مهمتك ألا تبكي _ #ماهر_أبوطير
منذ #حرب_العراق عام 1990، مرورا ببقية #الحروب، وصولا الى حربي #غزة و #لبنان في عام 2024، تبرز #ظاهرة_نادرة في #الإعلام_ العربي، أي بكاء الإعلاميين والإعلاميات على الهواء.
لو عدنا الى الارشيف لوجدنا عشرات الفيديوهات لمذيعين يبكون في قنوات عربية معروفة، وقنوات محلية في دول مختلفة، من الشرق الى الغرب بسبب المذابح والمقتلة التي تعيشها المنطقة العربية، لأسباب مفهومة وغير مفهومة وكلما تأثر مذيع امام مشهد مروع، او مذبحة اطفال، او نزوح ابرياء، يعطينا نوبة دموع، وكأنه ينقصنا انهيار في المعنويات، فوق الدموع التي تمطر فوق رؤوسنا منذ ان ولدنا في المشرق العربي، وما فيه من قصص وحكايات.
قد يرد البعض ان المذيع او المذيعة، المحاور او المحاورة، انسان نهاية المطاف، ولديه مشاعر انسانية ووطنية، وليس من حق احد الحجر عليه، وانتقاد البكاء، وهذا صحيح، لكنه ليس رخصة مطلقة، لمن يبكي، مهما كان متأثرا او وطنيا او قوميا، او صاحب احساس مرهف.
مقالات ذات صلة مصطلحات إسلامية: العسر واليسر 2024/10/07في بعض الحالات بكى المذيعون او المذيعات، قصص اوطانهم، وفي حالات بكوا على شعوب عربية تم سفك دمها، وعبروا عن مشاعر المشاهدين، لكنهم زادوا ارهاقها.
المشهد يختلط على كثيرين، لأن مهمة الاعلامي هنا ليس الوقوف وسط الجمهور ومشاركتهم البكاء اصلا، بل رفع معنوياتهم، والتخفيف عنهم، وتوجيه الحوار بطريقة ذكية، والمساهمة في شرح القضية بدلا من ذرف الدموع، في تكريس لشعور العجز، لدى المتابعين والمتابعات، وكأن الرسالة التي تصل هنا بشكل غير متعمد، انه لم يعد بين ايدينا اي خيارات سوى البكاء.
في بعض الحالات تؤدي الدموع مهمة وظيفية ترتبط بتحسين سمعة الاعلامي او الاعلامية، ورفع شعبيته، وانا هنا أتحدث عن الحالات التي يتعمد فيها البعض استمطار الدمع داخل الاستوديو، اما الحالات الانفعالية، فلا يمكن اتهام اصحابها في دوافعهم، ولا جرح نياتهم.
لقد أفرطت المنطقة العربية في التعبيرات العاطفية طوال عمرها، منذ الشعر الجاهلي، وصولا الى دموع الاعلامية عبر هذه الشاشة او تلك، فيما كل هذه الاستهدافات، والمذابح، وسفك الدماء في المنطقة، والتدمير الذاتي، والاحتلالات، وتسلط بعض الانظمة، ودفع مئات الملايين من البشر لأثمان غير عادلة، لا يمكن معالجتها او التخفيف منها، بالدموع او الشعر او القصائد او الشعارات، او الاغاني الثورية، او بيانات الشجب والتهديد وكل هذا الضجيج.
ما ينقصنا في هذه المنطقة عقيدة العمل، في كل المجالات، نحن نبكي، منذ قرون، ويأتي الاعلامي او الاعلامية وبذريعة التأثر، ويتخلى عن مهمته الاساسية، حيث اننا لسنا في جلسة عويل ولطم، وما نحتاجه تحليلا عميقا، وتوجيها ذكيا، وتأثرا اكثر ذكاء لا يقول انك ضعيف، وشعبك ضعيف، وامتك ضعيفة، يتم التنكيل بالكل، فيما الاعلام يبكي كسيرا عاجزا.
الاعلام جزء من صناعة الروح المعنوية في اي بلد او امة، ولا يمكن اعتباره مجرد وظيفة، ولانه كذلك، فإن الحد الادنى عدم البكاء ولا التباكي، حتى لا يتسلل الشعور بالسحق والمحق الى بيوت الناس، فنترك لهم املا، ولربما لو سألت عدوك عن مشاعره وهو يراك تبكي، لقال لك، انه يشعر بالشماتة والفرح والسعادة، ويريد لنا جميعا ان نبكي معك باعتبارك قدوة حسنة.
توقفوا عن هذه الموضة البائسة، لقد تعبنا من كل هذه الحركات، ولربما مداخلة ذكية تكون أكثر منفعة وفائدة من كل هذه الدموع، فأنت لا تجلس في غرفتك، بل تجر خلفك الملايين.
لم نر المراسلين العسكريين في الميدان ووسط الشهداء وتحت القصف يبكون، ولم نر بعض اهالي الشهداء الا صابرين مبتسمين، وهم جميعا الاكثر تأثرا مقارنة بمن يتابعون عن بعد.
مهمتك ألا تبكي. ليست هذه مهمة الإعلام أصلا.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حرب العراق الحروب غزة لبنان ظاهرة نادرة الإعلام
إقرأ أيضاً:
6 حالات تُباح فيها الغيبة.. ضوابط شرعية لحفظ الحقوق والمصالح
استثنى العلماء بعض الحالات التي تُباح فيها الغيبة إذا كان هناك مصلحة شرعية راجحة أو ضرورة تستدعي ذلك، بشرط عدم تجاوز حدود الحاجة. وفيما يلي نوضح هذه الحالات وأسباب إباحتها:
الغيبةالغيبة، وهي ذِكر الشخص بما يكره في غيابه، تُعد من كبائر الذنوب في الإسلام، وقد ورد التحذير منها في القرآن الكريم، إذ قال الله تعالى: "وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ" (الحجرات: 12).
6 حالات تُباح فيها الغيبة: ضوابط شرعية لحفظ الحقوق والمصالح1. التظلُّم ورفع الظلمإذا وقع الشخص تحت ظلم أو تعدٍّ، جاز له أن يرفع الأمر إلى من يستطيع إنصافه، مثل القاضي أو المسؤول، وأن يذكر أفعال الظالم بهدف طلب العدالة. وهذا لا يُعد غيبة لأنه يسعى لإحقاق الحق.
على سبيل المثال، يمكن للمظلوم أن يقول: "فلان أكل حقي في العمل"، أو "فلان اعتدى عليّ"، بشرط أن يكون الحديث موجّهًا فقط لمن يملك سلطة لحل النزاع، دون نشر الأمر للعموم أو الإساءة إلى الظالم بشكل زائد عن الحاجة.
عند معرفة وقوع شخص في معصية أو منكر قد يضر بالمجتمع أو بالأفراد، يجوز إبلاغ من له القدرة على التدخل والإصلاح، مثل الوالدين، أو المدراء، أو الهيئات المختصة، شرط أن يكون القصد الإصلاح والنصح، لا التشهير أو الانتقام.
مثلًا، إذا كان هناك شخص معروف بالغش في العمل أو التلاعب في الأموال، يُمكن إبلاغ الجهات المختصة لضمان العدالة، مع تقديم الأدلة دون مبالغة.
عندما يحتاج المسلم إلى استفتاء عالم أو مفتي في قضية تتعلق بحياته، قد يكون من الضروري أن يذكر تفاصيل ما وقع له، حتى لو تضمنت ذكر أشخاص بأسمائهم.
مثلًا، يمكن للشخص أن يقول: "زوجي يفعل كذا وكذا، هل يجوز لي طلب الطلاق؟" أو "شريكي في العمل يأخذ أموالًا بغير حق، فما الحكم؟"، بشرط أن يكون الغرض من الكلام هو الوصول للحكم الشرعي فقط، وليس الإساءة للطرف الآخر.
يجوز التحذير من شخص أو جهة إذا كان هناك خطر محتمل على الآخرين، مثل التحذير من التعامل مع شخص مخادع، أو من الارتباط بشخص يُعرف بسوء الأخلاق.
هذا النوع من الغيبة يُسمى "النصيحة في موضعها"، كما في حالة المشاورة في الزواج أو العمل أو الشراكة المالية. فعلى سبيل المثال، إذا سأل شخص عن شخص آخر للتقدم للزواج، يجوز ذكر عيوبه أو صفاته التي قد تؤثر على قرار الزواج، مثل الكذب أو البخل، بشرط أن يكون ذلك صادقًا ومنصفًا.
إذا كان الشخص يجاهر بمعصيته أو بدعته، كأن يكون معروفًا بشرب الخمر أو الترويج لأفكار مخالفة للشريعة، يجوز ذكر ما يجاهر به لتحذير الناس منه.
مثال ذلك، تحذير الشباب من متابعة شخص ينشر أفكارًا تضللهم عن الدين، أو من التعامل مع تاجر يغش في مبيعاته. لكن يشترط أن يقتصر الحديث على ما يجاهر به الشخص دون التطرق لعيوب خفية لا يعلمها الناس.
في بعض الحالات، يُطلق على الشخص لقب مرتبط بصفة فيه كوسيلة للتعريف، مثل "الأعمش" أو "الأعرج"، وهذه الأوصاف لا تُعد غيبة إذا كانت القصد منها التعريف بالشخص فقط، دون نية السخرية أو الانتقاص منه.
ضوابط إباحة الغيبةنية صالحة: يجب أن يكون القصد من ذكر الشخص هو تحقيق مصلحة شرعية، كالنصيحة أو الإصلاح، وليس التشهير أو الانتقام.
اقتصار الحديث على الحاجة: لا يجوز الخوض في تفاصيل زائدة عن الضرورة، أو ذكر عيوب أخرى لا علاقة لها بالموضوع.
تجنب التشهير العام: يُفضل أن يكون الكلام في دائرة ضيقة بين الأشخاص المعنيين فقط، حتى لا تتحول الغيبة إلى أداة للإساءة العامة.
أهمية الالتزام بالضوابط
الإسلام حريص على حماية كرامة الأفراد وسمعتهم، ولذلك وضع قيودًا صارمة على الغيبة، حتى في الحالات التي تُباح فيها. فمن تجاوز هذه الضوابط، وقع في الإثم وعرض نفسه للعقاب الإلهي.
الغيبة من الكبائر التي تُهدم العلاقات وتُثير الفتن، ومع ذلك، فإن استثناء بعض الحالات من التحريم يبرز مدى مرونة الشريعة الإسلامية في تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد والمجتمع. على المسلم أن يتحرى الدقة والإخلاص في استخدام هذه الرخص، وأن يُدرك أن الكلمة قد تكون سلاحًا إما للبناء أو للهدم.