طرحت زيارة رئيس مجلس النواب الليبي، "عقيلة صالح" المفاجئة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعض التساؤلات حول دلالتها وعلاقتها بحالة الجمود السياسي في المشهد الليبي وما إذا كانت بداية انفتاح من قبل "واشنطن" على معسكر الشرق الليبي.

ووصل "صالح" إلى واشنطن بشكل مفاجيء يرافقه بعض أعضاء مجلس النواب الليبي وذلك لعقد عدة اجتماعات، وبحث التطورات السياسية على الساحة الليبية مع بعض المسؤولين في واشنطن، دون إعلان محاور الزيارة أو طبيعة المسؤولين الأمريكيين.



"انفتاح على الشرق"
وسبقت هذه الخطوة.. زيارة قام بها مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، بلقاسم حفتر إلى الولايات المتحدة بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأمريكية للقاء مع مسؤولين أمريكيين والتنسيق معهم في الأمور التي تتعلق بإعمار ليبيا.

وتعمد بلقاسم نجل الجنرال حفتر أن ينفي أي علاقة له أو صفقات لصندوق الإعمار الذي يترؤسه مع دولتي الصين أو روسيا، ما فهم وقتها أنها "مغازلة واضحة" منه لواشنطن.

ولوحظ مؤخرا نشاط وتحرك أمريكي عالي المستوى للتواصل والتنسيق مع معسكر الشرق الليبي، لكن أغلبه يقتصر على معسكر حفتر وأبنائه خاصة مع اللقاءات التي عقدها القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى ليبيا "جيريمي برنت" رفقة وفد رفيع المستوى، مع بلقاسم حفتر وأخيه رئيس أركان الوحدات الأمنية الفريق "خالد خليفة حفتر.

وفي نهاية سبتمبر الماضي التقى "حفتر" وفدا أمريكيا رفيع المستوى برئاسة مساعدة وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية سيليست والاندر، ونائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا «أفريكوم» الفريق جون برينان، لبحث التنسيق ومحاربة الإرهاب".

فهل تدخل زيارة "عقيلة صالح" لواشنطن في إطار التوجه والانفتاح الأمريكي نحو الشرق الليبي أم زيارة للضغط وفك الجمود في المشهد الليبي؟.


"زيارة دعاية وغير مؤثرة"
من جهته قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إنه "ليس بالضرورة ربط زيارة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح بزيارات أخرى مشابهة أو من شخصيات تحسب على معسكر الشرق إلا من حيث أنها ككل الزيارات تأتي في إطار الصراع الدائر بين الشخصيات التي تتصدر المشهد وتعتبر زيارة أمريكا دعما لها على الأقل أمام المؤيدين والخصوم".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "مثل هذه الزيارات ترتبها شركات دعاية وتسويق وعادة ما تكون غير مؤثرة خاصة في هذا الوقت التي تنشغل فيه الولايات المتحدة بالتحضير للانتخابات الرئاسية"، وفق قوله.

"مواجهة الوجود الروسي"
في حين أكد الكاتب السياسي الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير أن "واشنطن لديها نوعين من الاعتراف بالكيانات السياسية، الأول يسمونه "ديفاكتو" بمعنى الاعتراف بالأمر الواقع وهم يستندون إليه في التعامل مع كل الأطراف الفاعلة في أي أزمة سياسية، والنوع الثاني: يسمونه "ديجوري" أو الاعتراف الاختيارى وهو الذى يأتى معه بالتعاون والتحالف وربما الدعم".

وأشار في تصريحاته لـ"عربي21" إلى أن "لقاءات الأمريكان مع الأطراف الليبية الآن كلها بدون استثناء هي تحت بند الديفاكتو، للتفاعل والفهم وتوضيح ثقل أمريكا وتوجهاتها وطلباتها، وهذه اللقاءات تأتي لتزايد اهتمام واشنطن بمواجهة الوجود الروسي فى شرق وجنوب ليبيا لذلك من المنطقي أن تكون الأطراف الفاعلة فى تلك المناطق هي المستهدفة"، وفق رأيه.

وتابع: "عقيلة صالح ومجلس النواب هو ما يقول وزير الخارجية الروسي "لافروف" أنهم من دعوه إلى ليبيا ويستند إليه فى تواجد الروس هناك، لذلك فإن الحديث مع عقيلة في ظل هيبة العاصمة واشنطن مهمة للغاية".

وقال لـ"عربي21": "معلوماتي الخاصة أن عقيلة صالح أبدى للبعض ارتباكه من الزيارة لأنه يعرف أن موضوع خروج الروس هو الموضوع الأساسي للزياره والنقاش ولا يدري كيف سيتعامل معه وهو لا يمتلك أي أدوات لذلك"، كما صرح.

"معسكر الشرق متماسك"
في حين قال المحلل السياسي الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف إن "معسكر الشرق الليبي منسجم مع نفسه والمؤسسات السياسية والعسكرية هناك متحدة وتتحدث بصوت واحد وحضورها صار واضحا في مناطق سيطرتها وتأثيرها يصل في بعض الجوانب إلى خارج مناطق نفوذها، وعلاقاتها الدولية صارت تتطور باضطراد واستمرارية مخطط لها بشكل منظم.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أنه "برغم النفوذ الدولي إلا أن قرارات البرلمان والجيش الليبي والحكومة الليبية في الشرق أكثر استقلالية بالنظر لحالة التكاتف والتعاضد بين تلك المؤسسات، بعكس المؤسسات في غرب البلاد فهي متناطحة متضاربة الصلاحيات وليس بينها تواصل فضلا عن تحالف أو توافق حيث يعلو صوت الخلافات بينها، لذا انكشفت أمام اتحاد المؤسسات الليبية في الشرق الليبي"، حسب تقديره.


"تظاهر بتأييد أمريكي"
الباحث الليبي في معهد "جو هوبكنز" الأمريكي والمقيم هناك، حافظ الغويل علق على الزيارة قائلا: "رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، سيذهب إلى واشنطن لمقابلة مسؤولين أمريكيين لا قيمة فعلية لهم، ورفضنا استضافته في المركز الذي أديره كما رفض ذلك عدة مراكز دراسات في واشنطن".

ورأى خلال تدوينة على صفحته الرسمية أن "عقيلة يزور واشنطن فقط لالتقاط الصور والتظاهر أنه يتمتع بتأييد أمريكي لكنه وفق معلوماتي أنه سيلتقي مسؤولين أمريكيين لا قيمه فعليه لهم الآن وفى طريقهم للخروج من الحكومة ودوائر صنع القرار بعد الانتخابات الأمريكية في خلال أسابيع قليلة"، بحسب كلامه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية عقيلة صالح الولايات المتحدة ليبيا ليبيا الولايات المتحدة عقيلة صالح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق اللیبی مجلس النواب عقیلة صالح

إقرأ أيضاً:

ما تأثير استقبال حفتر لهاربين من قوات حميدتي على علاقته بمصر؟

أثارت الأنباء عن هروب جنود من قوات "الدعم السريع" السودانية التي يقودها، محمد دقلو "حميدتي" إلى مدن ليبية تقع تحت سيطرة المشير الليبي، خليفة حفتر بعض التساؤلات عن تأثير ذلك على علاقة الأخير بالنظام المصري الذي استقبله رسميا منذ يومين.

وأكدت القوة المشتركة السودانية "أنها تمكنت من صد هجمات مرتزقة ومقاتلي الجنجويد بقوات "الدعم السريع" ما دفعهم إلى فرار بعضهم إلى الأراضي الليبية التي تقع تحت نفوذ "خليفة حفتر"، مؤكدة أنها تمكنت من صد هجوم ميليشيا الجنجويد عندما حاولت التسلل من الحدود الليبية باتجاه مثلث الحدود الدولية السودانية - الليبية – التشادية.

وأكد بيان القوة المشتركة أن "دولة الإمارات كانت تحضّر منذ شهور في شرق ليبيا لشن مثل هذه العمليات العسكرية من أجل إنقاذ قوات "حميدتي"، لكن تم إفشال هذه المحاولة اليائسة"، وفق البيان.



غضب السيسي
وذكرت بعض المصادر أنه خلال اللقاء الذي جمع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي مع قائد القيادة العامة في ليبيا، خليفة حفتر عبر الأول عن غضبه من التقارير الواردة حول دعم حفتر لقوات "حميدتي" التي يرفضها الجيش المصري ويدعم قوات "البرهان" وفقط، وأن الرئاسة المصرية شددت على منع تدفق أي اسلحة إلى قوات الدعم السريع أو استقبال جرحاهم والفارين منهم.

فهل تسبب التقارير الجديدة عن استقبال حفتر لجنود من قوات "حميدتي" غضب القاهرة وفك الارتباط معه؟ خاصة مع ورود أنباء عن استقبال حفتر أيضا لجنود ومعدات روسية؟

ضغوط مصرية ودولية على حفتر
من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عبدالفتاح الحلبوص أن "حفتر بهذه الممارسات سواء بخصوص ملف السودان أو الروس سيتعرض لضغوط كبيرة من قبل القاهرة أو المجتمع الدولي، لذا قد يضطر لتسليم الفارين من قوات "حميدتي" إلى القاهرة لضمان عدم غضبهم، أو ربما يحتفظ بهؤلاء المرتزقة لابتزاز الحكومة السودانية والجيش السوداني بعد ذلك".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "سر دعم حفتر لحميدتي هو بمثابة رد الجميل له كونه ساعده في هجومه على طرابلس عام 2019 ، أما بخصوص الروس وما تداول عن وصول قوات ومعدات روسية قادمة من سوريا فأعتقد أن يكون هناك تعاون بين روسيا وقوات الدعم السريع ويتم دمجهم في الفيلق الإفريقي وربما سيكون هذا حتى دون استشارة حفتر أو رأيه، فالروس سيحاولون تعويض سوريا وسيستغلون الموقف"، وفق تقديره.

وأضاف: "لا ننس عودة ترامب للبيت الأبيض وتهديداته بمنع أي تصعيدات أو حروب في المنطقة، فربما تكون استراتيجية ترامب هي تكوين قوة ليبية تصد هذا التوسع الروسي ومرتزقة الدعم السريع، وربما يتم عقد صفقة أميركية مع حفتر مقابل إخراج المرتزقة الروس "فاغنر"، ومن المتوقع أن تكون تركيا هي الوسيط في أي توافقات".

في حين رأى الصحفي والباحث السوداني، أحمد عبدون أنه "يجب أن يقرأ هذا الخبر في سياق العمليات العسكرية الدائرة في أنحاء السودان المختلفة، وبالتالي إن ثبت أو صح فهو يشكل تطورا خطيرا للغاية، وسيؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة وتأخير جهود تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا والسودان".

وأكد في تصريح لـ"عربي21" أنه "حال تأكد الخبر فإن حفتر سيستغل هذه القوات في تعزيز صفوفه خاصة أن هذه القوات تتمتع بخبرة قتالية كبيرة، وهذا سيؤدي إلى تدفق أعداد كبيرة من المقاتلين إلى ليبيا وتعطيل جهود السلام فيها، كما سيعمل على تغيير موازين القوى خاصة مع وجود تحالفات متعددة الأطراف في ليبيا والسودان".

وتابع: "هذا الأمر قد يعرض حفتر لضغوط إقليمية ودولية، كما يؤدي إلى تدهور العلاقات مع مصر التي تعتبر محمد حمدان دقلو "حميدتي" والدعم السريع مهددا لأمنها القومي، وقد يكون الدافع وراء استقبال حفتر لهؤلاء الفارين هو كسب دعم الإمارات واستمرار ذلك سياسيا وعسكريا"، بحسب رأيه.



حفتر لن يتحالف ضد مصر
الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط قال من جانبه إن "دخول أفراد من قوات الدعم السريع السودانية إلى ليبيا أمر طبيعي، بسبب تدفق النازحين السودانيين، لكن لا أعتقد أن قائد القيادة العامة (حفتر)، لا يتدخل بشكل صريح في هذه القضية، كونها تتجاوز الحدود الليبية السودانية وتؤثر على الجغرافيا السياسية لدول أخرى في المنطقة، مثل مصر وتشاد".

وأوضح أنه "من المستبعد جدا أن تؤسس القيادة العامة في الشرق الليبي تحالفات ضد مصر، كونها الحليف الاستراتيجي المهم والأساسي لها، ونظرا للعلاقة السياسية والجغرافية والاجتماعية التاريخية بين الطرفين، فالحليف المصري ضروريا للقيادة العامة، لوجود تحديات أمنية مشتركة، وبالتالي من غير المرجح أن تتخلى القيادة العامة عن هذا الحليف الاستراتيجي من أجل تحالفات مؤقتة"، وفق تقديراته.

وأضاف لـ"عربي21": "مصر تري أن أمنها القومي يرتبط ارتباطا وثيقًا بالجغرافيا السياسية الليبية، لهذا السبب تدخل في الملف الليبي بشكل قوي، وحفتر يعمل على تعزيز أواصر القوة والترابط مع مصر، حيث تعتبر مصر الداعم الأساسي لمعسكر الشرق الليبي"، كما صرح.

مقالات مشابهة

  • السويح: المصالحة الوطنية ركيزة أساسية للحل السياسي في ليبيا
  • «أمنية» تُحقّق حلم طفلة بزيارة «ديزني لاند باريس»
  • رئيس الدولة يستقبل مساعدة الرئيس الإيراني التي تقوم بزيارة عمل إلى الدولة
  • عقيلة صالح يشدد على توحيد السلطة التنفيذية وخوري تؤكد تقريب وجهات النظر
  • لهذا السبب..زيارة مفاجئة لمحافظ أسيوط للمركز التكنولوجي بقرية بني مر بمركز الفتح
  • ما تأثير استقبال حفتر لهاربين من قوات حميدتي على علاقته بمصر؟
  • لهذه الأسباب..زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمركز طب الأسرة بقرية مسارة بديروط
  • الصديق حفتر يزور قبيلة الجميعات لبحث جهود ‏المصالحة الوطنية في ليبيا (فيديو)‏
  • «عقيلة صالح» يلتقي سفير كوريا الجنوبية وممثلي شركة «داوو»
  • ليبيا: بلقاسم حفتر يبحث مع وفد كوريا الجنوبية التعاون المشترك بين البلدين