سادات قريش.. تاريخ إسلامي وحاضر مصري
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
يعد مسجد سادات قريش، هو أول مسجد تم بناؤه فى مصر بعد الفتح الإسلامى لها، حيث سبق بناء مسجد عمرو بن العاص بنحو عامين كاملين، وبالتالي فان "سادات قريش" هو أول مسجد تم بنائه فى مصر وقارة أفريقيا، ويقع في إحدى المدن التاريخية، مدينة بلبيس، والتي كانت معبرًا للوافدين في العصور الأولى، وأشهر معالم محافظة الشرقية، الذي تتميز بموقعها الهام الفريد، انفردت بأحداث فارقة على امتداد التاريخ القديم والحديث، لما تضمه المحافظة بشرق الدلتا، من ثروات أثرية ومعالم آثرية وسياحية.
وسمى "سادات قريش"، بهذا الأسم تكريما لصحابة سيدنا رسول الله، الذين استشهدوا فى معركتهم ضد الرومان عند فتحهم لمصر، ويتميز المسجد بأنه يجمع بين عبق الماضى وقدم الطراز المعماري وروحانية المكان الذى يقصده أهالي مركز بلبيس للصلاة، كما أن السيدة زينب ابنة علي بن أبي طالب، رأت رؤية مباركة، أن رسول الله يأمرها بأخذ آل البيت إلى مصر، فاستقبلها أهل بلبيس خير استقبال، وأقامت بالمسجد شهراً كاملاً.
ويحوي مركز بلبيس، ستة مساجد أثرية، وهى "سادات قريش" و"المقرقع" و"الأنصاري" و"المنسى" و"أمير الجيش" و"السويقة"، خاصة ان مدينة بلبيس، التابعة لمحافظة الشرقية، كانت أول المدن والقلاع الحصينة للرومان، ودخلها سيدنا عمرو بن العاص بذكاء، وحارب فيها جيش الرومان وانتصر عليهم بـ 4000 مقاتل وهزم جيش مكون من 36 ألف من الرومان، واستشهد فى معركة بلبيس من الصحابة والتابعين 250، منهم 40 من صحابة الرسول صل الله عليه وسلم، استشهدوا ودفنوا بجوار مئذنة المسجد، لتكون شاهدة على مدى تضحيات الصحابة فى نشر الإسلام.
من جنابه قال الشيخ هانى الزعبلاوى، إمام وخطيب مسجد سادات قريش، إن الأخير تم بناءه على يد سيدنا عمرو بن العاص، فى القرن الثامن عشر هجري، على إثر المعركة التى حدثت بين المسلمين والرومان،، ومحراب المسجد هو شبيه محراب مسجد رسول الله بذات الشكل التصميم. ومن الناحية الدينية، يعتبر "سادات قريش"، ملاذ وزارة الأوقاف في محافظة الشرقية، حيث تقام هناك جميع الفعاليات والندوات التابعة للوزارة، وأيضاً يقام بين جدرانه، أنشطة متنوعة مثل دروس علم متنوعة ومقارئ للقرآن الكريم، فضلا عن مقرأة للأئمة بإدارة أوقاف بلبيس لمراجعة القرآن.
وأتفق معه، الدكتور مصطفى شوقى مدير عام منطقة التفتيش على الآثار الإسلامية والقبطية بمحافظة الشرقية، حيث قال ان مسجد سادات قريش إقيم فى المكان الذى استشهد فيه صحابة الإسلام، الذين لقنوا الجيش الروماني درساً قاسياً، حين دارت المعارك بالمدينة بين الجيشان المسلم والرومانى وانتهت بهزيمة ساحقة للرومان.
وأضاف الشيخ أحمد عبدالمنعم مدير التفتيش العام بوزارة الأوقاف، ان مدينة بلبيس سميت فى التوراة أرض جازان، ويعتبر مسجد سادات قريش من أولى المساجد التى أنشئت فى بلادنا المصرية، وهو تخليدا لصحابة رسول الله، وتبلغ مساحة المسجد نحو ثلاثة آلاف متر مربع، والمسجد مستطيل من الداخل مقسم بأربعة أروقة موازية لجدار القبلة ومقسمة بثلاث صفوف من الباكيات كل باكية مكونة من ست عقود محمولة على أعمدة ذات تيجان مختلفة الشمل منها قبطى وكورنثى وإسلامية.
ويتكون مسجد سادات قريش، من ثلاث وجهات رئيسية الشمالية الشرقية بها كتلة المدخل، وتم تجديد بناء المسجد فى نهاية العهد العثمانى على يد الأمير أحمد الكاشف، أمير مصر السابق، والذى أنشأ مئذنة المسجد، فيما يضم المسجد بعض المعالم الفرعونية الموجودة بغرب المسجد على هيئة نوافذ زجاجية وسقف خشبى، ورغم تواجده فى المركز الخامس عشر للمساجد الأشهر على مستوى العالم، إلا أن آخر ترميم للمسجد تم فى عهد الخليفة المأمون، بالعصر العباسى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تاريخ إسلامي الفتح الإسلامي رسول الله
إقرأ أيضاً:
ين عام "الأعلى للشئون الإسلامية" يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
ألقى الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بعنوان : "أنت عند الله غال" من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت بجمهورية داغستان، في ضوء خطة وزارة الأوقاف وجهود الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في مد جسور التعاون، وعلى هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر والمنتدى الدولي العلمي بعنوان: "آليات تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وتعزيزها"، الذي يُعقد في مدينة محاج قلعة، عاصمة جمهورية داغستان الروسية، في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2024.
أهالي شمال سيناء يهدون وزير الأوقاف لوحة فنية وعباءة سيناوية وزير الأوقاف من شمال سيناء يدعوا المصريين إلى التكاتف والوحدة وهذا نص خطبته :الجمع الكريم : ما وقفت في هذا المكان المبارك إلا محملا برسالة مباركة من الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري تحوي في مبناها ومعناها قبسات من التكريم الأزلي للإنسان وأبجديات بنائه، تتوجه إليه في خطابها وندائها وعرفها وشذاها أيها الإنسان : ( أنتَ غال عند الله ) وهي عبارة نسجت خيوطها من إشراقات النور التي لا تُحدُّ بزمان،ولا تنتهى بمكان، ولا تََختصُّ بإنسان، وإنما قوام الحال إطلاق الخطاب ليتعلق بكينونات دين الله، وجوهر التشريع من خلال سمو العلاقة بين خالق ومخلوق، ورب ومربوب، وعابد ومعبود.
إن الإنسان إذا تنكر لمقتضيات الربوبية والألوهية حينًا من الدهر فهذا لا يُخرِجُه من كونه غال عند ربه وخالقه، هذا حديث النفس لمطلق النفس، لأجلها هبَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا حينما انتقلت إلى خالقها وباريها، وعندما سُئل -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك أحال إلى الإنسان مطلق الإنسان وكفى من الإنسانية معانى التكريم في مفاهيم دلالاتها:
( أليست نفسًا ).. هذه ليست أيدولوجية قاصرةً وإنما مطلقيةٌ معبرة، ولعل المرجعيةَ هنا تكمنُ في أمرين :
الأول : قضية الاستخلاف والنيابة عن الله (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
الثاني : مطلوب الحق من الخلق، وهو: عمارة الكون والحياة.(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)
أما الاستخلافُ فهو لإنسان غالٍ عند الله له قدمُ صدق عند خالقه ومولاه، خلقه بيده ثم نفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، و ألهمه رشده في حواريةٍ عجيبةٍ انتهت بأن ألقت الملائكةُ زمامَ العلم والعرفان في بحار التسليم: ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
من أجل هذا كانت نوعيةُ التكريم بمفرداته وتفرداته: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، واختصاصُ التقويم: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) لتنتقل سامقُ المنزلة من معقولات المعاني إلى تمثلات السلوك مشاهدة وعيانا، والذي بموجبه كان خليفةُ الله في كونه، منشغلًا برسالته الأزلية عمارة الكون والحياة، ولأجل أنه غالٍ في مطلق إنسانيته كانت عمومية الخطاب: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ؛ التأصيل لوحدة النشأة والتكوين: ( خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى )؛ ولأنه غالٍ عند الله كان التنوعُ في الملكات والمواهب تكاملًا لا تناقضًا :( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )،ولكي لا يُنتقص ممن استخلفه اللهُ في كونه لعمارته كانت العنديةُ الإلهيةُ في الأحكام لا تنصرف إلا لله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وما قصر العندية في الآية إلا لتحقق الصفاتٍ التي لا تليق إلا بجلاله وجماله فهو سبحانه العليم الخبير .. من أجل ذلك ليس للإنسان في خطاب العقول إلا التذكير والبلاغ : (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، وإن قد تعلقَ الأمر يوما بأهداب قدرياتٍ في الخلقة تتقاصرُ دونها الإرادات، فليتساءل الإنسانُ بينه وبين نفسه: أتعيبُ الصنعة ؟ أم تعيبُ الصانع ؟! ومن ثم يكون الكمال الذي لا نقصان فيه:" وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".
فلنتذكر تكريم الله لأفضل الخلق لديه.. الإنسان ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )..تكريم لكل إنسان؛ فلا تخصيص ببقعة بعينها، أو جنس بعينه، أو طائفة بعينها.
وإنما سلام ؛ يحوى التعارف بين البشرية جمعاء، سلام أخبر به عن صحيح ديني تحمله نسائم الرحمة والإحسان من أرض الكنانة والمكانة إلى أرض داغستان، وأهتف مفاخرا به في أرض الله أنْ: (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) نداءً كونيًّا يمتد إلى الطبيعة في شتى مجاليها؛ لأنها في مفهوم أهل الله كائنٌ له من حقيقة التسبيح ما يجعله ينتظم في سلك الأحياء، فما من شيء إلا يسبح بحمده، دالٌ بالحال والمقال على لمن خلقه وسواه، بيدَ أنَّ تنوعَ الأجناسِ يُورِثُ العجزَ في فقه التسبيحِ مع وجودِ حقيقته(وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).. أنت عند الله غالٍ نداءٌ للمحبة والتعارف يسري عبر الزمان من القاهرة إلى داغستان، يُحلِّقُ في سماءِ الإنسانيةِ بحديثٍ عن إنسانٍ هو مطلقُ الإنسان.. صُنعَ على عين الله في جوهر تكوينه.. فهو بنيانُ الله وملعون من هدم بنيان الله؛ ولأنه غال عند الله حمى عقله وحفظ عرضه وصان ماله وحفظ حياته، ومن قبلُ حفظ دينَهُ في أصل الاعتقاد؛ :( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ومن بعدِ الاعتقادِ الذى يخلوا من شوائب الجبر والإكراه أصبحَ كل عابد لله في خندقٍ واحدٍ لمواجهةِ الإلحاد.