في قلب صحراء سيناء، ولدت قصة فريدة لـ«أم ياسر» ابنة قبيلة حماضة، التي جمعت بين أصالتها البدوية ورغبتها في التواصل مع العالم، حيث نشأت في قلب وادي الصهو، محاطة بطبيعة خلابة وعادات بدوية أصيلة، ومنذ صغرها كانت ترتاد الجبال مع والدتها لرعي الأغنام، وتعلّم أسرار الصحراء وتضاريسها.

«أم ياسر» تحدّثت إلى «الوطن»، وروت كيف انضمت إلى مجموعة «درب سيناء» حيث بدأت رحلتها كمرشدة سياحية، تقول: «لم يكن الطريق مفروشا بالورود، فالمجتمع البدوي كان يرى أنّ عمل المرأة مقتصر على المنزل، لكنّ إصراري وعشقي للصحراء دفعني للتغلب على كل العقبات».

واجهت «أم ياسر» الكثير من الانتقادات والرفض من قبل أفراد قبيلتها، لكنها صمدت أمام التحديات وآمنت بقدرتها على تغيير النظرة التقليدية للمرأة البدوية، وأنّها تستطيع أن تكون نموذجا يحتذى به للجيل المقبل، حيث سمحت لها قبيلتها بالعمل شرط أن تعود قبل غروب الشمس وترافق النساء فقط في الرحلات.

رحلة في أعماق الصحراء

رحلات «أم ياسر» السياحية أضحت تجربة فريدة للسائحين، فهي لا تأخذهم فقط في جولات استكشافية في الجبال والوديان، بل تغمرهم بتفاصيل الحياة البدوية، وتروي لهم قصصا وحكايات عن تاريخ القبيلة وعاداتها وتقاليدها.

التأثير المجتمعي

لم يقتصر تأثير «أم ياسر» على نفسها فقط بل امتد إلى مجتمعها، فقد ألهمت العديد من الفتيات البدويات على تحدي العادات والتقاليد والسعي لتحقيق أحلامهن، كما ساهمت في تحسين الوضع الاقتصادي لأسرتها ومجتمعها من خلال السياحة.

تطمح «أم ياسر» إلى توسيع نطاق عملها وتدريب مزيد من النساء البدويات ليكونوا مرشدات سياحيات كما تسعى إلى تطوير منتجات سياحية جديدة مستوحاة من التراث البدوي، لتعريف العالم بثراء وتنوع الثقافة البدوية، تقول: «لم أنسَ يومًا أنّني بدوية، لكنني أثبت للجميع أنّ المرأة البدوية قادرة على الوقوف بجانب الرجل والعمل على تحقيق نجاحها الخاص».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مرشدة سياحية جنوب سيناء التراث البدوي منصة عالمية أسرار الصحراء أم یاسر

إقرأ أيضاً:

هل هي خيمة دائمة؟

هل كان الفلسطيني، ابن الحضارة الأولى، باني أول مدينة في التاريخ، أريحا، قبل عشرة آلاف عام، بأنه سيعود إلى الخيمة، متنقلا بين منفى آخر، طلبا بما تجود عليه الأمم من "طحين وسردين"؟ هل كان في بال أبناء مدن فلسطين وحواضرها وقراها بأنهم سيعودون الى البدايات على يد غزاة وصفهم الشاعر سميح القاسم، بأنهم غزاة لا يقرؤون؟ ولكن، لأن السؤال ليس خبريا، بل إنشائيا، فلسنا بحاجة للإجابة عن هل بنعم أو لا، فإن ثمة إجابة أكثر بلاغة تمثلت بما بناه اللاجئون فيما تبقى لهم من حيّز، وفي كل فضاء وجدوه فرصة للبناء. لقد حمل اللاجئون طقوسهم، ومن ضمن ما حملوا في تنقلهم: الزراعة، فلا تكاد عيونهم ترى الأرض البور، حتى تتحول الى بساتين، فيا لجهل الغزاة وحمقهم حينما أرادوا تغييب الشعب الفلسطيني الشامي الكنعاني فازداد حضورا.

في معرض "طين وحديد"، الذي يصور عبر الرسومات والفيديو المصاحب، في مركز خليل السكاكيني برام الله، تطور الأشكال المعمارية- العمرانية، للفلسطينيين الشاميين، فإن للكبار ممن اختبر تلك البيوت المشيدة، وللصغار الذين وجدوها تراثا، فرصة لتأمل هندسة البناء حسب تطور الزمن، وحسب ممكنات البيئة بتأثير المناخ، والجغرافية وتيسر عناصر البناء، من البناء التقليدي الى البناء الحديث، أسوة بكل الوسائل المعيشية التي مرّت بالتطورات التكنولوجية، وصولا لما هو رقمي لم يكن على البال.

هي علاقة طبيعية بين البيت، وساكنيه، ذلك هو المكان والزمان، والحياة في منظوماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتلك هي البيئة الفلسطينية من غور وجبال وسهول وبرّ شرقي وبرّ غربي، وصحراء، التي جعلت سكان البلاد متوزعين على المدينة، والقرية، ومضارب البدو. لقد عاش معظم الفلسطينيين مزارعين، كأحفاد الكنعانيين، فيما عاش جزء مهم في المدن، أما البدو فكانوا يشكلون النسبة الصغرى، وهم تلك الفئة التي بقيت قريبة من طبيعتها في التنقل بحثا عن العشب والماء.

كان عماد حياة البدوي بيته "المنصوب"، من مواد بيئة، منها "شعر المواشي"، وما جادت به الطبيعة؛ فكان عمود الخيمة، وكانت الأوتاد. أما العمود فهو الرافع الأساسي "للشق" أي للخيمة، يتم دعمه ب “ركائز" هي مجموعة أعمدة أقصر من حيث الطول، لكن يظل العمود هو الأساس، فإن كان موجودا فمعنى ذلك بقاء الخيمة، أما إن تم تنزيله، فمعنى ذلك هو البدء في تنقل آخر، يمنح الشعراء قصائد قوامها ذكر الأطلال.

ما أثار تداعيات الذهن والروح هنا، في معرض "طين وحديد" هي المفارقة العمرانية، حينما وجد ساكنوا "الحجر" أنفسهم في العراء، وحيدين إلا من ظل شجر ربيع عام 1948، أو تجويفات "مغر" جمع مغارة، حتى حنّت الأمم عليهم بالخيم، جمع خيمة ليأووا إليها، ذلك الإيواء الصعب، الذي طيرت الخيم رياح شتاء ذلك العام وما تلاه من أعوام، وقلبتها، لتصبح السماء خيمة كبرى.

لقد ارتبطت الخيام، بمهجري عام 1948، ونازحي عام 1967، حيث ظن اللاجئون أنها آخر الخيام، لتستمر في ألم لآم العيش تحت الاحتلال، حيث أنه ما بعد عام 1967، حين أصبح فلسطينيو الضفة الغربية لنهر الأردن، وما سمي بقطاع غزة، تحت الاحتلال الإسرائيلي، قام الاحتلال بهدم عشرات الآلاف من البيوت كعقاب جماعي دفعا لهم للهجرة مرة ثالثة، ثم لتكون جريمة العصر في الحرب على غزة، حيث تم تدمير النسبة الكبرى من البيوت، في وقت صار تأمين خيمة إيواء معجزة، فصارت بيوتهم "تخفق الرياح فيها" كما وصفت ميسون الكلبية، باختلاف حين جعلت ريح غزة الأرواح بعثرة لما تبقى.

نقول ما قلنا دون الانتقاص من حياة البدوي وحضارته بالطبع، فذلك أمر آخر، طبيعيّ واختياري ونسق عيش، أحبته ميسون بإرادتها وفضلته على القصر المنيف.

على مدار النكبات بدءا بالأولى، فإن الطفل الذي ولد في التهجير عام 1948، صار سبعينيا، تنقل بين الكهف وظل الشجر والخيم، وبيوت الزينكو والصفيح، والطوب، والبيوت على تعدد أنواعها في أماكن اللجوء، فيما تم توريث كل هذا العذاب للأبناء والأحفاد، والذي صار يصعب تغييره في وقت حسم الاحتلال حكمه، بأن حياة المستوطنين مرتبطة بإبادة ما يمكن من فلسطينيين وبيوتهم وحتى الشجر.

وليس هذا وحسب، بل لم تكد دولة الاحتلال تتأسس حتى بدأ الحرب على الماشية.

يبدو ذلك غريبا ولا معقولا!

معروف ان اختيار البدو "للعنزة السوداء" أي للغنمة السوداء أو ما يطلق عليه بغنم السمار، قد تم بسبب قدرة تكيف غنم السمار في العيش على الحد الأدنى من الأعشاب، بما فيها الجافة، معطية ما يمكنها رغم فقر الكلأ، حليبا مقبولا، يشكل عمود غذاء البدو.

لقد أصدر الغزاة الجدد قانونا جعل العنزة السوداء عدوا لدولة الاحتلال عام 1950 بمبرر قضمها لوريقات الشجر غير الثمر الذي تم زراعته في القرى الفلسطينية المدمرة، لتغيير طبيعتها وبالتالي محوها، لضمان عدم عودة أصحابها لبيوتهم وأرضهم.

جميلة كانت تلك العنزة المشاغبة!

في "طين وحديد" ثمة دلالة على الاستمرار، حيث ما زال الفلسطينيون يبنون.

قبل أيام، لم يكد الغزيين يعودون الى شمال غزة، في تسونامي عجيب ضم مئات الآلاف منهم، حتى بدأ أصحاب البيوت بتمهيد ما تبقى من بيوت، مصرين على الترميم وإعادة بناء البيوت، وبشكل أكثر قوة وجمالا.

هذا ما سوف يوثقه فريق مشروع "طين وحديد"، بالتعاون مع زملائهم وزميلاتهم في قطاع غزة، لاستكمال مراحل جديدة من عناد شعبنا في التمسك بأرضه.

مقالات مشابهة

  • هل هي خيمة دائمة؟
  • وزير التعليم يبحث دعم الندوة العلمية حول الإرشاد السياحي
  • “هيومن رايتس”: العدو الصهيوني تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • القومي للمرأة ينظم دورة للقيادات الدينية للتوعية بمخاطر ختان الإناث والعنف ضد النساء
  • ” منظمة هيومن رايتس”: سلطات العدو الصهيوني تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • القومى للمرأة ينظم دورة للقيادات الدينية عن مخاطر الختان والعنف ضد النساء
  • هيومن رايتس: إسرائيل تفرض ظروفا تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • «المصري لحقوق المرأة» يقيم فعالية عن حقوق المرأة في جنيف
  • قومي المرأة يستعرض التجربة المصرية في تمكين النساء لوفد رئاسى كيني
  • كرة الطائرة الثلجية.. قرية تركية تحيي تقاليد رياضية مميزة منذ 32 عاما