ميديا بارت: الصمت الآثم في غزة صدى للاستعمار
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
مع توسع الحرب إلى لبنان، تظل المجتمعات الغربية سلبية للغاية في مواجهة المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون، إلى الحد الذي يجعلها غير قادرة على إجبار قادتها على فرض عقوبات على إسرائيل، وكأنهم يرفضون رؤية جرائمهم في مرآة الاستعمار الذي تبثه لهم إسرائيل.
بهذه المقدمة افتتح موقع ميديا بارت مقالا -بقلم كارين فوتو- قالت فيه إن الدورة الجهنمية من الأعمال الانتقامية عادت بسرعة إلى الظهور من جديد، بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) غير المبرر -حسب زعمها- على جنوب إسرائيل، وذلك بدعم "غير مشروط" من عدد من الدول الغربية بينها فرنسا، رغم أن استخدام القوة العسكرية كان عشوائيا وغير متناسب.
وباسم "الدفاع عن النفس" الإسرائيلي، قتل أكثر من 40 ألفا من سكان غزة تحت القنابل، مما يجعل هذه الحرب واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وها نحن نرى شعبا يموت أمام أعيننا ونحن ننظر بعيدا عنه بعد مرور عام على هجوم حماس، وها هو الشرق الأوسط يشتعل على نطاق غير مسبوق.
ورأت الكاتبة أن من الواجب تقييم خصوصية هذه الكارثة، حيث اختفت أرواح، ولكن أيضًا ذاكرة وثقافة ومستقبل، مع تدمير المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء والمساعدات الإنسانية والمتاحف والحقول والمتاجر، حتى إن محكمة العدل الدولية اعترفت بوجود "خطر حقيقي ووشيك بحدوث ضرر لا يمكن إصلاحه" لسكان غزة وأمرت إسرائيل "باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع ارتكاب أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية".
وفي نفس السياق، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في مايو/أيار أنه تقدم بطلب لإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بتهمة "ارتكاب جرائم حرب" وجرائم ضد الإنسانية.
وفي يونيو/حزيران هذا العام، اتهمت لجنة التحقيق الخاصة التابعة للأمم المتحدة التي تم تشكيلها بعد حرب مايو/أيار 2021، إسرائيل بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة والقتل والاضطهاد على أساس النوع الاجتماعي الذي يستهدف الرجال والفتيان الفلسطينيين، والترحيل القسري، والأفعال التي تستهدف النساء والأطفال"، من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية القاسية.
وعلى الرغم من القانون الدولي وتعبئة دول الجنوب واحتجاجات جزء من الشباب، فإن المجتمع الدولي لم يفعل شيئا لوقف المجزرة مع أن ذلك بإمكانه، لأنه لو توقفت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عن توريد الأسلحة لإسرائيل لانتهت الحرب، ولو علقوا العلاقات الاقتصادية وراجعوا نهجهم الدبلوماسي، ولو اعترفوا بالإجماع بدولة فلسطين لظهرت رغبتهم في إيجاد حل عادل.
ورأت الكاتبة أنه من الخطأ القول إن هذه القوى عاجزة، بل هي تسمح بحدوث ما يحدث، وهكذا تظل جرائم إسرائيل دون عقاب، وهي تواصل من موقع التفوق العسكري، عملها الكارثي، والحرب تتوسع بشكل كبير في لبنان، ليقتل في غضون أسبوعين مئات المدنيين ويضطر مليون شخص إلى الفرار من منازلهم.
يقول مؤرخ المحرقة الكبير عمر بارتوف -في مقال بصحيفة غارديان- إن سكان الشرق الأوسط "أسرى ديناميكية الدمار الإقليمي التي جرهم إليها قادتهم"، وقد أصبح، منذ الغارة على النازحين في رفح يوم 8 مايو/أيار، يصف الهجوم الإسرائيلي بأنه "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية ممنهجة".
أسباب العمى
وإذا كان المجتمع الدولي قد أصبح متواطئا في هذه الجرائم بسبب تقاعسه فماذا عن المجتمعات المدنية الغربية، ولماذا تتجاهل عملية الإبادة الجماعية التي تجري، وما الذي يمنعها من التعبئة على نطاق واسع، لا سيما من ليسوا من نسل المستعمرين؟
ترى الكاتبة أن السلطات الإسرائيلية تمنع الغرب من الاطلاع على ما يحدث بمنع الصحفيين الأجانب من دخول غزة، خشية توثيق جرائم إسرائيل على نطاقها الكامل، ولا يصل الغرب إلا ما ينقله الصحفيون الفلسطينيون الذين يستهدفهم الجيش الإسرائيلي، ويصورهم على أنهم مقاتلون محتملون، وبالتالي فإن الدعاية الإسرائيلية تجعل الخسائر المدنية غير مرئية وتبرر استهداف شعب بأكمله.
كما تعتمد إسرائيل أيضا على حلفائها في إسكات المجتمعات الغربية، ففي فرنسا مثلا، وبشكل متجدد من المكارثية، يُعاقب التضامن مع فلسطين باستدعاء الشرطة أو الإدانة الجنائية أو الحظر المسبق.
والحقيقة -كما تقول الكاتبة- هي أن الغربيين لا يُمنعون من مشاهدة ما يحدث فحسب، بل إنهم لا يريدون أن يروا ذلك، ولكي نفهم هذا العمى علينا أن نعود إلى الماضي، إلى العنصرية المتأصلة في مجتمعاتنا، والتي هي في حد ذاتها ثمرة التاريخ الاستعماري الأوروبي الذي لم يتم إصلاحه قط، وفقا للكاتبة.
وبعد سرد أمثلة من العنصرية الاستعمارية، رأت الكاتبة أن هذه المسؤولية التاريخية للمجتمعات الغربية يمكن أن تفسر الوفرة والموافقة الضمنية على الصراع نفسه الذي يحدده منطق الهيمنة، رغم أن المساواة بين البشر هي في صميم جميع النصوص الأساسية التي تحكمهم.
ولا شك أن الأشكال التي اتخذها الاستعمار في التاريخ تختلف من تجربة إلى أخرى، ووضع القضية الإسرائيلية على السوابق الأوروبية لا يسمح لنا بفهم الحاضر ولا بالاستعداد للمستقبل، لأن النتيجة السياسية الوحيدة الجديرة بالاهتمام تتلخص في اختراع إطار يسمح للشعبين بالتعايش، حسب الكاتبة.
وتبقى الحقيقة أن إسرائيل التي شكل إنشاؤها ظلما للفلسطينيين كان قيامها لتعويض آخرين وقد ولدت من رعب المعسكرات النازية، وهي دولة استعمارية يدينها المجتمع الدولي في سياسة الاحتلال والمصادرة منذ عام 1967، حين كانت هناك أقل من عشر مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية، أما اليوم فتوجد 145 مستوطنة تتعارض كلها مع القانون الدولي.
ومن خلال إقرار قانون أساسي عام 2018 يعرف إسرائيل بأنها "الوطن القومي للشعب اليهودي"، ارتكبت الدولة تمييزا ضد الأقليات العربية والدرزية داخلها، وخرقت إعلان الاستقلال عام 1948، الذي تضمن الدولة بموجبه "المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع مواطنيها، دون تمييز على أساس المعتقد أو العرق أو الجنس".
وبدت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول للسلطات بمثابة المبرر النهائي لصحة سياستها الانفصالية -حسب الكاتبة- وعادت الأعماق العنصرية لحكومة بنيامين نتنياهو إلى الظهور على الفور من الظلام، وبعد فرض "حصار كامل" على غزة، أوضح وزير الدفاع يوآف غالانت بشراسة أنه "لا كهرباء، لا ماء، لا طعام، لا وقود، كل شيء مغلق (…) نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك"، ولا تفسري لذلك إلا "إبادة كل هؤلاء المتوحشين"، كما في رواية جوزيف كونراد.
بدون اعتراف المجتمعات الغربية الشامل بأخطائهم، في الوقت الذي يتخيلون أنفسهم على أنهم الطليعة المستنيرة للعالم، ودون تفكيك العلامات العنصرية التي لا تزال عميقة الجذور، ودون رغبة حقيقية في إصلاح حال الضحايا، فإنهم سيستمرون في التغاضي عن خطورة ما ارتكبوه من جرائم.
وخلصت الكاتبة إلى أنه في الوقت الذي يُمحى فيه شعب من الخريطة، فإن غياب انتفاضة ضخمة يدعو إلى التشكيك في المجتمعات الغربية، ويجب أن يقودها إلى فحص جماعي للضمير، لأن جرائمهم الماضية، بدلاً من تسهيل قبول الجرائم الحالية، يجب أن تساعدهم على رؤية الآليات العاملة بوضوح على أمل وضع حد لها.
وبدون الاعتراف الشامل بأخطائهم، في الوقت الذي يتخيلون أنفسهم على أنهم الطليعة المستنيرة للعالم، ودون تفكيك العلامات العنصرية التي لا تزال عميقة الجذور، ودون رغبة حقيقية في لإصلاح حال الضحايا، فإنهم سيستمرون في التغاضي عن خطورة ما ارتكبوه من جرائم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات ترجمات المجتمعات الغربیة الکاتبة أن
إقرأ أيضاً:
فيديو صادم.. ثعبان يلتف حول رقبة طفل يشعل غضب السوشيال ميديا
انتشر مقطع فيديو صادم لطفل صغير يلعب بثعبان، ما أثار موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي وترك روادها في حالة من الذهول، لعدم تدخل مصوره لحماية الطفل.
يُظهر الفيديو، الذي نشره موقع "Hindustan times"، الطفل يعامل الثعبان كما لو كان يمسك لعبة، غير مُدرك لخطره، حيث يتفاعل بعفوية شديدة بينما يلتف الثعبان حول رقبته.
View this post on InstagramA post shared by Vivek Kumar (@vivek_choudhary_snake_saver)
وبينما يتسلل الزاحف خلفه، يواصل الطفل اللعب، ولا يُظهر خوفاً، إلا عندما يلاحظ الثعبان يُخرج لسانه، يُصاب الطفل بالذعر، فيحاول دفعه بعيداً عن الأريكة.
لا يوجد تدخلأكثر ما أثار غضب المشاهدين هو تقاعس الشخص البالغ الذي صوّر الحادثة، فبدلاً من التدخل، لضمان سلامة الطفل، استمر في تصوير الحادث الخطير.
وفي نهاية المقطع فقط، يتدخل شخص آخر، ويبعد الثعبان عن المشهد قبل أن يقع أي أذى.
أثار الفيديو ردود فعل قوية من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أدان الكثيرون السلوك غير المسؤول للأشخاص البالغين الموجودين في الفيديو، وعلق أحدهم قائلاً: "هذا مُرعبٌ للغاية! من ذا الذي يسمح لطفلٍ صغيرٍ باللعب مع ثعبان؟".
وأعرب آخر عن استيائه قائلاً: "لا أصدق أن أحدهم يُصوّر هذا بدلاً من إيقافه، ما الذي يُصيب الناس هذه الأيام؟"
وانزعج العديد من المستخدمين بشكل خاص من تعامل الطفل اللامبالي مع الثعبان، حيث علق أحدهم: "هذا الطفل لا يدرك مدى خطورة هذا الأمر، من المحزن أن الكبار خذلوه". وكتب آخر: "حركة خاطئة واحدة، وكان من الممكن أن تنتهي بمأساة".
ورجح شخص آخر، أن يكون الثعبان غير سام، لكنه عاد ليؤكد أن لعب الطفل به مخاطرة كبيرة، لاسيما وأن التف حول عنقه، فضلاً عن أهمية تعليم الأطفال احترام الطبيعة، لا التعامل معها كأنها لعبة.