يقول متطوعون محليون ساعدوا في إطعام أشد الناس فقرا في السودان على مدى 17 شهرا منذ اندلاع الصراع هناك إن هجمات تستهدفهم يشنها الطرفان المتحاربان تجعل من الصعب تقديم المساعدات الضرورية وسط أكبر أزمة جوع في العالم.

وفر كثير من المتطوعين خوفا من تهديدات بالاعتقال‭‭‭‭ ‬‬‬‬أوالعنف، وتوقفت المطابخ الخيرية (المعروفة في السودان باسم التكايا) التي أقاموها في بعض المناطق الأكثر نكبة عن تقديم الوجبات لأسابيع في كل مرة.

وتشير تقديرات إلى أن مئات الأشخاص يموتون يوميا من الجوع والأمراض المرتبطة بالجوع في السودان.

وتحدثت رويترز مع 24 متطوعا يديرون مطابخ في ولاية الخرطوم ودارفور في الغرب، وأجزاء من الشرق حيث فر الملايين من منازلهم وفقدوا سبل عيشهم منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وكثفت منظمات إنسانية دولية دعمها للمتطوعين لأنها لم تتمكن من توصيل المساعدات الغذائية إلى مناطق بالبلاد يحدق بها خطر المجاعة. لكن 10 من المتطوعين قالوا لرويترز عبر الهاتف إن هذا جعلهم أكثر عرضة للنهب.

 وهناك مطابخ كثيرة لا توثق الهجمات، بينما رفض البعض الآخر تقديم التفاصيل خوفا من جذب الانتباه غير المرغوب فيه. ومع ذلك وصف المتطوعون لرويترز 25 واقعة استهدفت خلالها مطابخهم أو متطوعين في الولاية منذ يوليو، بما في ذلك المزيد من السرقات والضرب والاحتجاز.

عناصر مارقة

يقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان السودان، أي 25.6 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة. وفي المناطق الأكثر نكبة لجأ السكان النازحون بسبب القتال أو المحاصرون في منازلهم إلى أكل الحشائش وأوراق الشجر.

وأقام متطوعون محليون مئات المطابخ في بدايات الحرب والتي كانت تقدم مرة أو مرتين في اليوم وجبات ساخنة، تتكون عادة من عصيدة الذرة الرفيعة أو العدس أو الفول. ولكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع التبرعات الخاصة، اضطر البعض إلى وقف أو تقليص الخدمات إلى خمس مرات فقط في الشهر.

 وفي ولاية شمال دارفور، كان على مجموعة تدير مطابخ في مخيم يؤوي نصف مليون شخص نزحوا بسبب العنف العرقي التوقف عدة مرات عن تقديم الوجبات بسبب عدم كفاية التمويل، حسبما قال أحد المتطوعين هناك.

وفي أغسطس، قالت هيئة عالمية معنية بأزمات الجوع في أغسطس إن الصراع والقيود المفروضة على تسليم المساعدات تسببا في مجاعة في مخيم زمزم.

غرف الطوارئ

وتدير (غرف الطوارئ)، وهي شبكة واسعة من المجموعات المجتمعية، الكثير من المطابخ الخيرية، وحاولت الحفاظ على استمرار الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وتوزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

وفي مناطق يحتفظ الجيش بالسيطرة عليها، وصف 6 متطوعين الاعتقالات والمراقبة التي قالوا إنها أثنت أشخاصا كانوا يساعدون في إدارة المطابخ عن مواصلة هذه المهمة، مما قلل من قدرتهم على العمل.

وتوصلت بعثة لتقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة إلى أنه من بين 65 قضية نظرتها محاكم شكلها الجيش لمن قال إنهم "قادة وموظفون “يتبعون قوات الدعم السريع حتى يونيو، استهدفت 63 دعوى نشطاء وعاملين في المجال الإنساني. وقالت البعثة في تقريرها إن من بينهم أعضاء في غرف الطوارئ.

وتبادل الطرفان المتحاربان الاتهامات بشأن تأخير تسليم مواد الإغاثة الغذائية، في حين نفت قوات الدعم السريع نهب المساعدات.

 وقال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في سبتمبر إنهما ملتزمان بتسهيل تدفق المساعدات.

تردد المانحين

قال عبد الله قمر، أحد المنظمين بولاية الخرطوم إنه مع تفشي الجوع أنشأت غرف الطوارئ 419 مطبخا بهدف خدمة أكثر من مليون شخص يوميا في الولاية وحدها. لكن المتطوعين يكابدون لتأمين 1.175 مليون دولار لازمة لذلك كل شهر. وقال قمر لرويترز إنهم تلقوا في سبتمبر نحو 614 ألف دولار.

وأفاد قمر بأن معظم الدعم كان يأتي في البداية من السودانيين المغتربين، لكن موارد هؤلاء المانحين نضبت.

وأشار موظفو الإغاثة إلى أن كثيرا من المانحين الأجانب تردد وافي تمويل المطابخ لأن المجموعات التي تديرها غير مسجلة لدى الحكومة، وتستخدم في الغالب حسابات مصرفية شخصية.

وقالت ماتيلد فو، مسؤولة الشأن السوداني في المجلس النرويجي للاجئين "هناك الكثير من العزوف عن المخاطرة عندما يتعلق الأمر بدعم البرامج غير المسجلة".

وأضافت أن المجلس بدأ في دعم جهات محلية تقدم مساعدات فالسودان العام الماضي. وقالت "الآن نرى أن الكثير من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة بدأت تدرك أننا لا نستطيع تقديم أي استجابة إنسانية -أي لا يمكننا إنقاذ الأرواح-بدونهم".

ويعمل بعض المانحين الآن من خلال وسطاء مسجلين للحصول على تمويل للمطابخ الخيرية. على سبيل المثال، بدأ برنامج الأغذية العالمي في الشراكة مع مجموعات المساعدة المحلية في يوليو لمساعدة حوالي 200 مطبخ في توفير وجبات ساخنة لما يصل إلى 175 ألف شخص يوميا في منطقة الخرطوم الكبرى، حيث أنفق أكثر من مليوني دولار حتى الآن، حسبما قالت المتحدثة باسم البرنامج في السودان.

ورحب المتطوعون بالدعم، لكنهم قالوا إن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى تصل الأموال إلى المطابخ من خلال الوسطاء. وقالوا إن المتطلبات المرهقة المتعلقة بتقديم التقارير تزيد من التأخير.

وقال محمد عبد الله، المتحدث باسم غرفة الطوارئ في جنوب الخرطوم "تعمل المطابخ بشكل متقطع، لا يوجد تمويل ثابت". وقال إن غرفة الطوارئ لا تملك في بعض الأحيان سوى ما يكفي لتوفير وجبات الطعام مرة واحدة في الأسبوع، بما في ذلك في الأحياء المعرضة لخطر المجاعة.

وقال جاستن برادي رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، إن المانحين يحتاجون إلى ما يضمن استخدام الأموال للغرض المستهدف، لكنهم اتخذوا خطوات لتبسيط العملية.

وفي الوقت نفسه، تتزايد الاحتياجات.

وقال المتطوعون إن قدوم موسم الأمطار خلال الصيف تسبب في فيضانات مفاجئة وفاقم خطر الإصابة بأمراض قاتلة من بينها الكوليرا والملاريا، مما أدى إلى استنزاف الموارد بشكل أكبر.

وانخفضت قيمة الجنيه السوداني 300 بالمئة مقابل الدولار في السوق الموازية منذ بداية الحرب، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنفس النسبة تقريبا، وفقا لمسوحات برنامج الأغذية العالمي.

وقالت هند لطيف، المتحدثة باسم المتطوعين في منطقة شرق النيل المجاورة لمدينة بحري حيث قالت إن العديد من الناس يموتون من الجوع كل شهر "في أحياء كان لدينا فيها مطبخ واحد، نحتاج الآن إلى ثلاثة مطابخ أخرى.. ومع استمرار الحرب، سنرى المزيد من الناس يصلون إلى الحضيض".

وفي أحد أحياء بحري يصطف الناس مرتين في اليوم حاملين أوعية لجمع مغارف من العصيدة التي يتم إعدادها على نار في فناء منزل أحد المتطوعين. ويقف بينهم معلمون وتجار وغيرهم ممن انقطعت سبل عيشهم.

وقالت ربة منزل تبلغ من العمر 50 عاما، طلبت عدم نشر اسمها مثل غيرها من الذين أجريت معهم المقابلات لأسباب أمنية "ليس لدينا أي طعام في المنزل لأننا لا نملك المال. نعتمد على المطبخ... ليس لدينا بديل".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات المطابخ الخيرية التكايا السودان الخرطوم الجيش السوداني الدعم السريع ولاية شمال دارفور مخيم زمزم عبد الفتاح البرهان محمد حمدان دقلو غرف الطوارئ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان الكوليرا الملاريا تكايا التكايا حرب السودان الحرب السودانية المطابخ الخيرية التكايا السودان الخرطوم الجيش السوداني الدعم السريع ولاية شمال دارفور مخيم زمزم عبد الفتاح البرهان محمد حمدان دقلو غرف الطوارئ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان الكوليرا الملاريا أخبار السودان الدعم السریع غرف الطوارئ فی السودان

إقرأ أيضاً:

الإمارات تشارك في اجتماع لكبار المسؤولين الإنسانيين في أوروبا حول السودان

بصفتها مانحًا إنسانيًا رئيسيًا لشمال أفريقيا، شاركت دولة الإمارات في الاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين التابع للاتحاد الأوروبي حول السودان، والذي استضافته بروكسل.
جمع الاجتماع رفيع المستوى أبرز المانحين الإنسانيين وأصحاب المصلحة من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية والدول الشريكة الرئيسية لمناقشة الأزمة الإنسانية المستمرة في السودان، والتوصل إلى استجابات جماعية وفعالة للتخفيف من حدتها.
مثّلت المناقشات المثمرة خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون متعدد الأطراف والحوار بين الجهات الفاعلة الإنسانية والجهات المانحة استجابةً للأزمة الإنسانية في السودان. 
وركز المشاركون على معالجة المخاطر الأمنية الوشيكة وحل التحديات اللوجستية من خلال تعزيز التنسيق بين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة المحلية، لضمان إيصال المساعدات في الوقت المناسب وتأمين وصولها دون عوائق إلى جميع المناطق المتضررة وفقًا للقانون الإنساني الدولي. كما يبقى ضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفًا، بمن فيهم المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، أولوية رئيسية في الجهود الإنسانية لدولة الإمارات في المنطقة.
كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية دعم الجهات الفاعلة المحلية من خلال بناء القدرات وتقاسم المخاطر بشكل عادل لتحقيق الأهداف الإنسانية الرئيسية.
ترأس وفد دولة الإمارات راشد الحميري مدير إدارة التنمية والتعاون الدولي في وزارة الخارجية حيث أكد التزام الدولة الراسخ بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية ودعم الجهود الدبلوماسية لتخفيف حدة النزاع المستمر. كما أعرب عن استعداد دولة الإمارات لتعزيز جهودها الإنسانية والتنسيقية لضمان وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى المحتاجين.
ومنذ تأسيسها، أولت دولة الإمارات اهتمامًا بالغًا بالمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وهو ما يشكل أساس سياستها. في هذا السياق، تواصل الدولة التزامها الثابت تجاه الأزمة في السودان منذ أبريل 2023، مع التركيز على معالجة الوضع الإنساني الكارثي وتبنّي نهج يضع احتياجات المدنيين في المقدمة.
في هذا الصدد، قدّمت دولة الإمارات منذ عام 2014 مساعدات بقيمة 3.5 مليار دولار أميركي للشعب السوداني بهدف تلبية احتياجاته العاجلة ودعم التعافي والتنمية على المدى الطويل. 
كما تعهّدت، منذ اندلاع النزاع في السودان عام 2023، بتقديم أكثر من 600 مليون دولار أميركي مساعدات، منها 200 مليون دولار أميركي خلال المؤتمر الإنساني رفيع المستوى لدعم الشعب السوداني في فبراير 2025، وهو الأول من نوعه لهذا العام، ومن المتوقع أن يكون بمثابة حافز لمؤتمرات مستقبلية لدعم السودان.
وتواصل دولة الإمارات ريادتها في الجهود العالمية لتخفيف المعاناة الإنسانية، حيث افتتحت مؤخرًا مستشفى ميدانيًا في مدهول، في ولاية شمال بحر الغزال جنوب السودان، بعد النجاح في إنشاء مستشفيين مماثلين في أمدجراس وأبشي في تشاد، واللذين قدّما العلاج لما يقارب 90,000 مريض.
وتعكس هذه المبادرات التزام دولة الإمارات العميق بالتضامن الإنساني والتنمية المستدامة في السودان وجنوب السودان والدول المجاورة.

أخبار ذات صلة 110 فرق في كأس الشطرنج للمؤسسات والجاليات الإمارات تستضيف «النسخة التاسعة» لمراجعة قانون كرة القدم المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • دعوات لتوقيع ميثاق إنساني في السودان بآلية مساءلة مستقلة
  • أمريكا تتخذ خطوة حيال دخول السودانيين إلى أراضيها
  • ليلة سحور المهندسين السودانيين في قطر .. يا سر الليالي
  • الإمارات: دعم الجهود الدبلوماسية لتخفيف حدة النزاع في السودان
  • الإمارات تشارك بالاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين في أوروبا حول السودان
  • اليونيسف: 16 مليون طفل سوداني بحاجة لمساعدات إنسانية و221 تعرضوا للاغتصاب
  • الإمارات تشارك باجتماع كبار المسؤولين الإنسانيين في أوروبا حول السودان
  • الإمارات تشارك في اجتماع لكبار المسؤولين الإنسانيين في أوروبا حول السودان
  • اليونيسف: السودان يواجه أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرا في العالم وأطفاله يدفعون الثمن
  • يونيسيف: نتوقع معاناة 770 ألف طفل من سوء التغذية الحاد في السودان هذا العام