رأى الصحافي المتخصص في شؤون آسيا المالية والاقتصادية أنتوني رولي أن دول بريكس – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا – منشغلة ببناء تكتل أكبر الآن، ويبدو أن حجمه سينمو، ربما بشكل كبير. لكن الأهمية الكبرى ليست للحجم، بمقدار المجالات المتنوعة التي ينشر فيها أعضاء بريكس تأثيرهم.


وكتب رولي في صحيفة "ساوث شاينا مورنينغ بوست" أن البعض يرى الكتلة تبني نفوذاً أكبر في إصلاح النظام الاقتصادي والمالي الدولي، وفي تأمين صوت وتصويت أكبر للدول النامية في صندوق النقد الدولي.

وقد أطلقت بالفعل بنك التنمية الجديد، كما يعمل الأعضاء على الترويج لترتيبات جديدة للعملات والاحتياطات. أكثر من 40 دولة تقدمت بطلب رسمي أو أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى بريكس، وفق أكبر دبلوماسي في جنوب إفريقيا مسؤول عن العلاقات مع الكتلة، وتشمل هذه الدول المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وإيران والأرجنتين وإندونيسيا.


لن يكون مركز الاهتمام


عندما ولدت كمجموعة "بريك"، بدون جنوب إفريقيا، عام 2009، بدت بريكس شديدة التنوع اقتصادياً ومبعثرة جغرافياً لتكون فعالة. مع ذلك، يبدو أن هذا التنوع بالذات هو الذي وجهها نحو منظور عالمي أكثر من ذاك الذي أظهرته التجمعات الإقليمية الأخرى. يتجاهل المعلقون مثل هذه الحقائق إلى حد كبير في الفترة التي تسبق قمة بريكس السنوية الخامسة عشرة، والمقرر عقدها في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا في وقت لاحق من هذا الشهر.

 

"Brics challenge to the established economic order is no joke" https://t.co/M5HbW5y6lw via @scmpnews

— The Young Pretender ???? #SilverSqueeze (@Dioclet54046121) August 12, 2023


إنهم أكثر اهتماماً بقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم حضور قمة بريكس شخصياً. مع ذلك، من غير المرجح أن تكون تصرفات بوتين، من ضمنها الحرب في أوكرانيا، هي التي تحتل الصدارة في القمة، إنما بالأحرى كيف تنظر الدول المهتمة بالانضمام إلى بريكس إلى الإجراءات التي سيتخذها هناك الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
حسب رولي، إن أحد الأسباب التي تجعل العديد من الاقتصادات الناشئة تفكر في الانضمام إلى بريكس الآن هو أنها سئمت من التودد إليها أو إجبارها على الانحياز إلى أي طرف في الانقسام بين الولايات المتحدة والصين، وفي المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، تعد بريكس قطباً طبيعياً من الجذب، لأن تركيزها الرئيسي ينصب على تعزيز التعددية والحوكمة العالمية، ليس أقلها في مجالات الاقتصاد والتمويل.


ماذا عن التنافس الهندي الصيني؟


يرى البعض أن هذه المبادئ في خطر الآن، بسبب التنافس الملحوظ بين الصين والهند، بالتحديد في الوقت الذي تحتل الجاذبية المحتملة للكتلة كقوة موازنة في الشؤون العالمية أعلى مستوياتها على الإطلاق. يعتقد الزميل البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي هانغ تران أن بريكس "يمكن أن تتطور لتصبح نظيراً لمجموعة السبع في الشؤون العالمية، مما ينتج تأثيراً عميقاً على العلاقات الدولية"، يعتمد ذلك على ما إذا كان نهج الصين أو الهند هو السائد.

 

Opinion | Brics challenge to the established economic order is no joke | South China Morning Posthttps://t.co/HBsnFh3pTK

— TifaniesweTs (@TifaniesweTs) August 12, 2023


يقول تران إن الهند "حاولت مقاومة جهود الصين لتحويل مجموعة بريكس إلى منظمة داعمة لأجندة الصين الجيوسياسية، مثل الترويج لمبادرة الحزام والطريق في بكين، ومبادرة التنمية العالمية الخاصة بها، والخطاب الصريح المناهض للولايات المتحدة".
ويجادل تران بأن نيودلهي حاولت بدلاً من ذلك تركيز اهتمام المجموعة على "مشاريع التعاون الاقتصادي والمالي بين بلدان الجنوب، ومبادرات تقليل الاعتماد العالمي على النظام المالي الدولي ونظام الدفع الدولي القائمين على الدولار الأمريكي، وإصلاحات المؤسسات المالية الدولية، من أجل منح البلدان النامية صوتاً أكبر وتمثيلاً أكبر".


هل التوصيف دقيق؟


قد يكون هذا توصيفاً دقيقاً للوضع الصيني-الهندي داخل بريكس، أو قد لا يكون كذلك، لكنه لا يتوافق تماماً مع نبرة قمة 2022 التي أظهرت فيها الصين دعماً قوياً لدفع الكتلة إلى تعزيز إصلاحات النظام الاقتصادي والمالي العالمي. وهكذا فعلت البرازيل، التي تم انتخاب رئيستها السابقة ديلما روسيف رئيسة لبنك التنمية الجديد في مارس (آذار) من هذه السنة، وهو تطور من المرجح أن يرفع مكانة المؤسسة التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها ويجلب أعضاء جدداً إليها. وتأسست بريكس لحشد الموارد من أجل "مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية"، والتي مولت 98 مشروعاً بقيمة نحو 33.2 مليار دولار أمريكي.


هدف مشترك


وأكدت روسيف أن بنك التنمية الجديد سيهدف إلى توفير 30 في المئة من تمويله من العملات المحلية للدول الأعضاء، وهو ما يتوافق مع هدف تقليل الاعتماد على الدولار الذي تشترك فيه كل من الصين والهند. حسب رولي، يجب أن يوفر حضور روسيف قمة بريكس اهتماماً مركزاً يمكن للدول المؤسسة في المجموعة أن تتحد حوله، من خلال التأكيد على أولوياتها المتعددة الأطراف.
في 2015، سنة تأسيس بنك التنمية الجديد، أطلقت الكتلة ترتيباً احتياطياً طارئاً بقيمة 100 مليار دولار أمريكي لتقديم الدعم للأعضاء في حال مواجهة ميزان مدفوعاتها للمشاكل، مما قد يوفر لأعضاء بريكس مصدر تمويل بديل لصندوق النقد الدولي. حتى في 2010، أطلق التجمع آلية تعاون بين البنوك لتسهيل الدفع عبر الحدود والتسويات بين البنوك في البلدان الأعضاء بالعملات المحلية، كما يتم استكشاف ربط أنظمة الدفع الوطنية من قبل بعض الدول الأعضاء.


في عشرين عاماً.. تغير الكثير


في هذه النواحي وغيرها، بما فيها إطلاق بعض أعضائها عملات رقمية لبنوكها المركزية، تختلف بريكس عن اتفاقيات تجارية واستثمارية إقليمية ينتمي إليها بعض أعضائها بشكل فردي، مثل اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، والشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
ظهرت فكرة بريكس في 2001، عندما اقترح جيم أونيل من غولدمان ساكس الاختصار لوصف أربعة أسواق ناشئة رئيسية لم يتم أخذها على محمل الجد في ذلك الوقت. الآن هي تمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولا يمكن لأحد الآن أن يستبعد تحديها للنظام الاقتصادي القائم.




المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بريكس التنمیة الجدید

إقرأ أيضاً:

البنك الدولي: تحرير الطلب المحلي مفتاح لإحياء زخم النمو في الصين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفاد أحدث تقرير اقتصادي صادر عن البنك الدولي بأنه على الرغم من التحديات المتعددة، ظل النمو الاقتصادي في الصين قويًا عند 4.8 بالمئة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2024، إلا أن النمو تباطأ منذ الربع الثاني من العام، مثقلًا بالطلب المحلي الضعيف والتباطؤ المطول في قطاع العقارات.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة قدمت حوافز سياسية تهدف إلى موازنة الدعم قصير الأجل للطلب المحلي مع أهداف الاستقرار المالي الأطول أجلًا. ولإكمال تلك التدابير، يقترح التحديث، الذي يحمل عنوان "إحياء الطلب واستعادة الزخم"، إجراء إصلاحات هيكلية لإحياء النمو.

وحسبما أوضح التقرير، من المتوقع أن يبلغ نمو الصين 4.9 بالمئة في عام 2024 و4.5 بالمئة في عام 2025. وفي حين أنه من المتوقع أن تقدم تدابير تخفيف السياسات الأخيرة دعمًا معتدلًا، إلا أن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، سوف يواصل تأثيره على النمو في عام 2025.

وتشمل القيود الهيكلية التي تعوق النمو انخفاض الاستهلاك، وارتفاع مستويات الديون بين مطوري العقارات والحكومات المحلية، وشيخوخة السكان.

وقالت مارا وارويك، مديرة البنك الدولي في الصين ومنغوليا وكوريا إنه من المهم تحقيق التوازن بين الدعم قصير الأجل للنمو والإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، بجانب معالجة التحديات في قطاع العقارات، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وتحسين مالية الحكومات المحلية، التي ستكون ضرورية لإطلاق العنان للتعافي المستدام، وسيكون التواصل الواضح بشأن تدابير السياسة المحددة أمرًا حاسمًا لتعزيز ثقة الأسواق والأسر.

ويواجه اقتصاد الصين مخاطر محلية وخارجية، فعلى الصعيد المحلي، قد يؤدي التباطؤ الأكثر استمرارًا في قطاع العقارات إلى إضعاف الاستثمار وإيرادات الحكومات المحلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن المزيد من إضعاف ظروف سوق العمل بسبب انخفاض ربحية الشركات وتقليص التوظيف من شأنه أن يقلل من الاستهلاك.

وعلى الصعيد العالمي، تشكل حالة من عدم اليقين المتزايدة حول التجارة مخاطر على صادرات الصين، بينما على الجانب الإيجابي، فإن الإنفاق المالي الأعلى المتوقع والإجراءات السياسية الأكثر حسمًا لتحقيق الاستقرار في قطاع العقارات، بعد توجيهات صناع السياسات، من شأنهم أن ترفع توقعات النمو فوق التوقعات الأساسية الحالية.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي: تحرير الطلب المحلي مفتاح لإحياء زخم النمو في الصين
  • أسعار النفط تصعد بدعم من آمال التحفيز الاقتصادي في الصين
  • البنك الدولي يرفع توقعاته للنمو في الصين
  • الصين تعتزم بناء أكبر سد للطاقة الكهرومائية في العالم
  • الصين تتجه لبناء أكبر سد في العالم للطاقة الكهرومائية في هضبة التبت
  • الصين تعتزم بناء أكبر سد في العالم للطاقة الكهرومائية
  • تفاصيل مثيرة.. إحباط تهريب مئات القطع الأثرية التي انتشلت من خليج أبو قير (شاهد)
  • رئيس الوزراء: التغيرات العالمية تمثل تحديا أمام وضع خطط طويلة الأجل
  • الصين: أهمية بريكس تتصاعد كأداة للتعاون العالمي
  • تركيا تتعهّد بحل أحد أكبر الأزمات التي تؤرّق السوريين