افتتح الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ندوة «بدايةٌ جديدةٌ لبناء الإنسان المصري»، قائلا إنّها تأتي في إطار جهود دار الإفتاء المصرية لدعم المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، للتأكيد على أهمية الدور المحوري للفتوى الرشيدة في عملية بناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا يُسهم في تحقيق النهضة الحضرية التي نعيشها وتسعى إليها الدولة المصرية، من خلال تسليط الضوء على الفتوى الوسطية كأداةٍ لبناء المجتمعات وتنميتها على أسسٍ علميةٍ وروحيةٍ.

تفعيل استراتيجية الدولة المصرية

وقال عياد في كلمته إنّ ما دعانا إلى هذا الأمر هو تفعيل استراتيجية الدولة المصرية في عملية بناء الإنسان؛ باعتبار دار الإفتاء المصرية أحد أهم مكونات الدولة ومؤسساتها الدينية والمجتمعية، إضافة إلى اضطلاع دار الإفتاء المصرية بدورٍ محوري ورئيسٍ في نشر الوسطية والاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف في الداخل والخارج، وما يترتب عليه من هدمٍ للمبادئ والقيم الإنسانية والمجتمعية.

بناء الإنسان

وأضاف مفتي الجمهورية: «نقصد ببناء الإنسان ضرورة إعادة تكوينه وإعداده جيدًا؛ حتى يؤدي وظائفه الدينية والوطنية والدنيوية بجدارةٍ واقتدارٍ، هذا المعنى قد اهتمَّ به الإسلام اهتمامًا بالغًا، ومن ثم عزَّز في الإنسان عقيدة التوحيد الخالص وضرورة مراقبة الله تعالى في كل الأحوال، قال تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم﴾، ومنحه الحرية التامة للتدين واختيار الإيمان، قال تعالى: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، كذلك حافظ المولى عزَّ وجلَّ على كرامته حيًّا وميتًا، عدوًّا وصديقًا، مسلمًا وغير مسلمٍ، في السلم والحرب، حيث قال تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلًا﴾، كما اعتبره إحدى أهم الركائز في البناء الحضاري وتعمير الأرض، قال تعالى: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، وراعى بشريته في التكليف بالأوامر والنواهي، فكلفه قدر استطاعته، ولم يكلفه ما لا يطيق، قال تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾».

إعادة بناء الوعي المعرفي والثقافي للإنسان المعاصر

وشدد مفتي الجمهورية على أنّ الله عز وجل قد منح الإنسان العقل الذي تميز به عن باقي المخلوقات، وجعله أداةً رئيسيةً في اكتشاف العلوم والمعارف التي من شأنها أن تبني الحضارات، وذلل له الأرض حتى يستطيع العيش فيها بسلامٍ وأمانٍ، قال تعالى: ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾، كما سخر له كل ما في السماوات والأرض بما يساعده على التفكر والتدبر والاستنباط، وتابع: «وأسس علاقاته المجتمعية على التعاون، والبر، والقسط، والفضل، ورفع عنه التكليف إذا وقع في الخطأ أو النسيان أو ما استكره عليه»، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

في السياق ذاته أشار مفتي الجمهورية إلى أنّنا إذا استقصينا ركائز بناء الإنسان في الإسلام فلن يكفينا هذا المقام، ويكفي أنّه قد وردت لفظة إنسانٍ في القرآن الكريم مفردةً في 64 موضعًا، ومجموعةً 172 مرةً، وهذا يؤكد عناية الإسلام بالإنسان في جميع المناحي الدينية والدنيوية.

وأوضح أنّ عملية بناء الإنسان التي نسعى إليها تتطلب أمرين: الأول: ضرورة إعادة بناء الوعي المعرفي والثقافي للإنسان المعاصر، وهذا يتطلب منا التعاون والتضافر نحو بذل الجهود الكبيرة في إعداد البرامج التربوية والتأهيلية التي تعيد تشكيل الوعي المعرفي والثقافي عند الإنسان، مع ضرورة أن تستمر هذه الجهود في تحقيق استراتيجية التأهيل والتربية بشكلٍ جاد وحاسمٍ، حتى يستطيع الإنسان تحقيق التوازن بين المتطلبات الدينية والدنيوية.

الثاني: ضرورة تحصين الفكر والهوية الدينية والوطنية، ووضع البرامج والاستراتيجيات الجادة التي تضمن لنا تحصين الإنسان المعاصر من الانزلاق والانجرار نحو الفكر المتطرف بنوعيه الديني واللاديني، الذي يسعى كل منهما لسلخ الهوية الدينية والوطنية من الإنسان.

وأكد أنّه بناءً على هذه التحديات المشتركة أعلن في هذه الندوة جاهزية دار الإفتاء المصرية بالانخراط المؤسسي الجاد في كل هذه البرامج التي من شأنها أن تحافظ على الإنسان المصري وتستعيد دوره المحوري في الإسهام الحضاري والعمراني في العالم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دار الإفتاء الفتوى مفتي الجمهورية بناء الإنسان دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة بناء الإنسان قال تعالى

إقرأ أيضاً:

جنايات الإسكندرية تحيل قاتل طليقته إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه

أحالت محكمة جنايات الإسكندرية أوراق موظف متقاعد إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في تنفيذ حكم الإعدام بحقه، وحددت المحكمة جلسة دور الانعقاد المقبل للنطق بالحكم.

جاء ذلك بعد توجيه تهمة القتل العمد إليه، حيث اتهم بقتل طليقته نتيجة خلافات قضائية بينهما.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد الشافي، وعضوية المستشارين محمد عاطف مشالي، نبيل عاطف أبو زينة، وأحمد حنفي عبد الجواد، وبحضور وكلاء النيابة العامة محمد المسلمانى ومحمد الحلاج، وسكرتير المحكمة سعيد عبد العظيم يعقوب.

وتعود وقائع القضية رقم 1374 لسنة 2025 جنايات قسم شرطة المنتزه ثان، إلى تلقي مديرية أمن الإسكندرية بلاغًا بقيام المتهم بقتل طليقته وإضرام النيران في شقتها.

وكشفت التحقيقات أن المتهم "ح.ع.ا"، وهو موظف متقاعد، توجه إلى مسكن طليقته "ع.ال.ع"، وهي ربة منزل، وهو يحمل سلاحًا أبيض ومادة قابلة للاشتعال. وبعد انتظار عودتها إلى المنزل، قام بالاعتداء عليها باستخدام السلاح الأبيض، وسدد لها عدة طعنات قاتلة. ثم أضرم النار في جسدها بعد التأكد من وفاتها.

وأوضحت التحقيقات أن الجريمة جاءت نتيجة خلافات قانونية بين الطرفين بشأن استرداد المنقولات الزوجية، مما دفع المتهم للانتقام منها.

تم تحرير محضر بالواقعة، وأحيل المتهم إلى محكمة الجنايات التي أصدرت قرارها بإحالته إلى فضيلة المفتي.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية
  • مفتي الجمهورية يدعو لتطوير مناهج جامعية متخصصة في فقه بناء الإنسان
  • مفتي الجمهورية يقدم واجب العزاء في البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرة
  • مفتي الجمهورية يعزّي في وفاة البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرة ..صور
  • جنايات الإسكندرية تحيل قاتل طليقته إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه
  • مفتي الجمهورية: نبذل جهدًا كبيرًا في نشر الوسطية ومواجهة الأفكار المنحرفة
  • مفتي الجمهورية يدعو لإطلاق جائزة سنوية لأفضل بحث علمي لبناء الإنسان
  • مرصد الأزهر يشارك في جولة المشاورات المصرية الصينية لمكافحة الإرهاب ببكين
  • مفتي الجمهورية مهنئًا بذكرى تحرير سيناء: رمز للفداء وعزيمة لا تُقهر
  • مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء