عربي21:
2024-10-08@12:33:18 GMT

عامٌ على الطوفان!

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

مرّ حولٌ بالتمام والكمال على "الطوفان" الذي اقتلع في طريقه كل شيء إلا الحقائق التي باتت أكثر وضوحا ونصوعا، أكثر من أي وقت مضى..

في طريقه، اقتلع الطوفان مؤامرات، واستراتيجيات، وتقديرات، وشعارات، وأمنيات، وأوهاما، وأحلاما، وما ظن البعض أنها ثوابت وحقائق ومسلمات، وما هي كذلك.. وبقيت الحقائق التي طمستها (لعقود) أكاذيب، وأراجيف، وشائعات، وتهويلات، وتأويلات.

.

من هذه الحقائق:

حقيقة تقول: إن الكيان الصهيوني ليس سوى خلية سرطانية، نشأت ونشطت في لحظة انعدمت فيها مناعة الأمة.. استئصالها واجب، والتقاعس عن أدائه "انتحار"، أو "فرار"، أو "تولٍ يوم الزحف".. اختر أيها تشاء، فكلها تعني انعدام المسؤولية، والخوَر، والجُبن، والنذالة أيضا!

وحقيقة تقول: إن وجود الكيان الصهيوني معلق بحبلين.. حبل من الله، وحبل من الناس، وكلا الحبلين بيد الله (لا بيد أحد من الخلق كائنا من كان) يفلتهما أو يقطعهما متى شاء.. ولا يزال هذان الحبلان يمدان هذه الخلية السرطانية بأسباب الحياة إلى أجل مسمى عند الله، وأحسب أننا نشهد (منذ عام) بداية العد التنازلي لهذا الأجل..

وحقيقة تقول: إن حل الدولتين وهْمٌ كبير، لا يؤمن به إلا ساذج أبله، ولا يسعى إليه إلا متنطع؛ لأن "إسرائيل" كيان استيطاني إحلالي توسعي، لم يصل إلى الحدود التي رسمها لنفسه بعد، ولا سبيل إلى بلوغها إلا إذا ابتلع (بالكامل) كلا من فلسطين، والأردن، وسوريا، ولبنان، والكويت، ونصف العراق، وثلث كلٍّ من مصر والسعودية! هذا ما يقوله الصهاينة وليس أنا!

وحقيقة تقول: إن الأرض لأهلها، والمعتدين (لا محالة) راحلون.. راحلون طوعا أو كرها.. فخلال عام، غادر قرابة مليون صهيوني "أرض الميعاد" ولم يعودوا إليها، وغالبا لن يعودوا أبدا.. أما أهل غزة، فلم يغادر أحد منهم غزة، إلا للعلاج، أو لاستكمال الدراسة.. فالغزيون يفضلون الشهادة على الإبعاد، أو التهجير القسري تحت النار، رغم معاناتهم التي لا طاقة لبشر بها؛ لأنهم أصحاب الأرض والتاريخ والمستقبل أيضا.. هكذا بكل بساطة ووضوح..

عام من الجهاد والصمود والتعري

عام من جهاد المقاومين، وصمود الغزيين.. عام لم نشهد عاما مثله، مذ كان لهذا الكيان السرطاني وجود بين ظهرانينا.. عام تعرى فيه العدو الصهيوني تماما، حتى من ورقة التوت التي ظل (منذ نشأته) يستر بها عورته، ويدوِّن عليها تبريراته الوقحة، إثر كل عدوان يقوم به، وكل جريمة يرتكبها بحق المدنيين العُزَّل، في كل مكان يستطيع الوصول إليه.. عام ظهرت خلاله حقيقة هذا الكيان العدوانية، المعادية لكل خير، المتبنِّية والممارِسة لكل شر.. لقد سقط عنه قناع الضحية، ليظهر وجه ذلك البلطجي الدميم القبيح الذي يعبد ذاته، ويسعى حثيثا لاستعباد الآخرين (حتى داعميه) بكل ما أوتي من بطش، ورعونة، ووحشية، وجبروت، وفي سبيل ذلك يدمر كل شيء.. حتى ذاته!

وما كان ذلك التعري ليحدث، لولا القرار التاريخي "الاستباقي الاستشرافي" الذي اتخذته حركات المقاومة في غزة، بقيادة حماس، بإطلاق "الطوفان" تجاه غلاف غزة، في أرض فلسطين المحتلة، الذي تتمركز فيه فرقة عسكرية صهيونية عالية الكفاءة والتسليح، في سابقة لم نشهد لها مثيلا نحن الذين اعتدنا على تلقي الضربات، والركلات، والصفعات، والهزائم، والنكسات، على يد هذا العدو الذي يعيش (منذ عام) أياما وليالي من الهلع، والتخبُّط، والتناحر.. أما الأسوأ فلم يره بعد..

وما كان ذلك التعري ليحدث لولا المقاومة، وعزيمة وصلابة قادتها ورجالها، وصناعة سلاحها بأيدي أبنائها، وإعادة استخدام ما يلقيه العدو من حِمم لم تنفجر، ناهيك عن هذه الشبكة العنكبوتية من الأنفاق التي يقف العالم مشدوها أمام تصميمها الغامض، ويقف العدو الصهيوني عاجزا عن سبر كنهها وأغوارها، رغم أنه وصل إلى كل شبر في غزة تقريبا..

إنها معضلة حسابية لا حل لها على الإطلاق.. مساحة صغيرة من الأرض.. محروقة مكشوفة، وكأنها سجادة مُلقاة في العراء.. لا جبال، ولا هضاب، ولا مغارات.. أسلحة محلية الصنع.. حصار خانق منذ 18 عاما.. اضطهاد رسمي عربي وإسلامي، غير مبرر، من أي وجه.. مقابل أسراب لا تهدأ من أحدث طائرات التجسس والاستطلاع.. قاذفات لا تتوقف عن قصف المدنيين العزل بأطنان المتفجرات، في الخيام، وفي مدارس "الأونروا"، وفي العراء، إذ لم يعد في غزة بيوت صالحة للسكن.. شحنات لا تنقطع من أشد الأسلحة فتكا وتدميرا.. تحالف دولي من ست دول كبرى تقوده أمريكا القوة الأولى في العالم.. ولا تزال صواريخ المقاومة تصل إلى تل أبيب حتى الساعة! ولا يزال الأسرى الصهاينة في قبضة المقاومة! ولا يزال المقاومون ينصبون الكمائن، وينالون من جنود العدو! أليست هذه معجزة؟ أليس هذا انتصارا للمقاومة؟ أليست هذه هزيمة منكرة للكيان الصهيوني وحلفائه الأقربين والأبعدين؟!

وما كان ذلك ليحدث لولا صمود أهل غزة الذي بَهت العدو وحلفاءه من الدول العظمى، وكذا حلفاءه من الأعراب المتصهينين.. بينما أثار هذا الصمود أصحاب الضمائر الحية من غير العرب والمسلمين، فأقبلوا يتساءلون عن السبب.. فقيل لهم: "إنه القرآن".. فأقبلوا على القرآن، فإذا هم قوم آخرون صالحون.. وللمفارقة المخجلة والمخزية، فإن نفرا (ليس بالقليل) من "العرب المسلمين" يعادون المقاومة، ويتآمرون عليها، للسبب نفسه.. القرآن الذي اتخذته غزة (إدارة ومقاومة وشعبا) منهاج حياة، به تحيا، وبه تقاوم، وبه تصبر وتصمد، وبه تنتصر.. إنه "الإسلام السياسي" الذي تنادوا لحربه وإبادة أصحابه!

لقد أبدعت المقاومة في الإعداد لهذه المعركة.. أعدت ما استطاعت من قوة، وأعدت حاضنتها الشعبية تربويا، ونفسيا، وإيمانيا، وتعاملت بحزم وحسم مع "الطابور الخامس".. وها نحن نرى النتيجة.. عدو صائل، جائر، متغطرس، ينزف لأول مرة.. اقتصاديا، وعسكريا، وأمنيا، ونفسيا، وأخلاقيا، وسيظل ينزف إلى أن يزول!

عام من الإسناد والخذلان..

سيكتب التاريخ أن من قدم الإسناد الناري للمقاومة "السُّنية" في غزة، هم فصائل المقاومة "الشيعية" في لبنان، واليمن، والعراق، وأخيرا دولة إيران "الفارسية الشيعية"..!

أما الدول "السُّنية"، فبين متفرج، وعاجز، ومعاد للمقاومة، ومتحالف مع العدو الصهيوني ضد المقاومة! هل هناك بلية أشر من ذلك؟! وأما الشعوب "السنية" فلا تسمع لها صوتا إلا في اليمن والمغرب! فأين باقي الشعوب العربية "السنية"؟! لماذا سكتت حين وجب الكلام.. الكلام وحسب!

لقد بدأ الطوفان عامه الثاني، وكأنه في يومه الأول، مع الفارق.. فيوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023 بدأ الهجوم "فلسطينيا" من غزة، على فرقة غزة، في غلاف غزة.. أما في السابع من أكتوبر الجاري (2024) فقد كان الهجوم "عربيا" على كامل فلسطين المحتلة.. من غزة، ولبنان، واليمن، والعراق.. أي أننا نتقدم ولا نتأخر، رغم الصمت والخذلان العربي والإسلامي إلا قليلا..

إن هذه الحرب بدأت ولن تنتهي إلا والصهاينة يحزمون أمتعتهم لمغادرة أرض فلسطين التي "استحلّوها" وأفسدوا فيها سنين عددا، بموجب وعود زائفة، وتأويلات توراتية فاسدة، ولن يبقى منهم إلا مَن كُتب عليه أن يُقتل شر قِتلة على أيدي مقاومي الغد، أطفال اليوم الذين يلعقون جراحهم كل ساعة، ويوسدون أحباءهم التراب كل ساعتين!

ويبقى السؤال: بأي وجه سيقابل المطبعون والمتآمرون (يومئذ) الشعب الفلسطيني الذي دفع (عن الأمة كلها) ضريبة دم، هي الأغزر والأغلى في هذا القرن؟!

x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة المقاومة فلسطين غزة المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة تكنولوجيا اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

عام على الطوفان

عام على طوفان الأقصى، وما بعد (7) أكتوبر 2023م، لم يعد كما قبله، فالطوفان غيّر كل المعادلات وكشف وهم منظومة الردع، وزيف مقولة الجيش الأقوى في المنطقة، وفضح كذبة الصدارة للقوة الأمريكية.

والطوفان فرز الغث من السمين على مستوى العقيدة وعلى مستوى الأخلاق والانتماء للنوع البشري، كما وبلور محور المقاومة، وعرّى نفاق الكيانات، أنظمة أو جماعات تجاه الشعب الفلسطيني، ثم الطوفان كشف أن الكيان وأمريكا والغرب، منظومة متكاملة في التآمر على العرب والمسلمين ولا يفهمون إلا لغة القوة، ومتى ما امتلكت الأمة عناصر القوة مادية ومعنوية أمكن لها أن توصل صوتها وموقفها للآخرين، هذا هو منطق هذا الزمان الذي شوهت أمريكا من قيمه ومبادئه وعاثت فيه فسادا وإفسادا، في الطبيعة البشرية ومفاهيم التعايش والتكامل.

عندما لجأ الكيان الصهيوني إلى استخدام القوة المفرطة تجاه الشعب الفلسطيني هل كان يعلم أنه بذلك إنما يدق آخر مسمار على نعش حلم الصهاينة في تسيُّد المنطقة وإخضاعها لإرادته؟ لا شك أن حساباته كانت تذهب إلى التصور بأن القتل والتدمير كفيل بإخلاء محيطه من أي فعل مقاوم أو مُهدِد، ولأنه انطلق في ذلك من عُقدة التفوق، لذلك جاء فعله طائشا، كاشفا عن عدم اتزان، واهتزاز لشخصيته بذلك الطيش والذهاب بالعربدة إلى أكثر من اتجاء لإعطاء الشعور بالتفوق فيما هو لم يكن أكثر من محاولة للّعب على الجانب النفسي لمستوطنيه يمنحهم بذلك، الانطباع بأن كل خيوط المعركة في قبضة متطرفيهم.

عدا ذلك فإن ما ظهر من قدرات محور المقاومة – أكان لجهة المقاتلين وارتفاع مستوى الحماس والمعنويات، أو الأسلحة – شكّل هو أيضا صفعة مدويّة فاجأت كل المنظومة الغربية الاستعمارية بزعامة أمريكا، الأمر الذي فرض على واشنطن أن تعيد حساباتها المرتبطة بإعادة رسم خارطة المنطقة والتمكين المفتوح للكيان في التحكم بواقع شعوبها، كما فرض هذا الظهور القوي المفاجئ لمحور المقاومة إعادة رسم قواعد الاشتباك في الصراع مع أعداء الأمة، وفق رؤية المقاومة.

وليس ذلك كل شيء، فالوضعية التي صار إليها الكيان – كما وأمريكا التي ترى فيه، عَصَب الحياة الذي لا بد من حمايته – لم تعد في المستوى الذي يمنحهما القوة لوضع شروطهما أو إحياء أي أوهام قديمة، سواء لظهورهما بذلك الضعف عن رد الهجمات عنهما، أو لظهورهما بتلك النزعة الحيوانية في القتل للنساء والأطفال والشيوخ والتدمير للأعيان المدنية، وقد شهد العالم أن حرب المقاومة إنما كانت مع قطّاع طرق وعصابة مسلحة اسمها في الأصل الهاجانا، ليُنبئ المشهد بتحولات جديدة للمنطقة تتصدرها قوى من تُربة هذه الجغرافيا.

في المتغير كتداعيات لطوفان الأقصى أيضا أنه هزّ بشكل قوي من ثقة المستوطنين الصهاينة في قدرة قادتهم على توفير الحماية لهم في المناطق المحتلة، وباتوا يشعرون فعليا بالخطر الوجودي، كيف لا وهي العبارة التي قالها نتنياهو نفسه يوم انقشع غبار الطوفان على كارثة هزيمة مدوية لجيش الغاصبين داخل الكيان.

وكيف لا وردّ الفعل جاء طائشا لا ينُمّ عن ثقة وقدرة بقدر ما أكد الضعف والقلق، أراد استعادة هيبة الردع بتحرك عدواني مفرط فأحدث سلوكه، فعلا عكسيا فضح السقوط الأخلاقي والإنساني لهؤلاء الشرذمة من البشر ولكل الغرب معهم، كما وتلاشت بذلك خطابات المظلومية الصهيونية الزائفة التي كان يروج لها كهنة اليهود والمتطرفين، بتصوير وقوع مجتمع المستوطنين في دائرة اضطهاد واستهداف العرب والمسلمين.

وربما ما هو أكثر قساوة على العدو الصهيوني وأمريكا والغرب، هو أن الطوفان ركل حلم الصهاينة بإنشاء كيانهم المزعوم، إلى خارج حلبة المتاحات، وحفّز أكثر لامتلاك السلاح فظهر اليمن بشكل أكثر اقتدارا وبأسلحة نوعية نجحت في نسف كذبة المنظومة الدفاعية للكيان وجعل تل أبيب تحت طائلة القصف.

مقالات مشابهة

  • “طوفان الأقصى”.. الطوفان الذي أنهى أحلام الكيان
  • أبو عبيدة يحذر الاحتلال بشأن أسراه.. هذا ما قاله في "ذكرى الطوفان"
  • عام الطوفان
  • أبوعبيدة :نقدر جبهة اليمن المباركة والحضور الجماهيري الذي لم يتوقف منذعام
  • أبو عبيدة يحذر الاحتلال بشأن أسراه.. هذا ما قاله في ذكرى الطوفان (شاهد)
  • القسام تعيد نشر كلمة الضيف التي أعلنت بدء الطوفان.. والفصائل الفلسطينية تعلق
  • القسام تعيد نشر كلمة الضيف التي أعلن بها عن بدء الطوفان قبل عام (شاهد)