كيف أصدر القضاة حكماً في قضية دون قانون أو قواعد منظمة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
مقدمة:
لا بد للقانون كنظام اجتماعي قائم ومؤثر في تنظيم المجتمع أن يتطور بتطور المجتمع لأن القانون فرع من علم الاجتماع القانوني والقاعدة اللاتينية تقول: Ubi Societas, ibi ius بمعنى حيث يوجد مجتمع يوجد قانون.
ولمعالجة أي فراغ تشريعي أو غموض في النصوص أو أي تناقض فيها فعلى القاضي أن يجتهد في إنزال قواعد قانونية على النزاع الماثل امامه مستعيناً بمبادئ العدل والانصاف والوجدان السليم والا اعتبر منكراً للعدالة denial of justice فلا بد من الاجتهاد القضائي.
وهذه السابقة القضائية جمعت بين قواعد القانون البحري و قواعد التأمين البحري وهذين القانونين حديثي النشأة في السودان ولا توجد قواعد واضحة يطبقها القاضي في الحكم غير اجتهاده ولكن وعلى الرغم من انعدام النصوص القانونية المنظمة في هذا المجال وندرة السوابق القضائية الهادية والمرشدة في هذه الموضوعات وخاصة الموضوعات التي اشتملت عليها الا أن القضاة تناولوها مستعينين بالقانون الإنجليزي والقانون المصري ثم بحسهم العدلي الرفيع و وجدانهم السليم وعلمهم الغزيز تمكنوا من اصدار حكم عادل في موضوعها.
والى حيثيات السابقة:
المحكمة العليا
القضاة:
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ صالح وهبي قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ عبد الله الأمين قاضي المحكمة العليا عضواً
أصحاب الباخرة ببرقيا.............الطاعنين
ضد
شركة التأمينات العامة............المطعون ضده
م ع/ ط م / 193/1978
المبادئ:
تأمين- سداد المؤمن لمبلغ التأمين للمؤمن له- حقه في المقاضاة باسمه.
قانون بحري- السفينة- الديون المتعلقة بها- حق الدائن في تتبعها في أي يد كانت لاستيفاء ديونه.
1- بمجرد سداد المؤمن لمبلغ التأمين للمؤمن له يحل محله في مطالبة المسئول عن الضرر بمقدار ما دفعه ويحق له أن يرفع الدعوى باسمه دون حاجة إلى ضم المؤمن له في الدعوى.
2- يظل حق الدائن متعلقاً بالسفينة منذ نشوئه وله أن يتتبع السفينة في أي يد كانت لاستيفاء ديونه.
ملحوظة المحرر:
أيد هذا الحكم حكم محكمة الاستئناف رقم م أ / أ س م / 711/1975- المنشور بنشرة الأحكام الشهرية- مارس وأبريل 1978- ص46.
الحكـــــم
4/2/1980
القاضي: صالح وهبي:
في 13/9/1978 قدم المحامي مبارك المدني نيابة عن الطاعنين عريضة طعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 15 مارس 1978 في الاستئناف رقم 711/75 والذي يقضي بشطب الاستئناف وتأييد حكم محكمة المديرية الصادر في 17/8/1975. أعلن الطعن وقدم المحامي أبوبكر أبو الريش نيابة عن المطعون ضدها رداً مفاده إن مذكرة الطعن هي نفس المذكرة التي قدمها محامي الطاعنين في محكمة الاستئناف وأنه قد رد على تلك المذكرة باستفاضة وطلب اعتبار مذكرة الرد على الاستئناف وحيثيات محكمة الاستئناف رداً على مذكرة الطعن.
تتحصل وقائع الطعن في أن كمية من السكر (حوالي 104105 جوال) شحنت على الباخرة ببرقيا في ميناء مدراس بالهند لنقلها لميناء بورتسودان بموجب بوليصة الشحن المؤرخة 30/9/1974. عند وصول الباخرة ميناء بورتسودان وجد إن هناك عجز وضرر بالبضاعة ما قيمته 205/191/169 جنيه وقامت المطعون ضدها شركة التأمينات العامة - بدفع هذا المبلغ للمؤمن لهم حسب شروط عقد التأمين. وعندما طالبت شركة التأمينات العامة أصحاب الباخرة بتسديد المبلغ رفضوا ذلك على أساس أنهم ملاك جدد للباخرة حيث أنه أشتروها بعد تفريغ البضاعة.
في 22/7/1975 أقامت المطعون ضدها هذه الدعوى في محكمة بورتسودان في مواجهة الطاعنين تطالب بدفع مبلغ 75000 جنيه ثم عدلت دعواها في 26/7 وأضافت 119000 لتصبح جملة المطلوب 194000جنيه. أنكر الطاعنون الدعوى جملة وتفصيلاً تأسيساً على إن ملكية الباخرة قد آلت بعد تفريغ البضاعة وبالتالي لم يكونوا هم أصحاب الباخرة عند نشوء الحق ولا تجوز مساءلتهم عن الأضرار الناشئة قبل انتقال الملكية إليهم كما أنكروا حق الشركة في المقاضاة باسمها.
حددت المحكمة نقاط النزاع وفصلت أولاً في نقاط النزاع الثلاثة الاولى والتي تتعلق بمسئولية الطاعنين عن المطالبة وقررت أن للمدعية (المطعون ضدها) الحق في مطالبة أصحاب السفينة بصرف النظر إن كانت ملكيتها قد انتقلت إلى آخرين أم لا ثم استمعت للبينات وتعدلت الدعوى إلى 255/191/169 عند السماع وقضت المحكمة بهذا المبلغ لصالح المدعية (المطعون ضدها) كما ألزمت الطاعنين بدفع الرسوم وأتعاب المحاماة).
لم يقبل الطاعنون بهذا الحكم فتقدموا باستئناف لمحكمة الاستئناف حيث صدر الحكم المطعون فيه بالنقض الحالي.
الأسباب التي يستند إليها الطاعنون هي نفس الأسباب التي سبق أن أبدوها في مذكرتهم لمحكمة الاستئناف وهي تتلخص فيما يلي:
1- إن المحكمة قد أخطأت في قرارها بأن الشركة المدعية لها الحق في رفع الدعوى باسمها.
2- إن المحكمة الابتدائية لم تفصل في نقطتي النزاع الأولى والثانية بالرغم من أنها استمعت للبينات في هذا الشأن.
3- إن المحكمة قد أخطأت في قرارها بأن هذه الدعوى يجوز فيها حق الحبس البحري.
4- إن المحكمة قد أخطأت في قرارها بوجود عجز وتلف في البضاعة في حين إن البينات المقدمة لا تثبت ذلك وكذلك أخطأت في قرارها بإلزام الطاعنين بالأضرار الناتجة عن الشحن والتوزيع وسوء التعبئة.
5- إن للطاعنين الحق في تحديد مسئوليتهم تحت المادة 48 (1) ب من القانون البحري السوداني (قانون نمرة 23 لسنة 1961) وعليه فإن استحقاق المدعية لا يزيد عن 50813.250 حتى لو صح إنه مسئولون عن الضرر.
وفي رده على مذكرة الاستئناف قال محامي المطعون ضدها "لقد أصبح من الحقائق البديهية المعروفة في القانون إن المؤمن بمجرد سداده لمبلغ التأمين للمؤمن له في جميع حقوقه لدى الطرف الثالث (سبب الخسارة) ويمكنه مطالبة الطرف الثالث بكل الحقوق والالتزامات التي حق للمؤمن له المطالبة بها وذلك بموجب القاعدة المعروفة بال(Subrogation) وقد أورد المحامي عدداً من القضايا الإنجليزية ثم أشار إلي ما قررته السوابق السودانية في هذا الخصوص وأختتم بقوله: إن القانون في السودان يعترف بمبدأ (Subrogation) ولكنه لا يشترط أن يكون هناك تحويل كتابي من المؤمن له ويكفي إثبات دفع قيمة الخسارة.
وفي الرد على النقطة الثانية قال محامي المطعون ضدها إن نقطة النزاع الثالثة والإجابة عليها تقرر ضمناً لمسئولية المدعى عليهم سواء كان المدعى عليهم هم ملاك السفينة عند نشوء حق الدعوى أو آلت إليهم الملكية بعد ذلك.
وعن حق الحبس البحري يقول محامي المطعون ضدها إن حق الحبس البحري موجود في حالة تلف البضاعة ولكن يشترط أن يمارس هذا الحق على السفينة ذاتها التي حملت الشحنة وليس على أية سفينة أخرى قد تكون مملوكة لأصحاب السفينة التي حملت البضاعة التالفة وأضاف إن المدعية قد مارست هذا الحق على السفينة ذاتها التي حملت البضاعة.
كذلك جاء في رد المحامي إن الطاعنين قد تسلموا البضاعة في حالة جيدة عند الشحن ولكنهم سلموها ناقصة وتالفة ومبتلة وبذلك أخلوا بالعقد وأصبحوا ملزمين بسداد ما تكبدته المطعون ضدها من خسارة في تعويض المؤمن لهم.
نقرر أولاً إن هذه القضية قد نالت ما تستحقه من اهتمام وعناية سواء من جانب المحامين أو من جانب المحاكم التي نظرت فيها وبالرغم من ندرة السوابق في مثل هذا النوع من القضايا فقد تناول المحامون النقاط القانونية بالنقاش المستفيض والشرح الوافي وأوردوا آراء بعض سدنة القانون الإنجليزي واستعانت المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف بآراء بعض الفقهاء المصريين بالإضافة إلي ما ورد في مذكرات المحامين فجاءت أحكامها مستوفية وجامعة مما سهل علينا كثيراً مشقة البحث والتنقيب وساعدنا في الوصول إلي القرار في النقاط القانونية الهامة.
ونبدأ بحق شركة التأمين في التقاضي باسمها دون أن تضم المؤمن له كطرف في الدعوى. بالرغم من أهمية عقود التأمين وأثرها في الحياة العامة والخاصة لم يصدر تشريع في السودان ينظم هذه العملية كما في الدول الأخرى ولذلك فإننا عملاً بأحكام المادة 6 (2) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1974 سنطبق المبادئ التي استقرت قضاء في السودان ونستعين بتشريعات الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المضمار إذا لم نجد في قضائنا ما يعيننا في هذا الصدد. فمن السوابق القضائية التي قررت في حق شركة التأمين في رفع الدعوى باسمها قضية الخطوط البحرية الإسكندنافية ضد الخطوط الإثيوبية (مجلة الأحكام القضائية لسنة 1965 ت119 حيث قال القاضي محمد يوسف مضوي.
“In the opinion of this Court the right of the insurer to institute legal proceedings on behalf of the insured is based on the subrogation doctrine. The policy of insurance is looked upon as a contract of indemnity and the contract of indemnity comes into operation only when payment is made by the insurer on behalf of the assured”.
فمن خاصية عقد التأمين إنه عقد معاوضة يلتزم المؤمن بموجبه بدفع تعويض للمؤمن له عن الخسارة التي لحقت به من جراء الحادث الذي نجم عنه تحقق الخطر وعند قيام المؤمن بدفع التعويض المستحق له يحل محله في الرجوع على المسئول أو المتسبب في الضرر بمقدار ما دفعه من تعويض للمؤمن له.
يقول الدكتور السنهوري في كتابه الوسيط الجزء السابع المجلد الثاني ص627 يحل المؤمن محل المؤمن له بتوافر شرطين أولهما أن يكون قد دفع فعلاً مبلغ التأمين للمؤمن له إذ الحلول لا يكون إلا بعد الوفاء وثانيهما أن تكون هنالك دعوى مسئولية يرجع بها المؤمن له على المسئول فيحل فيها المؤمن محل المؤمن له وليس من الضروري أن تكون دعوى المسئولية هذه دعوى مسئولية تقصيرية وإن كان هذا هو الغالب بل يجوز أيضاً أن تكون دعوى مسئولية عقدية كما إذا أمن صاحب البضاعة على بضاعته من التلف والضياع في أثناء النقل فيحل محله المؤمن في الرجوع بالمسئولية العقدية على أمين النقل.
ومع إن القانون الإنجليزي يشترط أن يحصل المؤمن من المؤمن له مقدماً على حوالة بحقوق هذا الأخير قبل المسئول حتى لا يتمكن المؤمن من إقامة دعوى مباشرة باسمه فقد قررت محكمة الاستئناف السابقة " في قضية زكي سفيان ضد الشركة العربية للتأمين" (مجلة الأحكام القضائية لسنة1968 ص145 : إن اشتراط التحويل الكتابي لا يخدم أغراض العدالة وإن مثل هذا الإجراء مضيعة للوقت كما إنه يشكل عبئاً على المتقاضين من الناحية المادية دون مبرر ولذلك رأت محكمة الاستئناف إن المؤمن بمجرد دفعه التعويض للمؤمن له يحل محله في مقاضاة المسئول دون حاجة إلي ضم المؤمن له كمدع أو المقاضاة باسمه وقد قال القاضي بلدو:
“It is absurd to say that instead of instituting the suit in his own name, the insurer must take proceedings in equity to compel the assured to give him the use of his name. What does this mean? And what does it serve? Such a rule of procedure is in my opinion a waste of time and is a burden on litigants as it initiates additional costs.
The risk in this rule is that it puts the insurer at mercy of the assured, who may adopt by our court at a time when it becomes highly essential to simplify the procedure in our Courts”.
لا شك إن تبسيط الإجراءات يساعد على سرعة البت في المنازعات ويؤدي إلى تحقيق العدالة ولا معنى لما يتمسك به القانون الإنجليزي من اشتراط أو ضم المؤمن له كمدع في الدعوى إذ لا مصلحة للمؤمن له بعد أن يستوفى حقه كاملاً من المؤمن ويصح القول بأن المؤمن بمجرد سداده لمبلغ التأمين للمؤمن له يحل محله في مطالبة المسئول عن الضرر بمقدار ما دفعه ويحق له أن يرفع الدعوى باسمه دون حاجة إلى ضم المؤمن له في الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قرر بأن المطعون ضدها قد دفعت مبلغ التأمين للمؤمن له وحلت محله في مطالبة الباخرة بمقدار ما دفعته فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
والنعي بالسبب الثاني غير منتج أيضاً ذلك إن الإجابة على نقطة النزاع الثالثة تتضمن الإجابة على نقطتي النزاع الأولى والثانية ولم يكن إغفال محكمة الموضوع الإجابة على النقطتين سالفتي الذكر بذي أثر على الحكم إذ أن جوهر النزاع يتخلص في مسئولية أصحاب الباخرة لأصحابها الجدد أو بعده. وقد ناقشت المحكمة الابتدائية كما ناقشت محكمة الاستئناف هذه المسألة بإسهاب وتوصلت المحكمتان بعد استعراض القانون الإنجليزي والمصري إلى أن صاحب السفينة سواء انتقلت إليه الملكية أو قبل نشوء حق التقاضي أو بعده مسئول على الخسارة وأنه من حق الدائن أن يتتبع السفينة ليستوفي ما له من دين إذ أن الدين يتعلق بالسفينة نفسها.
لقد نص القانون المصري صراحة على بقاء حق الدائن على السفن التجارية مثل العقارات إذا انتقلت إلي يد غير مالكها فجاء في المادة الرابعة من القانون البحري ما يلي: " السفن التجارية وغيرها من المراكب البحرية وإن كانت من المنقولات يبقى حق الدائن عليها مثل العقارات إذا باعها لشخص ثالث مالكها المدين ديناً ناشئاً عنها يجوز لأرباب الدين وضع الحجز عليها تحت يد المشتري وإجراء بيعها لوفاء ديونهم ولذلك تكون السفينة التي من هذا القبيل ضامنة لوفاء ديون بائعها خصوصاً الديون المصرح في القانون بامتيازها على غيرها".
ومعنى ذلك إن الدائن المجهز (صاحب السفينة) أن يتتبع سفينة هذا المجهز إذا خرجت من ذمته تحت أي يد تكون لاستيفاء دينه من ثمنها ويكون للمشتري أن يرجع على البائع له بالثمن الذي دفعه (أنظر القانون البحري للدكتور علي جمال الدين ص104).
أما القانون الإنجليزي فقد أجاز رفع الدعوى ضد السفينة بما يسمى ب(Action in rem) وأعطى حقاً عينياً للدائن لتتبع السفينة واستيفاء الدين منها ولعل أقوى سبب أورده الفقهاء الإنجليز في هذا الشأن هو ما قاله العلامة أوليفر هولمز في كتابه القانون العام طبعة 1963 ص 25، 26 وما يمكن ترجمته يتصرف كما يلي: إن السفينة هي وحدها الضمان لدينا عند تعاملنا مع الأجانب وبدلاً أن نرسل مواطنينا للخارج للبحث عن حقوقهم في محاكم غريبة عليهم فإن من السهل والعملي أن نسير في إجراءاتنا ضد السفينة في محاكمنا بالحجز عليها واستيفاء الحقوق منها وعلى أصحاب السفينة المتضررين أن يبحثوا ما يزيل الضرر عنهم في أماكن أخرى.
ولقد أصبح من القواعد الراسخة في القانون الإنجليزي حق الحبس البحري أو ما يسمى ب (Maritime Lien) حيث أجاز القانون للدائن ممارسة هذا الحق على السفينة التي تسببت في الضرر أو لها علاقة بالضرر بصرف النظر عمن يكون صاحبها.
ففي قضية The Ripon City ورد على لسان القاضي بارنز ما يلي:
“It will be found, in accordance with the modern principles and authorities that there are certain cases in which a maritime lien may exist and enforced against the property or person no personally liable for the claim, and who are not persons who or whose have required service or done the damage”.
(1897 pp. 242)
وقد أكد القاضي بارنز أن حق الطرف الثالث الذي تضرر من فعل السفينة أو ربانها لا يتأثر بانتقال الملكية أو الحيازة بل ينتقل مع السفينة.
“A maritime lien travels with vessel into who so ever possession it comes, so that an innocent purchaser of a ship may find his property subjected to claims which existed prior to the date of his purchase. An although it may be hard on the innocent purchaser; if it did not exist a person who was owner at the time a lien attached could defeat the lien by transfer if he pleased”. P.246.
وقد أيد مجلس اللورادات هذا الرأي في قضيته
(Gurtie V. M. Kaight (1890) A.C. 97)
حيث قال لورد داتسون:
“To my mind their reasoning is satisfactory; and the result in which they arrived appears to me not only consistent with the principles of general maritime Law but to rest upon consideration of commercial expediency”.
بيد إن ما قررته المحاكم الإنجليزية كان واضح الدلالة على أن حق صاحب البضاعة في إقامة دعوى ضد السفينة نفسها ينتفي إذا تم انتقال ملكية السفينة قبل إجراء الحجز عليها أو قبل صدور أمر الحجز وقد أستعرض القاضي براندون في قضية (The Moniea) كل السوابق الإنجليزية وانتهى إلى القول بأن تاريخ رفع الدعوى هو المحك والفيصل في إسناد المسئولية للمشتري الجديد. ولا نود هنا أن ندخل في تفاصيل ما ورد في القانون الإنجليزي الصادر في سنة 1956 ولا فيما اشتمله من إجراءات معقدة لا تناسب محاكمنا ولكننا نقرر أن حق الدائن يظل متعلقاً بالسفينة نفسها منذ نشوئه وله أن يتتبع السفينة في أي يد كانت لاستيفاء ديونه وما دام المشتري الجديد يمكنه أن يحمي نفسه بوضع ضمانات عند تعاقده على شراء السفينة ليعود على البائع في حالة مديونية السفينة فلا يعود عليه والقول بغير ذلك يجعل من الميسور على صاحب السفينة بيعها بدون أي التزامات عليها ويصبح من العسير على الدائن استخلاص حقوقه.
نخلص من ذلك إن الحكم المطعون فيه وقد قرر مسئولية مشتري السفينة عن خسائر الشحنة قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا محل للطعن فيه بهذا السبب.
أما السباب الرابع فهو عبارة عن وزن البينات وحيث إن ما توصلت إليه المحكمة من قرار كان متمشياً من البينات مطابقاً لها وحيث إن المحكمة العليا لا تتدخل في قرارات المحاكم الأدنى المتصلة بالوقائع متى كان ما توصلت إليه سائغاً وله ما يؤيده في البينات المطروحة أمام المحكمة فلا محل للطعن على الحكم بهذا السبب ولا صحة لما يقول به محامي الطاعنين من أن سوء التعبئة أدت لحدوث التلف إذ أن بوليصة الشحن تؤكد إن البضاعة قد سلمت في حالة جيدة.
إن مسئولية أصحاب الباخرة عن العجز وفي التسليم وعن التلف الذي حدث نتيجة تسرب المياه داخل الباخرة لا تحتاج إلي شرح أو توضيح فقد تضمنت بوليصة الشحن نصوص اتفاقية بروكسل 1924 والتي حرصت على النص على إن التزامات الناقل من النظام العام وألزمت الناقل ببذل العناية والدقة في القيام بشحن البضائع المنقولة وتحريكها ورصها وحفظها والعناية بها وتفريغها كما ألزمته ببذل العناية المعقولة لجعل السفينة صالحة للملاحة وجعلها كذلك في حالة صالحة لوضع البضاعة بها ونقلها وحفظها ويقع عبء إثبات بذل العناية المطلوبة على عاتق الناقل حسب نص المادة 4/1 من الاتفاقية.
بقيت النقطة الأخيرة التي أثارها الطاعنون عن مقدار التعويض الذي يتعين عليهم دفعه ويقول الطاعنون إن مسئوليتهم محدودة بموجب المادة 48 (أ (ب من القانون البحري السوداني الصادر في سنة 1961 (قانون رقم 23 لسنة 1961 (وإنهم ملزمون بمقتضى تلك المادة بدفع مبلغ سبعة جنيهات ونصف عن كل طن وإن الاستحقاق لا يزيد على 50813.250 جنيه.
لقد كان قرار محكمة الاستئناف في هذا الشأن هو إن المادة 48 (أ ( المشار إليها تطبق في الحالات التي يكون فيها التلف والفقدان قد حدث دون خطأ من جانب أصحاب السفينة فلا مجال لتطبيق المادة هذه والجدير بالذكر إن المشرع السواني قد أخذ هذه المادة عن النص الوارد في اتفاقية بروكسل بشأن إعفاء النقال والسفينة من مسئولية في حالة حدوث فقدان أو تلف نتيجة خطأ ملاحي أو إداري من ربان السفينة أو الملاحين أو تابعي الناقل ما لم يكن راجعاً إلي خطأ منه ولكن المشرع السوداني بدلاً من إعفاء مالك السفينة إعفاء كاملاً حدد مسئوليته بمبلغ معين وألزمه بدفع هذا المبلغ إذا كان "الفقدان أو التلف قد حدث دون خطأ واقع منه أو علم سابق من جانبه".
فهل أثبت الطاعنون إن الفقدان والتلف كان نتيجة لخطأ في الملاحة أو الإدارة ودون خطأ واقع منهم؟ لم يكن في مذكرة الدفاع أية إشارة لتحديد المسئولية بهذه الصفة ولذلك لم تضمن نقاط النزاع وبالتالي لم يتطرق حكم المحكمة الابتدائية إلي هذه المسألة وبما أنه لابد من إثارة هذه النقطة كدفع أمام المحكمة الابتدائية وسماع بينات بشأنها فلا يجوز إثارتها في مرحلة الاستئناف ولا في مرحلة الطعن بالنقض ولذلك فلا مجال للطعن بهذا السبب.
وحيث إن الطعن في جميع أوجهه على غير أساس يتعين رفضه وإلزام الطاعنين بالرسوم.
حسين إبراهيم علي جادين
Hussainj@diwan.gov.qa
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المحکمة الابتدائیة محکمة الاستئناف القانون البحری المحکمة العلیا المطعون ضدها شرکة التأمین بهذا السبب فی السودان فی القانون إن المحکمة رفع الدعوى فی الدعوى بمقدار ما فی مطالبة فی قضیة فی حالة ما یلی فی هذا
إقرأ أيضاً:
منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية
قال المستشار بمنظمة القانون من أجل فلسطين، ليكس تاكنبرج، لقناة «القاهرة الإخبارية»، إن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» يؤثر على دور الوكالة في تقديم خدماتها للفلسطينيين، ويعوق تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
الدولية لدعم فلسطين: أونروا شريان رئيسي لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامها (فيديو) وزير الخارجية يدين الإجراءات الإسرائيلية ضد وكالة أونروا والاعتداءات على قوات يونيفيل شنت إسرائيل حملة شرسة على الأونرواوقد شنت إسرائيل حملة شرسة على الأونروا وساقت مزاعم كاذبة لم يثبت منها شيء حول انخراط عمال بالوكالة في هجمات السابع من أكتوبر، ما دفع عدد من الدول إلى تعليق تمويل الوكالة الأممية.
فيما أكد «ليكس تاكنبرج» إلى أن كثير من المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم الدعم السياسي والمالي لأونروا وعبر عن أمل منظمته في تجنب اتخاذ أي قرارات ذات تأثير سلبي على الشعب الفلسطيني.
إسرائيل تعمل على تدمير منازل الفلسطينيينوشدد المستشار بمنظمة القانون من أجل فلسطين، على أن إسرائيل تعمل على تدمير منازل الفلسطينيين والوكالات الأممية وعلى رأسها الأونروا التي وصفت هجمات إسرائيل عليها بأنها: « تُقوض القضية الفلسطينية وتعمل على إزالتها من طاولة المفاوضات».
ولفت إلى أنه لا منظمات أممية سوى أونروا يمكنها تقديم الخدمات اللازمة للاجئين الفلسطينيين.
أونروا شريان رئيس لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامهاقال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إحدى بنوك أهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنها تعتبر هدفا مسبقا للاحتلال من قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف «عبد العاطي» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن استهداف الاحتلال لأونروا تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع، موضحًا أن الوكالة تحظى بعمل أممي واسع من الجمعية العامة يجدد لها كل ثلاث سنوات.
ولفت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليس لها الحق في سن تشريعات تفرضها على الأمم المتحدة، إذ أن القانون الدولي يعلو على قوانين ودساتير الدول عدا أن هناك جزء من المنظمة الأممية التي على دولة الاحتلال احترامها واحترام العاملين بها.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال لم تحترم الأمين العام ولا أي من المنظمات الدولية التي تعوق عملها، متابعًا: «وكالة أونروا تعتبر شريان رئيس لمساعدة غزة، إذ أنها تقدم المساعدات لسكان قطاع غزة الذين يعيشون جراء جريمة الإبادة الجماعية».