من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أمهات بلا حدود
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
#أمهات_بلا_حدود
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 24 / 10 / 2016
كان دخان الطابون يتغلغل في ملابسنا المنشورة على حبل الغسيل الممتد من زاوية “الفرن” إلى خصر شجر اللوز المر.. يصافح القمصان المصلوبة ثم يتطاير شرقاً ، في الصباح نلبسها معطرين بدخان الحطب ونذهب إلى المدارس كأرغفة طازجة … باب الطابون مثل فم رجل مسنّ.
**
في تشرين يحل الغروب باكراً مثل طلاب الصفوف الأولى ،يقصرُ النهار، والأعمال المنزلية تصبح أكثر كثافة ، قبل الغروب كانت تحضّر أمي وجبة “الوقود”الثانية للفرن ولا تغادره حتى تطمئن أن غليونه الخشبي قد اشتغل..تجمع البيض من الخم ، وتخلص أرجل بعض الدجاج من “شلبكات الخيوط”، ثم تتأكد أن أحدا من رعية الصيصان لم يتأخر عن العودة ، لتقوم بعدها بإغلاق الباب المشبك بالأسلاك المعدنية على من حضر..تذهب إلى المطبخ تشعل “اللمبة”الوحيدة ، تنخّل الطحين بالمنخل الدائري المهتريء الأطراف ،توازن خلطتها بين طحين القمح البلدي والطحين “الموحد”..تحضر عجنة الغد بيديها تلم العجين المتماسك كما تلف الطفل الوليد بلفاعه، ثم تدثره حتى يختمر..
في تشرين، كانت حبات الباذنجان المسلوقة تملأ زوايا البيت ، أحجار ثقيلة تكبس أنفاس الجيش الأسمر، يتساقط عرقها ببطء ، ثم يتم حشوها بطريقة أقرب إلى التحنيط وتخليدها في “قطرميزات” متوهجة بالزيت البلدي، ها قد تم تأمين مخزون الشتاء من المقدوس..المكبوس؛ من خيار ،لفت، جزر، فلفل ..كلها تطل بثقة من الرفوف العلوية ، وفي “الفواتي” المعتمة الرطبة .
لا يمكن ان يمضي تشرين دون أن تفتح الذاكرة على مكبوس الزيتون ،ورائحة الفلفل والليمون الحادة، قلائد الباميا ، البندورة المجففة ، أكياس الملوخية الناشفة…لم يتركن شيئاً الا وادخرن منه شيئاً للشتاء ، بالمناسبة الأمهات العريقات لم تكن أسرهن الزوج والأولاد فقط ، الأمهات العريقات متراميات الواجبات يقلقن على وطن بأكمله والعائلة عندهن تبدأ ولا تنتهي فكل الأسر عائلتها ،وكل أولاد الحي أولادها…أذكر أن أمي كانت تجفف في أسفل “النملية” الرمان وتخبئه لفصول قادمة..وعندما نسألها ما حاجتنا بهذا… تجيب بكلمة واحدة ومبهمة لم نكن نفهما وقتها: “للوحّامات”!! ثم اكتشفنا لاحقاً أنها كانت تخشى أن تشتهي إحدى النساء “الرمان” فترة الوحام ولا يكون موسمه ..فتدخر منه حبات قليلة علّها تلبي رغبتها.. هؤلاء أمهات بلا حدود…بعواطف بلا حدود ، في زمانهن كان البيت عامراً بكل شيء..بدءاً من دفئه الداخلي، إدارته الفطرية الحكيمة ، التفاف الأبناء، الاكتفاء الاقتصادي..البركة..
كان البيت عامراً بكل شيء لأن فيه أم هي ” أمّ لكل شيء”.. مقالات ذات صلة الدويري: حرب غزة فاقت أكثر التوقعات تشاؤما والمقاومة استطاعت التعايش مع الوضع 2024/10/08
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#99يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرية لأحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی بلا حدود
إقرأ أيضاً:
تكريم 200 سيدة من أمهات شهداء الثورة في مدينة التل بريف دمشق
ريف دمشق-سانا
أقام أهالي مدينة التل بريف دمشق حفل تكريم لأمهات شهداء الثورة المباركة اللواتي وهبن فلذات أكبادهن فداء للوطن، وقدمن نماذج ملهمة في البذل والعطاء، وضربن أروع الأمثلة في التضحية.
وتضمن الحفل الذي أقيم في صالة “مسجد الدعوة” بدعم من متبرعين ومتطوعين من أهالي المدينة بإشراف سامي حسين تكريم 200 سيدة من أمهات الشهداء.
وأكدت بيان حسين إحدى المشرفات على حفل التكريم في كلمة لها عظمة التضحية التي قدمتها أمهات الشهداء، اللواتي كن النموذج الأسمى للصبر والعطاء، وبهذه التضحيات نالت سوريا حريتها وانتصرت الثورة.
وبدموع يمتزج بها الحزن والفخر، أكدت السيدات المكرمات أن أبناءهن قدموا واجبهم لرفع الظلم عن سوريا ولينال السوريون حريتهم، وقدمن الشكر للقائمين على المبادرة، حيث لفتت كل من مريم فرج والدة الشهيد قسورة فرج وأميرة صراميجو والدة الشهيد ماهر ياسين وحفيظة كلثم والدة الشهيد محمد عبد الله حسين وسحر حسين والدة الشهيدين عبد الله وأحمد حسين إلى أن دماء أبنائهن كانت نبراساً لنصر سورية على النظام البائد.
وعبرت عزيزة دخان عن فخرها بأن تنال لقب خنساء التل، فهي أم الشهداء نذير وسالم وماهر ومنير وحبيب الطحان، وجدة الشهداء أحمد الطحان وياسر الأحمر، وجدة زوجة الشهيد مازن البني، وأهدت التكريم لأرواحهم الطاهرة.
وقالت كل من عواطف القباني الرفاعي والدة الشهيد مازن أحمد بشير، ومنال الحافظ والدة الشهيد إياد رياض تقلس، ونورا معتوق والدة الشهيدين حسان ومحمد عدنان الغالي، وسعاد علعل والدة الشهيد علي دلة: إنه عندما سقط النظام البائد شعرنا أن حقنا عاد لنا وأن دماء أبنائنا التي روت أرض سوريا كانت غالية ولم تضع وتذهب سدى، ونحمد الله الذي شرفنا باستشهادهم.