أخطر سؤال يمكن أن يواجه الشعب السوداني قاطبة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
أخطر سؤال يمكن أن يواجه الشعب السوداني قاطبة : بعد توقف الحرب ( بإذن الله سبحانه وتعالى ) كيف يكون الوضع إذا انتصر طرف علي اخر وكيف يكون الوضع إذا توصل الطرفان الي تسوية ؟!
في حالة تحقق الشق الأول من السؤال فإن حاكم البلاد الجديد سيكون قائد الجيش ويتربع علي دست الحكم لفترة غير محدودة ولا يحكمها قانون أو دستور وهي عبارة فقط عن امتداد وصور بالكربون لحكم عسكري عضوض يأت عادة بعد انقلاب عسكري بكل مايحمل من بهارج وبوارج وشعارات ومارشات وادعاءات زائفة بالبطولة ليس لها تحقق في أرض الواقع وتنكيل بالخصوم وإغلاق للمدارس وفتح للسجون وكثرة الطبالين وحارقي البخور وعودة للتمكين ولبيوت الاشباح وانهيار الاقتصاد والمهم أن كل مآسي العسكر ستعود وربما بنسخ منقحة لم نسمع بها من قبل ( نسأل الله سبحانه وتعالي الستر والعافية ) .
أو أن قائد الدعم السريع سيتولى زمامنا ويصبح أمامنا وقائدنا ومرشدنا يجوز في حقه علينا السمع والطاعة خاصة وقد وعد في مناسبات كثيرة بعد أن أصبح له ديوان وهيلة وهيلمان وجري المال تحت رجليه بالكيمان نعم قد وعد أن يمنحنا الحرية ويطبق فينا الديمقراطية وأنه أمام محاكمه لا كبير علي القانون وأنه سيجعل من بلادنا واحة الرفاه وقبلة للعلماء وسيرسل البعوث لارقي جامعات العالم حتي يرتفعوا بالبنية التحتية ويحولوا الإدارة الأهلية الي كونغرس يفوق نظيره الأمريكي في التشريع والإدارة والفهلوة والشطارة ... ( فاقد الشيء لا يعطيه ياجنرالا من صحاريهم الكبري والصغري ) !!..
أما إذا توصل الطرفان الي تسوية فامامنا النموذج الليبي ، الدبيبة وحفتر ، الشرق والغرب الليبي وكل طرف ينتمي إلي محور يمده بالسلاح والمال وكل طرف يجند المرتزقة ليحافظ علي مكتسباته وكل طرف يمكن أن يهتم بكل شيء ما عدا الشعب الذي اصلا هو ضايع وسيزداد ضياعا مع الايام ...
بلادنا الحبيبة الحلوة الجميلة ( ما تستاهل ما جري لها ) وبكامل الايمان والتسليم نقول ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) و ( لا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ) ( اللهم الطف بنا في ماجرت به المقادير ) ...
الرؤية بمجرد أن تتم التسوية ستتضح وسوف تقسم أرضنا الطيبة لقسمين أحدهما يكون تحت إمرة الدبيبة النسخة المحلية والقسم الآخر بالطبع تحت إدارة حفتر الرزيقي ... وقد يرضي هذا الحل كليهما فهما الهم كل الهم عندهما أن يحكما قطر , ولاية ، قرية ، حلة أو حتي ( كنبو ) ...
وكل طرف في البداية سيكون سعيد بالقسمة المباركة التي بموجبها سترد لهما برقيات التهنئة من الملوك ورؤساء العالم ومن المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية وهيئات حقوق الإنسان... وكل طرف سينظم من الاحتفالات ما يحلو له والشعب مازال يلعق جراحه وعيونه عصية علي النوم والبطون طاوية والفكر مشتت والطريق انطمست معالمه ولم يعد يري غير النحيب وآثار الدمار والحريق ...
الصين ستبني قصرا فخيما لأحدهما لزوم هيبة الدولة والإمارات لن تقصر مع الآخر وستشيد له برج خليفة سوداني مقرا للحكم ومركزا للتجارة الخارجية خاصة تجارة الذهب .
وومن ثم يتابع العالم كأس الدوري الممتاز بالسودان فمنهم من يشجع السودان شرق ومنهم من يكون هواه مع السودان غرب وعلي قدر المحبة تنهال القروض والأسلحة والبروتوكولات التجارية والمساهمات لإعادة البناء ...
المهم أن البداية للفريقين ستكون هادئة وكل طرف يحاول جس نبض الآخر وربما ينشغل العالم عنهما ويتجه إلي بؤر صراع جديدة ولكن دوام الحال من المحال لأن الأسس التي قامت عليها الدولتان تحمل عناصر موتها وتلاشيها في جوفها ... وان طال الزمن او قصر فلابد أن يركب الشيطان أحد الطرفين ويوسوس له بأنه أحق بحكم البلاد كاملة فتنطلق الرصاصة الأولى ويصحي الشعب من سباته العميق ويبدأ في التساؤل كالعادة من الذي أطلق الرصاصة الأولي الدبيبة النسخة المحلية أم حفتر الرزيقي... ودخلت نملة وشالت حبة وجات طالعة ؟!
ارجو من كافة أفراد الشعب السوداني الإجابة بصراحة بصراحة علي السؤال الوارد في العنوان ؟! أما ماورد في المقال فقد كان تصور مني شخصيا لمجريات الأحداث إذا تحقق التساؤل الذي طالبناكم بالإجابة عليه حتي تتحقق الوحدة الوطنية والمشاركة المجتمعية والاهتمام بشؤون البلاد والعباد وجزاكم الله خيرا واحسانا .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
في يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.. من يتضامن مع الفلسطينيين؟!
المناسبات الخاصة بالشعب الفلسطيني وقضيته كثيرة، لكن لا يكاد أحد من الفلسطينيين يتذكر تخصيص يوم دوليّ من الأمم المتحدة للتضامن معهم. يمرّ هذا اليوم وكأنّه لا وجود له، وهذا المرور الصامت يعني أنّ اليوم بالفعل لا وجود له، ومن سمع به من الفلسطينيين؛ فمن بيان حزبيّ يُذكّر العالم بهذا اليوم، أو تعلن فيه جهة فلسطينية رسمية عن الاحتفال بهذا اليوم، في مفارقة عجيبة، إذ يحتفل الفلسطينيون بيوم يُفترض أن يحييه العالم لا هم، ومن ثمّ فإنّهم يحتفلون بتضامن لا وجود له.
قد يبدو إنكار التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني مبالغا فيه (يوم التضامن موسوم بكونه دوليّا وهذا تعبير مختلف عن أن يكون عالميّا)، إذ لم تخل القضية الفلسطينية من أنصار، ولم يَظهَر العرب، على الأقلّ في حدود الأنظمة الحاكمة التي هي صاحبة الشوكة والقادرة على الفعل، متخلين عن القضية الفلسطينية تماما؛ إلا آخر عشرين سنة مع نهاية انتفاضة المسجد الأقصى، وهو الأمر الذي انتهى كما هو حاصل اليوم، بالاتفاقات الإبراهيمية، والتي هي اتفاقات تحالفية، تتجاوز حدّ التطبيع غير المبرّر إلى الاصطفاف مع الإسرائيلي في خندق واحد كتفا بكتف. كما أنّ قوى الثورة والمقاومة الفلسطينية منذ بداياتها وإلى الآن وقف إلى جانبها حلفاء وأصدقاء؛ شارك بعضهم الفلسطينيين بدم أبنائهم، وهو أمر كان قائما في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تطبق بها "إسرائيل" على قطاع غزّة، أصغر حارة في العالم تواجه ظلم العالم كله.
العالم الذي فيه متضامنون مع الفلسطينيين، مائل دائما نحو الرغبة في النسيان، بما في ذلك متضامنوه مع الفلسطينيين، لولا أنّ الفلسطينيين، وللمفارقة مرّة أخرى، من يعيدون تذكير العالم بالمأساة الفلسطينية، بالبطولات التي يصعب على العالم تقبّل أنّها حقيقية، وبالمزيد من الفجائع التي يستوعبها ضمير العالم بنحو عجيب
نعم، لم تكن فلسطين بلا متضامنين، أو بلا داعمين، وإلا لانطمست هذه القضية، وجرى التجاوز عنها، كما كان في آخر المحاولات سالفة الذكر، أي الاتفاقات الإبراهيمية، التي بدا للعالم الذي وقف على رأسه وقتها، وعاد ليقف على رأسه مرّة أخرى الآن، دونالد ترامب، ولبنيامين نتنياهو، ولحلفائهما من بعض الحكام العرب، أنّ شيئا لن يحصل إذا مضت هذه الاتفاقات بالدوس على الفلسطينيين، حقوقا وكرامات ودماء، فجاء طوفان الأقصى، وهو الأمر الذي يعني أنّ العالم الذي فيه متضامنون مع الفلسطينيين، مائل دائما نحو الرغبة في النسيان، بما في ذلك متضامنوه مع الفلسطينيين، لولا أنّ الفلسطينيين، وللمفارقة مرّة أخرى، من يعيدون تذكير العالم بالمأساة الفلسطينية، بالبطولات التي يصعب على العالم تقبّل أنّها حقيقية، وبالمزيد من الفجائع التي يستوعبها ضمير العالم بنحو عجيب. في مفارقة أخرى، فإنّ ما جرى منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر في ملحميته الاستثنائية، بطولة ومأساة، لم يحرّك الشيء الكثير في هذا العالم، وهكذا أمكن لـ"إسرائيل" أن تستمر في إبادة أكثر من مليوني فلسطيني حُشِروا في تلك الحارة الصغيرة، قطاع غزّة، لتعيد تدميرها فوق رؤوسهم كلّ يوم، وهي تلاحقهم في الوقت نفسه بالنار والجوع والعطش والأوبئة والأمراض.
هل هناك متضامنون مع الشعب الفلسطيني؟ نعم، ولكن هل يمكن ملاحظة هذا التضامن بالنسبة إلى حرب الإبادة الجماعية؟! فلندع الحكاية الأصلية ليوم التضامن الدولي هذا، الذي يُذكّر بأنّ دول العالم أقامت دولة لليهود على أرض فلسطين، ثم نسيت بعد ذلك أنّ عليها أن تفعل الشيء نفسه للفلسطينيين، أصحاب الأرض وسكّانها الأصليين. فلنتجاوز هذه الحكاية المثيرة في سخريتها، ولننظر إلى عالم لا تتحرك فيه شعرة لوقف إبادة جماعية تُبثّ على مدار الساعة.
الكلام هنا عن العالم المربوط بالنظام الدولي، فلا دولة واحدة تملك الإرادة أو القدرة لفعل شيء لمواجهة الإبادة، فتعاطف الناس العاديين لم يؤثّر أيّ شيء في سياسات دولهم، ثمّ إنّ هؤلاء المتعاطفين العاديّين يحملهم الإحساس بالعجز أو اللاجدوى أو الاعتياد للكفّ عمّا يمكنهم فعله، كالمظاهرات والفعاليات التي ظهرت في شوارع أوروبا وجامعات الولايات المتحدة، ثم خبت. أمّا في البلاد العربية، فليس فقط الإحساس باللاجدوى الذي يقعد بجماهير العرب عن هذا الحدّ الأدنى المستطاع من الفعل، هذا الإعلان وإن كان عنوانه التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي لم يحصّل دولته وفق ما يقتضيه قرار التقسيم، فإنّه احتفال بواحدة من أكبر الجرائم الأخلاقية التي تواطأت عليها دول العالم، بمنح دولة للمستعمرين على أنقاض السكان الأصليين الذين أُخرِجوا من ديارهم لاحقا بعمليات التطهير العرقيولكن أيضا الخشية من بطش الدولة التي تُحرّم أيّ فعل له طابع سياسي ولو كان لإظهار التعاطف مع شعب عربيّ آخر تجري عليه الإبادة، ولأنّ تلك البلاد العربية قد جُرّف فيها كلّ شيء، فلا أحد يملك قدرة الحشد والتأطير، وبعضها تمنع الدولة فيها التعاطف مع الفلسطينيين ولو بتغريدة قصيرة، أو دعاء، على موقع "X"، فالتعاطف مع الشعب الفلسطيني قد يكلّف العربي سجنا لا يُعرف له آخر!
مرّت المناسبة مرتين منذ حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وفي التاريخ نفسه في العام 2024، أي قبل أيّام. من لاحظ تضامنا يرقى حتى في تعبيراته العاطفية، إلى مستوى الإبادة البشرية الواقعة على فلسطينيي غزّة، وإلى مستوى إبادة الهوية السياسية للشعب الفلسطيني كلّه؟! فكيف يمكن توقّع تضامن أكثر عملية وأكبر تأثيرا، إذا كانت التعبيرات العاطفية والخطابية لا تكاد تُلاحظ بالقياس إلى الهول المصبوب على الفلسطينيين؟
اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1977، التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر لإعلان اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لأنّه يوافق تاريخ اعتماد الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين (القرار 181) في العام 1947. هذا الإعلان وإن كان عنوانه التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي لم يحصّل دولته وفق ما يقتضيه قرار التقسيم، فإنّه احتفال بواحدة من أكبر الجرائم الأخلاقية التي تواطأت عليها دول العالم، بمنح دولة للمستعمرين على أنقاض السكان الأصليين الذين أُخرِجوا من ديارهم لاحقا بعمليات التطهير العرقي.
x.com/sariorabi