هزيمة إسرائيل.. قادة «الاحتلال» عن الجيش المصري في حرب أكتوبر: حول الأرض إلى جحيم
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
بمشاعر وأفكار متضاربة ناتجة عن صدمة إسرائيل من مفاجأة القوات المسلّحة المصرية في السادس من أكتوبر، حاول قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي تبرير الهزيمة التي تكبدها جيشهم على أيدي الجيش المصري، وكتبوا بكثير من الحسرة عن «أسوأ يوم في حياتهم».
هزيمة الجيش الإسرائيلي«هل تستطيع أن تخمن اليوم؟، بالطبع لا، لأن العسكريين وحدهم هم من يستطيعون ذلك، وكل واحد حسب السلاح الذي ينتمي إليه، إنه يوم 8 أكتوبر، وهو أسود يوم في تاريخ الجيش الإسرائيلي يوم انهزم فيه الجيش الإسرائيلي حقا وصدقا، لو حدث ذلك في اليوم السادس أو السابع لوجد القادة في إسرائيل ألف عذر، ففي هذا اليوم تجرعنا مرارة الهزيمة وكان من الممكن أن نجد أعذارا كثيرة مثل اضطراب المخابرات وتناقض الأوامر والمفاجآت الفظيعة»، بألم عميق وكلمات قليلة، روى آرييل شارون في مذكراته «محارب» هزيمة الجيش الإسرائيلي.
وأضاف «شارون»: «يوم الثامن من أكتوبر 1973 فهو يوم الجيش الإسرائيلي وحده، هزيمته وحده أما الخطأ والفشل فقد جاء من التكتيك ومن الغرور والمسؤول عن ذلك كله هو انتصارنا في حرب يونيو 1967 وأشعل النار في غطرستنا، فمن ذلك الوقت ونحن نؤمن إيمانا مطلقا بأن الدبابة هي سيدة المعارك، لكن المصيبة أن قوات المشاة المصرية قد تدربت جيدا على تصيد الدبابات الإسرائيلية، وكانت الدبابات عادة هي التي تتقدم وتخيف وتسحق، وهي التي تنهي المَعارك لصالحنا».
وتابع: «هناك غلطة قائد الجبهة الجنوبية، الذي لم يحسب كل الاحتمالات، إنما اعتمد على ذكائه هو، وكان يعتمد على تجاربه السابقة في محاربة الجيش المصري، وكانت هزيمة بشعة على أيدي جنوده، لكن لم تكن هذه هي الغلطة الوحيدة التي انفرد بها، لذلك كانت نتائج هذه المشاعر العمياء أننا فوجئنا بأن المصريين قد تدربوا تدريبا فائقا يوم 8 أكتوبر على اصطياد الدبابات ومطاردتها وإحراقها»، مشيرا إلى أن الجنود المصريين الذين واجهوا المدرعات الإسرائيلية، كانوا من المشاة المتطورة المزودة بأحدث الأسلحة والمدربة على القتال تدريبا ممتازا.
وأوضح «شارون» أن الجنود المصريين كانوا يحطمون الدبابات بأيديهم، دبابات من طراز سنتوريون ويأتون، كلها أصيبت إصابات مروعة وعلى مسافات بعيدة، بصواريخ ساجر ومدافع «آر بي جي» ففي ساعات تحولت معظم الدبابات إلى عجائن من النيران.
أما وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي موشيه ديان، فكتب في مذكراته عن حرب أكتوبر: «عبر المصريون القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء، وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان، وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا؟ أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح أننا فوجئنا أننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف، وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى».
الجيش المصري يعرف كيف يستخدم أسلحتهوتحدث «ديان» عن الكفاءة القتالية للجندي المصري، قائلا: «إسرائيل كانت تمتلك سلاحا متقدما في ذلك الوقت، لكن ما ميز المصريين هو أنهم كانوا يعرفون كيف يستخدمون أسلحتهم ضد الجيش الإسرائيلي ولا أعرف مكانا في العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر، ويمتلك الجيش المصري العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، ويستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية، وكانوا يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام».
وأضاف: «الموقف تلخص في أن المصريين نجحوا في أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا في سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات».
وتابع: «وركز المصريون قواهم طوال السنوات الماضية في إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة متطورة تدربوا عليها واستوعبوها تماما».
فيما وصف الجنرال شموئيل جونين قائد جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في جبهة سيناء، الحرب من المصريين بأنها: كانت صعبة للغاية، ومعارك المدرعات بها كانت قاسية وأن معارك الجو فيها مريرة، موضحا أن الجندي المصري كان يتقدم في موجات تلو الأخرى رغم إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليه، إلا أنه يواصل تقدمه ويحول ما حوله إلى جحيم ويظل يتقدم.
أما مساعده أروي بن أري، فكتب في مذكراته: «في الساعات الأولي لهجوم الجيش المصري كان شعورنا مخيفا لأننا كنا نشعر أننا نزداد صغرا والجيش المصري يزداد كبرا والفشل سيفتح الطريق إلى تل أبيب».
وأضاف «بن أري»: «في يوم 7 أكتوبر خيم على إسرائيل ظل الكآبة ومنذ فجر ذلك اليوم، وحتى غروب الشمس كان مصير إسرائيل متوقفا على قدرة صدها لهجوم مصر وسوريا، نحن لم نتعرض خلال الـ25 عاما التي سبقت الحرب منذ حرب 1948، لخطر الدمار بصورة ملموسة كما حدث في ذلك اليوم المصيري».
من جهته ألقى اللواء أفراهام أدان، قائد سلاح المدرعات في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، بمسؤولية الهزيمة على عدم تزويد جيشه بأسلحة متقدمة ومتطورة مثل نظيره المصري خلال الحرب.
وقال «أدان»: «لقد وجدنا أنفسنا أمام آلاف الجنود من المشاة المصريين، مزودين بالسلاح الأوتوماتيكي والمضاد للدبابات، كنا في وضع سخيف وغبي، بشكل عام، لم يكن لدينا منظومة سلاح أكثر تطورا وتحديثا، ولو كنا كذلك، لكانت الأمور اختلفت».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جيش الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل مصر الجيش المصري حرب أكتوبر 1973 حرب أكتوبر الجیش الإسرائیلی الجیش المصری
إقرأ أيضاً:
تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في “نير عوز”: فشل ذريع بكل المقاييس
#سواليف
ما زالت المؤسسة العسكرية والأمنية لدى #الاحتلال تصدر نتائج تحقيقاتها تباعاً بشأن إخفاقها في التصدي لعملية #طوفان_الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وهذه المرة حول ما حصل في #كيبوتس_نير_عوز في #غلاف_غزة، حين اقتحمه 500 مقاوم وأدخلوا #جيش_الاحتلال في الفوضى العارمة، ووصل أول الجنود بعد أربعين دقيقة فقط من مغادرة آخر مقاوم.
عيمانوئيل فابيان مراسل موقع زمن إسرائيل، كشف عن “أهم ما جاء في تحقيقات الجيش بشأن تفاصيل الهجوم على كيبوتس نير عوز”، وهو جزء من سلسلة تحقيقات مُفصّلة في أربعين معركة خاضها الجيش مع مقاتلي حماس خلال الهجوم.
#سيناريو_كابوس
مقالات ذات صلةوأضاف في تحقيق مطول أن “نتائج التحقيقات شدّدت على #فشل_الجيش، الذي سمح لمئات المسلحين بالاستيلاء على الكيبوتس دون مواجهة جندي واحد على الأرض، وبالتالي فقد فشل بمهمته لحماية المستوطنين، ويعود ذلك أساسًا لعدم استعداده إطلاقًا لهذا السيناريو المتمثل بوقوع مستوطنة إسرائيلية في أيدي المقاومين، وفي الوقت نفسه #هجوم_واسع النطاق على العديد من #المستوطنات والقواعد في جميع أنحاء الغلاف”.
وأوضح أنه “على عكس المستوطنات الأخرى التي تعرضت للهجوم في ذلك اليوم، فإن كيبوتس نير عوز الذي يبلغ عدد مستوطنيه 420 نسمة، كان منهم 386 موجودًا وقت الهجوم، لم يقاتل الجيش المسلحين على الإطلاق، وفي المجموع، قُتل 47 منهم، واختطفت حماس 76 آخرين، وحتى اليوم، لا يزال خمسة منهم على قيد الحياة، عقب نجاح المسلحين في اقتحام جميع منازل المستوطنة، متسبّبين بدمار هائل، وتخضع المستوطنة لعملية إعادة تأهيل طويلة”.
وأشار إلى أن “التحقيق فيما حدث في نير عوز، أجراه اللواء عيران نيف، الرئيس السابق لقسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي كرّس وفريقه مئات الساعات للتحقيق، وفحص جميع مصادر المعلومات الممكنة، بما فيها الوثائق التي صوّرها المسلحون بكاميرات مثبتة على أجسادهم، ورسائل واتساب من المستوطنين، وتسجيلات كاميرات المراقبة، ومقابلات مع ناجين ومختطفين سابقين ومقاتلين حاولوا حماية الكيبوتس، وأجروا زيارات ميدانية، وكل ذلك بهدف استخلاص استنتاجات عملياتية محددة للجيش”.
انهيار القيادة
وكشف التحقيق أن “عددًا غير عادي من المسلحين قاموا بغزو نير عوز، مقارنة بباقي المستوطنات، وقد تفاقم الوضع فيه بسبب الغياب التام للجيش، مما أعطى المسلحين شعورًا بحرية العمل، وأدى لوصول مئات الفلسطينيين من بلدة خزاعة إلى نير عوز، ومن بين أكثر من 500 مسلح تسلّلوا للمستوطنة، فلم يتمكن فريق التحقيق من العثور على جثة واحد منهم، ويبدو أن مقاتلي حماس جمعوا جثث رفاقهم خارج الكيبوتس، وعلى الطريق المؤدي لغزة، تم العثور على جثث 64 منهم، حيث قُتلوا بنيران مروحيات ودبابة”.
وخلص فريق التحقيق إلى أن “القوات لم تستعد، ولم تتدرب على سيناريوهات بحجم ما حدث في السابع من أكتوبر، ولم يتلقوا أي تحذير في ذلك الصباح، ومع بداية القتال، أصيب العديد من القادة على مختلف المستويات في القطاع، وانهارت سلسلة القيادة والسيطرة، ولم يكوّن الجيش صورة دقيقة لما يحدث في المنطقة بأكملها، وفي نير عوز تحديدًا، ولم يتمكن من إجراء تقييم منظم للوضع، كما لم يكن هناك نشاط قتالي في أي وقت أثناء الهجوم، ولم يجرِ أي اتصال بين الجيش والمستوطنين لفهم مسار المعركة هناك”.
وأشار إلى أن “الجنود لم يحموا قاعدة البحث والتطوير قرب نير عوز، الذي كان بإمكان وحداته حماية الكيبوتس لو لم تقع في أيدي المسلحين، كما أن تقدم القوات المدرعة نحو حدود غزة أثناء الهجوم كان خطأً، بدلاً من البقاء أقرب للتجمعات الاستيطانية لحمايتها، أما الفصيل المتأهّب، فقد عانى من نقص في عدد قواته أمام هذا العدد الكبير من المقاومين القادمين من غزة”.
ووفقًا للتحقيق، فإن “الهجوم الواسع والمنسق الذي شنته حماس على عشرات المواقع والقواعد العسكرية جعل من الصعب للغاية على الجيش، على جميع المستويات تكوين صورة دقيقة للأحداث، خاصةً لخطورة الوضع في كل موقع، أما قوات التعزيزات التي وصلت لحدود غزة من الشمال، فقد انحصرت بالقتال داخل سديروت، أما الآخرون الذين تمكنوا من التقدم جنوباً فقد وقعوا في معارك أخرى، أو تعرضوا لكمين من قبل المسلحين عند تقاطعات رئيسية”.
وأكد أن “القوات القادمة من الجنوب هوجمت أثناء طريقها، مما أدى لتأخير وصولها، فلم يصل الجنود الأوائل إلى نير عوز إلا بعد الساعة الواحدة ظهرًا، ولم تتلقَّ سوى قوات قليلة أوامر صريحة بالوصول إليه، أما القوات التي تلقّتها فقد علق أفرادها في القتال على طول الطريق، وعندما نجحت قوة خاصة باقتحام مفترق ماعون قرب الكيبوتس الساعة 11:45 فقد كان الأوان فات بالفعل”.
فشل منهجي
وكشف التحقيق عن “وجود معلومات آنية كان من الممكن لقادة الجيش استخدامها لفهم خطورة الوضع في نير عوز، إلا أنها لم تُستغل، ومنها لقطات من كاميرا مراقبة تابعة للجيش تُظهر عشرات المسلحين يدخلون ويخرجون من نير عوز، وهي لقطات بُثت مباشرةً إلى مركز قيادة الجيش، إضافة لمعلومات من مروحيات سلاح الجو المحلّقة فوق المنطقة، وهذه المعلومات أكدت وجود مسلحين ينشطون في نير عوز، لكنها جاءت من أماكن أخرى عديدة، ولم يكن ممكنا فهم أن نير عوز في وضع أصعب من غيرها من المستوطنات”.
وأكد التحقيق أن “مستوطني نير عوز استغاثوا مرارًا وتكرارًا، لكن اتصالاتهم ضاعت وسط فوضى آلاف الرسائل والتقارير، ونفّذ المسلحون خطتهم في الكيبوتس دون انقطاع، مما يجعل فشل الجيش بحماية نير عوز منهجياً، وليس تكتيكيًا أو أخلاقيًا، لأنه لم يُعطِ أولوية خاصة لإرسال قوات إليه على حساب أماكن أخرى، مما يتطلب إنشاء موقع عسكري جديد بين نير عوز وغزة، وتعزيز الأمن المحلي، وإنشاء آلية جديدة لتكوين صورة استخباراتية للوضع حتى في حالات انهيار سلسلة القيادة أثناء القتال، وتغييرات تكتيكية في الجيش”.