سواليف:
2024-10-08@12:02:19 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أمهات بلا حدود

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

#أمهات_بلا_حدود

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 24 / 10 / 2016

كان دخان الطابون يتغلغل في ملابسنا المنشورة على حبل الغسيل الممتد من زاوية “الفرن” إلى خصر شجر اللوز المر.. يصافح القمصان المصلوبة ثم يتطاير شرقاً ، في الصباح نلبسها معطرين بدخان الحطب ونذهب إلى المدارس كأرغفة طازجة … باب الطابون مثل فم رجل مسنّ.

.مطلي بسناج الزمن الأسود ، ينفث دخانه المسائي بوجه الغروب فقط ليدفأ قلبه…”تبغه” خشب الزيتون ، و”قنابة” اللوز وأظافر السرو المحطّبة وفي بعض الأحيان لمالم الصناديق و “الطبليات” المكسّرة، “فرننا” لم يكن ليدمن صنفاً محدداً من الدخان ..لذا ، لكل مساء تشريني قديم رائحة مختلفة…تتبع نوع الخشب المحترق ومزاج الطابون…
**
في تشرين يحل الغروب باكراً مثل طلاب الصفوف الأولى ،يقصرُ النهار، والأعمال المنزلية تصبح أكثر كثافة ، قبل الغروب كانت تحضّر أمي وجبة “الوقود”الثانية للفرن ولا تغادره حتى تطمئن أن غليونه الخشبي قد اشتغل..تجمع البيض من الخم ، وتخلص أرجل بعض الدجاج من “شلبكات الخيوط”، ثم تتأكد أن أحدا من رعية الصيصان لم يتأخر عن العودة ، لتقوم بعدها بإغلاق الباب المشبك بالأسلاك المعدنية على من حضر..تذهب إلى المطبخ تشعل “اللمبة”الوحيدة ، تنخّل الطحين بالمنخل الدائري المهتريء الأطراف ،توازن خلطتها بين طحين القمح البلدي والطحين “الموحد”..تحضر عجنة الغد بيديها تلم العجين المتماسك كما تلف الطفل الوليد بلفاعه، ثم تدثره حتى يختمر..
في تشرين، كانت حبات الباذنجان المسلوقة تملأ زوايا البيت ، أحجار ثقيلة تكبس أنفاس الجيش الأسمر، يتساقط عرقها ببطء ، ثم يتم حشوها بطريقة أقرب إلى التحنيط وتخليدها في “قطرميزات” متوهجة بالزيت البلدي، ها قد تم تأمين مخزون الشتاء من المقدوس..المكبوس؛ من خيار ،لفت، جزر، فلفل ..كلها تطل بثقة من الرفوف العلوية ، وفي “الفواتي” المعتمة الرطبة .
لا يمكن ان يمضي تشرين دون أن تفتح الذاكرة على مكبوس الزيتون ،ورائحة الفلفل والليمون الحادة، قلائد الباميا ، البندورة المجففة ، أكياس الملوخية الناشفة…لم يتركن شيئاً الا وادخرن منه شيئاً للشتاء ، بالمناسبة الأمهات العريقات لم تكن أسرهن الزوج والأولاد فقط ، الأمهات العريقات متراميات الواجبات يقلقن على وطن بأكمله والعائلة عندهن تبدأ ولا تنتهي فكل الأسر عائلتها ،وكل أولاد الحي أولادها…أذكر أن أمي كانت تجفف في أسفل “النملية” الرمان وتخبئه لفصول قادمة..وعندما نسألها ما حاجتنا بهذا… تجيب بكلمة واحدة ومبهمة لم نكن نفهما وقتها: “للوحّامات”!! ثم اكتشفنا لاحقاً أنها كانت تخشى أن تشتهي إحدى النساء “الرمان” فترة الوحام ولا يكون موسمه ..فتدخر منه حبات قليلة علّها تلبي رغبتها.. هؤلاء أمهات بلا حدود…بعواطف بلا حدود ، في زمانهن كان البيت عامراً بكل شيء..بدءاً من دفئه الداخلي، إدارته الفطرية الحكيمة ، التفاف الأبناء، الاكتفاء الاقتصادي..البركة..
كان البيت عامراً بكل شيء لأن فيه أم هي ” أمّ لكل شيء”..

مقالات ذات صلة الدويري: حرب غزة فاقت أكثر التوقعات تشاؤما والمقاومة استطاعت التعايش مع الوضع 2024/10/08

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

#99يوما

#أحمد_حسن_الزعبي

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحرية لأحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی بلا حدود

إقرأ أيضاً:

تخليداً لذكرى حرب تشرين التحريرية… مهرجان شعري في الجمعية العلمية التاريخية بجبلة

اللاذقية-سانا

بمناسبة ذكرى حرب تشرين التحريرية وتضامنا مع المقاومة اللبنانية وإكباراً لرمزها وسيد شهدائها السيد حسن نصر الله ودعماً لطوفان الأقصى المبارك أقامت الجمعية العلمية التاريخية بجبلة مهرجاناً شعرياً شارك فيه مجموعة من الشعراء والأدباء.

وافتتح المهرجان عضو الجمعية خالد حاج عثمان بكلمة أكبر فيها من قيمة الشهادة وطريق المقاومة وعظمة الشهداء الذين لولاهم لم يكن نصر تشرين، لافتاً إلى أهمية استشهاد القادة كالسيد حسن نصر الله ليكونوا نهجاً نسير خلفه حتى تحرير كل الأراضي المحتلة.

وشارك في المهرجان الذي قدمته أحلام الرفاعي وفاطمة قدار الشاعر مهند صقور بقصيدة عمودية أكبر فيها من عظمة سيد شهداء المقاومة اللبنانية وشهداء الجيش العربي السوري.

كما شاركت الشاعرة أسينة خير بك بقصيدة عمودية تغنت فيها بقيمة الشهادة ونصر تشرين وما حققته من تحرير وكسر لشوكة الاحتلال.

بدوره الشاعر أبو الوفا أحمد شارك بقصائد رثاء لسيد المقاومة حسن نصر الله متغنياً بانتصارات الجيش العربي السوري على العدو الصهيوني في تشرين التحرير وانتصاراته على الإرهاب، إضافة إلى مشاركة الشاعرتين اكتمال ديب وصديقة رابعة بنصوص نثرية عن الوطن والشهادة والمقاومة.

وشارك الشاعر فائز خنسة بنصوص موزونة وأخرى محكية تغنى فيها ببطولات الجيش وعظمة شهدائه، في حين شاركت الشاعرة فاطمة غنيجة بنص نثري تغنت فيه بانتصارات الجيش، إضافة إلى مشاركة الشاعر مخلوف مخلوف بنص نثري حداثوي عن تضحيات الشهداء.

كما شارك الشاعر محمد زهرة بنص نثري تغنى فيه بالمقاومة معتبراً إياها طريقاً للنصر والتحرير والحرية، إضافة إلى مشاركة الشاعرات مفيدة صالح وامتثال أحمد وسمر عثمان بقصائد من وحي المناسبة.

بلال أحمد

مقالات مشابهة

  • ملف: في الذكرى الخامسة لإنتفاضة تشرين المجيدة ( 2 )
  • الكاتب الزعبي يبعث برسالة في ذكرى 7 أكتوبر المجيد
  • في ذكرى 7 أكتوبر المجيد .. #معلش مع #أحمد_حسن_الزعبي / #سوبر_هيرو
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أول ردّة فعل
  • تخليداً لذكرى حرب تشرين التحريرية… مهرجان شعري في الجمعية العلمية التاريخية بجبلة
  • مؤسس «أمهات مصر» في ذكرى انتصارات أكتوبر: نفتخر بقدرة وعبقرية الجيش المصري
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. سرفيس العبدلي
  • أسرار من كواليس الفن.. الكاتب الصحفي عادل حمودة يتحدث عن أسرار حياة أحمد ذكي
  • بيان شجب واستنكار من عشيرة الخليفات / وادي موسى لجريمة قتل الزعبي