نعيش اليوم مرحلة مخاض انتظاراً لميلاد شرق أوسط جديد تكون فيه السيطرة والسيادة للطرف الأقوى من جميع الوجوه.. فلمن تكون الغلبة؟ كل ما حدث من مقدمات فى العلاقة بين إسرائيل وإيران يقود إلى نتائج كارثية لم يتوقعها حتى أقوى المناوئين لنظام الملالى فى طهران.

مجموعة ضربات وجهتها إسرائيل لإيران نجحت من خلالها فى تقليم أظافرها وقص مخالبها وبتر أذرعها الطويلة فى الشرق الأوسط.

الضربات الإسرائيلية لإيران بدأت باغتيال قاسم سليمانى، مهندس العمليات الإيرانية فى العراق والشام والشرق الأوسط، بأيدٍ أمريكية، واصطياد مجموعة من صفوة القادة العسكريين الإيرانيين بضربات مركزة فى سوريا، ثم إسقاط طائرة الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى داخل إيران والقضاء عليه. يد إسرائيل الطويلة وصلت إلى إسماعيل هنية داخل إيران واغتالته، وجاءت اللطمة القوية باغتيال حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله وأقوى رجال إيران بالمنطقة، داخل قلعته المحصنة فى الضاحية الجنوبية ببيروت وهى مكان أشبه «بقلعة ألموت»، معقل حسن الصباح.

منظومة حزب الله الحديدية فى تأمين رجاله وقيادته، التى كانت عصية على اختراقات إسرائيل بتأمين إيرانى، تهاوت سريعاً وسقطت بشكل مروع بداية من فضيحة تفجير أجهزة البيجر على مستوى لبنان فى توقيت واحد ثم تصفية حسن نصرالله، الأمين العام للحزب، واستهداف هاشم صفى الدين، المرشح الأبرز لخلافته، وكأن رجال الموساد يقولون لطهران أنتم فى مرمى نيراننا.

الآن يثور فى الأذهان تساؤل هو الأهم على الإطلاق فى رسم مستقبل الصراع بالشرق الأوسط.. وهو ماذا بقى من رجال إيران فى المنطقة؟

الإجابة واضحة، إنه عبدالملك الحوثى فى اليمن، وبات الوصول إليه مسألة وقت بعد اختراق الموساد للمخابرات الإيرانية وتجنيد عدد كبير من رجالها أبرزهم المسئول عن وحدة إسرائيل فى الجهاز، الذى أمد الموساد بمعلومات قادت إلى كل هذه الجرائم ونجح فى الفرار خارج إيران باعتراف أحمدى نجاد، رئيس إيران الأسبق.

يتهيأ المسرح لإعادة استنساخ «إيران الشاه» ومحو «إيران الخمينى» لتصبح دولة داخل بيت الطاعة الأمريكى وتلعب دور شرطى الغرب فى المنطقة كما كانت من قبل بإغراءات تتضمن السماح لها بدخول نادى الدول النووية تحت الوصاية الأمريكية، مع تقديم حزمة مالية ضخمة للاستثمار لتنشيطها اقتصادياً حتى تضمن واشنطن عدم عودتها إلى نظام ولاية الفقيه.

طموح إيران بعودة حلم الإمبراطورية الفارسية حمل داخله مقومات وأد الحلم فى المهد، فإيران لا تعنيها قضية فلسطين من قريب أو بعيد ولكنها معنية بالتمدد وبسط النفوذ فى دول الجوار، خاصة سوريا والعراق ولبنان، من خلال حزب الله فى لبنان، وفلسطين عبر حماس، واليمن من بوابة الحوثى.

التظاهر بمناوأة أمريكا طوال العقود الماضية كان مجرد غطاء لجنى المكاسب فى الخفاء، ونجحت فيه إيران إلى حد بعيد وحقق الطرفان ما اتفقا عليه، فحصدت أمريكا مكاسب لا تحصى من بلدان الخليج العربى تفوق أضعاف ما منحته لإيران لأن أمريكا أقنعت دول الخليج أن إيران وحش يتحين الفرصة لالتهامها وواشنطن هى حائط الصد الذى يحول بينها وبينهم.

إيران التى تمت إهانتها فى عقر دارها باغتيال رئيسها إبراهيم رئيسى وإسماعيل هنية الضيف، اكتفت فى ردودها بالحرب الكلامية والتهديد والوعيد، وحتى عندما حركت المسيرات وأطلقت الصواريخ على إسرائيل كان الموقف أقرب للشو السياسى لحفظ ماء الوجه فقط.

كل الأحداث الأخيرة تؤشر إلى تحويل الشرق الأوسط إلى أكثر مناطق العالم التهاباً وبؤرة للفوضى الخلاقة وقد تتغير المعادلة بشكل سريع إذا شهد الميدان دخول لاعبين جدد على الخط، خاصة الصين وروسيا، للحفاظ على حظوظهم فى المنطقة لاقتسام السيادة والنفوذ حتى لا تنفرد أمريكا ببسط نفوذها.

يستطيع العرب أن يكونوا رقماً فى المعادلة الصعبة رغم أنف أمريكا وإسرائيل والشريك الإيرانى بل والمشاركة فى إعادة رسم خريطة المنطقة من جديد وفق رؤية تحقق مصالحهم شريطة الالتزام بما لم ينجحوا فى تحقيقه طوال عدة قرون وهو «الوحدة العربية» التى لا نسمع عنها إلا فى أغانى المناسبات الوطنية فقط.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عام على حرب غزة

إقرأ أيضاً:

إيران تكشف شرطها للتفاوض مع أمريكا.. ماذا تريد طهران؟

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الدخول في محادثات مع الولايات المتحدة لم يعد ممكنًا إلا إذا أجرت الأخيرة تغييرات جوهرية في سياستها تجاه إيران.

جاءت التصريحات في ظل ترقب الإدارة الأمريكية رد طهران على دعوة لعقد مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، وهو ما يعكس تعقيد المشهد السياسي في ظل تباعد المواقف بين الجانبين.

وفي حديثه لوسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، شدد عراقجي على أن إيران ليست ضد مبدأ التفاوض، لكنها لا ترى فائدة من الحوار في ظل السياسة الأمريكية الحالية، التي وصفها بأنها تقوم على "الضغوط والابتزاز وليس الحلول العادلة".

وأوضح أن إيران لديها خبرة طويلة في التعامل مع الولايات المتحدة، وأنه من غير المنطقي الدخول في محادثات لمجرد التفاوض دون ضمانات واضحة بأن واشنطن ستلتزم بأي اتفاق يتم التوصل إليه.


وتشهد العلاقات الإيرانية-الأمريكية توترًا متزايدًا، بعد أن وجّه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يُمهله فيها شهرين فقط للعودة إلى طاولة المفاوضات.

ووفقًا لمصادر أمريكية، فإن الرسالة تضمنت تهديدًا واضحًا بأنه في حال رفضت إيران التفاوض، فإنها ستواجه عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ستؤثر على جميع القطاعات الحيوية في البلاد، بما في ذلك قطاع النفط والقطاع المالي.

ورغم التهديدات، جاء الرد الإيراني متسقًا مع الموقف الذي تبناه خامنئي منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018، ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية، تصريحات خامنئي التي قال فيها إن "التجربة أثبتت أن الحوار مع الولايات المتحدة ليس خيارًا حكيمًا، لأنهم لا يلتزمون بتعهداتهم ويستخدمون المفاوضات كغطاء لتحقيق أهدافهم الخاصة".


وأضاف أن "إيران لن تقدم أي تنازلات تحت الضغوط، وأن أي مفاوضات يجب أن تتم بشروط عادلة ومتوازنة، وهو ما لا توفره السياسة الأمريكية الحالية".

وفي سياق متصل، أفادت تقارير إعلامية بأن واشنطن تسعى من خلال الاتفاق الجديد إلى فرض قيود أكثر صرامة على البرنامج النووي الإيراني، مع تضمين قيود على البرنامج الصاروخي لطهران، وفرض رقابة دولية على أنشطتها الإقليمية في الشرق الأوسط، وهذه الشروط تُعد خطًا أحمر بالنسبة لإيران، التي تؤكد أنها لن تتخلى عن برامجها الدفاعية ولن تسمح لأي جهة خارجية بالتدخل في سياساتها الداخلية.

مقالات مشابهة

  • محمد حامد جمعة يكتب: عافية
  • إيران لديها مشكلتان بشأن التفاوض مع أمريكا ترامب.. محمد محسن أبو النور يوضح
  • إيران تحدد شروط الدخول بـ«مفاوضات مباشرة» مع أمريكا
  • هل تعقد إيران صفقة مع أمريكا أم تمضي في طريق صنع أول قنبلة نووية؟
  • مايك والتز: إذا امتلكت إيران أسلحة نووية سينفجر الشرق الأوسط
  • أحمد موسى: أمريكا ستقدم على قصف إيران في حالة واحدة.. فيديو
  • إصابة 6 أشخاص بإطلاق نار داخل ملهى ليلي في أمريكا
  • إيران تكشف شرطها للتفاوض مع أمريكا.. ماذا تريد طهران؟
  • مبعوث ترامب للشرق الأوسط: إيران لن تمتلك قنبلة نووية
  • إيران: الدخول في محادثات مع أمريكا ليس ممكنا إلا إذا تغيرت بعض الأمور