عززت معركة "طوفان الأقصى" العمل المقاوم في الضفة الغربية، والذي بدأ بالتصاعد تدريجيا منذ عدة سنوات، كما عادت إلى الواجهة مجددا العمليات الاستشهادية في الداخل الفلسطيني المحتل.

في أيار/ مايو 2021 كانت معركة "سيف القدس" بمثابة إعلان رسمي بعودة مجموعات المقاومة إلى الضفة الغربية بعد انتهاء الانتفاضة الثانية، إلا أن معركة "طوفان الأقصى" عملت على تثبيت حالة المقاومة في عموم الضفة الغربية، لا سيما في مخيمات طولكرم وجنين.



وفي غضون عام من "سيف القدس"، بدأت تتشكل بالفعل مجموعات مقاومة منظمة في مناطق، بينها جنين ومخيمها (كتيبة جنين)، ونابلس (عرين الأسود)، ومخيم بلاطة (كتيبة بلاطة)، وطوباس، وغيرها.

ظلت مجموعات المقاومة في الضفة تعمل بوتيرة متوسطة حتى معركة "طوفان الأقصى"، والتي أشعلت شرارة العمليات المكثفة، مع تطور ملحوظ في التسليح، وأساليب القتال لدى المقاومين الذين أوقعوا قوات الاحتلال في كمائن، وفجروا آليات وأوقعوا خسائر فادحة في صفوف الإسرائيليين.

وبعد العدوان على غزة، شهدت مناطق أخرى في الضفة نشاطا للعمل المقاوم، لا سيما في قلقيلية، وطوباس ومخيم "الفارعة" في طوباس، إضافة إلى نشاط غير متوقف في مخيم عقبة جبر بمحافظة أريحا، وعمليات فردية في مختلف مناطق الضفة الغربية.

العمليات الاستشهادية
أعلنت كتائب "القسام" صيف العام الحالي رسميا عودة العمليات الاستشهادية بعد توقف دام عقدين من الزمن.

وكان الاستشهادي الأول في "طوفان الأقصى" هو جعفر منى من مدينة نابلس، والذي انفجرت عبوته الناسفة التي كان يضعها في حقيبة يرتديها، قبيل تنفيذه عملية وسط تل أبيب.

وبعد عملية منى، نفذ مقاومان عملية مزدوجة بتفجير سيارتين مفخختين عند مفرق مستوطنة “غوش عتصيون” شمال الخليل، أعقبه هجوم على مدخل مستوطنة “كرمي تسور” القريبة، واعترف الاحتلال أيضًا بـ 3 إصابات، في العملية التي نفذها الاستشهاديان محمد مرقة وزهدي أبو عفيفية.

فيما تنامت ظاهرة العمليات الفدائية أو ما يعرف بظاهرة "الذئاب المنفردة"، وبرز مؤخرا العملية القوية التي نفذها شابان من الخليل، هما محمد مسك (استشهد)، وأحمد الهيموني (أصيب وتم أسره)، بإطلاق النار في محطة قطارات بتل أبيب، ما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 16 من المستوطنين، وتبنتها كتائب "القسام" أيضا.
مشاهد جديدة من عملية إطلاق النار في تل أبيب مساء الثلاثاء والتي أدت الى مقتل 7 اسرائيليين وإصابة 16 آخرين. وعي أكبر هجوم من نوعه منذ انتفاضة الأقصى.

شاهد???????? على #عربي21 pic.twitter.com/CCcZqGluGZ — عربي21 (@Arabi21News) October 1, 2024

وبحسب مركز معلومات فلسطين (معطى)، فإن عام "الطوفان" في الضفة شهد مقتل 50 جندي ومستوطن إسرائيلي في الضفة المحتلة وإصابة 377 أخرين في العمليات الفردية والاشتباكات أثناء اقتحام الاحتلال مدن والمخيمات.

وأضاف المركز أن مقاومي الضفة الغربية نفذوا 2923 عملية نوعية، تنقسم إلى 1797 عملية إطلاق نار، و856 تفجير عبوة ناسفة، و147 عملية إعطاب وتدمير لآليات الاحتلال، و40 عملية طعن، و40 عملية إحراق للمستوطنات والأبراج العسكرية، و23 عملية دهس، و13 عملية إسقاط طائرات الاحتلال المسيرة، وسيارتين مفخختين، وعملية استشهادية.

وبرغم الكلفة العالية لتصاعد عمليات الضفة، وتسجيل 742 شهيدا خلال عام من "الطوفان"، إضافة إلى آلاف الجرحى، إلا أن العمل المقاوم لا يزال مستمرا بشكل يومي دون توقف.


رد على مليشيات بن غفير
لم تكن معركة "طوفان الأقصى" الدافع الوحيد لزيادة التحام الضفة الغربية بالمعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وهجمات المستوطنين على الأهالي بدفع من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، تصاعدت تزامنا مع العدوان على قطاع غزة.

ووضعت "مليشيات بن غفير" كما يُطلق عليها نصب أعينها استهداف أهالي الضفة الغربية، لا سيما قرى نابلس والقدس المحتلة، بدءا من الاعتداءات اليومية بالحجارة وإطلاق النار، وإحراق المحاصيل الزراعية والمنازل، وصولا إلى تهديدهم بشكل مباشر بالعمل على تهجيرهم وطردهم نحو الأردن.

هجمات المستوطنين المدفوعة بتحريض من بن غفير ووزير المالية بتسئيل سموتريتش، حثّت فصائل المقاومة في الضفة الغربية على تطوير العمل المقاوم، والتمسك بالأرض، ورفض أي مشاريع تهجير جديدة.

وجنّد بن غفير مليشيا حقيقية في الضفة الغربية بعد العدوان على غزة، وظهر في مقاطع فيديو وهو يوزع الأسلحة على نحو 600 مستوطن متطرف من أتباعه. وقال "تم بالفعل توزيع نحو ألفي قطعة سلاح على عشرات المستوطنات في المناطق الشمالية والساحلية، وسيتم توزيع المزيد من الأسلحة على كافة المستوطنات".
#شاهد | الوزير الإسرائيلي بن غفير يوزّع الأسلحة على المستوطنين في الضفة الغربية#عربي21 pic.twitter.com/p4OC4OANqr — عربي21 (@Arabi21News) September 10, 2024
طولكرم وجنين
نسبة الشهداء الأكبر في الضفة الغربية خلال عام من "الطوفان" كانت في مخيمي نور شمس وطولكرم بمحافظة طولكرم، ومخيم جنين، واللذين سطّر المقاومين فيهم خلال شهور اسمهما في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعشرات العمليات التي أدت إلى مقتل وإصابة المئات من جنود الاحتلال.

ولم يتمكن جيش الاحتلال من الوصول إلى قادة المقاومة في الضفة الغربية سوى عبر الغارات الوحشية التي أدت إلى استشهاد العديد منهم.

خلال عام من الطوفان، نفذ جيش الاحتلال عدة عمليات توغل داخل هذه المخيمات، وقام بتجريف البنية التحتية فيها، ونفذ غارات جوية آخرها كانت المجزرة في مخيم طولكرم والتي أدت إلى استشهاد 18 شخصا بينهم عائلة كاملة قبل أيام.

قتل جيش الاحتلال قادة المقاومة في طولكرم وجنين، وطوباس وغيرها، والذين ينتمون إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها "القسام" و"سرايا القدس" و"شهداء الأقصى"، إلا أن الحالة التي خُلقت في المخيمات جعلت من الصعب على جيش الاحتلال القضاء على "النفس المقاوم".

واللافت أن عناصر المقاومة في طولكرم يشاركون بشكل مستمر في عمليات داخل جنين ومخيمها رفقة "كتيبة جنين"، والعكس يحدث أيضا بمشاركة مقاتلي جنين في صد اقتحامات طولكرم، وهي حالة تنطبق أيضا على مقاتلي مجموعات في مخيم بلاطة بنابلس، وفي مناطق أخرى.

وأطلقت "كتيبة طولكرم" شعار "لن نترك السلاح.. حاضرون في كل ساح"، للتأكيد على تمسكها بالمقاومة داخل وخارج طولكرم.
سـ.ــرايا القدس تنشر : جنين.. طولكرم.. نابلس.. طوباس..في كل زاوية كمين.. وكتيبة ومجاهدين#عربي21 pic.twitter.com/pBkyJsleiG — عربي21 (@Arabi21News) September 5, 2024



استشهاد عشرات القادة
وبحسب ما رصدت "عربي21" فإن عشرات القادة البارزين في المقاومة استشهدوا جراء العدوان على الضفة الغربية.

وقتل جيش الاحتلال نحو 40 قياديا ينتمون إلى "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، وشهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة "فتح".

وقاد هؤلاء الشبان كتائب محلية، ونسقوا فيما بينهم لينجحوا في قتل وإصابة عشرات جنود وضباط الاحتلال.

شهداء القسام
ونعت كتائب "القسام" منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، مجموعة من قياداتها في الضفة الغربية، كان آخرهم القائد القسامي في طولكرم زاهي عوفي، كما استشهد قبل أسابيع القياديين رأفت دواسي، وأحمد أبو عرة، اللذان ارتقيا بغارة على مدينة جنين، إضافة إلى القيادي البارز وسام خازم.
كتائب القسـ ـام تنعي الشهـ ـيد القائد القسـ ـامي وسام أيمن خازم من مخيم #جنين والشهـ ـيد محمد توفيق عوفي من #طولكرم_سنتر

وذكرت أن مقاتـ ـلوها في جنين وطولكرم و #طوباس تمكنوا من إيقاع العدو في كمائن وتكبيده خسائر فادحة خلال عدوانه pic.twitter.com/zcJMj0bkyV — عربي21 (@Arabi21News) August 30, 2024

وشارك الشهيدان في تفجير عربة "النمر" المدرعة في جنين قبل شهور، وأيضا شاركا في الكمين الثلاثي المركب قرب قرية المطلبة الشهر الماضي، وفي عملية الأغوار قبل أيام.

وفي مطلع تموز/ يوليو الماضي، استشهد القائد القسامي ياسين العريدي برفقة مقاومين آخرين في قصف إسرائيلي على مدينة جنين.

وفي ذات التوقيت، استشهد القائد القسامي الآخر  أحمد رشاد أبو الهيجاء "أبو دجانة"، بعد اشتباك عنيف مع قوات الاحتلال في جنين. وكان مخيم جنين قدم مطلع العام الحالي القيادي القسامي محمد وليد جلامنة.

وفي محافظة طولكرم، ومخيم "نور شمس"، وبلدة دير الغصون، قدمت كتائب القسام منذ العدوان على غزة، مجموعة من أبرز قيادييها، بينهم عز الدين عواد بقصف إسرائيلي، كما أنه استشهد أبرز قياديي كتيبة "طولكرم" أشرف نافع "ازكيهم"، وتبعه قبل أيام القائد طارق داوود بعملية اغتيال.
"في سيبيل الله قمنا، نبتغي رفع اللواء"، هذا الفيديو كان قبل عام تقريبًا بعد انتهاء اقتحام مخيم طولكرم، نشتاق لهذه الأيام والله والحاضنة ملتفة حوّل شبابنا.

الشهيد عز الدين عواد"الي بهتف"، والشهداء جهاد شحادة وأحمد سليط وعبد بديرات ورامي الشوملي وعدي الزيات ازكيهم نافع. pic.twitter.com/hPfG90GvzY — fares (@faresspal) September 12, 2024
وقبل شهور، استشهد القائد القسامي هيثم بليدي، وهو أسير محرر أمضى سنوات طويلة في سجون الاحتلال.

شهداء السرايا
بدورها، قدمت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" عشرات الشهداء خلال الشهور الأخيرة في الضفة الغربية، كان آخرهم محمد شجاع "أبو شجاع"، قائد كتيبة طولكرم.
رغم صغر سنه وجسده النحيل فإنه استطاع أن يشغل أجهزة الاحـــ ــتلال التي طاردته لسنوات.. من هو أبو شجاع الذي ارتقى شــــ ــهيدا بعد اشتباكات عنيفة؟ pic.twitter.com/HvnGh2VISk — عربي21 (@Arabi21News) August 30, 2024
وبعد أيام فقط من العدوان على غزة، ارتقى أيسر العامر، أحد أبرز قادة "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" في الضفة الغربية، بعد اشتباك عنيف مع قوات الاحتلال.

واستشهد في طولكرم ومخيميها، عدد من قادة "سرايا القدس" في مقدمتهم سعيد الجابر، مؤسس كتيبة "نور شمس"، وعبد الجبار الصباغ أحد مؤسسي كتيبة طولكرم.

وفي مخيم بلاطة بمدينة نابلس، قدمت "سرايا القدس" عددا من قياداتها بينهم رسمي فايز عرفات، كما أنه استشهد مطلع الشهر الحالي الشيخ  ربيع العنبوسي، أحد قادة "كتيبة طوباس" في سرايا القدس، والذي ارتقى أثناء إعداده وتجهيزه كمينا لقوات الاحتلال عند مستوطنة البقيعة.

"شهداء الأقصى"
كتائب "شهداء الأقصى" الجناح العسكري  لحركة "فتح"، قدمت خلال العدوان على غزة، عشرات الشهداء في الضفة الغربية، وعددا من قياداتها.

في آذار/ مارس 2023، استشهد القائد العسكري البارز أمير أبو خديجة، القائد في كتيبة طولكرم، ومؤسس "مجموعة الرد السريع".

واستشهد الشهر الماضي القائد محمد عوض "أبو عبده"، برفقة القيادي القسامي أشرف نافع "أزكيهم" في طولكرم، وكان قد سبقه استشهاد القيادي الآخر في "شهدا الأقصى" رامي الشوملي، واستشهد في قلقيلية القيادي في "شهداء الأقصى" إيهاب أبو حامد، وفي مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس استشهد القيادي الآخر  آدم فراج، وفي بلاطة أيضا، استشهد القيادي البارز محمود زهد "الزوفي".

وكان قد استشهد بعد العدوان على غزة، مؤسس "كتيبة طولكرم" جهاد مهراج شحادة، أحد قيادات شهداء الأقصى.

واستشهد في طولكرم أيضا يوسف علي الخولي، وطارق شاهين، وعاهد رجب، وجميعهم قيادات ينتمون إلى "شهداء الأقصى" في طولكرم.

واستشهد خلال الشهور الماضية قيادات في كتيبة "جند الله" بطولكرم، ومن أبرزهما محمد العوفي "أبو سلطان"، وعدي الزيات.

الشهيد جهاد مهراج شحاده/ قائد كتائب شهداء الاقصى وحدة الرد السريع الذي تم اغتياله اليوم في طولكرم مع الشهيد القائد صاحب الرد السريع رائد الكرمي.. pic.twitter.com/nKpke353kV

— مُنية???? (@palmo_1999) November 6, 2023

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الضفة الفلسطيني طولكرم جنين غزة فلسطين غزة جنين الضفة طولكرم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملیات الاستشهادیة فی الضفة الغربیة العدوان على غزة الجناح العسکری القائد القسامی استشهد القائد کتیبة طولکرم جیش الاحتلال طوفان الأقصى شهداء الأقصى المقاومة فی سرایا القدس مخیم بلاطة فی طولکرم pic twitter com التی أدت بن غفیر فی مخیم عام من

إقرأ أيضاً:

تفاصيل وأهداف عملية السور الحديدي الإسرائيلية شمال الضفة الغربية

رغم مرارة المشهد وقساوته، ربما كان النزوح أهون على عبير بني عودة وأبنائها الأربعة من الحصار المطبق الذي يفرضه عليهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بمنزلهم في بلدة طمون قرب مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، حيث لا دخول ولا خروج وسط عمليات اقتحام للبيوت وتفتيشها والتنكيل بالمواطنين وإجراء تحقيقات ميدانية معهم.

ما تعيشه عبير لليوم الثالث على التوالي، تواجهه مدن ومخيمات شمال الضفة ولا سيما جنين وطولكرم منذ أسبوعين، حيث يشن الاحتلال عمليته العسكرية "السور الحديدي" التي استهدفت مخيمات جنين وطولكرم أولا وامتدت إلى محافظة طوباس، وخاصة طمون ومخيم الفارعة.

وعبر هذا التقرير، نجيب عن أسئلة حول العملية الإسرائيلية المستمرة والتي أصبحت تشكل تهديدا لحياة الفلسطينيين وجغرافيتهم أيضا.

انتشار جنود الاحتلال في بلدة طمون قرب مدينة طوباس شمال الضفة (الجزيرة) ما عملية السور الحديدي ومتى انطلقت؟

في 21 يناير/كانون الثاني، أطلق الاحتلال عمليته العسكرية "السور الحديدي" -كما سماها- في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة (أكثر من 20 ألف نسمة)، وتلتها عملية أخرى تحت المسمى ذاته في مخيم طولكرم (15 ألف نسمة) أيضا في 27 من الشهر نفسه.

كما اقتحم الاحتلال مناطق محافظة طوباس الجنوبية، مستهدفا على وجه التحديد بلدة طمون (17 ألف نسمة) ومخيم الفارعة (7 آلاف نسمة) في الثاني من فبراير/شباط الجاري.

إعلان

وإلى جانب مسميات عمليات الاحتلال العسكرية السابقة بالضفة على غرار "كاسر الأمواج" و"مخيمات صيفية" وغيرها، لا يوجد اقتباس توراتي لعملية "السور الحديدي"، غير أنها تعني التعامل بشدة وحزم أكثر مع الضفة الغربية والمناطق الشمالية تحديدا.

ماذا يريد الاحتلال من "السور الحديدي" خاصة أن أعدادا كبيرة من قواته تشارك بها؟

لم يعط الاحتلال هدفا واضحا ومحددا لعمليته العسكرية بالرغم من إعلانه أنها قد تستمر لأسابيع، وأن هناك مناطق لن ينسحب منها بسرعة، وأن القرار بيد المستوى السياسي كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

ويشارك في العملية قوات حرس الحدود ووحدات خاصة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، وتهدف إلى "استمرار الحفاظ على حرية حركة الجيش بكامل الضفة الغربية، وتدمير وتحييد بنى تحتية إرهابية وملاحقة القنابل الموقوتة"، حسب الصحيفة.

كيف تدحرجت العملية العسكرية لجيش الاحتلال في المناطق المستهدفة؟ وبماذا اتسمت؟

قبل أن يقتحم الاحتلال مخيم جنين بدقائق معدودة، أعلن داخل المخيم أن قوات خاصة إسرائيلية تسللت إلى أحد أحيائه وتم اكتشافها، بينما كان الاقتحام مباشرا لمدينة طولكرم ومخيمها، والحال ذاته في اقتحام مناطق محافظة طوباس.

حملت العملية طابعا عسكريا من بدايتها، حيث استُخدمت عشرات الآليات العسكرية المجهزة تقنيا بأحدث الأسلحة وأدوات المراقبة، وناقلات الجند مختلفة النوع والحجم وكان آخرها مدرعة "إيتان" الأكثر تحصينا والتي تستخدم لأول مرة بالضفة الغربية، والجرافات العسكرية "دي 9″ و"دي 10" المجنزرة وذوات العجلات.

ومن الجو، يساعد الطيران الحربي الإسرائيلي -ومعه طائرات درون مسيّرة- الجنود على الأرض ويمدهم بكل البيانات اللازمة ويرصد تحركات المقاومين ويقوم بقصفهم.

العملية العسكرية في طمون شلت الحركة الاقتصادية فيها ومنعت السكان من العمل في أراضيهم (الجزيرة) كيف تسير عملية "السور الحديدي" وإجراءاتها العسكرية على الأرض؟

في كل المواقع المستهدفة ينتشر مئات الجنود المدججين بشتى أنواع الأسلحة بين الأزقة والأحياء، ويطبقون الحصار الكامل على المكان، ويفرضون حظر التجوال ويمنعون دخول المواطنين وخروجهم، إلا بتنسيق مسبق قلما يسمح به الاحتلال، ومن ثم يقتحمون منازل المواطنين ويعيثون فيها فسادا عبر ما يمارسوه من سياسة "العقاب الجماعي وسط عنف غير مسبوق".

إعلان

وفضلا عن التنكيل بالمواطنين وترويعهم وممارسة الضغوط عليهم أثناء التحقيق الميداني معهم خلال احتجازهم داخل منازلهم وفي الأماكن التي يسوقهم إليها جماعيا، استخدمهم جيش الاحتلال كدروع بشرية وخاصة داخل المخيمات للوصول لأهدافه.

وبعد إخلاء السكان وطردهم خارج مناطقهم السكنية، حول الاحتلال منازلهم لثكنات عسكرية لجنوده واعتلى أسطح بنايات أخرى ونصب عليها قناصته.

وزامن عمليات جنوده بهدم البنى التحتية للمواقع التي يتوغل بها، فقطع الكهرباء والماء عنها، وشرع بتجريف واسع وكبير للشوارع، وقطع أواصر الأحياء عبر حواجز وسواتر ترابية أقامها، واستخدم سياسة الهدم "من منزل لآخر" لتسهيل تنقل الجنود بأمان أكثر.

كما منع الاحتلال الإمداد الطبي والغذائي للسكان، ومنع سيارات الإسعاف من التحرك إلا بتنسيق مسبق، وأعاق عمل طواقم إسعاف واعتدى عليهم، وحاصر المستشفيات ومنع تشييع الشهداء والموتى الذين تصل جثامينهم تباعا لثلاجاتها، وشوَّش على اتصالات المواطنين، وشل الحياة الاقتصادية بالكامل في المناطق التي توغل بها.

وهذا الشلل ظهر أكثر في بلدة طمون، حيث يعمل أكثر من ثلثي سكانها بالزراعة، وتعد البلدة سلة غذائية (زراعية وحيوانية) ومزودا لمناطق فلسطينية كثيرة، وهؤلاء ممنوعون من الوصول لمزارعهم وهو ما ينذر بعواقب وخيمة قد تطالهم ومنشآتهم إذا ما استمر الحصار.

نزوح 80% من أهالي مخيم طولكرم بعد تدمير بيوتهم (الجزيرة) عن ماذا أسفرت عملية السور الحديدي حتى اللحظة؟

قتلت إسرائيل منذ بداية العام الجاري 70 فلسطينيا بالضفة الغربية، بينهم 42 منذ بداية "السور الحديدي"، وهجرت آلاف المواطنين خارج مناطق سكناهم الذين نزحوا إلى الضواحي والقرى المحيطة والمدارس ومراكز الصحة والمساجد.

وفي بيان له نقله الاعلام الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، قال جيش الاحتلال إنه قتل 55 فلسطينيا واعتقل نحو 380 في الضفة خلال يناير/كانون الثاني الماضي والذي يتزامن مع إطلاق عمليته العسكرية "السور الحديدي".

إعلان كيف توزعت خريطة الأهداف ونتائجها على المناطق المستهدفة من العملية؟

في مخيم جنين قتل الاحتلال 26 فلسطينيا وجرح العشرات بينهم 70 إصابتهم حرجة. كما هجَّر 90% من سكان المخيم (نزوح 3420 عائلة من أصل 3490) بعد أن دمر حوالي 150 منزلا فيه عبر تفجير بعضها وحرق أخرى إضافة للهدم المباشر، وكان أخطرها قبل أيام بعد نسفه مربعا سكنيا بالمخيم طال أكثر من 20 مبنى دفعة واحدة في عملية لم تحدث منذ 2002.

وفي مدينة طولكرم ومخيميها (طولكرم ونور شمس) المنكوبة عبر أكثر من 60 اقتحاما خلال عامين، وهدم أكثر 500 منزل بشكل كلي وجزئي، واصل الاحتلال ومنذ بدء "السور الحديدي" -ضد مخيم طولكرم تحديدا- هدم عشرات المنازل وتفجيرها عبر وحدات هندسية خاصة، مجبرا 80% من سكان المخيم على النزوح خارجه.

وفي مخيم الفارعة، سُجلت عديد عمليات الاقتحام ونزوح السكان من منازلها، والحال ذاته في بلدة طمون التي نزحت منها أكثر من 15 عائلة بعد أن احتل الجنود منازلهم وحولوها لثكنات عسكرية، فيما فرضوا حصارا عسكريا على عشرات المنازل وأحياء بأكملها.

وتشير معطيات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن إسرائيل اعتقلت واحتجزت، منذ بدء عملية "السور الحديدي"، 115 فلسطينيا في جنين ومخيمها، وأكثر من 30 مواطنا في طوباس بينهم 28 في طمون وأفرجت عن بعضهم لاحقا. في حين نفذت بمدينة طولكرم ومخيمها نحو 35 حالة اعتقال، بينهم جرحى.

كيف يقرأ الفلسطينيون عملية "السور الحديدي" العسكرية سياسيا؟

يبدو من طبيعة خارطة "السور الحديدي" أن الاحتلال يحاول أن يخلق حيزا جغرافيا متواصلا لمناطق عملياته العسكرية بالضفة الغربية بهذا الشكل وفي هذه المرحلة.

كما أن استهداف شمال الضفة، كما يقول سليمان بشارات الكاتب والمحلل السياسي للجزيرة نت، يعد فاتحة لمرحلة جديدة تتمثل في تعزيز السيطرة الإسرائيلية وإعادة هيكلة المنطقة الجغرافية والديمغرافية لتسهيل أهداف الاحتلال الإستراتيجية المتمثلة في ضم أراضي الضفة، ومحاولة خلق واقع سياسي وأمني جديد يسهل عمليه تعزيز الاستيطان بشكل كبير جدا.

إعلان

وتؤكد "السور الحديدي" أنه لدى الاحتلال رؤية ومخطط ينفذه وأهداف سياسية أشمل بكثير من المنطلق الأمني والعسكري في هذه المرحلة.

كيف تسير العملية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي؟

أطلقت إسرائيل عمليتها لأهداف كثيرة، أولها الزرع في الخيال الإسرائيلي أنها متعلقة بمسألة الحرب، وبالتالي جعل المجتمع بحالة حرب وتأهب.

كما أنها -وإن كانت تقصد شمال الضفة الغربية الآن- إلا أن أهدافها أكبر نحو "عملية ترانسفير" داخلي، كما يقول ياسر مناع الباحث بالشأن الإسرائيلي للجزيرة نت.

وتسعى إسرائيل إلى إفراغ المخيمات والمدن والقرى المجاورة لها، وتعزيز فصل الضفة عن بعضها، وإعاقة إقامة أي كيان فلسطيني بشكل متواصل بما يخدم نظرة إسرائيلية مستقبلية للضفة من قبيل السيطرة على الأرض والضم وما شابه.

كما تريد إعادة تعريف السلطة الفلسطينية وظيفيا وجغرافيا، وتحديد وظيفتها بمناطق "أ" فقط، وهي إدارة السكان وتقديم الوظائف الأمنية لإسرائيل.

هل للعملية العسكرية "السور الحديدي" أمد زمني؟

تشير المعطيات على الأرض إلى أن الاحتلال ماضٍ في عمليته العسكرية في شمال الضفة الغربية، خاصة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبحث منذ الأيام الأولى للعملية توسيع نشاطها البري ليشمل جميع أنحاء الضفة، وهو ما يتزامن مع تصريحات لقادة في الجيش بأنه "لا يوجد سقف زمني لها"، وأنها "ستتوسع لتحقيق أهدافها وصولا إلى تفكيك كامل لقواعد الإرهاب".

وهو ما أكده هرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المستقيل بعد زيارته لمكان العملية الفدائية عند حاجز تياسير شرق مدينة طوباس التي أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وجرح 8 آخرين، حيث قال: "سنزيد العملية ونوسعها لمناطق أخرى جديدة"، في حين ذكرت القناة 11 الإسرائيلية أن العملية ستستمر حتى رمضان.

مقالات مشابهة

  • إعلام فلسطيني: سماع دوي انفجار في مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة
  • تفاصيل وأهداف عملية السور الحديدي الإسرائيلية شمال الضفة الغربية
  • حماس تنعى منفذ عملية حاجز تياسير وتدعو لمواصلة المقاومة بالضفة الغربية
  • حماس تزف منفذ عملية “تياسير” البطولية
  • عملية تياسير البطولية تكشف أن المزاج المقاوم في الضفة يتجه نحو التصعيد
  • المقاومة تتصدى لجرائم الاحتلال وتفجير المنازل في الضفة الغربية
  • مراقبون: عملية “تياسير” اختبار لفشل عملية “السور الحديدي”
  • التوتر يخيم على الضفة الغربية.. الاحتلال ينسف عشرات المنازل ‏في مخيم جنين
  • فصائل فلسطينية تعقب على عملية إطلاق النار في طوباس
  • “حماس”: عملية “حاجز تياسير” تأكيد على أن جرائم الاحتلال شمال الضفة لن تمر دون عقاب