رسم التاريخ المعاصر بين وريقاته صورة كريستوفر كولومبس، على أنه المستكشف الأعظم، وفي الواقع كان السفاح الأبشع في التاريخ، ففي رحلته لاكتشاف طرق أخرى في البحر عبَر المحيط الأطلسي، وصل إلى جزر غريبة يعيش بها أُناس بدائيون تمامًا، لا يملكون أسلحة ويتحدثون بلغة لا يعرفها.

كانت تلك الجزر في البحر الكاريبي، وسُميت فيما بعد بالأمريكتين، وما حدث لهؤلاء القوم أو الهنود الحُمر كما أطلق عليهم على يد هذا المستكشف وجماعته، كان أبشع جريمة إبادة، وإليك القصة كاملة من مذكرات «كولومبس».

الوجه الآخر لكريتسوفر كولومبس

في 12 أكتوبر 1492، وصل كريستوفر كولومبوس إلى سان سلفادور، وهي جزيرة تقع في جزر الباهاما حاليًا، وكتب عن الأراواك الأصليين الذين قابلهم هناك في مذكراته: «كانوا يتمتعون ببنية جيدة، وأجسام جيدة وملامح جميلة، إنهم لا يحملون أسلحة، ولا يعرفونها، أريتهم سيفًا، فأخذوه من حده وقطعوا أنفسهم من جهلهم، ليس لديهم حديد، رماحهم مصنوعة من القصب، سيكونون خدما جيدين مع خمسين رجلاً، يمكننا إخضاعهم وجعلهم يفعلون ما نريده»، بحسب ما ذكره موقع «chieftain».

وفي جزء آخر من مذكرات «كولومبس» كتب: «مجرد وصولي إلى جزر الهند، على الجزيرة الأولى التي وجدتها، أخذت بعض السكان الأصليين بالقوة، حتى يتمكنوا من التعلم وإعطائي معلومات عن أي شيء موجود في هذه الأجزاء»، خطر على باله أن الجزر بها مناجم ذهب هائلة، لذا تعامل مع السكان المُسالمين بوحشية حتى يحصل على خيراتهم، وفي طريق عودته من رحلته الأولى، كتب رسالته: «إلى صاحبي السمو الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا، أعدكم بقدر ما تريدون من الذهب والتوابل والقطن، بقدر ما يأمر به سموكما، والعبيد بقدر ما تأمران به، والذين سيكونون عبدة أوثان».

رحلة كولومبوس الثانية وخطة الإبادة

في رحلته الثانية، أسس كولومبوس مستوطنة أطلق عليها اسم  «إيزابيلا»، على جزيرة أطلق عليها اسم «هيسبانيولا»، في ولاية هايتي الحالية، والتي تقع في بحر الكاريبي بأمريكا اللاتينية، وهناك استعبد الآلاف من الأراواك، وهم السكان الأصليين للمكان، وأجبر العديد منهم على العمل حتى الموت في محاولة عبثية لاستخراج الذهب من الأرض التي كانت تحتوي على كميات ضئيلة من المعدن، وأرسل 500 عبد إلى إسبانيا، لقي 200 منهم حتفهم أثناء الرحلة، ولكن دون أن يتراجع عن قراره، إذ كتب: «دعونا باسم الثالوث الأقدس نواصل إرسال كل العبيد الذين يمكن بيعهم».

وفي كتاب «تاريخ جزر الهند» وثق القس الدومينيكي بارتولومي دي لاس كاساس، أحد المرافقين لرحلة كريستوفر كولومبس بعض من الأهوال التي جلبها المستكشف الأمريكي وأتباعه إلى منطقة البحر الكاريبي، وأماكن أخرى في أمريكا اللاتينية: «إن الشهادات التي لا نهاية لها تثبت المزاج الهادئ والمسالم للسكان الأصليين، ولكن عملنا كان إثارة الغضب والتخريب والقتل والتشويه والتدميرـ فلا عجب إذن أن يحاولوا قتل واحد منا بين الحين والآخر، الأدميرال (كولومبوس) كان أعمى مثل أولئك الذين جاءوا بعده، وكان حريصًا جدًا على إرضاء الملك، لدرجة أنه ارتكب جرائم لا يمكن تخيلها ضد الهنود».

أجبر «كولومبس» الأراواك المستعبدين، على العمل في المناجم ليل نهار، حتى كان الأزواج والزوجات يجتمعون مرة واحدة كل ثمانية أو تسعة أشهر، وعندما يجتمعون يكونونوا منهكين ومكتئبين من كلا الجانبين، ويتوقفون عن الإنجاب، أما بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، فقد ماتوا مبكرًا، لأن أمهاتهم منهكات في العمل الشاق ويعيشن مجاعة، بعد أن حرمهم كولومبس وأتباعه خيرات بلادهم، فلم يكن لديهن حليب لإرضاعهم، ولهذا السبب أثناء وجوده في كوبا، مات 7 آلاف طفل في ثلاثة أشهر.

أفعال كولومبس البشعة كانت ضد البشرية 

وذكر«بارتولومي» أن بعض الأمهات أغرقن أطفالهن من شدة اليأس، وعلى هذا النحو مات الأزواج في المناجم، وماتت الزوجات في العمل، ومات الأطفال، بسبب نقص الحليب، وفي وقت قصير أصبحت هذه الأرض التي كانت عظيمة وقوية وخصبة للغاية، خالية من السكان: «لقد رأت عيني هذه الأفعال الغريبة عن الطبيعة البشرية، والآن أرتجف وأنا أكتب».

كاتب سيرة كولومبوس صمويل إليوت موريسون من جامعة هارفارد، اعترف ولو بشكل عابر تقريباً، بأن السياسة القاسية التي بدأها كولومبوس وانتهجها خلفاؤه، أسفرت عن إبادة جماعية كاملة، لم يخترع كولومبوس العبودية، ولكنه مارسها بكل عنف، أدت إلى نشر الأمراض التي كان معظمها الإنفلونزا، والجدري، والحصبة في منطقة البحر الكاريبي في غضون 100 عام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الهنود الحمر البحر الكاريبي

إقرأ أيضاً:

اللواء وائل ربيع: إسرائيل استغلت «طوفان الأقصى» لتنفيذ إبادة جماعية ضد سكان غزة

قال اللواء أركان حرب الدكتور وائل ربيع، مُستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية، إن إسرائيل استغلت «طوفان الأقصى» التي قامت بها حركة حماس في 7 أكتوبر لتحقيق عددا من الأهداف العسكرية أٌطلق عليها «السيوف الحديدية».

أهداف «السيوف الحديدية»

وشدد «ربيع»، خلال لقاء ببرنامج «كلام في السياسة»، ويقدمه الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد الطاهري، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، على أن أهداف «السيوف الحديدية» للجيش الإسرائيلي كان هدفها القضاء على قدرات حركة حماس، وتأمين مستوطنات غلاف غزة، وهو الهدف الظاهر للجميع، إلا أن ما حدث فعليًا هو أن إسرائيل نفذت إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم يتبقى من غزة شئ آمن.

ونوه بأن قطاع غزة لم يعد به بنية تحتية أو مدارس أو جامعات، مؤكدًا أن مصر لديها قناعة بضرورة وجود سلطة فلسطينية واحدة تضم كل الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • مقررة أممية: ما يجري في غزة من جرائم جزء من خطة إبادة جماعية
  • مقررة أممية: ما يجري في غزة من جرائم العدو جزء من خطة إبادة جماعية
  • مقررة أممية: ما يجري بغزة جزء من خطة إبادة جماعية
  • مقررة أممية: ما يجري في غزة من جرائم إسرائيلية جزء من خطة إبادة جماعية
  • مقررة أممية: ما يجري بغزة إرهاب نفسي وجزء من خطة إبادة جماعية
  • اللواء وائل ربيع: إسرائيل استغلت «طوفان الأقصى» لتنفيذ إبادة جماعية ضد سكان غزة
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: غزة تعيش حرب إبادة جماعية
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: قطاع غزة يتعرض لحرب إبادة جماعية
  • عام من العدوان الإسرائيلي على غزة.. إبادة جماعية وتدمير شامل