شددت الصحفية نسرين مالك، على أن الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني لم تبدأ في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، مشيرة إلى أن التاريخ المشار إليه هو مجرد بداية أصبح بعدها الاحتلال والمستوطنات غير القانونية "أكثر وحشية".

وقالت مالك، في مقال نشرته في صحيفة "الغارديان" البريطانية وترجمته "عربي21"، إنها بدأت بكتابة هذا المقال الأسبوع الماضي في رام الله في الضفة الغربية المحتلة.



وأضافت أنها بدأته عدة مرات، سواء على الورق أو في ذهنها، أثناء سفرها بين بلدات الأراضي المحتلة. وأنها في كل مكان بدأت المقال مرة أخرى، ثم فشلت في التقاط ما يتكشف وما كان يحدث لسنوات.

وتابعت بالقول، "لذلك ربما سأبدأ فقط بما يبدو أنه البداية، مع مقتل المدنيين الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر - قبل عام من اليوم".


ولفتت إلى أنها استخدمت كلمة "يبدو"، في عبارتها لأن تلك ليست البداية حقا، ولكنها مجرد بداية أخرى فيما يتعلق بالفلسطينيين. تاريخ آخر بعده ساءت الظروف وأصبح الاحتلال والمستوطنات غير القانونية أكثر وحشية.

وأوضحت أنه في الوقت الذي كان فيه انتباه العالم منصبا على غزة ـ ثم لبنان، ثم الأسبوع الماضي الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل ـ كثفت السلطات الإسرائيلية والمستوطنون، تحت غطاء الحرب، هجومهم على الفلسطينيين بتهور ومتعة متجددتين. ومرة أخرى، يبدو هذا التلخيص غير كاف، بل إنه محاولة رديئة لوصف واقع لا يقل عن كونه كابوسا حيا، مؤكدة أن انتهاك حقوق الفلسطينيين هائل إلى الحد الذي جعلها تبدأ في التحدث إلى قراء المقال في ذهنها، "وظللت أقول لهم: أتمنى أن تروا".

وقالت: "أتمنى أن تروا أجزاء من المدينة القديمة في الخليل، وشوارعها وأسواقها التاريخية خاوية، ومبانيها متداعية، وطرقها مسدودة أمام الفلسطينيين منذ ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. لا يُسمح للفلسطينيين بالسير على هذه الطرق، ولكن المستوطنين يستطيعون ذلك، وهم يحملون بنادقهم الآلية على أكتافهم. ويحميهم الجنود الإسرائيليون على الأرض، وعند نقاط التفتيش ومن فوق الأبراج. إنهم يحرسون مستوطنة عملاقة متوسعة تضغط على السكان تحتها، فوق مجتمع طرد من المتاجر والمنازل العائلية دون أي تفسير أو إشعار. لقد طرد المزيد من التجار في العام الماضي، وأصبحت الأكشاك الجديدة التي أقاموها فارغة. لقد خاف المتسوقون من البنادق والجنود. إن الخوف والطرد يدفع الناس إلى إخلاء المناطق التي تتوسع فيها قوات الاحتلال".

وتتمنى لو كان بوسع القارئ، أن يرى الرجل الفلسطيني في سلوان، بالقدس الشرقية، وهو يعيش بجوار أنقاض المنزل الذي ولد فيه. في شباط/ فبراير، هدمت السلطات الإسرائيلية منزله لعدم حصوله على "رخصة" بناء، على الرغم من أن المنزل تم بناؤه قبل أن تخضع القدس الشرقية للسلطات الإسرائيلية. جاءت الجرافة مع وحدة من الكلاب البوليسية ورجال إنفاذ القانون المسلحين، الذين تعاملوا بعنف مع زوجته المسنة ودفعوها إلى الجدران أثناء جرهم خارج المنزل.

توسل إليهم لاستعادة صورة واحدة، وهي الصورة الوحيدة التي لديه، له ولأمه. وبدلا من ذلك، تم التقاط الصورة وتحطيمها على الأرض أمامه. تم هدم سبعة وثلاثين منزلا في المنطقة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وعندما يغادر أصحاب المنازل، ينتقل المستوطنون، الذين أصبح عددهم الآن متزايدا في سلوان، إلى هناك. وكان هؤلاء المستوطنون يحتفلون بالأعياد الأسبوع الماضي، وكانت أعقاب بنادق آبائهم على مستوى عيون الأطفال الصغار الذين كانوا يقفزون في الشوارع التي أغلقت أمام حركة المرور الفلسطينية لهذا اليوم.


وقالت الكاتبة، إنها تتمنى أن يتمكن القارئ من رؤية قرى الصحراء الصخرية في مسافر يطا، والتي عانت في العام الماضي من عنف متزايد حيث تعرض السكان للهجوم، ودُهمت منازلهم وسُرقت مواشيهم من قبل المستوطنين الذين لا يمكن وصفهم إلا بأنهم مسعورون. مجرد رؤية المستوطنين يسيرون على طريق التل يثير الذعر، ويتم إرسال تحذيرات إلى آخرين للبقاء أو البحث عن طريق مختلف في حالة تعرضهم للهجوم.

بعض القرى، وفقا للصحفية، عمرها حوالي 5000 عام. والقرى التي لم يتم إخلاؤها على مدى العقد الماضي تضررت وانقطعت، وأجبرت على العيش بدون ماء أو كهرباء أو طرق ممهدة. وعندما نصبت إحدى المجتمعات الصغيرة ألواحا شمسية، قام المستوطنون، الذين لا توجد حماية قانونية منهم بتحطيمها. واخبرها أحد شيوخ القرية أنه في كثير من الأحيان، يكون رجال الشرطة الذين يتم استدعاؤهم هم مستوطنين أنفسهم - إنهم "القاضي والجندي وضابط الشرطة".

وتمنت الكاتبة أيضا، أن يتمكن القارئ من رؤية الصخور البيضاء العملاقة والمنازل التاريخية المرممة بعناية وشقاء، والقنوات ومقابر الصوفيين في قمم التلال في عين قينيا. إن هذه القرى تطل عليها مستوطنات ضخمة تشع أضواء بيضاء ساطعة في الليل. وتتصل هذه الأضواء بمدافع رشاشة. ويقوم المستوطنون بانتظام بالصعود إلى الموقع التاريخي برفقة أطفالهم في نوع من الحج المليء بالكراهية. وقد أخبرها أحد الشهود أنهم يحرضون أطفالهم على تحطيم كل ما يستطيعون، فيبدأونهم في تقليد العمل المقدس المتمثل في إبعاد الفلسطينيين عن موقع يضم هياكل وأشجار ثمينة سبقت حتى التوحيد.


وقالت: "إلى جانب هذه الجهود العنيفة للتطهير العرقي، أتمنى أن تتمكن من رؤية الظروف التي تعيش فيها هذه المجتمعات. ففي الضفة الغربية، تضاعف عدد السجناء على مدى العام الماضي إلى ما يقرب من عشرة آلاف شخص، حوالي 250 منهم من الأطفال. ويخضع ثلث هؤلاء السجناء للاعتقال الإداري، وهو حكم يمكن تجديده إلى أجل غير مسمى دون تهمة أو تمثيل قانوني أو زيارة عائلية. أتمنى أن تتمكن من رؤية كيف أن الوقت ينتمي إلى الحكومة الإسرائيلية، حيث تغلق نقاط التفتيش والطرق دون سابق إنذار أو تفسير، كما فعلت بعد الهجوم الصاروخي الإيراني، مما منع الناس من التحرك عبر الأراضي المحتلة. هذه الحواجز تمنع الناس أو تحصرهم في نزوة، ولا تترك لهم خيارا سوى تغيير الخطط، أو إيجاد طرق جديدة إلى وجهتهم، أو البقاء عالقين".

وأشارت الكاتبة، إلى أنه وسط كل هذا، لا يزال ملايين الفلسطينيين يعيشون حياة أكثر اكتمالا مما يمكن أن يتوقعه الإنسان في ظل هذه الظروف، وهي حياة عادية ومعجزة في طبيعتها. لكنها مضغوطة على الحواف بسبب الضغط المستمر والمتزايد. وكل هذا ليس سوى الحواف الحادة للاحتلال. وتقول إنه تتمنى أن يتمكن القارئ من رؤية كل شيء، "ولكن حقا، ما الذي نحتاج إلى رؤيته بعد ما يحدث في الطرف الأقصى حدة في غزة؟ المشكلة ليست أننا لا نعرف، ولكن القليل يتغير على الرغم من معرفتنا".

وخلصت في نهاية مقالها، إلى أن كل الأدوات المتاحة لأولئك الذين يريدون من العالم أن يتحرك - الصحافة والاحتجاجات والصراخ والغضب - لا يمكنها إنهاء هذه الكارثة، ولا حتى عكس خطورتها. إن هذه الحرب لم تبدأ بمأساة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ولن تنتهي، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل وأيضا بالنسبة لأولئك الإسرائيليين الذين أفسدهم الاستحقاق والإفلات من العقاب. وما لم يدرك أولئك الذين يملكون السلطة لتحديد من يستحق العيش في أمان وكرامة أنه لا يجوز لهم أن ينكروا هذه الحقوق على الفلسطينيين ويتوقعون منهم أن يضمنوا السلام والاستقرار بالاستسلام لمصيرهم باعتبارهم دون البشر، فإن هذه الحرب لن تنتهي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال الضفة الغربية غزة غزة الضفة الغربية الاحتلال 7 اكتوبر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول أتمنى أن من رؤیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين

 

الثورة/ متابعات

منذ اللحظة الأولى لدخول الأسرى الفلسطينيين إلى سجون الاحتلال، يواجهون تحديات قاسية، لكنهم يصرون على خلق حياة خاصة داخل المعتقلات، انتظارًا للحظة الإفراج التي تأتي عادة بصفقات تبادل تنظمها فصائل المقاومة.
فرغم ظلم الزنازين، يسعى الأسرى لصناعة واقع يمنحهم الأمل والقوة في مواجهة القمع الإسرائيلي.
ومع حلول شهر رمضان، تتضاعف هذه التحديات، لكن الأسرى يتمسكون بأجواء الشهر الفضيل رغم كل القيود والانتهاكات التي يفرضها الاحتلال عليهم.
ورغم القيود المشددة، يسعى الأسرى لصناعة أجواء رمضانية تذكرهم بالحرية، وتمنحهم قليلًا من الروحانيات وسط ظروف الاحتجاز القاسية، يحرصون على التقرب إلى الله بالدعاء والعبادات، رغم التضييق على أداء الصلاة الجماعية ومنع رفع الأذان.
حيث يقوم الأسرى بتحضير أكلات بسيطة بأقل الإمكانيات، مثل خلط الأرز الجاف مع قطع الخبز والماء لصنع وجبة مشبعة.
والتواصل الروحي مع العائلة بالدعاء لهم، خاصة بعد منع الاحتلال لهم من معرفة أخبار ذويهم.
ولكن كل هذه الممارسات تعرضت للقمع الشديد خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث فرض الاحتلال إجراءات أكثر تشددًا على الأسرى الفلسطينيين.

شهادات
كشف المحرر الغزي ماجد فهمي أبو القمبز، أحد الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة “طوفان الأحرار”، عن معاناة الأسرى في رمضان الأخير قبل الإفراج عنه، قائلًا: “أجبرنا الاحتلال على أن يمر رمضان كأنه يوم عادي بل أسوأ، فقد كان ممنوعًا علينا الفرح أو الشعور بأي أجواء رمضانية”.
ومع بدء الحرب، شدد الاحتلال قبضته على الأسرى عبر: تقليل كميات الطعام، حيث لم تزد كمية الأرز اليومية المقدمة للأسرى عن 50-70 جرامًا فقط، مما اضطرهم إلى جمع وجبات اليوم بأكملها لتناولها وقت الإفطار.
بالإضافة إلى منع أي أجواء رمضانية داخل السجون، بما في ذلك رفع الأذان أو أداء الصلوات الجماعية، حتى وإن كانت سرية.
ومصادرة كل المقتنيات الشخصية، ولم يبقَ للأسرى سوى غطاء للنوم ومنشفة وحذاء بسيط.
والاعتداءات اليومية، حيث كان السجان يقمع الأسرى لأي سبب، حتى لو ضحك أسيران معًا، بحجة أنهما يسخران منه!

تعتيم
ومنع الاحتلال الأسرى من معرفة أي أخبار عن عائلاتهم، بل تعمد نشر أخبار كاذبة لإضعاف معنوياتهم، مدعيًا أن عائلاتهم استشهدت في الحرب.
وقد عانى المحرر أبو القمبز نفسه من هذا التعتيم، إذ لم يعرف من بقي من عائلته على قيد الحياة إلا بعد خروجه من الأسر!.
ويواجه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال انتهاكات خطيرة، في ظل صمت دولي مخجل، وفي رمضان، حيث يتضاعف القمع والتنكيل، تبقى رسالتهم واحدة، إيصال معاناتهم إلى العالم وكشف جرائم الاحتلال بحقهم، والمطالبة بتدخل المنظمات الحقوقية لوقف التعذيب والتجويع المتعمد داخل السجون، والضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى، خاصة في ظل تزايد حالات القمع والإهمال الطبي.

مقالات مشابهة

  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • وزير الأشغال يكشف عن تكلفة أضرار الحرب وهذه الدولة عرضت تقديم المساعدة
  • أكاديميون: ترامب يعود بالعالم لحقبة الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي
  • حقوق الإنسان الأممية: ناقشنا بجلسات استماع الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة
  • والى متى هذا القتل وهذه الدماء ؟
  • باكستان تطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب ضد الفلسطينيين
  •  درجات الحرارة في العاصمة عمان الأعلى منذ أكتوبر الماضي
  • الأحلام الشائعة التي تبدأ بحرف "الألف".. وتفسير حلم الأب والأخ والأذان