عربي21:
2025-03-18@21:28:23 GMT

طوفان الأقصى وهشاشة المشروع الاستعماري

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

حلت الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى، التي تهدد بالتحول إلى حرب إقليمية، إن لم تكن قد تحولت، وهي مناسبة للوقوف على أبرز النتائج السياسية والأخلاقية والعسكرية وسيناريوهات المستقبل، التي تهم العالم العربي والإسلامي وتمتد إلى الجنوب وعلاقته بالشمال.

ولعل الملاحظة الأبرز التي أدهشت الجميع هو استمرار طوفان الأقصى في المقاومة منذ سنة، رغم التقتيل والتدمير الوحشي من طرف إسرائيل.

وهذا يعني أن هذه المرة قد تحولت مواجهة الفلسطينيين ضد المحتل الإسرائيلي إلى حرب تحرير حقيقية، ممتدة في الزمن بإيقاع مكثف وقوي بعدما كانت في الماضي عمليات فدائية متقطعة في الزمن، وانتفاضات مدنية مثل الانتفاضة الشهيرة «انتفاضة الحجارة».

وبهذا، يسطّر الفلسطينيون ملحمة أخرى في مسيرة ملاحم مواجهة الاستعمار المقيت، ويضيفون صفحة أخرى إلى صفحات شعوب الجنوب التي واجهت الاستعمار في الماضي. ولعل ما أثار انتباه العالم كذلك أنه بقدر ما يصمد الشعب الفلسطيني، تقوم الآلة الإسرائيلية بممارسة حرب الإبادة وحرب الجبناء، بقتل أعلى نسبة من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء.

ارتباطا بحرب الإبادة وحرب الجبناء، لم يتردد الغرب، الذي يحمل يافطة ولافتة «حقوق الإنسان» في تبرير الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل، وذلك عبر دفاع مزدوج، تزويد الكيان بالسلاح الفتاك، ثم الدفاع عنه للتهرب من محاكمة دولية بسبب جرائم الإبادة. والمفارقة هو كيف وضع الغرب نفسه في مأزق أخلاقي تاريخي، بين مواقفه في حرب أوكرانيا ضد روسيا، ومواقفه في دعم إبادة الفلسطينيين. إنه نسخة مشوهة، ولكنها سياسية وحقيقية، من رواية «الدكتور جيكل ومستر هايد» للويس ستيفنسون.

إن موقف الغرب في العمق يتجاوز دعم كيان حليف في الحرب إلى تأكيد الاستمرار في تطبيق مخطط يعود إلى قرون بروح صليبية، وهو ضرب وحدة العالم العربي والإسلامي وفق منظور صراع الحضارات. وإذا كان بالأمس هو الاستعمار المباشر، فاليوم يجري تنفيذ المخطط عبر زرع كيان مثل إسرائيل، لمنع هذا العالم العربي من تقنيات التطور العلمي والوحدة، حتى لا ينشأ ويترعرع جنوب الغرب، حزام عسكري وسياسي قوي وموحد، بل كيانات مشتتة ومتفرقة.

لقد أصبح مثقفو الجنوب المتحررين من رؤية الغرب يعتبرون 7 أكتوبر/تشرين الأول ما هو إلا فصل جديد، وهذه المرة معلن لمسلسل حرب الحضارات، التي يصر الغرب على تطبيقها سرا وعلنا، وفق الظروف، رغم سعي الأمم إلى علاقات دولية قائمة على السلام والحوار.

يشكل 7 أكتوبر منعطفا لافتا في جانبه العسكري، لا يتعلق الأمر فقط بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل بمنعطف يهم العالم. لقد كشف هذا الحدث الكبير كيف فشلت الاستخبارات الإسرائيلية بشتى فروعها في رصد مخطط المقاومة الفلسطينية، وانهارت أسطورة الموساد وآمان وبرامج مثل بيغاسوس.

غير أن اللافت هو أنه لأول مرة تحدث المواجهة بين إسرائيل المجهزة بأسلحة غربية، خاصة الأمريكية وحركات المقاومة وإيران، التي تصنع أسلحتها بنفسها. ونتساءل: هل تستطيع إسرائيل الصمود إذا لم تتوصل بالأسلحة الغربية للاستمرار في الحرب؟ سيكون الجواب بالنفي، لا تستطيع لأن كل ما قيل عن عبقرية الصناعة العسكرية الإسرائيلية تبين مدى هشاشته في هذه الحرب الحقيقية.

فمن جهة، لا تستطيع إسرائيل بمفردها الرد العسكري على هجمات إيران، التي نفذتها يوم الفاتح من أكتوبر، وتحتاج إلى الدعم العسكري الأمريكي، ومن جهة أخرى لا تستطيع أنظمتها الجوية الصمود إلى الأبد أمام الصواريخ الإيرانية واليمنية وحزب الله، وبالتالي هرعت الأساطيل الغربية لحماية إسرائيل، وهذه الأساطيل هي التي تولت اعتراض غالبية الصواريخ التي أطلقتها إيران ليلة 14 أبريل/نيسان الماضي والفاتح من أكتوبر الجاري.

وارتباطا بالجانب العسكري دائما، تبين مدى الدور الكبير للصاروخ المصنوع في الشرق الأوسط، في إيران واليمن ولبنان، في إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة مستقبلا، بفضل السبق في صناعة صواريخ فرط صوتية ستخلق التوازن للتفوق الإسرائيلي بفضل المقاتلات التي تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل.

لقد أصيب خبراء الغرب في مجال الأسلحة بالذهول، وهم يرون كيف أصبح اليمن، الذي يمر في ظروف اجتماعية صعبة، ثاني دولة في تاريخ الحروب تستعمل صاروخا فرط صوتي، بينما فشلت دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في تطوير هذا النوع من الصواريخ.

وتضاعف الذهول بعد عملية الفاتح من أكتوبر، وكيف امتلكت إيران الجهوزية لإطلاق أكثر من 200 صاروخ باليستي وفرط صوتي مرة واحدة، في أكبر عملية ضرب بالصواريخ في تاريخ الحروب.

وفي امتداد لهذا الجانب العسكري كذلك، ترى إسرائيل نفسها كيف أصبحت تحارب أطرافا لم تخطر على بالها حتى الأمس القريب. فهل كانت تتكهن مثلا في شن الحوثيين هجمات على موانئ ومدن الكيان انطلاقا من الأراضي اليمنية؟ وهل كانت تعتقد في نجاح الحوثيين في منع سفنها من المرور من باب المندب؟ وهل كانت تعتقد تعرضها لهجمات من طرف حركات المقاومة العراقية؟ لم تكن تنتظر هذا.

وها هو طوفان الأقصى يعزز أسلوبا جديدا من الحروب وهو تعويض حركات المقاومة لدور الجيوش النظامية العربية التي أصبحت المهام المنوطة بها هو قمع الشعوب العربية وأحيانا المساهمة في الدفاع عن أمن الكيان الإسرائيلي.

وعليه، تعتبر القضية الفلسطينية ذات بعد عالمي ويكفي رؤية كيف يشهد العالم تظاهرات في مختلف القارات، على الرغم مما يبذله اللوبي الصهيوني – الغربي من محاولات تزييف الواقع ببروبغاندا مكثفة. هذا على مستوى مشاعر التضامن، غير أن هذه المرة سجلت القضية الفلسطينية قفزة نوعية بعدما تحول طوفان الأقصى إلى منعطف تاريخي بطابع صراع الحضارات، جاء ليوقظ الجنوب الآخذ في بلورة وحدة صفوفه في مواجهة غطرسة الغرب.

ملاحظة على الهامش: شهدت العاصمة الرباط يوم 6 أكتوبر أكبر التظاهرات العالمية تضامنا مع فلسطين ولبنان، وسجل المغرب أعلى نسبة من التظاهرات في العالم بأكثر من ألف تظاهرة منذ انطلاق طوفان الأقصى.

والحديث عن هذا ليس من باب التنافس في الأرقام، بل لأن هذه التظاهرات هي هزيمة للوبي الصهيوني الذي راهن منذ سنوات على ضرب روابط المغرب بقضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية بحملة مكثفة ومنسقة لم يتعرض لها بلد عربي آخر. وتأتي هذه التظاهرات في المغرب لتبرهن أن شعب المغرب معدنه أصيل في الإيمان بقيم التضامن مهما حاول الصهاينة وأذنابهم.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال العدوان طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية

سرايا - قال رئيس الوزراء جعفر حسان، الثلاثاء، إن الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية، وكل المجتمع الدولي يجب أن يكون معنياً بوقف هذا التوحش الذي طال الأطفال والنساء والعزل، واليوم يتمثل في التجويع لغايات التهجير، وطرد الشعب الثابت على أرضه.



وأكد رئيس الوزراء مجدداً على ثوابت الأردن القوية والراسخة تجاه القضيَّة الفلسطينية، التي يعبر عنها جلالة الملك دائماً بكل وضوح في "لاءات الأردن الثلاثة"؛ (لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل).



وأشار إلى أن الجهود التي يقودها جلالة الملك مكرسة من أجل دعم وتثبيت صمود الأشقاء الفلسطينيين على ترابهم الوطني، وهذا هو الضمان الوحيد لاستعادة حقوقهم الكاملة وفي مقدِّمتها حقَّهم في إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة، على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعلى أساس حل الدَّولتين.

 


جاء ذلك خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم في محافظة مأدبا؛ وهي السادسة التي يعقدها في المحافظات.

 

 

إقرأ أيضاً : بعد عودة القتال .. نتنياهو يوجه تعليمات "صارمة" لوزرائهإقرأ أيضاً : الاحتلال يغلق معبر رفح ويمنع سفر المرضى من قطاع غزةإقرأ أيضاً : ارتفاع حصيلة شهداء عدوان الاحتلال على غزة إلى 322 شهيدا



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1329  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 18-03-2025 11:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
فاجعة في الرياضة العالمية .. حياة مصارع تنتهي على الحلبة رعب في القطب الجنوبي .. عالم يهدد زميله بالقتل في قاعدة معزولة! موظف أمريكي يحاول تهريب مخطط مفاعل نووي إلى كوريا الجنوبية قرد ذكي يعقد صفقة مثيرة .. يعيد هاتف سامسونغ مقابل عبوة مانغو! بيان صادر عن وكالة سرايا بعد اعتذار مجلس النواب... بالفيديو .. عطوة اعتراف بإثارة فتنة في رواق... مجلس النواب يعتذر لموقع سرايا وللزميل الخالدي بسبب... بالأسماء .. ضربات (إسرائيلية) تغتال قيادات في حماس الاحتلال يعلن رسميا انتهاء الهدنة ويتوعد حماس... بعد عودة القتال .. نتنياهو يوجه تعليمات...الاحتلال يغلق معبر رفح ويمنع سفر المرضى من قطاع غزةارتفاع حصيلة شهداء عدوان الاحتلال على غزة إلى 322...بالأسماء .. ضربات (إسرائيلية) تغتال قيادات في حماسالاحتلال يعلن رسميا انتهاء الهدنة ويتوعد حماس...النيابة العامة وافقت على طلب نتنياهو بإلغاء شهادته...مسؤول "إسرائيلي": ترامب منحنا الضوء...واشنطن ستفرج عن 80 ألف صفحة من ملفات كينيديمخاوف إسرائيلية من هجوم لحماس مشهد تحرش بطفل يثير ضجة .. ومخرج "لام... أصالة نصري تطبّق طقوس أم كلثوم الغريبة بالأكل قبل... صراخ هستيري وكشف أسرار .. فيفي عبده ضحية رامز جلال... غادة عبد الرازق تتحدث عن فكرة الزواج مجدداً حلا شيحة تعلق على أحدث إطلالة "في كل مكان" منتخب النشامى يُكثف تحضيراته تأهبا لمواجهة فلسطين بتصفيات كأس العالم يختفي وقت الحسم .. أرقام كارثية تفضح صلاح في النهائيات الأمير علي يتابع تدريبات "النشامى" استعدادا لمواجهة فلسطين الأميرة آية: الأردن الدولة العربية الوحيدة المشاركة في دوري أبطال آسيا لكرة الطائرة للسيدات ريمونتادا لبرشلونة أمام أتلتيكو تعيده لصدارة الدوري الإسباني شرطة سير تحمي "عائلة من البط" خلال عبورها للطريق برج إيفيل "يرتدي الحجاب" .. إعلان يُثير الجدل في فرنسا وفاة طبيبين مخطوبين إثر حادث انقلاب مركبتهم! تناولا الكوكايين .. كلبان يُقطعان جسد سبعينية حتى الموت "المسحراتي" مهنة ل30 يوما فقط .. تاريخها وأول من عمل بها بمصر بمساعدة الريح .. تلميذ أسترالي يركض مسافة 200 متر في أقل من 20 ثانية رجل إطفاء يصاب بسكتة قلبية أثناء مكافحة حريق ضخم بالفيديو .. مدير يعتدي على طالبيتن ضرباً في باحة المدرسة في مصر الجامع الأقمر .. 9 قرون من الإبداع المعماري بتوقيع الفاطميين .. صور فيديو صادم .. ثعبان يلتف حول رقبة طفل يشعل غضب السوشيال ميديا

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • مصر أكتوبر: كسر الاحتلال للهدنة يؤكد للعالم أن إسرائيل ليست دولة سلام
  • مصر أكتوبر: كسر الاحتلال للهدنة والاعتداء على أهالي غزة جريمة بحق الإنسانية
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • توتر في إسرائيل.. خلافات حادة بين نتنياهو ورئيس الشاباك بسبب إخفاقات 7 أكتوبر
  • استنفار في إسرائيل..أنباء عن 7 أكتوبر جديد من حماس
  • زلزال طوفان الأقصى يواصل الإطاحة بكبار قادة الاحتلال
  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا