هآرتس: نتنياهو قاد إسرائيل لأسوأ عام وأسوأ حرب
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
لن يحكم التاريخ على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره محاربا صالحا يقود الغرب في حرب يعتبرها مقدسة على ما يصفها بالفاشية الإسلامية كما يرى نفسه، بل سينظر إليه التاريخ على أنه السياسي الأحمق الذي قاد إسرائيل بشكل أعمى إلى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وكل الكوارث التي أعقبت ذلك.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة هآرتس -مقالا للدبلوماسي ألون بينكاس- قال فيه إن السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان بلا شك أسوأ يوم في تاريخ إسرائيل، ثم تحول إلى أسوأ عام في تاريخها وترك ندوبا في النفس الإسرائيلية بعمق يصعب فهمه وتقديره بالكامل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ميديا بارت: الصمت الآثم في غزة صدى للاستعمارlist 2 of 2أكسيوس: هؤلاء المشاهير مع ترامب أم هاريس؟end of listوذكر الكاتب بالهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبالحرب التي تلت ذلك والتي لا تزال مستعرة في غزة، وبتخلي حكومة إسرائيل عن مائة رهينة في أنفاق حماس وتوسع الحرب إلى لبنان، ثم إلى مواجهة مباشرة محتملة مع إيران، مشيرا إلى نجاحات تكتيكية مثيرة للإعجاب ضد قادة لحزب الله ولكن دون فوائد إستراتيجية.
عواقب عظيمة
وفي الذكرى السنوية الأولى عندما كان الإسرائيليون في حالة من الاضطراب واليأس والحزن الشديد -كما يقول الكاتب- كان كل ما قاله رئيس الوزراء في اجتماع مجلس الوزراء هو أنه يقترح تغيير اسم الحرب من "السيوف الحديدية" إلى "حرب كوميميوت" أي حرب الاستقلال.
وأشار بينكاس إلى أن العديد من الإستراتيجيين والمستشرقين مصابون الآن بحماس بالغ عند التفكير في توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران، وهم يزعمون أن القضاء على حزب الله وتوجيه ضربة عسكرية مدمرة ومستحقة لإيران، من شأنها أن تغير المشهد الإستراتيجي في المنطقة بشكل إيجابي، وستكون لها عواقب عظيمة تتمثل في شرق أوسط جديد، وفي إعادة تشكيل إيجابي للديناميكيات السلبية في المنطقة، وتغيير مسارها المشؤوم حتى الآن.
ولئن بدا الهجوم على حزب الله والضربة الوقائية على إيران قابلان للتبرير، فإن ما يشكك فيه هو الغباء المتكرر المتمثل في الاعتقاد بأنه من الممكن إعادة تشكيل المنطقة وموقف إسرائيل فيها دون أي إشارة أو اعتبار للفلسطينيين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدائم الذي لم يتم حله.
نتنياهو لا يرسم إستراتيجية
ومن دون الخوض في إمكانية نجاح تدمير حزب الله وإظهار أن إيران مجرد "نمر من ورق"، فإن ذلك من الممكن أن يتم دون حرب مع إيران، ولكن نفس الشخص المهووس بالعظمة الذي قال أمام الكونغرس عام 2002 إن غزو العراق سيغير الشرق الأوسط، وستكون له "انعكاسات إيجابية هائلة"، وسيعجل بسقوط النظام الإيراني، أصبح الآن مقتنعا بأنه قادر على تفكيك المنطقة وإعادة بنائها على الفور عسكريا، لأنه عندما يكون كل ما لديك هو مطرقة، فإن كل قضية وكل تحدٍ يبدو وكأنه مسمار.
وخلص بينكاس إلى أن إسرائيل لا تريد الاستماع إلى مثل كلمات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي قال في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي "نحن هنا أعضاء لجنة إسلامية عربية بتفويض من 57 دولة عربية وإسلامية، وأستطيع القول بكل وضوح إننا جميعا على استعداد لضمان أمن إسرائيل في سياق إنهاء الاحتلال والسماح بقيام دولة فلسطينية" ولكن نتنياهو ببساطة لا يريد حل الدولتين، وبالتالي فغاية المسؤولين الإسرائيليين ليست سوى الحروب والحروب ثم الحروب.
وختم الكاتب بأن نتنياهو لا يرسم إستراتيجية، بل يرسم ذاته، ولن يتذكره التاريخ إلا بكارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبالتالي على الإسرائيليين في هذه اللحظة القاتمة والمؤلمة من التأمل الذاتي، أن يتذكروا أن إسرائيل ستخرج من هذه الأزمة بمستقبل أكثر إشراقا، وأنه لم يكن هناك رجل في التاريخ مسؤولا عن تدمير العلامة التجارية لبلاده أكثر من نتنياهو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات ترجمات
إقرأ أيضاً:
ولادة الدينار الإسلامي.. أول حرب عملات في التاريخ العربي
تعتبر النقود واحدة من أهم الاختراعات البشرية التي أسهمت في تطور الحضارات وتبادل المنافع بين الشعوب.
وتعكس العملة أو النقود أهم مراحل التطور الثقافي والحضاري والاقتصادي للأمم، فوجود عملة خاصة بحضارة أو دولة ما هو دليل على قوتها وتميزها الحضاري والثقافي عن غيرها من الأمم، وما يظهر من كتابات ورسوم على هذه العملات يعكس الوجه الثقافي للأمة أو الدولة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حين حُظر الصيام.. كيف صمد الأتراك في وجه التضييق الديني؟list 2 of 2إليك وصفة البيض التركي.. سحور مختلف يمنحك الغذاء والطاقة الكافية على مدار اليومend of list بداية عصر النقود في العالم العربيمرت النقود بمراحل عديدة في المنطقة العربية، بدءا من المقايضة، وصولا إلى العملات المعدنية والورقية. ومع ظهور الإسلام، شهدت النقود تحولا جذريا في شكلها وقيمتها، حيث أصبحت تعكس الهوية العربية الإسلامية والقيم الاقتصادية والحضارية للأمة الجديدة.
وتمتعت الجزيرة العربية بموقع مميز بين حضارات العالم القديمة، وكان يمر بها العديد من طرق التجارة العالمية آنذاك، وكانت مكة مركزا تجاريا مهما، وهو الأمر الذي أتاح لها الاتصال بالعديد من الدول والحضارات مثل الحضارتين البيزنطية والفارسية.
وكان نتيجة هذا التواصل معرفة العرب بالمسكوكات والنقود التي تسكها هذه الدول، والتعامل بها قبل أن يتطور الأمر لقيام العرب بإصدار مسكوكات أولية خاصة بهم.
ويذكر لنا التاريخ عددا من الدول العربية المبكرة التي ضربت المسكوكات مثل مملكتي سبأ، وحضرموت في اليمن ومملكة الأنباط في الأردن حسب ما يذكر الباحث عبد الحق العيفة في دراسة قيّمة له بجامعة اليرموك الأردنية تحت عنوان "تطور النقود في التاريخ الإسلامي".
كان الدينار البيزنطي والدرهم الكسروي الفارسي هما العملتين المستخدمتين في الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية على التوالي. وكانت كلتا العملتين مستخدمتين في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام واستمرتا كذلك في السنوات الأولى للدولة الإسلامية حتى العصر الأموي، وفقا لدراسة تحت عنوان "نبذة مختصرة عن النقود في الإسلام وتقدير قيمة الدرهم والدينار" للباحث منصور زارا نجاد منشورة على منصة "ريسرتش جيت".
إعلان الدينار البيزنطيأصدرت الإمبراطورية البيزنطية عملة "السوليدوس" الذهبية، أو "النوميسما" أو "الدينار البيزنطي" كما هو متعارف عليه، التي استخدمت في المقام الأول للمعاملات الكبيرة مثل دفع الضرائب.
وكانت دور السك في أنطاكية والإسكندرية تزود المقاطعات الجنوبية بمعظم العملات المتداولة. وورثت الدولة الإسلامية الناشئة هذا النظام النقدي الفعال، وأجرت عليه تغييرات طفيفة خلال عقودها الأولى، وفقا لمتحف المتروبوليتان للفنون.
كانت العملة البيزنطية الأساسية هي الذهب، إذ حمل الدينار البيزنطي على وجهه الأمامي 3 أباطرة -هرقل في المنتصف محاطًا بابنيه قسطنطين وهيراكلون، مرتدين تيجانًا متوجة بالصليب ويحمل كل منهم كرة صغيرة عليها صليب.
وتميزت هذه العملات بجودتها العالية ونقوشها باليونانية، وكان وزنها القياسي 4.33 غرامات، وفقا لمنصة "الوعي الإسلامي" وكذلك دراسة معمقة للدكتورة وجدان علي بمنصة "التراث الإسلامي".
الدراهم الكسروية الفارسيةأما النوع الثاني فهو الدراهم الفضية الساسانية، المعروفة بالكسروية، حيث حملت صورة كسرى عظيم الفرس على أحد وجهيها، وصورة النار المقدسة عند الفرس على الوجه الآخر.
وكانت هناك أنواع متعددة من الدراهم، من أبرزها الدراهم الطبرية التي بلغ وزن كل منها 8 دوانق، والدراهم البغلية بوزن 4 دوانق، حيث يُعد الدانق مكيالًا إسلاميًّا كان يُستخدم في الوزن والكيل أثناء العصور الإسلامية، ووزنه يعادل سدس الدرهم، وفقا للباحث عبد الحق العيفة في دراسته المذكورة آنفا.
تشير البحوث التاريخية إلى عدم سك أي نقود خلال عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو الخليفة الأول أبي بكر الصديق (رضي الله عنه).
وكانت أول محاولة لصك نقود عربية إسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، حيث أدرك الفاروق مبكرًا أن العملة ليست مجرد أداة اقتصادية، بل تعكس هوية الدولة الناشئة.
إعلانفي عهد عمر بن الخطاب، ضُربت الدراهم على نسق الدراهم الكسروية، مع إضافة عبارات عربية مثل "الحمد لله" و"محمد رسول الله". واستمر هذا النهج في عهد عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، حيث ضُربت الدراهم في طبرستان ونُقش عليها بالخط الكوفي "باسم الله ربي".
أما في عهد الخليفة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فقد ضُربت السكة في البصرة دون تغييرات كبيرة، إلى أن جاء العصر الأموي، ليشهد تحولًا جذريًّا في النظام النقدي الإسلامي، وفقا للباحث محمد العناسوة في دراسته "المسكوكات مصادر وثائقية للمعلومات في التاريخ الإسلامي".
ولادة الدينار الإسلاميلم تكن ولادة الدينار الإسلامي مجرد خطوة اقتصادية، بل كانت إعلانًا عن الاستقلال السياسي والثقافي للدولة الإسلامية، مما أثار صدامًا مع الإمبراطورية البيزنطية.
فخلال حروب عبد الملك بن مروان لإقرار حكمه، اضطر إلى عقد هدنة مع الإمبراطور البيزنطي جستنيان الثاني، تضمنت دفع ألف دينار أسبوعيًّا لمنع الاعتداءات على الثغور الشامية، وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت.
وعندما قرر عبد الملك تعريب العملة، أثار ذلك غضب جستنيان، الذي هدد بإصدار دنانير تحمل عبارات مسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم). وردًّا على ذلك، أمر عبد الملك بسك الدينار الإسلامي الذهبي، مانعًا تداول الدنانير البيزنطية، مما أدى إلى إنهاء الهدنة وإعلان الحرب.
وانتهت المواجهة بانتصار الدولة الإسلامية، التي لم تكتف بصد الهجوم، بل شنت حملات توغل في الأراضي البيزنطية بقيادة محمد بن مروان، ثم عبد الله بن عبد الملك، حتى بلغت ذروتها بمحاولة حصار القسطنطينية عام 99هـ.
وأصبح الدينار الإسلامي العملة الرسمية في الدولة الإسلامية، مستخدمًا في التجارة الداخلية والخارجية، وبلغ تأثيره الاقتصادي ذروته، حتى أصبح يُعرف باللاتينية باسم "المانكوس".
يمكن إجمال تأثير سك الدينار الإسلامي على الاقتصاد المحلي والعالمي في ذلك الوقت بالنقاط التالية وفقا للمصادر السابقة فضلا عن مقالة للدكتور عادل زيتون في مجلة العربي (عدد 508):
إعلان الاستقلال الاقتصادي عن الإمبراطورية البيزنطيةقبل سكّ الدينار الإسلامي، كانت الدولة الإسلامية تعتمد على العملات البيزنطية (الدنانير الذهبية) والساسانية الفارسية (الدرهم الفضي) في تجارتها. وتم سكّ عملة إسلامية مستقلة عام 77 هجرية وقد ساعد ذلك في إنهاء التبعية الاقتصادية للبيزنطيين وتعزيز السيادة الاقتصادية للدولة الإسلامية.
توحيد النظام النقدي في العالم الإسلاميأدى سكّ الدينار الإسلامي إلى إنشاء نظام نقدي موحد في العالم الإسلامي يعتمد على الدنانير والدراهم الإسلامية وهو ما ساهم في تسهيل التجارة الداخلية والخارجية بين مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
التأثير على التجارة العالميةأصبحت العملات الإسلامية معروفة بجودتها ووزنها الدقيق، وبالذات الدينار الإسلامي الذي تميز بثبات وزنه وعياره ونقائه على امتداد قرون عدة، وخلقت له مكانة عالمية وسمعة دولية مما زاد من الثقة به في الأسواق العالمية.
واستخدمت هذه العملات العربية الإسلامية في التجارة مع أوروبا، الهند، والصين.
وحلّ الدينار الإسلامي تدريجيا محل العملات البيزنطية في مختلف مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تعزيز القوة الاقتصادية للدولة الإسلاميةزاد سكّ الدينار الإسلامي من قوة الاقتصاد، حيث أصبحت الضرائب والجزية تُدفع بالعملة الإسلامية كما ساعد في تطوير التجارة والأسواق، وجذب المزيد من التجار الأجانب.
نشر الثقافة الإسلامية في النظام المالياحتوى الدينار الإسلامي على نقوش عربية فقط، مما عزز انتشار اللغة العربية وأظهر الاستقلال الثقافي. وتضمنت العملات عبارات دينية مثل "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، مما عزز الهوية الإسلامية في الاقتصاد.
واليوم، يظل الدينار الإسلامي رمزا للإرث الحضاري الإسلامي ودليلا على الابتكارات الاقتصادية التي قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم.