أظهرت إسرائيل أن أهم رادعين لإيران، وهما صواريخها البالستية وميليشيا حزب الله المتحالفة معها، أقل قوة مما كان يعتقد سابقاً، وينصب الاهتمام حالياً على ما إذا كانت إيران ستسرع برنامجها النووي لردع أكبر عدو إقليمي لها.
تعطيل برنامجها النووي بالكامل من شأنه أن يفرض تحديات كبيرة
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن المسؤولين الإيرانيين إن طهران جمعت معظم المعرفة اللازمة لبناء سلاح، وأنها قد تعيد النظر في تعهد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي دام عقدين من الزمان بعدم شراء أسلحة الدمار الشامل.
في أواخر سبتمبر (أيلول)، اقترح رئيس الوكالة الذرية الإيرانية السابق، فريدون عباسي، أن طهران يمكن أن تبدأ في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 90% والصالح للاستخدام في الأسلحة.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن الأمر سيستغرق من إيران أقل من أسبوعين لتحويل مخزونها الحالي من الوقود النووي بنسبة 60% إلى مواد صالحة للاستخدام في الأسلحة.
قيد الاتفاق النووي لعام 2015 برنامج إيران مقابل تخفيف العقوبات، في السنوات التي تلت انسحاب الولايات المتحدة، تقدمت طهران بشكل كبير في برنامجها، مما جعلها على وشك أن تكون قادرة على تطوير سلاح نووي.
https://t.co/8zqoYq7cMF
— Carlos Franganillo (@cfranganillo) October 8, 2024وقال جريجوري برو، المحلل البارز في شؤون إيران والطاقة في شركة الاستشارات أوراسيا جروب: "إن إضعاف قدراتها في مواجهة إسرائيل سيجبر طهران على تطوير مصادر جديدة للردع، مما يزيد الضغوط على توسيع البرنامج النووي، ومن المرجح أن نشهد المزيد من الضغوط لدفع البرنامج إلى الأمام وتحذيرات من أنه قد لا يظل "سلمياً".
ولكن ما مدى قرب إيران من امتلاك سلاح نووي؟ورغم أن إيران تزعم بأن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية بحتة، فإن إيران هي القوة الوحيدة غير النووية التي تنتج اليورانيوم عالي التخصيب. ولديها حاليا ما يكفي من الوقود الذي يقترب من درجة الأسلحة لصنع ما يقرب من أربعة أسلحة نووية، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أجرت إيران تجارب على معدن اليورانيوم، وهو مكون رئيسي في السلاح النووي، وخفضت الكثير من الرقابة الدولية الممنوحة بموجب الاتفاق النووي.
لم يعد مسؤولو الاستخبارات الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية يقدمون ما كان في السابق ضمانات قياسية بأن طهران لا تعمل على برنامج أسلحة. وقال مسؤولون أمريكيون هذا الصيف إن طهران بدأت أنشطة لاكتساب المزيد من المعرفة اللازمة لبناء قنبلة، وسيكون من الصعب اكتشاف عمل إيران في مجال التسلح بسرعة. ويعتقد بعض الخبراء أن إيران يمكن أن تنتج جهازا نوويا بدائيا في غضون أشهر.
ولكن ماذا قد تفعل إسرائيل والولايات المتحدة رداً على ذلك؟ لقد اتخذت إسرائيل في الماضي إجراءات ضد البرنامج النووي الإيراني من خلال التخريب دون أن تؤدي إلى إعاقة جهود طهران في تخصيب اليورانيوم بشكل دائم. ومع ذلك فإن الاندفاع نحو امتلاك سلاح نووي ـ وهو ما تعهدت الولايات المتحدة بمنعه ـ من شأنه أن يحمل مخاطر هائلة بالنسبة لإيران.
Still, a dash for a nuclear weapon—which the U.S. has vowed to prevent—would carry huge risks for Iran. Israel has demonstrated deep intelligence penetration into Iran and its allies.
https://t.co/dnnBHEuEx0
وأظهرت إسرائيل اختراقاً استخباراتياً عميقاً لإيران وحلفائها من خلال هجماتها الأخيرة، بما في ذلك الهجوم الذي أسفر عن مقتل الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في دار ضيافة يديرها الجيش في طهران. وقد تختار إسرائيل ضرب المواقع النووية الإيرانية إذا سارعت طهران إلى تسريع عملها النووي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو صرح الأسبوع الماضي إن إيران "ارتكبت خطأً كبيراً" بهجومها الصاروخي وسوف تدفع ثمن ذلك. وفي خطاب منفصل ألقاه الأسبوع الماضي موجهاً إلى الشعب الإيراني، قال: "ليس هناك مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه".
وفي المقابل، هدد رئيس الوكالة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الأسبوع الماضي بأن القوات المسلحة في البلاد خلقت الردع اللازم ضد ما قال إنه تهديدات إسرائيلية ضد المنشآت النووية لبلاده.
اختارت إسرائيل حتى الآن عدم التصرف بمفردها في ضرب المنشآت النووية الإيرانية. وفي حين قالت إدارة بايدن إن الولايات المتحدة ستضمن أن تواجه إيران عواقب وخيمة لهجوم الأسبوع الماضي، لا توجد رغبة في واشنطن لحرب أوسع نطاقاً، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال أشخاص مطلعون على البرنامج النووي الإيراني إن الضربات الجوية الإسرائيلية ستلحق الضرر بمواقع التخصيب النووي الإيرانية، لكن تعطيل برنامجها النووي بالكامل من شأنه أن يفرض تحديات كبيرة.
ومن غير الواضح إلى أي مدى يمكن للضربات الإسرائيلية اختراق المنشآت الجديدة التي بنتها طهران في أعماق الأرض في نطنز أو موقع فوردو، الذي تم حفره في سفح الجبل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل عام على حرب غزة غزة وإسرائيل برنامجها النووی الأسبوع الماضی
إقرأ أيضاً:
هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟
منذ 7 أعوام، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غرفة الاستقبال الدبلوماسية في البيت الأبيض وألقى خطاباً قصيراً أعلن فيه نهاية ما اعتبره معظم العالم نجاحاً بارزاً في الدبلوماسية العالمية.
بدأ الرئيس الأمريكي بإعلان جهوده لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وانتهى بتوقيع مذكرة أعادت فرض عقوبات قاسية على طهران، ما شكّل بداية حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقها في عهده الأول.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه في غضون 12 دقيقة، دمر ترامب إنجاز السياسة الخارجية الأبرز لسلفه باراك أوباما، الاتفاق النووي في 2015 مع طهران، الذي فرض قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية وشاركت فيه أوروبا، وروسيا، والصين.
وقال ترامب حينها: "إذا لم نفعل شيئاً، فإننا نعلم بالضبط ما سيحدث في فترة قصيرة. الراعي الأول للإرهاب في العالم سيكون على وشك امتلاك أخطر الأسلحة في العالم".
الآن، ومع عودته إلى البيت الأبيض، يواجه ترامب تداعيات قراره في 2018. فقد انتقلت إيران من الامتثال للاتفاق إلى التصعيد النووي السريع، مما وضعها في مسار تصادمي مع الغرب يصل إلى ذروته هذا العام.
Is Iran on a collision course with the west? - The Big Read https://t.co/xAtjS1dZ52
— FT Opinion (@ftopinion) March 31, 2025 تصاعد التوتراتوتشمل المخاطر بحسب الصحيفة، اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط، وإذا شعرت إيران بتهديد وجودي، فقد تتجه إلى تسليح مخزونها المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب لتصبح الدولة العاشرة في العالم التي تمتلك أسلحة نووية.
تقول كيلسي دافنبورت، مديرة سياسات منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة: "هناك مجال للدبلوماسية، لكن كلا الجانبين يحتاجان إلى الإرادة السياسية والاستعجال لمواجهة هذه اللحظة. بدون ذلك، فإن التصعيد المتبادل سيخرج عن السيطرة هذا العام".
إسرائيل والدول الأوروبيةمن جهته، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عزز موقفه بعد توجيه ضربات مؤلمة لإيران وحلفائها خلال العام الماضي، إلى دفع الولايات المتحدة لدعم عمل عسكري ضد طهران.
أما الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، فقد كانت تعارض انسحاب ترامب منه وحاولت إنقاذه مع إدارة بايدن، لكنها أصبحت الآن أكثر تصادماً مع طهران بسبب توسعها النووي المستمر.
Trump says he's 'very angry' and 'pissed off' at Putin during an NBC News interviewhttps://t.co/FPkvB1I5Iw
— MSNBC (@MSNBC) March 30, 2025مع اقتراب 18 أكتوبر، حيث تنتهي بعض بنود الاتفاق النووي، تهدد الدول الأوروبية بتفعيل آلية "سناب باك" التي ستعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وإذا تم تنفيذ ذلك، فمن المرجح أن ترد طهران بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ما يزيد التوترات.
مستقبل التفاوضورغم تأكيد الاستخبارات الأمريكية أن إيران لا تنتج سلاحاً نووياً حالياً، فإنها تمتلك القدرة على إنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لصنع "ستة أسلحة أو أكثر في أقل من أسبوعين"، بحسب دافنبورت.
ويأمل البعض أن تجد إيران والولايات المتحدة طريقاً دبلوماسياً لتجنب أكبر أزمة انتشار نووي منذ أن أجرت كوريا الشمالية أول اختبار نووي لها قبل عقدين. لكن المشكلة أن ترامب زعيم غير متوقع، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يرفض الولايات المتحدة من منطلق أيديولوجي.
⚡️BREAKING
Iran's Supreme Leader reacts to Trump's threats
'An attack from the outside is unlikely, but if they make a mistake, they will certainly suffer a heavy blow' pic.twitter.com/3R9IyswNjK
يقول أحد المطلعين على النظام الإيراني: "هذه لعبة تصادم، مثل سيارتين تسيران بسرعة نحو بعضهما البعض، والفائز هو من يرفض الانحراف خوفاً".
سياسات ترامبعندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض، كانت هناك آمال بأن تكون الدبلوماسية ممكنة، خاصة أن طهران أبدت استعدادها للعودة إلى المفاوضات، وكان الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بيزشكيان قد فاز في الانتخابات بوعود برفع العقوبات.
لكن في فبراير (شباط)، وقّع ترامب مذكرة تنفيذية أعادت عقوبات الضغط الأقصى، معلناً نيته تصفير صادرات النفط الإيرانية، وحرمانها من الصواريخ الباليستية، وتحجيم نفوذها الإقليمي. في طهران، فُسرت هذه الخطوة على أنها محاولة لإخضاع الجمهورية الإسلامية.
JUST IN: ???????????????? US President Trump threatens to bomb Iran if they don't agree to a nuclear deal.
"If they don't make a deal, there will be bombing and it will be bombing the likes of which they have never seen before. pic.twitter.com/ArkZb1kEu4
ورغم هذه السياسة المتشددة، أرسل ترامب لاحقاً خطاباً إلى خامنئي أعرب فيه عن رغبته في التوصل إلى "اتفاق نووي سلمي"، لكنه في نفس الوقت هدّد بأن البديل هو "قصف لم يسبق له مثيل".
المواجهة والبقاءإيران تعاني من أسوأ وضع اقتصادي منذ الثمانينيات، إذ تراجعت عملتها، وبلغ متوسط التضخم السنوي 32%. في الداخل، تفاقم الاستياء الشعبي منذ قمع الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني في 2022.
لكن رغم ذلك، يرى قادة إيران أن تكلفة مواجهة محدودة قد تكون أقل من الخضوع للضغوط الأمريكية، ويؤكدون أن البقاء هو الهدف الأساسي.
Iran has rejected direct negotiations with the US in response to Trump’s letterhttps://t.co/9Xcq3uTPOo
— Sihle Mavuso (@ZANewsFlash) March 30, 2025 ما الخيارات المطروحة؟المواجهة العسكرية: إسرائيل تهدد بضربة استباقية، لكنها تدرك أن قدرة إيران على إخفاء منشآتها النووية تحت الجبال تجعل من الصعب تدميرها بالكامل.
التصعيد الإيراني: إيران قد ترد على أي هجوم باستهداف القواعد الأمريكية والمنشآت النفطية بينما الاتفاق المحتمل ربما يتجه ترامب إلى "اتفاق أقل طموحاً" يجمّد التخصيب الإيراني، مع تأجيل الحل النهائي.