كيف عمقت الحرب السودانية أزمة الخدمات الصحية في مستشفى الطوارئ و الإصابات بمدينة الأبيض ؟
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
فرضت الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع واقعاً مأساوياً على مدينة الأبيض الواقعة في ولاية شمال كردفان غربي السودان و التي لا تزال تعاني من اشتباكات متكررة وتبعات اقتصادية وأمنية وخيمة نتيجة الحرب.
التغيير _ الأبيض
وأكدت إدارة مستشفى الطوارئ والإصابات بالمدينة تدهور الأوضاع الصحية نتيجة الضغط المتزايد والتردد المستمر للمرضى والمصابين من داخل وخارج المدينة.
وقالت الإدارة في تعميم حصلت ” التغيير ” على نسخة منه إن المستشفى يواجه صعوبات بالغة في التعامل مع الأوضاع بسبب نقص المعدات الطبية وعدم إجراء الصيانات الدورية اللازمة.
ومنذ اندلاع الحرب تعيش المدينة تحت ظروف إنسانية وصحية قاسية تفاقمت بفعل الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع لأكثر من أربعة أشهر ما أدى إلى تضييق الخناق الاقتصادي والصحي على المدنيين.
كما أوضح التعميم أن المستشفى يواجه نقصا في المعدات الأساسية مثل السماعات الطبية موازين الضغط أجهزة قياس السكر والأوكسجين والمراتب الطبية، بالإضافة إلى جهاز “نيبولايزر” الضروري لعلاج الحالات التنفسية.
وتستمر المدينة في معاناتها جراء الانقطاعات المستمرة لخدمات الاتصالات و الإنترنت إلى جانب الاشتباكات والقصف العشوائي الذي يهدد حياة السكان بصورة يومية.
كما تعاني المستشفى من تدهور بيئة العمل حيث أشار التعميم إلى نقص الإضاءة، مياه الشرب، غاز التكييف للعملية الصغرى، وأغطية الحماية الضرورية للواكتش وغيرها من المعدات.
وفي محاولة للتخفيف من هذه الأوضاع، أطلقت مجموعة من شباب وشابات المنطقة مبادرة “إسناد مستشفى الأبيض” حيث عملت في الفترات الاولى من الصراع بهدف تحسين الأوضاع الصحية في ظل الأزمات والكوارث إلا أن هذه المبادرة توقفت مؤخراً
و منذ اندلاع الحرب كان قد توقف العمل في جميع معامل مستشفى الأبيض التعليمي لعدة مرات بسبب انعدام المحاليل الطبية وتكرار تأخر صرف مستحقات الكوادر الطبية منذ بداية الحرب.
وتشهد شمال كردفان تدهورا كبيرا في الأوضاع الأمنية رغم سيطرة الجيش على عاصمتها مدينة الأبيض إذ لا تزال هناك أنشطة إجرامية في مدن و قرى الولاية إلى جانب طرق ومحاور سفرية رئيسية تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
ويأتي تدهور الوضع الصحي بالمنطقة في إطار التصعيد المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تحاصر مدينة الأبيض منذ أشهر.
ومنذ اندلاع الحرب في بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، تزايدت حوادث النهب المسلح بمعدل متسارع في مناطق الاقتتال الرئيسية لاسيما مدن ولاية شمال كردفان.
وشهدت حاضرة ولاية شمال كردفان الأبيض مواجهات عسكرية دامية بين طرفي القتال ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى وسط المدنيين جراء القصف العشوائي المتبادل بين الطرفين.
وتحاول قوات الدعم السريع دخول المدينة والسيطرة عليها، فيما يواصل الجيش حماية قيادة الفرقة الخامسة مشاة والمواقع الاستراتيجية داخل المدينة.
وتتمتع مدينة الأبيض بموقع استراتيجي غربي البلاد وتضم أكبر سوق لمحصول الصمغ العربي على مستوى العالم وأسواق أخرى للمحاصيل والماشية إلى جانب ارتباطها بطريق الصادرات الرابط بين ولايات غرب السودان المختلفة.
الوسومالأبيض الجيش الحرب الدعم السريع المستشفى مبادرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأبيض الجيش الحرب الدعم السريع المستشفى مبادرة
إقرأ أيضاً:
معارك الخرطوم… انهار «الدعم السريع» أم انسحب باتفاق؟
دخلت الحرب السودانية مرحلة جديدة، حقق خلالها الجيش السوداني انتصارات كبيرة و«سريعة» في وسط البلاد، بينما يتراجع «الدعم السريع» بوتيرة متسارعة، بدأت بانسحابه من مدينة ود مدني، ثم عمليات العاصمة الخرطوم التي استعاد خلالها الجيش مقر قيادته العامة، ومناطق «حاكمة»، خصوصاً في أم درمان والخرطوم بحري.
التغيير ــ وكالات
وأثارت «انسحابات الدعم السريع» المتسارعة أسئلة عدة؛ من بينها: هل «قواته» دخلت «مرحلة الانهيار»، أم إن ما حدث كان نتيجة «اتفاق غير معلن» يهيئ طاولة التفاوض عبر «السماح» بتحسن «موقف الجيش التفاوضي»، أم هل اختارت قيادة «الدعم» التراجع عن الانتشار الواسع «تكتيكياً» لتقليل خسائرها أمام الجيش الذي عزز قواته وجدد تسليحه؟
بدأت عمليات الجيش لاسترداد مناطق استراتيجية وسط البلاد، باستعادة منطقة جبل موية الحاكمة لـ3 ولايات: النيل الأبيض، وسنار، والجزيرة، في أكتوبر الماضي، وبعد ذلك، استجمع مع حلفائه قوتهم، ووجهوها نحو مدينة ود مدني، واستعادوها في 11 يناير الحالي «دون قتال يُذكر»، وقالت «قوات الدعم السريع» إنها «انسحبت»، بينما قال الجيش إنه دخل المدينة «عنوة»، وذلك بعد أكثر من عام من سيطرة «الدعم» على المدينة الاستراتيجية «دون قتال» أيضاً.
ومهدت عملية استعادة ود مدني لعمليات الخرطوم بحري، ووصول جيوش أم درمان وشمال الخرطوم بحري، إلى قيادة قوات سلاح الإشارة والقيادة العامة الواقعة تحت حصار «الدعم السريع» منذ بداية الحرب.
بدأت العملية في 26 سبتمبر الماضي بعبور القوات الآتية من أم درمان جسر الحلفايا، واستمرت في التقدم شمالاً وجنوباً ببطء، لكنها كثفت وسرّعت عملياتها بعد استرداد مدينة ود مدني.
وفوجئ الناس السبت الماضي بالجيش يعلن عبور جسر النيل الأزرق ويصل إلى مقر «القيادة العامة»، وبالقائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يخاطب جنوده «المحاصرين» داخل «القيادة العامة»، معلناً فك الحصار عنها وعن مقر «قيادة قوات سلاح الإشارة»، وقرب «تحرير» الخرطوم من قبضة «الدعم السريع».
بث الجيش مقاطع فيديو من داخل «القيادة العامة» و«قيادة قوات سلاح الإشارة»، ومع ذلك نفت «قوات الدعم» بشدة «فك الحصار» عن «القيادة العامة»، وعدّت فيديوهات الجيش دعايةً حربيةً، معلنة أن قوات محدودة «تسللت»، وأنه ليس هناك «التحام» للجيوش، ونشرت، الاثنين، مقاطع فيديو من على جسر «المك نمر» باتجاه الخرطوم، ومن جسر «كوبر» باتجاه الخرطوم بحري، ومن جسر «توتي» قرب النيل الأزرق، وقالت إنها لا تزال تسيطر على مواقعها، وإن «إمداداً» كبيراً وصل إليها لتشديد الحصار على المناطق المذكورة.
كما تتداول وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للجيش تقارير عن انسحابات واسعة لـ«قوات الدعم» من مناطق جديدة في الخرطوم، وتقدم ملحوظ للجيش، وهو ما تنفيه «قوات الدعم» بإصرار، بينما تتضارب المعلومات الصادرة عن الطرفين بشأن الأوضاع الميدانية والعسكرية في الخرطوم.
وفي تحليله أوضاع ما بعد دخول الجيش مقر القيادة العامة، نفى اللواء المتقاعد كمال إسماعيل فكرة «انهيار الدعم السريع»، وعدّ، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الأمر «مجرد عمليات كرّ وفرّ»، وأضاف: «سيطرة أي من الطرفين ستكون وقتية، والحرب لن تتوقف ما دامت هناك بندقية واحدة مرفوعة».
وأكد اللواء إسماعيل أن الحرب لن تنتهي إلا بـ«التفاوض» الذي يوقف إطلاق النار، ويؤدي إلى الفصل بين القوات، وأضاف: «السلاح منتشر في كل جهات البلاد بيد الأفراد والميليشيات. ومع وجود مجموعات تسعى إلى الانتقام من قوى (ثورة ديسمبر/ كانون الأول)، فلن تنتهي الحرب»، وتابع: «وجود السلاح بيد الناس خارج القانون ووجود نيات انتقامية، يصعبان عودة الناس إلى مناطقهم. لذلك؛ فلن تقف الحرب إلا بإرادة قوية، وليس بأمنيات».
ودعا اللواء المتقاعد طرفَي الحرب إلى العودة للتفاوض «والذهاب إلى جدة (بالسعودية) لمناقشة الإشكالات المترتبة على الحرب». كما دعا القوى السياسية المدنية إلى الاجتماع من أجل وقف «الشقاق» الوطني «الذي تعيشه البلاد، ويهدد وجودها»، وأضاف: «ما لم تتوحد القوى السياسية، فلن يكون هناك سلام».
وأرجع تراجع «الدعم السريع» إلى ما سماه «إنهاك طرفَي الحرب»، وقال إن نتيجته هي «عمليات الكرّ والفرّ» التي أشار إليها سابقاً، وأضاف: «الجيش والميليشيات الموالية له، حتى لو استردوا الخرطوم، فهذا لا يعني السلام. والحرب قد تمتد لأكثر من 20 عاماً، ولا يمكن حسمها عسكرياً».
واستبعد المحلل السياسي، محمد لطيف، افتراض «انهيار (قوات الدعم السريع)»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوصف الدقيق أن هناك تراجعاً عسكرياً لـ(الدعم السريع)، لكن الحديث عن انهياره غير دقيق، فهو لا يزال منتشراً في مناطق واسعة من السودان. لذلك؛ من الصعب الحديث عن بداية انهيار».
وفي سياق الاحتمالات التي حددها لطيف لتفسير الأوضاع، أشار إلى «أحاديث متداولة عن انسحابات متفق عليها بين الطرفين… والتحول السريع في طبيعة السيطرة من دون مواجهات عسكرية، يعزز من فرضية الاتفاق».
لطيف قال إن «انسحابات (الدعم السريع)» جاءت «منظمة» دون أن يتعرض لمطاردات أو ملاحقات؛ مما يعزز فرضية «الاتفاق غير المعلن»، وتابع: «أيضاً غابت الحملات الإعلامية المعتادة حال سيطرة طرف على مناطق جديدة بعرض فيديوهات الضحايا والأسرى والغنائم؛ مما يقلل من فرضية الضعف العسكري لـ(الدعم السريع) أو التفوق العسكري للجيش».
ورجح لطيف أن تكون «انسحابات (الدعم) تكتيكية يريد عبرها إعادة تموضعه في مناطق محددة تكفيه شر الانتشار الواسع والمسؤولية المترتبة على قدراته وحركته».
نقلاً عن الشرق الأوسط ــ أحمد يونس
الوسوماتفاق الجيش الخرطوم الدعم السريع