المفترق الخطير بين مشروعين _ د. #منذر_الحوارات
شهدت الفترة منذ #طوفان_الأقصى في #السابع_من_أكتوبر ما يشبه البركان الحقيقي إذ عصف بكل ثوابت المنطقة بغثها وسمينها، وأول ضحاياه كان دولة #الاحتلال التي ترنحت لساعات من هول الضربة والتي لو استتبعت بما كان مخطط لها في ذهن قادة المقاومة في حماس لتغير الكثير من ثوابت الصراع، لكن ذلك لم يحدث فقد تبرأ جميع أركان المحور من المعرفة بالطوفان وإن كانوا قد أيدوه ولكن بردود غلب عليها التحفظ وعدم الرغبة في الانجرار إلى مواجهة مفتوحة مع دولة الاحتلال وبالتالي الولايات المتحدة، بالنتيجة استفردت اسرائيل بالمقاومة وكان ما كان، وانتقلت إلى الجار الأخطر حزب الله قنبلة إيران النووية في المنطقة والتي تشكل رأس الحربة الضارب لها وجوهرة مشروعها الإقليمي.
تاريخياً مكن الفراغ الذي أحدثه غياب العراق الدولة من انطلاق النجاحات الإيرانية على حساب الدولة المنهارة ومنه شرعت في تفكيك المشروع الوطني للدول العربية، والذي ساعدها فيه فشل الربيع العربي، فعدم الاستقرار الحاصل مكنها من إسقاط مشاريع الدول وإحلال مشاريع المليشيات على حسابها فاستحوذت على المزيد من الدول العربية، وكي تكون مقنعة رفعت العديد من الشعارات العادلة للاستحواذ على قلوب العرب وهم ساحة الصراع ووقوده، فكانت القضية الفلسطينية وحرب إسقاط قوى الاستكبار العالمية كمشروع للدفاع عن الأمة الغطاء الذي تذرعت به، هذا الشعار أعطى لهذه القوى والمليشيات مكانة مهمة في داخل بلدانها فاستحوذت على السلطة وبالتالي الثروة والمكانة العاطفية لدى الجماهير المتعطشة لأي انتصار، بينما تمكنت إيران من إدارة المكاسب السياسية على مستوى الإقليم لصالحها.
وفي المواجهة الأخيرة بدت إيران غير آبهة من توجه اسرائيل لضرب حزب الله في البداية معتقدة أن اسرائيل تريد ان تلعب لعبة تغير قواعد الاشتباك وربما تغاضت قليلاً أو بقيت مسترخية بينما كان حزب الله يُستنزف رويداً رويداً، كانت إفاقتها الاولى عندما بدأت إسرائيل باغتيال القيادات بدءاً من قيادات الحرس الثوري في السفارة السورية والذي ردت بعده ايران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة على العدو واعتقدت أن هذا الرد بالذات بعد الضبط الأميركي لإسرائيل كافي لإغلاق الملف عند هذا الحد والبدء في صفقة، لكن إسرائيل لم تتوقف كما اعتقدت إيران بل ذهبت إلى ما هو أبعد، فقد تتالى اغتيال القيادات وتوسطه حادث البيجر والسلسلة معروفة بعد ذلك إلى أن وصلت إسرائيل إلى اغتيال السيد حسن نصر الله عليه رحمة الله، هنا أيقنت إيران انها محاولة إسرائيلية أميركية لتقطيع أوصال تحالفاتها والقضاء على نفوذها في المنطقة وتأكدت أن المشروع الصهيوني الذي استهانت به يكاد يهزمها كما هزمت المشروع العربي سابقاً وأرغمته على الاقتناع بأن الانتصار عليها عسكرياً امر شبه مستحيل مما دفعه لتوقيع اتفاقيات سلام معها، هنا قررت التدخل لكن بعد فوات الأوان، لقد أضاعت لحظة أكتوبر وجاء وقت دفع الثمن لا الحصول على ثمن.
مقالات ذات صلة إلى وزير التربية.. لا يوجد متابعة في الميدان. 2024/10/08في ظل هذا المُعطى تحاول الولايات المتحدة والتي كانت إيران أفدح خسائره بعد سقوط الشاه إعادة العجلة إلى الوراء في محاولة تقديم صفقة ما لإيران تعيدها بموجبها إلى داخل حدودها مع الاحتفاظ ببعض المكاسب الإقليمية بشرط تفكيك المحور وانفكاك التحالف القائم بين ايران والصين وروسيا، بمعنى أن تقف على الحياد في الصراع المستقبلي الذي يوشك أن يندلع بين الولايات المتحدة والصين، في مقابل عدم توجيه ضربات قاسية لها يمكن أن يهدد بنية النظام والدولة، في المقابل تستولي اسرائيل على مناطق النفوذ الإيرانية السابقة لكن هذه المرة ليس بمليشيات لكن بدول هشة لا حول لها ولا قوة، طبعاً هذا إن قبلت ايران واسرائيل، وبكل تأكيد سيكون العرب هم الخاسر الأكبر، وهم الذين ما يزالون مستغرقين في حلمين أولهما الخلاص من موجة الثورة الشيعية الخمينية بشكلها الثوري والثاني القضاء على مشروع الإسلام السني المتمثل بتيار الإخوان المسلمين، لكن في غمرة أحلامهم هذه نسوا أو تناسوا أنهم سيقعون لا محالة بين فكي مشروع ديني أصولي قومي متطرف تبنى الصهيونية كواجهة (اسرائيل) وهو الذي يمتلك من القوة والذكاء ما يمكنه من استثمار هذين المكونين لاستعباد المنطقة لعقود قادمة.
بالتالي فإن الركون العربي إلى أننا مقبلون على انفراجة ليس سوى اضغاث أحلام، بل نحن الآن على مفترق طرق خطير ربما يقودنا إلى استعباد وبلطجة عدو لا يعرف الرحمة ولا يؤمن بغير القوة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى السابع من أكتوبر الاحتلال
إقرأ أيضاً:
تفاصيل آخر رسالة بين وزير خارجية إيران ونصر الله.. خزانة أسراره
كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن معلومات ظلت محاطًة بالسرية لسنوات، كانت جزءًا من لقاءاته الماراثونية مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ومع ذكرى مرور أربعين يومًا على اغتياله نصر الله، يفتح عراقجي خزانة أسراره مع الأمين العام ويفتح بابًا نحو عالم من اللقاءات المشددة أمنيًا والتفاصيل التي ظلت حبيسة الجدران لفترة طويلة.
وكشف عراقجي، أنه في الأيام التي سبقت اغتياله، بعث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله برسالة إليه، يطلب منه عدم التسرع في زيارة بيروت بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة.
وأضاف أن الرسالة، التي جاءت قبيل اغتيال نصر الله، كانت لحظة محورية في العلاقة بين الرجلين، وقد تركت عراقجي في حالة من الأسف على عدم تمكنه من القيام بتلك الزيارة التي كان يخطط لها.
وقال عراقجي "أمر مؤسف بالنسبة لي أنني لم أتمكن من الذهاب، أشعر الآن بحزن عميق وأتمنى لو تمت تلك الرحلة".
تحدث عراقجي في برنامج تلفزيوني عن هذه الرسالة، مشيرًا إلى تفاصيل لقاءاته العديدة مع نصر الله على مدار سنوات، والتي كان آخرها في مرحلة حرجة من المفاوضات النووية الإيرانية، وفي تلك الفترة، تم تكليف عراقجي بمهمة سرية في بيروت، حيث التقى بنصر الله في وقت متأخر من الليل، في مجمع سكني في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأوضح عراقجي أن الاجتماع استمر من الساعة العاشرة مساءً حتى الرابعة صباحًا، حيث تم مناقشة الكثير من التفاصيل الحساسة المتعلقة بالمفاوضات.
وأشار إلى أن اللقاء الذي جمعهم كان في ذلك المكان المشدد أمنيًا في الطابق الخامس من المجمع، حيث قامت قوة أمنية من حزب الله بوضع لوحة أمام باب المصعد، حرصًا على إخفاء تحركاتهم عن السكان. كانت هذه الإجراءات الأمنية جزءًا من الروتين الذي كان نصر الله يتبعه لحماية نفسه والضيوف الذين يستقبلهم.
يتذكر عراقجي أيضًا اللقاء الأول مع نصر الله، الذي كان في عام 1985 عندما كان نائبًا لوزير الخارجية. في ذلك اللقاء، جاء نصر الله إلى طهران، حيث تحدث عن ذكرياته في الحرب، وكانت أجواء اللقاء مليئة بالمودة والاحترام.
وفي وصفه لشخصية نصر الله، قال عراقجي إنه كان رجلًا ذو روح طيبة وسهولة في التواصل، "لا يمكن أن تشعر بالغربة معه، كان يتحدث بسهولة وبلطف". وأضاف: "لقد كان أسطورة، وبعض الأساطير تصبح أكثر بركة بعد رحيلها".
تأتي هذه الذكريات في وقت حساس، حيث تواصل إسرائيل تنفيذ هجوم عسكري على لبنان، بدأ في 23 أيلول سبتمبر، في محاولة لتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل، وفي 27 أيلول / سبتمبر، أغتالت إسرائيل نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية، وهو ما دفع حزب الله إلى تعهد بمواصلة القصف على إسرائيل حتى يتم وقف إطلاق النار في غزة.