآخرة، وليس في هذه الفانية، فقد استخرت وامتلأ قلبي بالطمأنينة، وسوف أسافر للسودان لالتحق بكتائب المجاهدين دفاعاً عن عقيدتي ووطني)
وقد أجابه والده ووالدته بالرضا والقبول ودعوا له بالنصر أو الشهادة، والتحق الابن المجاهد بمواكب بيعة الموت، وكتب له الله عز وجل بشارة الاصطفاء، فقد استشهد مقبلا غير مدبرًا بعد أن أعمل سلاحه في الأعداء مراراً، وأتى ببعض الأسرى المدحورين وله لقطة شهيرة بذلك.
وقد أسعدني جداً أن المجاهدين قد سموا الكتيبة التي دخلت لتحرير بحري باسم “كتيبة ود الماحي”.
وقد حُق لحاج الماحي الكبير أن يحجز في جنان الخلد الفين زهايا من الحور العين لحفيده الذي ضمخ دمه الطاهر أعتاب الخرطوم وهي تعود بموكب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي طالما أنشد له الرجل ليل نهار “شوقك شوى الضمير”
وأخيرًا جدًا استطاع الاخ احمد الماحي أن يضيف إلى لقبه القديم اخ الشهداء لقبا جديدًا من داخل بيته المبارك، اخا للشهداء وابا لهم، ويا له من لقب ويا له من شرف.
ويمتد بريق الآية خالدًا في قلوب شعبنا وجيشنا ببشارة الشهادة والانتصار
قال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ( 169 ) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 170 )
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الشهيد القائد وسيكولوجية الجماهير
محمد الجوهري
في كتابه الشهير “سيكولوجية الجماهير”، تحدث “غوستاف لوبون”، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهير، عن أهمية القيادة الواعية وضرورتها للجماهير، وكيفية تعاملها معها. وأكد أن القائد الفعلي هو الذي يدرك طبيعة الروح الجماعية ويستطيع توجيهها نحو أهداف إيجابية ومستدامة، وأن تجاهل الجماهير لتلك القيادة قد يؤدي إلى كوارث على المستويين الفردي والجماعي.
ومن المسلم به أن أغلب كوارث الأمة كانت بسبب انحراف في مفهوم القيادة، وتخلي الناس عن القائد الذي يعبر عن روح الجماهير وقضاياها العادلة. ولم نرَ قيادة قط تهتم بأمر الأمة إلا تلك الآتية من بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فهي النموذج المعبر عن المفاهيم النبيلة، كالحرية والعدالة والمساواة، وهي قيم مستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. لكنها لم تجد سبيلاً في أوساط الأمة بعد وفاة الرسول، فكانت النتيجة هي الانحطاط الكبير للمسلمين، وهيمنة أعدائهم على الإنسانية كلها، وما الكيان الصهيوني إلا رمزٌ لسيطرة قوى الشر على العالم أجمع.
والشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، كان نموذجاً للقيادة التي تؤمن بأن الرسالة الإلهية كانت من أجل إنقاذ البشرية، وأن القائد المثالي هو من يهتم بأمر الأمة ويدافع عنها ويقدم حتى نفسه شهيداً في سبيل الله ونصرة المستضعفين، لأنه كان قائداً بحجم الأمة الإسلامية قاطبة، فحمل همومها كلها واتجه لمعاداة أعدائها الفعليين، حسب التوجيهات الإلهية والمنهج القويم.
ولأنه كذلك، فقد تحول السيد حسين نفسه إلى رمزٍ من رموز الحق، حتى بعد شهادته، وأصبح في حد ذاته علماً يفرز الناس إلى فريقين: حق صريح وباطل صريح. وهكذا كان كل الأنبياء والآمرين بالقسط من قبله، ولم يكن بدعاً من الهداة المهتدين، بل متمماً لمسيرتهم العظيمة، وناصراً لأهل الحق والمظلومين أينما كانوا.
ولأن أعلام الهدى يخاطبون الناس بلغة القرآن، فقد ترجم السيد حسين القرآن إلى واقعٍ عملي، وكشف مضامين الواقع من القرآن نفسه، فأعاد للكتاب الكريم قيمته في نفوس الناس، بعد أن رأوا فيه منهجاً عملياً يخاطب الحياة بكل مواقفها، وهو ما لم يتحقق على يد الدعاة المزيفين في زمن السيد حسن، وإن كثروا وضجت بهم المنابر والساحات.
مقولاته الخالدة “إن وراء القرآن من أنزل القرآن” هي عبارة فلسفية عميقة جداً، فالكتب التي بين أيدينا هي من مؤلفات بشر قضوا قبل سنوات وانتهى بذلك تأثيرهم في الحياة، أما القرآن فهو باقٍ لأن من أتى به يتولى رعاية من يعمل به. فهو كتاب حي يخاطب البشر في كل مواقفهم وتحركاتهم، ويظهر الواقع للمتبصرين فلا يضلون، سواءً في هذا العصر أو سائر العصور السالفة والمقبلة، وأنَّى لكتابٍ آخر أن يعطينا كل هذه البصائر، ومن هنا برزت حكمة السيد التي هي امتداد لنور الله عز وجل.
أضف إلى ذلك، أن الشهيد القائد، رضوان الله عليه، كسر كل الأصنام التي جمدت الأمة، سواءً ما كان منها على شكل كتب أو أسماء أو كيانات، وكانت سبباً في جمود المسلمين وتخاذلهم عن نصرة دينهم. ويكفي أن صرخته اليوم قتلت هيبة الطغاة بكل أشكالهم، وتجلت في الميدان كعصا موسى أو معول إبراهيم الذي حطم أصنام عصره. فكل ما يتعارض مع الصرخة ومشروعها هو من صنع اليهود، ولو كان على شكل عقائد باطلة.
إن القيادة الواعية، مثل تلك التي جسدها الشهيد القائد، تعتبر قادرة على توجيه الجماهير نحو المصير الأفضل. من الضروري أن نتذكر دائماً أن القيم النبيلة هي التي يجب أن تقودنا، وأن نتعلم من تجارب الماضي لنستشرف مستقبلاً مشرقاً. فلنستمر في السعي نحو تحقيق العدالة والحرية، ولنجعل من شهدائنا، مثل السيد حسين، قدوة لنا في العمل من أجل الحق والمظلومين.