“أبوظبي للاستثمار” يختار بنك “إتش إس بي سي” الشريك المصرفي الدولي في آسيا
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
أعلن مكتب أبوظبي للاستثمار، عن توقيع اتفاقية تعاون إستراتيجي مع بنك “إتش إس بي سي” الشرق الأوسط في دولة الإمارات لدعم الخدمات المصرفية للمكتب في آسيا.
وشهد معالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي، وعبد الفتاح شرف، رئيس مجلس إدارة بنك “إتش إس بي سي” الشرق الأوسط المحدود، مراسم توقيع الاتفاقية، التي وقعها كلّ من بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار، ومحمد عبد الرحمن المرزوقي، الرئيس التنفيذي لبنك “إتش إس بي سي” في دولة الإمارات.
وبموجب الاتفاقية، سيعمل مكتب أبوظبي للاستثمار على تعزيز التواصل التجاري والاقتصادي على المستوى العالمي، من خلال تمكين الشركات والمؤسسات المالية والشركات العائلية في أبوظبي من تطوير آفاق الأعمال في الأسواق الدولية الرئيسية التي ينشط فيها بنك “إتش إس بي سي”، حيث يتمتع البنك بوجود قوي في أسواق آسيا وأوروبا والمملكة المتحدة والأمريكيتين.
كما ستساهم الاتفاقية في تسهيل التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات بين أبوظبي وآسيا، من خلال تنظيم فعاليات في الأسواق الدولية للترويج لفرص الاستثمار في أبوظبي لقاعدة عملاء بنك “إتش إس بي سي” وتمكينهم من التوسع في أسواق المنطقة وتأسيس حضور إقليمي قوي لشركاتهم في أبوظبي.
وقال بدر سليم سلطان العلماء : “يؤكد تعاوننا مع بنك ‘إتش إس بي سي‘ مدى التزام مكتب أبوظبي للاستثمار بتعزيز الشراكات العالمية وبناء منظومة أعمال متميزة، تمهد الطريق أمام المستثمرين لتوسيع استثماراتهم وتأسيس أعمالهم في إمارة أبوظبي، وتعزّز إمكانات النموّ على المستوى الدولي بما يدعم إستراتيجية التنمية الاقتصادية في إمارة أبوظبي”.
من جانبه قال محمد عبد الرحمن المرزوقي إن دولة الإمارات تعتبر مثالًا عالميًا رائدًا للحداثة والتطور والازدهار، مشيرا إلى أن اقتصاد إمارة أبوظبي يساهم بقوة في دعم نمو اقتصاد دولة الإمارات.
وتواصل أبوظبي جهودها في تسريع التنوع الاقتصادي وتوفر فرصًا استثمارية متعددة ، كما أن هناك نمواً سريعاً في تدفقات رأس المال بين آسيا ودولة الإمارات وذلك من خلال تعزيز الروابط السياسية القوية والاتفاقيات التجارية وتحرير أسواق رأس المال.
يذكر أنه تمّ تكريم بنك “إتش إس بي سي” كأفضل بنك دولي في الإمارات وأفضل بنك في آسيا خلال حفل توزيع جوائز “يورو موني” للتميز لعام 2024.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: مکتب أبوظبی للاستثمار دولة الإمارات إتش إس بی سی
إقرأ أيضاً:
قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: نسبهم الثوري في أكتوبر، أبريل، وديسمبر (1/2)
ملخص
لا أعرف وثيقة احتفت بالثورة السودانية للتغيير مثل "تأسيس" في ديباجتها. فاحتفت بانتفاضات أكتوبر1964، فأبريل 1985، إلى ديسمبر 2018 كنسب ثوري لما اجتمعوا حوله في نيروبي. فسمتها الديباجة ثورات السودان السلمية "المجيدة التراكمية" ضد الأنظمة الديكتاتورية العسكرية تعبيراً عن تمسك شعوبنا المستميت للحرية والحياة الكريمة. وتستغرب مع ذلك لهذه الحفاوة بهذه الثورات من جماعة "تأسيس" التي قامت في أيديولوجيتها وحربها ليومنا ضد دولة 56 الشمالية نخباً وجمهرة. فمن وراء هذه الثورات أطياف واسعة ممن عرفوا بـ"الشماليين" المتهمين بارتكاب دولة 56 دون مسلحي نيروبي وسلفهم بكثير.
لا يُذكر اجتماع التحالف الذي انعقد في نيروبي الأسبوع الماضي تمهيداً لقيام حكومة موازية على أراض تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" إلا قريناً بنذر انقسام السودان. والسبب بسيط. فالصفوي لزيم هاجس تشقق السودان منذ انفصال جنوبه عام 2011. فصارت كل صيحة مثل تلك التي في نيروبي عليهم. وهذا الهاجس المخيم قريب من عبارة سودانية تقول إن كل زوجة مهجسة ما عاشت بـ"طلقة" من زوجها. وربما كان هذا هو السبب من وراء اقتصارنا على النذر من اجتماع نيروبي لا ما اجتمع حوله، أو صدر عنه. وصدر عنه مع ذلك ما استحق أن يناقش في حد ذاته لإذكاء عادة الثقافة في سياستنا التي غلبت فيها عادة المعارضة. فتكاثرت التحالفات في بيئة المعارضة التاريخية حد الإملال وتناسخت الوثائق عنها فلا جديد، أو هكذا خُيل لنا.
ثورات تراكمية
لا أعرف وثيقة احتفت بالثورة السودانية للتغيير مثل "تأسيس" في ديباجتها، فاحتفت بانتفاضات أكتوبر1964، فأبريل 1985، إلى ديسمبر 2018 كنسب ثوري لما اجتمعوا حوله في نيروبي. فسمتها الديباجة ثورات السودان السلمية "المجيدة التراكمية" ضد الأنظمة الديكتاتورية العسكرية تعبيراً عن "مدى تمسك شعوبنا وشوقها الدائم للحرية والحياة العزيزة الكريمة". وقَلّ حتى بين أحسن مؤرخي التاريخ السوداني المعاصر من رأى هذا الخيط الثوري الناظم لعملية التغيير السياسي في السودان. فتجد من يقطع ما بينها إرباً فيستحسن واحدة دون أخرى. بل تجد جماعة منهم قالت إن ما جرى خلال أكتوبر 1964 مثلاً ليس بثورة أصلاً.
وتستغرب مع ذلك هذه الحفاوة بهذه الثورات من جماعة "تأسيس" التي قامت في أيديولوجيتها وحربها ليومنا ضد دولة 56 الشمالية نخباً وجمهرة. وسبب الاستغراب أنه كان من وراء هذه الثورات أطياف واسعة ممن عرفوا بـ"الشماليين" المتهمين بارتكاب دولة 56 دون مسلحي نيروبي وسلفهم بكثير. فحتى في نيروبي اشتكى عبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال من تلك النخب والأطياف المقاومة لمركز دولة 56 قائلاً إنهم من كانت "تجيشهم" نخب مركزهم ضد الآخر الإثني والديني مما يفهم المرء منه أن نخبهم كانت تخادعهم عن الآخر في الوطن فينخدعوا لها. وهذا بخلاف ما جاء في ديباجة "تأسيس" التي احتفت بهم براء من مركزهم طليعة في الثورات التي أحسنت الديباجة تثمينها.
وصح السؤال بعد هذا إن كان المسلحون ممن سبق جماعة تأسيس والجماعة نفسها من انتصر لتلك الثورات، التي ذكروها بامتنان، حين استنجدت بهم لاستكمال دوراتها؟
نقيضة بين التكتيكين
في لب تاريخ حركة الثورة السودانية نقيضة بين التكتيكين المدني والعسكري في طلبهما إحداث التغيير السياسي. وهي نقيضة ساقت الثورة المدنية أعوام 1964 و1985 و2018، حتف أنفها للفشل في كل مرة تندلع. فما انتصرت الثورة المدنية حتى اعتزلها المقاوم العسكري بنظرية أن الثورة ما هي تغيير صفوة خرطومية بأخرى منهم، فلا تلد قطط مركز الخرطوم العمياء إلا قططاً عمياء. وأظهر ما كان ذلك في إطلاق العقيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، تسمية "مايو 2" على المجلس العسكري بعد ثورة 1985. فكل ما حدث في قوله هو أن ورث عسكريو الرئيس جعفر نميري أنفسهم الحكم منه. وكان نميري تولى الحكم بعد انقلابه خلال الـ25 من مايو 1969 وهذه "مايو 1". أما "مايو 2" في مصطلح قرنق، فهي انقلاب ضباط القيادة العامة على نميري في سياق ثورة أبريل الشعبية السلمية. وبدلاً من أن يلقي قرنق ثقله مع التجمع النقابي، الذي قاد الثورة وانتظر منه ذلك الثقل، اعتزله، بل طلب منه أمراً صعباً وهو أن يتخلص من المجلس العسكري قبل أن يبارك لهم وينضم إلى ركبهم.
ولو اكتفى قرنق بذلك لما كان في البطن مغصة كما نقول. الأنكى أنه واصل الحرب فعبأ العسكرية لمواجهته في حلف مع الحركة الإسلامية انتهى بانقلاب يونيو1989 ليعود ويتصالح مع دولة ذلك الانقلاب في اتفاق السلام الشامل عام 2005. وبلا دخول في التفاصيل كان ذلك نفسه مصاب ثورة أكتوبر 1964 التي اعتزلتها حركة أنيانيا القومية الجنوبية المسلحة بينما كان ينعقد مؤتمر المائدة المستديرة (1965) في الخرطوم. وهو المؤتمر السوداني الأول منذ الاستقلال الذي تداعى أهله ليناقشوا "مسألة" الجنوب لا "تمرده". أما مسلحو دارفور فجاؤوا بها من قصيرها كما يقولون. فأتوا إلى ثورة 2018 يداً بيد مع العسكريين في مجلس السيادة في خصومة مع الحكومة الانتقالية المدنية ليتواثقوا على اتفاق "سلام جوبا" (2021). وخرج من ثنايا الاتفاق مجلس عرف بـ"مجلس الشركاء" كان مبتغى العسكريين، من دبروا للقضاء على الثورة، للاستغناء عن مجلس وزراء الحكومة الانتقالية. وانتهت الثورة، التي اعتزلها سائر المسلحين، بانقلاب الـ25 من أكتوبر 2021.
بين المدني والمسلح
وكان فساد علاقة المقاومة المدنية والعسكرية أو ارتباكات الأخيرة موضوع نقد أطراف عركت المقاومة المسلحة. فلم يتفق للام أكول عضو المجلس القيادي العسكري للحركة الشعبية عام 1985 البرود الذي لاقى به زعيمها العقيد قرنق خبر الثورة على الرئيس نميري في حين كان جنوده في معسكراتهم يطلقون الرصاص حفاوة بها. وكتب ياسر عرمان القيادي في الحركة الشعبية "نحو ميلاد ثان لرؤية السودان الجديد" قبل ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 قال فيها إنه جاء الوقت لمراجعة تجربة الكفاح المسلح، ورد الاعتبار للعمل السلمي الجماهيري دون أن يعني هذا التخلي عن هذا الكفاح. فلن تخرج الحركات المسلحة من عنق الزجاجة إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية، في قوله، من دون التوصل إلى استنتاجات سليمة "حول أهمية العمل السلمي الديمقراطي في داخل المدن" واستنهاض جماهيرها.
وصوب شريف حرير الأكاديمي والقيادي في التحالف السوداني الذي هو ضمن منظومة حركات دارفور المسلحة، نقده لـ"افتتان" هذه الحركات بالمقاومة العسكرية التي هي تكأتهم في تبخيس النضال المدني حتى حين يقضي سلمياً على نظم مركزية كلفتهم حمل السلاح ضدها. والعسكرة في قوله، "وسيلة لعمل سياسي وليست في غاية حد ذاتها". وقال إن على الحركات المسلحة ألا تخدع نفسها بأنها تكوين عسكري فيقولون إنهم عسكريون على الجادة بينما ساء السياسيون مصيراً. فذكرهم حرير بأنهم سياسيون في الأساس وليسوا عسكراً. وفي هذا صدى من عبارة مذكورة لأمليكار كابرال زعيم حركة تحرير غينيا بيساو من الاستعمار البرتغالي خلال الستينيات. فقال كابرال يحذر حركته من العزة بالسلاح والفجور به إلى أن الحركة المسلحة ليست عصبة عسكرية (military)، بل مناضلين تأبطوا سلاحاً مُكرهين (militant).
ونواصل
ibrahima@missouri.edu