تنتظر إذنا.. برلمان إيكواس يشكل لجنة للقاء قادة انقلاب النيجر
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
قال متحدث باسم برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) السبت، إن المجموعة تسعى لإرسال لجنة برلمانية إلى النيجر لعقد لقاء مع قادة الانقلاب العسكري الذين استولوا على السلطة الشهر الماضي، ويرفضون حتى الآن الضغوط الدبلوماسية لإعادة الحكم المدني.
واحتجز جيش النيجر الشهر الماضي الرئيس محمد بازوم، وحل الحكومة المنتخبة واستولى على السلطة، مما أثار تنديدا من قوى في المنطقة، فعَّلت قوة عسكرية احتياطية، قالت إنها ستنشرها كملاذ أخير إذا لم تنجح المحادثات.
لكن قادة الانقلاب يرفضون حتى الآن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها "إيكواس" والولايات المتحدة وآخرون، مما يهدد باندلاع المزيد من الصراع في منطقة الساحل الفقيرة بغرب أفريقيا، التي تواجه بالفعل تمردا إسلاميا عنيفا.
ولا تقتصر المخاوف على مصير النيجر، وهي من المنتجين الرئيسيين لليورانيوم وحليفة رئيسية للغرب في الحرب على المتمردين الإسلاميين، بل هناك مخاوف أخرى تساور القوى العالمية على مصالحها الاستراتيجية في غرب ووسط أفريقيا حيث نُفذت 7 انقلابات في غضون 3 سنوات.
وتتمركز قوات أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية في النيجر لمواجهة تمرد جماعات محلية مرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، أدى لمقتل الآلاف وتشريد الملايين في منطقة الساحل.
وينمو النفوذ الروسي في غضون ذلك مع تزايد حالة انعدام الأمن وتقويض الديمقراطية وسعى القادة إلى شركاء جدد لاستعادة النظام.
((1))
واجتمع برلمان إيكواس السبت، لمناقشة اتخاذ مزيد من الإجراءات في النيجر.
وقال المتحدث إن البرلمان لم يتخذ أي قرار لكنه شكل لجنة تعتزم اللقاء مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لـ"إيكواس"، للحصول على إذنه للذهاب إلى النيجر.
وتخشى القوى الغربية من أن يزداد النفوذ الروسي إذا تبع المجلس العسكري في النيجر جارتيها مالي وبوركينا فاسو اللتين طردتا قوات فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، بعد انقلابين في هذين البلدين.
وتتعاون مالي منذ ذلك الحين مع مرتزقة من مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة، وهي الخطوة التي تزامنت مع تصاعد العنف هناك.
كما طردت مالي قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وهو ما يخشى محللون أمنيون من أن يؤدي إلى مزيد من الصراع.
وتظاهر آلاف المؤيدين للانقلاب أمام قاعدة عسكرية فرنسية في نيامي عاصمة النيجر يوم الجمعة.
وحمل أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها "تحيا روسيا" في حين رفعت لافتات أخرى عبارات مثل "تسقط فرنسا.. تسقط إيكواس"، و"فاجنر ستحمي أطفالنا من الإرهاب".
اقرأ أيضاً
رؤساء أركان دول إيكواس يبحثون التدخل العسكري في النيجر
ومن المقرر أن يجتمع قادة جيوش المنطقة خلال الأيام المقبلة.
وإذا اختاروا التدخل، فليس من الواضح كم من الوقت سيستغرق جمع قوة "إيكواس"، وكم سيكون حجمها وما إذا كانت ستغزو النيجر بالفعل.
وقال محللون أمنيون إن الأمر قد يستغرق أسابيع.
ولم تذكر دولة سوى ساحل العاج عدد القوات التي ستشارك بها، في حين قالت دول منها ليبيريا والرأس الأخضر إنها تفضل الدبلوماسية.
وحذرت روسيا من مغبة القيام بعمل عسكري.
في غضون ذلك، عبر الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة عن القلق إزاء احتجاز بازوم.
وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الجمعة، إن الأوضاع "تتدهور بسرعة"، وقد تصل إلى حد انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضاً
إيكواس تتراجع: التفاوض هو أساس الحل في النيجر
المصدر | رويترزالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: النيجر برلمان إيكواس إيكواس انقلاب النيجر فی النیجر
إقرأ أيضاً:
عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع
ترددت عبارة خلال إدارة دونالد ترامب الأولى هي بمقام نصيحة مفادها أن كلام ترامب ينبغي أن يؤخذ «على محمل الجد، لكن ليس بحرفيته». وكان هذا التعبير ذو الضرر الفريد قد تردد على ألسنة نطاق عريض من الساسة ووسائل الإعلام. وكان تبنّيه يتواءم مع الموقف الذي ارتاح إليه الكثيرون، وهو أن ترامب شخص سيئ لكنه ليس بالشخص الذكي، فهو لا يعني ما يقول. ولا يتكلم انطلاقًا من حسابات وتعمُّد. وهو قد يجهر ويصرح، لكنه نادرا ما يتبع أقواله بأفعال. وهو في جوهره سلاح أخرق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمةً، ولكن ذلك في الغالب يكون عن طريق الصدفة.
ولا تزال بقية من هذا النهج قائمة بيننا، حتى في التحليل الذي يصف أوامر ترامب التنفيذية الأولى بأنها حملة «صدمة ورعب»، فكأنها محض إرسال إشارات وليست تنفيذا لسياسات. أو في القول بأن خطته لغزة يجب أن تؤخذ -إذا أحسنتم التخمين- مأخذ الجد لكن ليس بشكل حرفي. وحينما قيل ذلك للسيناتور الديمقراطي آندي كيم فقد صبره وقال لمجلة بوليتيكو «إنني أفهم أن هناك من ينكبون على محاولة التخفيف من بعض تداعيات هذه التصريحات» لكن ترامب هو «القائد الأعلى لأقوى جيش في العالم.. فإذا لم أستطع أن أفهم أن كلمات رئيس الولايات المتحدة تعني شيئًا فعليًا، بدلًا من أن ينبغي عليّ أن أكون عرافًا لكي أفسرها، فأنا بالفعل لا أعرف كيف يمكن أن يكون الحال حينما يتعلق الأمر بأمننا الوطني».
يكمن جزء من المشكلة في أن الناس يعزفون عن افتراض أي قدر من التماسك في ترامب. في حين أن عقيدة ترامبية قد بدأت في الظهور، وهي تظهر في السياسة الخارجية بشكل أكثر حدة. ولها سمات واضحة وملامح وما يشبه نظرية موحدة للصراع. وهي ابتداءً قائمة على الصفقات، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرب تلعب الولايات المتحدة دورًا فيها. وليس فيها ما له علاقة بالتاريخ أو بأي إحساس موضوعي بالصواب والخطأ. فالتاريخ يبدأ بترامب، ودور ترامب هو إنهاء الأمور، والمثالي هو أن ينهي الأمور ضامنا للولايات المتحدة بعض المكافآت.
والجانب الإيجابي في هذا هو السمة الثانية لعقيدة ترامب: أي التمويل، أو اختزال السياسة في التكاليف، وفي حجم العائد وكيفية تعظيمه. يرى ترامب أن الصراعات والمساعدات المالية لم تثمر للولايات المتحدة أي شيء ملموس. فمن حرب غزة، يمكن الخروج بصفقة عقارات. وفي أوكرانيا، ثمة اقتراح بأربعة أمثال قيمة المساعدات الأمريكية حتى الآن في شكل معادن، وذلك أشبه بشركة متعثرة يحاول مدير استثمارات جديد أن يستعيد لها الأموال التي بددها أسلافه.
والسمة الثالثة هي التخلص من أي مفاهيم تتعلق بـ«القوة الناعمة»، فهذه تعد مكلفة، وفوائدها مشكوك فيها، ومجردة غير قابلة للقياس. بل إن القوة الناعمة قد تكون خرافة محضة، وخيالا طربت له الأنظمة الساذجة السابقة، واستشعرت من جرائه بعض السيطرة، في حين كانت أنظمة أخرى تتغذى على موارد الولايات المتحدة. ففي غزة أو أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة تؤدي حركات العمل دونما تحقيق فتح حاسم. فحيثما يرى الآخرون قوة ناعمة، يرى ترامب مستنقعات.
قد تتغير ملامح هذا النهج، وقد تكون قصيرة النظر وضارة بأمن الولايات المتحدة. وقد لا يكون مصدر هذه الملامح بالكامل هو ترامب نفسه، وإنما تقاطع للخيوط السياسية المختلفة في تركيبة المصالح الداعمة والناصحة له. ونظرًا لمرور هذه العقيدة من خلال ترامب، فإنها تتخذ السمات المميزة لشخصيته، من التفكك، والنرجسية، والجهل. ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين أي من هذا وبين الافتقار إلى الاتساق الأساسي والعزم على المتابعة.
يفضي هذا بزعماء آخرين، وخاصة في أوروبا، إلى أن يجدوا أنفسهم حيث تنطمس ترتيباتهم وتفاهماتهم التاريخية فيما يتعلق بالاتفاق مع الولايات المتحدة. فقد أصبحت الدول الأوروبية الآن محض دول صغيرة بوسعها إما أن تتخلى عن مفاهيمها المهدرة حول أهمية رفض فلاديمير بوتن، والانضمام من ثم إلى ترامب في إنهاء الحرب بشروطه، أو أن تتولى الأمر بأنفسها عندما تسحب الولايات المتحدة دعمها.
أما الغضب ولغة «الاسترضاء» و«الاستسلام» فتبدو قراءة خاطئة لما يحدث، وصدى من زمان كان متفقًا فيه بشكل مطلق على أنه لا بد من مواجهة الأعداء العدوانيين لأن أي شيء آخر عدا ذلك لا يكون إلا هزيمة أخلاقية وعلامة ضعف. لكن ترامب يعمل وفق نظام قيم مختلف، لا تنطبق فيه هذه المفاهيم، أو أن لها فيه معاني أخرى.
وفي حين يغلي الأوروبيون، يجري العمل على خطة ترامب الخاصة بأوكرانيا، وليس ذلك في واشنطن بعيدا عن أوروبا، ولكن في الشرق الأوسط، حيث مراكز جديدة للقوة الوسيطة طالما نزعت إلى حس الصفقات.
وهذه المراكز الجديدة تمر هي الأخرى بإعادة تعريف لعلاقاتها بالولايات المتحدة، وليست لديها أي أوهام بشأن العالم الناشئ. فقد التقى سيرجي لافروف بماركو روبيو في الرياض، وسافر فولوديمير زيلينسكي إلى المنطقة استعدادا لمحادثات السلام التي توسطت فيها دول خليجية في أبو ظبي. ويبدو أن الذين كانت علاقاتهم بالولايات المتحدة متوترة، وتتعلق بالمصلحة الذاتية المتبادلة لا بالقيم المشتركة، وكان عليهم دائما أن يدبروا أمورهم مع الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، قد باتوا الآن في وضع أفضل، فهم غير مضطرين للتجمد في رعب أخلاقي.
أما الآخرون، من الأصدقاء والأقارب المقربين ومن يشتركون مع الولايات المتحدة في القيم والالتزامات الأمنية، فإن تغيير النظام يمثل لهم دواء مريرًا يصعب ابتلاعه. ومن المرجح ألا يوجد إقناع أو تفاوض أو أمل في «جسر عابر للأطلسي»، بحسب الوصف الذي وُصف به كير ستارمر باعتبار أنه شخصية يمكن أن تكون وسيطا بين الولايات المتحدة وأوروبا لمنع القطيعة. فهل يحتمل أن يستطيع ستارمر مخاطبة نرجسية ترامب؟ أو «يسلك نهجا دبلوماسيا»، أو يقنع ترامب بأن الاستسلام لبوتن يجعله يبدو ضعيفًا؟ كل هذا يفترض في ترامب قدرًا من الاندفاع يمكن كبح جماحه (على يد رئيس وزراء غير معروف بشخصيته الساحرة)، وأن يتبنى ترامب أيضًا مفاهيم مماثلة عن «حكم التاريخ» أو«الضعف». والحق أنه ما من أرضية مشتركة، حتى لو صغرت حجما.
ثمة خياران الآن أمام السابقين من أصدقاء الولايات المتحدة المقربين وشركائها الأمنيين: التخلي عن كل شيء، والتخلي عن مفاهيم التضامن الأوروبي، وتسريع نهاية نظام ما بعد الحرب، والتصالح مع ضعف الدفاع والتبعية السياسية، أو الشروع في رسم ضخم لخريطة القوة. ويقتضي هذا اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة تنسيقًا وثيقًا على المستوى السياسي والبيروقراطي والعسكري إما للحلول محل الولايات المتحدة، أو على الأقل لإثبات أن هناك كتلة لديها بعض القوة والقدرة والمرونة - وتحدي ترامب باللغة الوحيدة التي يفهمها.
من المغري أن نتصور أن ترامب لا يقصد ما يقول، أو أنه لا بد من تدبر الأمر معه وإقناعه بأن كل ما يكمن وراء أفعاله هو التهور. أو أن هناك طريقة للتوفيق بين ما أصبح الآن في جوهره مفهومين متعارضين للنظام العالمي. فمن الذي يريد أن يستيقظ كل يوم ليفكر في أن العالم كما يعرفه قد انتهى؟ لكن هذا هو الحال. وكلما أسرع القادة السياسيون في تقبل حقيقة أن الطرق المفضية إلى النهج القديم باتت مغلقة، ازدادت احتمالات ألا يتم تشكيل العالم الجديد بالكامل وفقًا لشروط ترامب.